في «غيمز دوت كوم»... ألعاب الحروب والعنف تتراجع

المستشارة الألمانية سمّت الألعاب الإلكترونية «إرثاً ثقافياً»

ممثلون يرتدون ملابس شخصيات لعبة «ميدل إيرث شادو أوف وار» في معرض الألعاب الإلكترونية {غيمز دوت كوم} بكولون أمس (رويترز)
ممثلون يرتدون ملابس شخصيات لعبة «ميدل إيرث شادو أوف وار» في معرض الألعاب الإلكترونية {غيمز دوت كوم} بكولون أمس (رويترز)
TT

في «غيمز دوت كوم»... ألعاب الحروب والعنف تتراجع

ممثلون يرتدون ملابس شخصيات لعبة «ميدل إيرث شادو أوف وار» في معرض الألعاب الإلكترونية {غيمز دوت كوم} بكولون أمس (رويترز)
ممثلون يرتدون ملابس شخصيات لعبة «ميدل إيرث شادو أوف وار» في معرض الألعاب الإلكترونية {غيمز دوت كوم} بكولون أمس (رويترز)

افتتحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أول من أمس، المعرض الدولي للكومبيوتر «غيمز دوت كوم» بكلمات من الشاعر الألماني الكبير فريدريش شيللر: «الإنسان يلعب فقط حينما يكون إنساناً بكل ما في الكلمة من معنى، وهو إنسان حقيقي حيث يلعب». وهذه هي المرة الأولى التي تبدي فيها المستشارة اهتمامها بمعرض الألعاب الإلكترونية، وتفتتحه شخصياً في مدينة كولون.
وتقدر دائرة الإحصاء المركزية أن 3 ملايين ألماني يتابعون الألعاب الإلكترونية بشكل منتظم، يضاف إليهم 5 ملايين آخرين يلعبون بين الفينة والأخرى. والأهم أن 18 مليون ألماني يلعبون ألعاب الكومبيوتر الجماعية على الإنترنت. وينتظر أن ترتفع مبيعات أجهزة تشغيل الألعاب الإلكترونية المختلفة في ألمانيا من مجرد 10 ملايين عام 2016 إلى91 مليوناً عام 2021.
ولهذا، ليس عجيباً أن تبدي أنجيلا ميركل اهتماماً بمعرض الكومبيوتر الدولي «غيمز دوت كوم»، وأن تحرص على افتتاحه بكلمة طويلة، فالانتخابات النيابية العامة ستجري في 24 سبتمبر (أيلول) المقبل، ومن غير الواقعية أن تتخلى عن أصوات ملايين اللاعبين في العالم الافتراضي.
وتتفق وسائل الأعلام الألمانية على أن «السياسة» كانت أبرز النزعات «الخارجية» التي حولت «غيمز.كوم»، في معرض كولون الدولي، إلى مسرح للدعاية الانتخابية، خصوصاً أن كل الأحزاب السياسية المنافسة حذت حذو المستشارة الألمانية، وزارت المعرض، وألقت الكلمات التي تعبر عن الأهمية البالغة لقطاع ألعاب الكومبيوتر في الاقتصاد الألماني والعالمي، باعتبارها «إرثاً ثقافياً» (كما عبرت ميركل) له دور في تحفيز الابتكار والتقدم التقني.
أما أهم توجهات المعرض «الداخلية»، فكانت، ولأول مرة، سيادة الألعاب الرياضية والاجتماعية والعائلية على ألعاب الحروب والقتل والتجسس والمدرعات. وقد تقتصر النزعة السلمية في معرض هذا العام على المعروضات، ولا تنسحب على عالم ألعاب الكومبيوتر الدولي الذي تسود فيه النزعة «الحربية» والمغامرات والعنف. وسبق للمعارض السابقة أن تعرضت إلى نقد حاد من المنظمات الإنسانية بسبب «عسكرة» الحياة الافتراضية في ألعاب الكومبيوتر.
وانصبت الانتقادات في معرض «غيمز دوت كوم» 2011 على سماح المعرض لشركة «دايس» بنقل طائرة «ميغ 21»، روسية الصنع، كي تعرضها في جناحها القريب من نهر الراين. وذكر ناشطون من أجل السلام أن عرض الطائرة كدعاية للعبة «باتيلفيلد 3» سيحول المعرض بالتدريج إلى معرض أسلحة، خصوصاً أن ألعاب الحروب والعنف تحتل مكانة واضحة بين ألعاب المعرض.
