محمد بن راشد: تعريف الإعلام تغير.. والنظرة اختلفت للمؤثرين الحقيقيين

أكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي أن صياغة وتداول ونشر المعلومات شهدت ثورة في الشكل خلال السنوات الماضية، مشيرا إلى أن ما يبحث عنه يكمن في المضمون الحقيقي والكلمة الصادقة.
وأشار الشيخ محمد بن راشد إلى أن تعريف الإعلام قد تغير، وأن النظرة اختلفت للمؤثرين الحقيقيين فيه، كما تغير الواقع الاجتماعي والسياسي، مطالبا بضرورة استيعاب وفهم هذه المتغيرات.
وجاء حديث الشيخ محمد بن راشد من خلال تغريدات شارك نشرها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، وذلك على هامش تدشينه افتتاح الدورة الثالثة عشرة لمنتدى الإعلام العربي في دبي، الذي يستمر يومين بحضور المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء في مصر، ومشاركة لفيف من قيادات ورموز العمل الإعلامي العربي والخبراء العالميين.
وبالعودة إلى الشيخ محمد بن راشد أشار إلى أن منتدى الإعلام العربي هو أكبر تجمع للإعلاميين العرب، متمنيا أن تكون بيئة المؤتمر محفزة وملهمة لصياغة مستقبل أفضل للإعلام العربي.
من جهته قال المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء المصري إن ثورة الإعلام والمعلومات باتت فوق الطاقة وفوق المستطاع، وقال: «إن العالم يذهب مهرولا من (الخيال) إلى (ما وراء الخيال)»، مستشهدا على سرعة التغيير بتجارب بعض الدول في مجال التنمية، وقال إن بريطانيا استغرقت 150 عاما لمضاعفة إنتاجها، بينما استغرقت ألمانيا 60 عاما، واستغرقت الولايات المتحدة 30 عاما، واستغرقت الصين 15 عاما في الدورة ذاتها.
وأشار محلب في كلمته إلى أن النمو العالمي المذهل طال عالم الإعلام، وضرب مثالا بقطاع التلفزيون، وقال إنه تطور من 700 قناة فضائية عربية في عام 2010 إلى 1320 قناة فضائية عربية عام 2014، ومن 34 قناة إخبارية إلى 66 قناة إخبارية في ثلاث سنوات فقط.
وشدد رئيس وزراء مصر على الثورة المستمرة في عالم الإنترنت، وقال إن نصف سكان العالم تقريبا يحتشد أمام شاشات كانت تحفل بموقع واحد قبل ربع القرن، صارت تشهد تراص الجماهير الغفيرة على صفحات الـ«فيسبوك» وحسابات «تويتر»، وصور الـ«إنستغرام»، بينما أصبح مئات الملايين حول العالم يعيشون حياتهم وحياة الآخرين عبر مقاطع «يوتيوب» اللانهائية، ما جعل الإعلام الإلكتروني واحدة من حقائق العصر الكبرى، بينما وصلت إعلاناته في بعض الدول إلى عشرات المليارات من الدولارات.
واستبعد محلب أن يكون تأثير ثورة الإعلام الرقمي عميقا على الصحافة الورقية، وذكر أن هذه الثورة لم تقصِها عن مكانتها، وقال: «على الرغم من إغلاق صحف ومجلات، وتحول بعضها من ورقي إلى إلكتروني، فإن توزيع الصحف المطبوعة يوميا يصل إلى 400 مليون نسخة»، في حين أكد أن حجم المعلومات المتاح بات يحتاج إلى نظريات جديدة، وآليات مبتكرة للفرز والاختيار.
وحول انعكاسات «الربيع العربي» على واقع بلاده قال رئيس مجلس الوزراء المصري إن ثورة المعلومات كانت حاضرة، لكن سرعان ما فوجئ الملايين من أبناء الشعب المصري أن دولة الأمل لم تتأسس، وأن التطرف المدعوم خارجيا قد سرق الحلم، ثم سرق المستقبل، لذا جاءت ثورة استعادة الأمل، حيث خرج الشعب المصري تأكيدا لهويته في كونه شعبا متدينا باعتدال ووسطية، لا يستطيع أحد كسر إرادته أو أن يفرض عليه قوالب جامدة من التخلف والظلام.
وشدد المسؤول المصري الكبير على عزم وإصرار بلاده على مواصلة درب التطوير، وقال: «أؤكد لكم أننا سنمضي كما مضينا من قبل، لا تردد ولا انكسار، لا ارتباك في خطوة واحدة ولا عودة نهائيا إلى الوراء»، منوها بالدعم الذي تلقته بلاده من الأيادي الصديقة التي امتدت إلى مصر بالتأييد والمساندة.
