«يوتيوب» تحذف خطأ آلاف العروض التي توثق لانتهاكات الإنسانية في سوريا

خطأ تقني أدى إلى حذفها بعد تصنيفها على أنها غير ملائمة... وإعادة العروض بعد تدارك المسألة

«يوتيوب» تحذف خطأ آلاف العروض التي توثق لانتهاكات الإنسانية في سوريا
TT

«يوتيوب» تحذف خطأ آلاف العروض التي توثق لانتهاكات الإنسانية في سوريا

«يوتيوب» تحذف خطأ آلاف العروض التي توثق لانتهاكات الإنسانية في سوريا

حذفت شبكة «يوتيوب» يوم الخميس الماضي آلاف العروض التي توثق العنف والانتهاكات الإنسانية في سوريا، وذلك بعد تصنيفها على أنها غير ملائمة من خلال نظام آلي يعمل على التعرف على المحتوى المتطرف. وأعادت الشبكة تلك العروض بعد حذفها وتيقنها بأن عملية الحذف قد حدثت دون قصد. ويمكن استخدام هذه المقاطع التي توثق الحرب في سوريا أدلةً في جرائم الحرب.
وتقوم عملية الحذف بناء على خوارزمية (نهج عمل برنامج ما لتحقيق الهدف المرغوب) تقوم بتحليل محتوى العروض وتصنيفها وفقا للمحتوى الموجودة فيها، على أن يقوم مراقبون بشر بمعاينة تلك العروض، عند القدرة على ذلك، وتأكيد حذفها. وتستخدم هذه الميزة تقنيات تعلم الآلات والذكاء الاصطناعي لتحديث كلمات البحث المحورية التي تعيد توجيه المستخدم نحو محتوى ضد الإرهاب، تم تطويره في السابق من قبل منظمات غير حكومية. وتدعم الميزة حاليا كلمات البحث المحورية باللغة الإنجليزية، لكن الشركة ستوسع ذلك خلال الأسابيع المقبلة لتدعم مجموعة من اللغات إضافية، من بينها اللغة العربية، وذلك في محاولة لمنع استخدام الإرهابيين لـ«يوتيوب» لنشر فكرهم المتطرف أو محاولة تجنيد الشباب رقميا. كما وستمنع «يوتيوب» مشاركة التعليقات في العروض التي تم تعريفها من خلال النظام على أنها إرهابية، وتوقف جميع أنواع الإعلانات للحد من العوائد المالية لأصحاب الفكر المتطرف، مع عرض تحذيرات في الفيديوهات التي تروج للتشهير بدين ما أو لسيادة مجموعة ما.
ويمكن لأي نظام آلي أن يخطئ بتقييم تعذيب الأبرياء على أنه محتوى عنيف ويشابه المحتوى الإرهابي التي تبثه بعض التنظيمات الإرهابية. وتجدر الإشارة إلى أن «حذف» العروض لا يكون مباشرا، حيث يتم تصنيف العرض بأنه يفترض حذفه، وبذلك لا يظهر أمام المستخدمين، لتتم العملية في وقت لاحق. ولدى تدارك المشكلة، بإمكان تعديل التصنيف لتعود الأمور إلى ما كانت عليه سابقا.
وكانت «غوغل» المالكة لـ«يوتيوب» قد كشفت عن مكافحة الإرهاب بطريقة جديدة في شبكة «يوتيوب» تتمثل على شكل إعادة توجيه من يبحث عن محتوى يحث على العنف نحو محتوى مناهض، وذلك لدى استخدام كلمات رئيسية مرتبطة بالفكر المتطرف. وتعتبر هذه الميزة جزءا من استراتيجية متعددة المحاور وضعتها «غوغل» الشهر الماضي بهدف هدم الفكر الإرهابي في منصتها. وتم بدء تطبيق هذه الميزة على البحث عن عروض تنظيم داعش، ليعرض أمام المستخدمين عروضا أخرى من أشخاص كانوا قد انضموا إلى التنظيم في السابق وانسحبوا منه، يروون قصصهم المروعة لتوعية الآخرين بما يحدث في الخفاء، إضافة إلى عرض نقاشات رجال الدين ترفض الفكر المتطرف.
وطورت «غوغل» آلية البحث عن المفاهيم المرتبطة بالإسلام لتزيل النتائج السلبية التي تروج للعنف والكراهية وتصور الدين بشكل مسيء؛ الأمر الذي من شأنه خفض قراءة تفاسير خاطئة عنه، مثل مفردات الجهاد والشريعة. وطورت الشركة برمجياتها الداخلية لتقييم نتائج البحث وحذف النتائج المسيئة. وليس معروفا كيفية تقييم ماهية المواقع التي تقدم محتوى سلبيا وتلك الموضوعية؛ ذلك أن هذا الأمر يتطلب دراسة الدين الإسلامي وطوائفه ومذاهبه للتمييز بين الصفحات الموضوعية وتلك المسيئة.
وتعيد حادثة الحذف هذه النقاش حول شفافية الإنترنت والمحتوى؛ ذلك أنه وعلى الرغم من أن الشركة تهدف إلى مكافحة الإرهاب ونشر الفكر المتطرف، فإنها تستطيع عدم عرض المحتوى الذي لا يناسبها وعرض محتوى بديل؛ الأمر الذي يؤثر على شفافية ما يُعرض أمام المستخدم وقدرة الشركات على التلاعب بنتائج البحث لعرض محتوى مغاير لما طلبه المستخدم. وكثيرا ما قال البعض إن نتائج البحث في العديد من محركات البحث تعكس أجندات حكومية، وقد تخفي بعض النتائج التي تخالف توجهات بعض الحكومات في الصفحات البعيدة التي غالبا ما لا يصلها المستخدمون، لتصبح الإنترنت عبارة عن واجهة إعلامية ترضي أجندات بعض الحكومات أو الشركات المالكة للمنصة، أو حتى من يدفع أكثر لعرض محتوى مرتبط بأجندته قبل غيره، ليتغير مفهوم «حرية الكلام» إلى «حرية الكلام الذي يناسب توجهات صاحب المنصة».
واستهجن الكثير من المستخدمين هذه الآلية في منتديات الإنترنت، معربين عن استغرابهم حول عدم رفض «يوتيوب» البحث عن الكلمات المحورية الإرهابية عوضا عن عرض محتوى معاكس، وأن هذا الأمر قد يتوسع في المستقبل ليشمل المستخدمين الذي يبحثون عن معلومات حول بعض الديانات لتظهر لهم نتائج تخدم أجندة محددة، أو من يبحث عن معلومات حول مرشح انتخابي أو شخصية حكومية لتظهر له المعلومات التي ترغب بعض الجهات في عرضها عوضا عن الحقيقة. ويشكل هذا التوجه عائقا أمام الباحثين والصحافيين الذين يبحثون عن الحقيقة، لتظهر لهم الحقيقة البديلة التي تدعهما الشركات المالكة للمنصات العديدة. ويرى البعض، أن نتائج البحث المناهضة للعديد من الموضوعات قد تختفي في المستقبل إذا ما اتبعت الشركات المالكة للمنصات الكبيرة هذه المنهجية، على الرغم من أن مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف ضرورية للحد من أي انتشار محتمل له، فإن شفافية البحث وعرض النتائج أمر له أهميته الكبيرة كذلك.
الأمر الطريف هو أن هذه الميزة من تطوير شركة «جيغسو» Jigsaw التي تملكها شركة «ألفابيت» المالكة لشركة «غوغل»، حيث تهدف «جيغسو» إلى مكافحة التطرف والرقابة والهجمات الإلكترونية. لكن مكافحة الرقابة برقابة أخرى يتناقض مع أهداف الشركة، عوضا عن وضع أساليب أخرى لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف؛ الأمر الذي يؤكد بعض المستخدمين أن الشركات الكبيرة تستخدم فكرة مكافحة الإرهاب عذراً لقمع الفكر والمحتوى المناهض لتوجهاتها أو لتوجهات الحكومات أو من يدفع أكثر من غيره. ووفقا لموقع StatisticBrain، يتم رفع نحو 300 ساعة من المحتوى إلى «يوتيوب» في كل دقيقة، ويتم مشاهدة 4.9 مليار فيديو في «يوتيوب» كل يوم، مع وجود 1.3 مليار مستخدم للمنصة يقضون ما معدله 40 دقيقة يوميا في مشاهدة العروض المختلفة.


