«أفريكوم» تعترف بسقوط ضحايا مدنيين في عملية ضد حركة {الشباب}

حكومة الصومال تتراجع عن نفيها وسط اتهامات بقتل مزارعين

TT

«أفريكوم» تعترف بسقوط ضحايا مدنيين في عملية ضد حركة {الشباب}

أقرت القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) أمس، بسقوط مدنيين صوماليين في عملية عسكرية نفذتها قوات أميركية بالتعاون مع الجيش الصومالي ضد مسلحين من حركة الشباب المتطرفة، بينما تراجعت الحكومة الصومالية عن نفيها سقوط ضحايا مدنيين في الهجوم الذي أسفر عن مصرع عشرة أشخاص في بلدة بريرة بولاية جنوب غربي الصومال. وقالت قيادة «أفريكوم»، في بيان لها من مقرها في مدينة شتوتجارت الألمانية: «نحن على علم بالمزاعم الخاصة بسقوط مدنيين بالقرب من بريرة، ونحن نأخذ أي ادعاءات عن وقوع إصابات بين المدنيين على محمل الجد». وأضافت: «ووفقا للمعيار، فإننا نجري تقييما للحالة لتحديد الحقائق على أرض الواقع، ويمكننا أن نؤكد أن الجيش الوطني الصومالي كان يقوم بعملية في المنطقة مع قيام القوات الأميركية بدور داعم». ولفت البيان إلى أن القوات الأميركية موجودة في الصومال بناء على طلب من حكومته وهي ملتزمة بمساعدة القوات الصومالية على تحييد حركة الشباب وتحقيق الاستقرار في المنطقة. ووفقا لشهادة سكان محليين، فقد شنت طائرات حربية أميركية غارة استهدفت مزرعة بضواحي بريرة الواقعة على بعد نحو 60 كيلومترا من العاصمة مقديشو، ما أسفر عن مقتل 10 مزارعين وإصابة آخرين. وقالت الحكومة الصومالية، في بيان لها، إن الجيش بتوجيه من قائد قواته ووزير الدفاع الجنرال أحمد محمد جمالي وشركاءنا الدوليين قاموا بعملية أمنية أول من أمس بالقرب من بريرة بإقليم شابيلا السفلي، ما أسفر عن مقتل ثمانية من الإرهابيين من حركة الشباب. ولفت إلى أن قوات الأمن لدينا بذلت قصارى جهدها لمنع وقوع خسائر بين المدنيين خلال جميع أنشطتنا، ولم يتضرر أي مدني أو يقتل في هذه العملية.
ونقل البيان عن الجنرال شيغو قائد «اللواء 20» قوله: «أجرى الجيش الوطني عملية ضد مزرعة مع وجود معروف لحركة الشباب، التي بدأت بإطلاق النار على قواتنا بعد دخولها المزرعة»، مضيفا: «الأفراد الذين يطلقون النار على جنود الجيش الوطني من مقاتلي حركة الشباب، ولم يكونوا مزارعين، وتحدثنا مع المزارعين في المنطقة وطلبوا منهم وضع أسلحتهم في منازلهم لتجنب الخلط».
كما نقل عن إبراهيم علي محافظ محافظة شابيلا السفلى، أن «المزرعة كانت تضم معسكرا لحركة الشباب، والأفراد الذين قتلوا خلال المعركة من مقاتلي الحركة». لكن لاحقا قالت الحكومة الصومالية في بيان آخر أصدرته وزارة الإعلام في وقت لاحق «إنه يبدو أن هناك عمليات أمنية مختلفة جرت في المنطقة»، مشيرة إلى أن هناك خسائر في صفوف المدنيين.