وعن قيمة التواصل في واقع الشعوب شدد المهندس محلب على حقيقة أن بناء الجسور يكون بقوة الإرادة ووضوح الرؤية، وقال إن الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج تتمتع بمكانة حضارية كبيرة، مؤكدا إدراك العالم للرسالة التي يحملها أكثر من مليار ونصف المليار مسلم من جاكرتا إلى الدار البيضاء، والتي تعلي قيم الوسطية والاعتدال والتسامح.
كما وجه تحية إعزاز وتقدير إلى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وإلى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإلى الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإلى شعب دولة الإمارات.
وأشاد بالتقدم الذي أحرزه منتدى الإعلام العربي منذ انطلاقه في عام 2001، وقال إن المنتدى هو أحد أهم المنتديات التي يتطلع إليها الإعلاميون والساسة والمثقفون للوقوف على حقائق المشهد وآفاق الحركة.
إلى ذلك، قال محلب في مؤتمر صحافي عقده على هامش مشاركته في منتدى الإعلام العربي إن مصر ترفض تغيير هويتها، ولا انكسار في ظل العواصف إن كانت الجذور قوية، وسيشهد العالم يوم 26 و27 مايو (أيار) الحالي إرادة شعب، مشيرا إلى أنه في عام 1967 قيل إن مصر انهزمت، لكن مصر هزمت الهزيمة ولم تكسر، وأضاف: «الآن نتحدى التحديات وشعبنا قادر رغم الظروف الاقتصادية الصعبة».
وأضاف: «نريد انتخابات بمنتهى الشفافية وبعدها ستبدأ مرحلة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، ومصر في منظومتها الجديدة ستسير للأمام، وهناك مرشحان اثنان للانتخابات والحكومة تتعامل بشفافية وحياد مع الانتخابات، والشعب يختار أحد أبنائه دون تصنيفات».
وأكد أن الشعب المصري رفض تغيير هويته، وحين نزل بالملايين وفّر الجيش المصري والقوات المسلحة مظلة لهذا التحرك الشعبي، وتابع: «لن نسمح كأمة عربية أي يجري التدخل عسكريا في دولة عربية، ونريد حل القضية السورية ضمن الرواق العربي، ونعامل السوريين كمواطنينا»، مشيرا إلى أن حزب النور «سيشارك في الانتخابات تحت مظلة سياسية وليس كحزب ديني».
وشدد على أنهم يستهدفون الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في مسيرتهم، وسيعملون على حماية الشرائح الأكثر فقرا في مصر، وسيطلق مشاريع جديدة بهذا الصدد، وأضاف محلب: «نراجع سياسة المعونات والدعم بحيث تصل المساعدات والمعونات إلى المستحقين والفئات الأكثر فقرا».
وشدد على أنهم يقدرون الدعم الخليجي لمصر خلال المرحلة الانتقالية، وأنهم يبحثون تطوير المنظومة الاستثمارية لمصر لاستقطاب المزيد من الاستثمارات.
من جهتها قالت منى غانم المري، رئيس نادي دبي للصحافة رئيس اللجنة التنظيمية لمنتدى الإعلام العربي، إن انعقاد هذه الدورة من المنتدى يأتي في وقت لا يزال فيه الإعلام العربي يعاني جراء ظروف استثنائية أفرزت جملة من التحديات غير المسبوقة لتأخذ بالمهنة وأربابها إلى اختبارات صعبة، وتركت تلك التحديات آثارا بالغة التعقيد على واقع الإعلام العربي، بما في ذلك الإعلام المصري الذي تميز تاريخيا بالريادة، معربة عن أملها أن يكون للإعلام دور في ترسيخ مقومات انطلاقة جديدة تستكمل فيها مصر خارطة المستقبل لتنجز العبور الثاني نحو مزيد من الأمن والاستقرار والبناء والتنمية.
وقالت المري: «لقد اخترنا لهذا المنتدى عنوانا هو (مستقبل الإعلام يبدأ اليوم)؛ تذكيرا لأنفسنا أن الإعلام شريك متضامن في صناعة المستقبل، وأن دوره حيوي بالغ الأهمية»، مؤكدة أن الاستعداد للمستقبل والتحسب لاحتمالاته يتطلب أن يكون التفكير متطورا والتركيز على الآتي وليس على الماضي وعلى متطلبات الغد وليس على نواقص الأمس، وعلى تعزيز التفاؤل والثقة بالذات وبالقدرة على مواجهة أصعب التحديات.
