الغزيون يواجهون مصاعب الموسم الدراسي الجديد

نصف مليون طالب وطالبة في قطاع غزة التحقوا بفصولهم أمس

أطفال غزيون في طريقهم إلى مدارسهم في اليوم الأول للدراسة أمس (أ.ف.ب)
أطفال غزيون في طريقهم إلى مدارسهم في اليوم الأول للدراسة أمس (أ.ف.ب)
TT

الغزيون يواجهون مصاعب الموسم الدراسي الجديد

أطفال غزيون في طريقهم إلى مدارسهم في اليوم الأول للدراسة أمس (أ.ف.ب)
أطفال غزيون في طريقهم إلى مدارسهم في اليوم الأول للدراسة أمس (أ.ف.ب)

نحو نصف مليون طالب في قطاع غزة التحقوا بالمدارس أمس، في بداية موسم مضطرب، ومليء بالأزمات السياسية والمالية التي تعصف بعوائل الطلبة الذين لم يتمكن كثير منهم من شراء زي مدرسي جديد، أو يحصل على احتياجاته الأخرى.
بدأ العام الدراسي الجديد أمس، في ظل تواصل الإجراءات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية ضد قطاع غزة، وشملت قطع رواتب المئات من الموظفين، وتخفيض رواتب آلاف آخرين، وإحالات إلى التقاعد. وترافق ذلك مع ارتفاع كبير في معدلات البطالة والفقر المدقع في صفوف الغزيين، وانعدام فرص العمل.
تقول فداء أحمد إنها لم تتمكن هذا العام من شراء احتياجات أطفالها الثلاثة، من ملبس وقرطاسية، نتيجة قطع راتب زوجها من قبل السلطة الفلسطينية، وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «سنضطر للاستدانة خلال الأيام المقبلة من أجل توفير الاحتياجات، وأخبرت الأولاد أن عليهم ارتداء الزي المدرسي القديم».
ولا تعرف فداء كيف ستتدبر أمر أطفالها بعد ذلك، وتقول: «سنضطر لتقليص مصروفهم اليومي، كما أنهم سيضطرون للذهاب إلى المدرسة مشياً على الأقدام». وتابعت: «قطعوا مصدر رزقنا الوحيد. وهذا أوصلنا إلى حالة العدم. لقد تركونا في ظروف مأساوية للشهر الثالث على التوالي».
ويتزامن بدء العام الدراسي الجديد، أيضاً، مع قرب عيد الأضحى المبارك، الذي يضاعف من معاناة الفلسطينيين في غزة، الذين يضطرون لشراء ملابس، ودفع عيدية للأقارب من النساء والأطفال، وذبح الأضاحي.
ويشتكى وائل أبو جبر من أن تتالي الالتزامات أرهق كاهله وعائلته إلى حد كبير، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: إن «المواسم تتلاحق، والمصاريف تكثر؛ موسم مدارس، وعيد أضحى، وبداية شتاء، مع تراجع القدرة الشرائية، صرنا غير قادرين».
ويضيف أبو جبر، الذي يملك محلاً لبيع الأدوات المنزلية، أن «الأسواق تعاني»، ويوضح: «إنها المرة الأولى التي يعاني فيها مادياً، مع تراجع الوضع العام في القطاع»، متابعاً: «الكل تأثر مع زيادة الفقر والبطالة، وقطع الرواتب. الحركة الشرائية تراجعت كثيراً، والسوق يعتمد على الموظفين، وهكذا. دورة كبيرة لا يمكن أن يجري الإخلال بها».
وبدا تأثير هذا الإخلال واضحاً حتى على المقتدرين في غزة. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن إحدى أكبر المدارس الخاصة في قطاع غزة اشتكت من انسحاب عدد كبير من طلابها بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية لعوائلهم، مشيرةً إلى أن مداولات خاصة جرت لتقليص عدد العاملين والعاملات في هذه المدارس.
وبحسب المصادر، فمن المنتظر أن يشهد قطاع التعليم في قطاع غزة نتائج كارثية أكبر، إذا ما استمرت السلطة في قطع رواتب الموظفين.
ويقدر عدد الموظفين التابعين للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة بنحو 57 ألف موظف مدني وعسكري، يعيل غالبيتهم عائلات بأكملها، وطالت الحسومات من 30 إلى 50 في المائة من رواتبهم منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي، بينما أوقفت رواتب بعضهم بالكامل.
وقال الموظف الحكومي في السلطة، عليان أبو ناصر، إنه اضطر إلى نقل ابنه من مدرسة خاصة إلى مدرسة حكومية، لعدم قدرته على تسديد أقساط تعليمه، بعد الحسومات التي طالت راتبه، وبلغت نحو 50 في المائة، مشيراً إلى أن ما يتبقى من راتبه لا يكاد يكفي لسد احتياجات منزله، من مأكل ومشرب، طوال الشهر.
وأكد أبو ناصر أن عملية نقل ابنه من المدرسة الخاصة إلى المدرسة الحكومية ستوفر عليه مبلغاً مالياً كبيراً، وسيخفض من المصاريف اليومية، وتابع: «في الشهرين الأخيرين، تغير كل شيء؛ قررت تقليص المصاريف والتخفيف منها، وبدأت بقرار نقل أبنائي من مدرسة خاصة إلى حكومية».
وعادة لا تتلقى المدارس الحكومية المواطنين بدل تعليم، لكنها تتقاضى مبلغاً رمزياً للغاية مقابل التحاق الطالب بإحداها، قد يصل إلى 10 دولارات فقط، بخلاف المدارس الخاصة التي تتقاضى أقساطاً عالية، تزيد على ألف دولار في العام، بحسب المدرسة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.