وكالة «أرجوس»: إنتاج العراق النفطي ينخفض... لكن الأسباب غير واضحة

«أوبك» والمنتجون يبقون كل الخيارات مفتوحة بشأن الاتفاق

TT

وكالة «أرجوس»: إنتاج العراق النفطي ينخفض... لكن الأسباب غير واضحة

رغم أن أرقام إنتاج الحقول العراقية أظهرت انخفاضا في الآونة الأخيرة، فإن وكالة «أرجوس»، وهي من المصادر الستة المعتمدة من قبل منظمة «أوبك» لمراقبة إنتاج بلدانها، أوضحت أمس أن السبب في ذلك قد يبدو متعلقاً بطريقة احتساب الإنتاج في العراق أكثر من هبوط فعلي في الإنتاج.
وقالت «أرجوس» أمس على موقعها إن بيانات الشركات الدولية التي تعمل في إقليم كردستان تظهر أن إنتاج الإقليم أعلى مما تعتقده وزارة النفط العراقية.
وبحسب الاتفاق مع «أوبك»، فإن العراق اتفق على تخفيض إنتاجه بواقع 210 آلاف برميل يومياً من مستوى شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2016. وبهذا يكون من المفروض أن ينتج العراق نحو 4.35 مليون برميل يومياً حتى شهر مارس (آذار) من العام المقبل بحسب الاتفاق.
لكن أرقام المصادر الثانوية تظهر اختلافات كبيرة في إنتاج العراق. فبحسب الأرقام الرسمية للعراق؛ فإن إنتاجه خلال الأشهر السبعة من العام الحالي بلغ 4.54 مليون برميل يومياً كما قالت «أرجوس»، فيما أظهرت بيانات «أرجوس» أن متوسط إنتاج العراق هذا العام كان 4.45 مليون برميل يومياً.
وتعتقد الوكالة أن هناك لبساً حول الطريقة التي يتم بها احتساب إنتاج العراق، نظراً لوجود حقلين في الشمال؛ أحدهما هو «بي حسن»، اللذين قد يكون تم احتساب إنتاجهما أكثر من مرة من قبل حكومة كردستان ومن قبل الحكومة المركزية في العراق.
ويواجه اتفاق منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وباقي المنتجين من خارجها تحديات فيما يتعلق بنسبة الالتزام، حيث تظهر المصادر الثانوية أن إنتاج بعض الدول أعلى من المستوى الذي أعلنت عن الالتزام به عند توقيع الاتفاق؛ ومن بينها العراق.
وكانت مصادر مطلعة قد كشفت لـ«الشرق الأوسط» أن نسبة التزام دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) باتفاق تخفيض الإنتاج، تراجعت في شهر يوليو (تموز) لتصل إلى 91 في المائة، وهو أدنى مستوى لها منذ بداية الاتفاق في يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، إلا أن متوسط الالتزام خلال الأشهر السبعة وصل إلى مائة في المائة.
وتعكف «أوبك» على خفض الإنتاج نحو 1.2 مليون برميل يوميا، بينما تعمل روسيا ومنتجون آخرون خارج المنظمة على خفض الإنتاج 600 ألف برميل يوميا حتى مارس 2018 بهدف دعم أسعار النفط.
وتعتمد «أوبك» على 6 مصادر لاحتساب إنتاج دولها الأعضاء، وهذه المصادر هي: وكالة الطاقة الدولية، وإدارة معلومات الطاقة الأميركية، ووكالة «أرجوس»، ووكالة «بلاتس» لتسعير النفط، وشركة «سيرا» للأبحاث، ونشرة «بي اي دبليو» النفطية الأسبوعية.
وتقود السعودية جهود المنظمة في تخفيض الإنتاج بأكثر من اللازم. وخلال الأشهر السبعة الأولى من الاتفاق لم تنخفض نسبة التزام المملكة عن مائة في المائة، حيث إنها خفضت أكثر من المطلوب منها في كل الأشهر، كما أظهرت المصادر الثانوية. وبلغ متوسط التزام المملكة من يناير حتى يوليو 123 في المائة.
ولا تزال هناك 6 دول لم تصل إلى نسبة التزام مائة في المائة في يوليو، وهي: العراق والإكوادور والإمارات العربية المتحدة والغابون والجزائر وإيران.
ولا يزال العراق والغابون من أقل الدول التزاماً باتفاق «أوبك» خلال الأشهر السبعة الأولى من الاتفاق؛ حيث أظهرت البيانات أن متوسط التزام العراق بين يناير ويوليو بلغ 59 في المائة فيما بلغ متوسط الغابون 21 في المائة.
وأمس أعلنت لجنة رقابة وزارية مشتركة لمنظمة «أوبك» والمنتجين المستقلين، أنها على ثقة بأن السوق تتحرك في الاتجاه الصحيح، لكن كل الخيارات مطروحة، بما في ذلك تمديد اتفاق خفض المعروض لما بعد مارس، للتأكد من استقرار السوق.
وقالت اللجنة في بيان إن «مخزونات النفط التجارية تراجعت في يوليو، وأحدث متوسط 5 سنوات متراجع منذ بداية العام الحالي. وبدعم تقلص هامش العلاوة السعرية للتسليم الآجل على الفوري، فإن المخزون العائم في تراجع منذ يونيو (حزيران)... وستواصل اللجنة مراقبة العوامل الأخرى في سوق النفط وتأثيرها على عملية استعادة توازن السوق الجارية. كل الخيارات، بما في ذلك احتمال التمديد.... لما بعد الربع الأول من 2018، مطروحة للتأكد من بذل كل الجهود لاستعادة توازن السوق».
وقالت إن اجتماعها التالي سيعُقد في فيينا يوم 22 سبتمبر (أيلول) المقبل، وإنها تنوي دعوة ليبيا ونيجيريا - المعفاتين من اتفاق خفض الإنتاج - لحضور الاجتماع التالي للجنتين المشتركتين الوزارية والفنية.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.