من ناحية أخرى حدد الخبير العالمي روس داوسون، والمعروف بتخصصه في تقديم قراءات استشرافية للمستقبل في مجالات عدة من بينها الإعلام، سبعة عوامل وصفها بأنها تشكل مجتمعة «القوة الدافعة» للإعلام العالمي حاليا، والتي حددها في كل من: زيادة الاستهلاك الإعلامي، والفوضى، والمشاركة، وزيادة الصبغة الشخصية، وتطور موارد العائدات، والتغيرات المرتبطة بالجيل، وزيادة سعة النطاق في شبكات المعلومات.
وأكد عمق أثر تلك العناصر، ومنها على سبيل المثال زيادة الإقبال الجماهيري على «المشاركة»، التي تتجسد في تنامي إجمالي عدد المستخدمين النشطين على موقع «فيسبوك» من أقل من 200 مليون في الربع الأول من 2009، إلى ما يناهز مليارا و200 مليون في الربع الأخير من 2013.
وذهب داوسون إلى استعراض زيادة نفاذ الإنترنت في العالم العربي، وكذلك الانتشار الواسع للهواتف الذكية في المنطقة لا سيما في دولة الإمارات التي تصدرت القائمة ليس فقط عربيا ولكن أيضا عالميا، بنسبة وصلت إلى نحو 73.8 في المائة - وذلك بناء على اختيار عينات عشوائية في الدراسة التي ضمت نحو 500 شخص في دولة الإمارات - وتلتها كوريا الجنوبية بنسبة 73 في المائة، بينما حلت السعودية الثالثة عالميا والثانية عربيا بنسبة نفاذ قدرها 72.8 في المائة.
وأشار داوسون إلى تأثير التنوع الاقتصادي في الدفع تجاه التحول إلى الإعلام الرقمي الجديد، حيث حلت دولة الإمارات في مرتبة متقدمة عالميا وعربيا في ناحية تنوع اقتصادها المحلي، علاوة على اهتمامات الجمهور بالمحتوى، حيث أوضحت الدراسة التي قدمها الخبير العالمي تقاربا كبيرا بين اهتمامات المتلقين بالأخبار الداخلية والإقليمية والعالمية في كل من دولة الإمارات والسعودية وقطر، بينما تزايد الاهتمام بالأخبار المحلية على حساب الدولية في دول مثل مصر والأردن ولبنان وتونس.
وأضاف داوسون أن العالم العربي شهدت مؤخرا تطورا كبيرا في استخدام الإعلام الرقمي، مشيرا إلى أن عمليات استخدام الصحافة الإلكترونية شهدت استخداما مكثفا خلال السنوات الأخيرة وخصوصا في قطر والبحرين والإمارات والكويت وسلطنة عمان، في حين تأتي دول اليمن والعراق والسودان كأقل الدول العربية استخداما للإنترنت في الحصول على الأخبار، وهذا يشير إلى أهمية الثروة والثراء في انتشار الإعلام الرقمي وتسيده وتفوقه على الإعلام التقليدي والورقي.
وأشار داوسون إلى أن السعودية والإمارات وعمان والبحرين والكويت وليبيا تأتي في صدارة الدول العربية بالنسبة لحصة الفرد من الهواتف المتحركة التي تصل في بعض الدول مثل السعودية إلى 100 هاتف للفرد الواحد، مقابل انخفاض حصة الفرد من الهاتف في دول أخرى مثل السودان واليمن وسوريا. وأشار داوسون إلى هذا يؤكد أهمية الثروة ومردودها في نشر الإعلام الرقمي.
كما ناقشت جلسة الإعلام العربي والتصعيد الطائفي تنامي حالة الاحتقان في الشارع العربي نتيجة التطورات والأحداث السياسية المختلفة، ونتيجة لحجم المتغيرات التي تعيشها المنطقة، وظهر التصعيد الطائفي في المشهد العام، إلا أن الخطورة تتصاعد مع تحول هذا التصعيد إلى لغة خطاب في وسائل الإعلام، وظهور منابر إعلامية يعتمد جهدها وتسويقها ومكاسبها على هذا التأجيج الطائفي - المذهبي، متجاوزة كل القيم الإنسانية المشتركة، التي ظلت من أدبيات الإعلام الثابتة.
كما تتناول الجلسة التي شارك فيها كل من ريما مكتبي الإعلامية من قناة «العربية»، وباقر النجار أستاذ علم الاجتماع في جامعة البحرين، وعماد جاد رئيس وحدة العلاقات الدولية في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ«الأهرام»، والسعودي مشاري الذايدي الكاتب والصحافي في صحيفة «الشرق الأوسط»، ولقمان سليم كاتب ومحلل سياسي من لبنان، التصعيد الديني إجمالا، والتصعيد المسيحي - الإسلامي في الإعلام العربي، وإمكانية وجود سبل لوقفه.