مقالات ذات صلة

مؤثرة صينية تُفارق الحياة خلال بث مباشر بعد تناول كميات كبيرة من الطعام

يوميات الشرق المؤثرة الصينية بان شياوتينغ (إكس)

مؤثرة صينية تُفارق الحياة خلال بث مباشر بعد تناول كميات كبيرة من الطعام

توفيت بان شياوتينغ، وهي مؤثرة صينية تبلغ من العمر 24 عاماً متخصصة في «موكبانغ»، خلال بثها المباشر بسبب الإفراط في تناول الطعام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تكنولوجيا تعد تحديثات «يوتيوب» جزءاً من اتجاه أوسع لمنصات الفيديو التي تتبنى ميزات مماثلة للحفاظ على قدرتها التنافسية وجذب المستخدمين (شاترستوك)

«يوتيوب» يوفر الآن التعليق الصوتي الاصطناعي على فيديوهات «شورتس»

«يوتيوب» يطلق تحديثات جديدة لجعل إنشاء مقاطع الفيديو القصيرة ومشاركتها أكثر جاذبية وسهولة في الاستخدام.

نسيم رمضان (لندن)
يوميات الشرق  البلوغر هدير عبد الرازق (حسابها على فيسبوك)

بلوغر مصرية تتصدر الترند بعد تداول «فيديو فاضح»

تصدرت البلوغر المصرية هدير عبد الرازق ترند مواقع التواصل الاجتماعي (الخميس) بعد انتشار «فيديو فاضح» لها وتداوله على نطاق واسع.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق «الداخلية» المصرية (فيسبوك)

«الفيديوهات الخادشة» تقود «بلوغر» مصرية جديدة إلى المحاكمة

«الفيديوهات الخادشة» قادت «بلوغر» مصرية جديدة إلى المحاكمة، على خلفية بث فيديوهات لها عبر قناتها على تطبيق «تيك توك» خلال الأسابيع الماضية.

أحمد عدلي (القاهرة )
تكنولوجيا شعار منصة «يوتيوب» (أرشيفية - رويترز)

سياسة جديدة من «يوتيوب» تجاه المحتوى المنشأ بواسطة الذكاء الاصطناعي

أضاف موقع «يوتيوب» سياسة جديدة الشهر الماضي تتيح للمستخدمين طلب إزالة المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي والذي تتم إتاحته من المستخدمين.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.