وقال البيان، إن الحكومة الاتحادية تقوم بالتحقيق في العملية لمعرفة الحقيقة، ودعت الشعب الصومالي للتعاون الكامل معها بشأن هذه المسألة. وأعلن وزير الإعلام الصومالي عبد الرحمن محمد عثمان، أن الحكومة تحقق في حادث مقتل 10 مدنيين في محافظة شابيلا السفلى، ثم عاد وذكر في تغريدة في حسابه على «فيسبوك»، في وقت لاحق، مقتل 10 عناصر من حركة الشباب في عملية مشتركة نفذتها القوات الصومالية بالتعاون مع دولة صديقة، وهو ما يعكس تناقضا وتخبطا واضحا إزاء الحادث وطبيعة المستهدفين بالهجوم. واتهم وجهاء المنطقة القوات الصومالية التي واكبها مستشارون عسكريون أميركيون بقتل المدنيين التسعة في العمليات الليلية، حيث عرضوا في مؤتمر صحافي في مقديشو، تسع جثث بينها جثتا طفلين، مؤكدين أن هؤلاء القتلى مدنيون قتلهم الجيش الصومالي بدم بارد. وأضاف هؤلاء الأعيان أن الجنود الصوماليين كان يواكبهم مستشارون عسكريون أميركيون، وقال أحد الأعيان عبد العليم، إن «القوات الأميركية وأفرادا من القوات الصومالية أعدموا تسعة مدنيين برصاص مسدس، وكما ترون جميعهم مصابون بالرصاص». وأضاف: «كانوا يطلقون النار عشوائيا». كما أكد مسؤول أمني محلي، إبراهيم عثمان، مقتل تسعة مدنيين، لكنه لم يتمكن من معرفة الظروف التي سقطوا فيها، وقال: «كان هجوما مروعا». وأضاف: «هناك تسعة مدنيين قتلى بينهم طفلان، خارج مزرعة في بارييري. قتلوا الليلة الماضية لكنني لست متأكدا كيف حدث ذلك». وبعدما عرض الوجهاء الجثث، أوضحت السلطات الصومالية، أنه «يبدو أن عمليتين أمنيتين منفصلتين جرتا في المنطقة»، لكنها أصرت على أنه لم يقتل مدنيون في العملية ضد المقاتلين الشباب.
من جانبه، اتهم النائب في البرلمان الصومالي مهد صلاد الولايات المتحدة، وحملها مسؤولية الهجوم الذي وصفه بأنه مجزرة ارتكبت في حق مدنيين أبرياء، ودعا بحسب وكالة «بانا بريس» الأفريقية، كلا من الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء إلى فتح تحقيق عاجل في الحادث. وكانت قوات الحكومة الصومالية وقوات الاتحاد الأفريقي بالتعاون مع قوات أميركية قد نجحت في السيطرة خلال الأسبوع الماضي على البلدة التي كانت تعتبر معقلا استراتيجيا لحركة الشباب. وتسعى حركة الشباب المتطرفة للإطاحة بالحكومة المركزية الصومالية الضعيفة التي يدعمها المجتمع الدولي و22 ألف عنصر من قوة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم). وينتشر عشرات من الجنود الأميركيين في الصومال لتقديم المشورة إلى القوات المحلية.
وفي شهر يونيو (حزيران) الماضي، ساندت القوات الأميركية عبر ضربة جوية هجوما للقوات الصومالية الخاصة على مخيم تدريب للمتشددين يبعد نحو 300 كم جنوب مقديشو. وخلال العام المنصرم، شنت طائرات أميركية من دون طيار نحو 15 ضربة طالت المتطرفين بحسب منظمة بريطانية غير حكومية، أسفرت عن مقتل ما بين 223 و311 شخصا معظمهم من المسلحين. وطردت حركة الشباب من العاصمة مقديشو في أغسطس (آب) 2011، ثم خسرت القسم الأكبر من معاقلها، لكنها ما زالت تسيطر على مناطق ريفية شاسعة تستخدمها لشن عمليات واعتداءات انتحارية غالبا ما تستهدف العاصمة أو قواعد عسكرية، صومالية أم أجنبية.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.