وإن كانت لعبة كرة القدم «فيفا 18» قد جذبت آلاف الزوار لتجربة النسخة الجديدة منها (تطرح في السوق العام المقبل)، فإن لعبة «ستار وورز باتلفرونت 2» جذبت شباباً أكثر، وعبرت بذلك عن استمرار الميل نحو العنف في الألعاب الإلكترونية.
والسمة المهمة الأخرى في المعرض هي اجتذاب «الواقع الافتراضي» للمزيد من الهواة عبر تقنيات تستخدم النظارات وغيرها لجعل الإنسان في مواجهة «تي ريكس»، أو تنقله إلى عالم افتراضي تتصارع فيه الديناصورات.
وتشارك في معرض «غيمز دوت كوم» (22 - 25 / 8) أكثر من 900 شركة من أكثر من 50 بلداً. وتنتشر المعروضات والأجهزة في 11 صالة ضخمة، وتزيد المساحة التي تغطيها المعروضات عن 200 ألف متر مربع. وبهذا يكون «غيمز دوت كوم» الأكبر من نوعه في العالم، وينتظر أن يزوره هذا العام أكثر من 350 ألف شخص من مختلف الأعمار.
ورغم كثرة أجهزة اللعب التي امتد بعضها إلى ساحات وشوارع مدينة كولون، كان على الجمهور الانتظار بصبر في الطوابير لتجربة الألعاب الجديدة.
أما بالنسبة لأكثر الألعاب جذباً للجمهور، فقد حلت «أيج أوف إمباير 4» من «مايكروسوفت» في المركز الأول. واللعبة مخصصة لـ«وندوز 10»، وغير معروف ما إذا كان من الممكن تحميلها، واللعب أونلاين، وينتظر أن تطرح في الأسواق في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2017.
ودشن المعرض لعبة «جوراسك وورلد إيفوليوشن» لأول مرة، وهي لعبة رسمت شخصياتها وصورها بثلاثة أبعاد، وتنقل اللاعب إلى حديقة للديناصورات في جزيرة «نوبلار» الافتراضية. وطبيعي، يقع على اللاعب أن يحرص على حياة الزوار والحيوانات، وأن يعيش مغامرات كثيرة، مثل مواجهة «تي ريكس»، أو الضياع في غابات اللعبة. ويمكن اللعب عليها على «بلاي ستيشن 4»، وتنزل إلى الأسواق في صيف 2018.
وتم ترشيح «انو 1800»، من شركة «بلوبايت»، لإحدى جوائز معرض هذا العام. وهي لعبة اجتماعية يشارك فيها أكثر من لاعب، وتدور أحداثها في القرن التاسع عشر، وتحديات عصر التصنيع.
ومعروف أن البيتزا الإيطالية تنافس النقانق الألمانية والدونر الكباب التركي في ألمانيا، وربما هذا هو سر شعبية لعبة «بيتزا كونيكشن 3»، وهي لعبة تدور حول تقديم أفضل بيتزا، وبيعها في الأسواق، وخوض المنافسة مع صناع البيتزا في روما. والفائز في لعبة البيتزا هو من يؤسس أفضل سلسلة محلات لبيع الأكلة الشعبية الإيطالية.
ولعبة «ميادين حرب غير المعروفة للاعب» باعت 8 ملايين نسخة عند صدورها، وينتظر أن تواصل نجاحها في معرض «غيمز.كوم». ولعبة «أكشن» تنافس بين 100 لاعب يعيشون على جزيرة ما، ويحاولون العيش بالضد من المخاطر المختلفة، ويفوز في اللعبة اللاعب المتبقي الأخير، كما في سلسلة أفلام «ألعاب الجوع».
وطبيعي لا يخلو أي معرض لألعاب الكومبيوتر من لعبة «أساسننز كريد»، لكن النسخة الجديدة من اللعبة هي «أساسينز كريد أوريغن». وتدور اللعبة حول كيفية نشوء هذه السلالة من القتلة، وتدور أحداثها في مصر بين ميادين المصارعة والموت والأهرامات والسباحة هرباً من تماسيح النيل.
ويمكن لهواة سباقات السيارات تجربة «لعبة فورزا موتورسبورت 7»، وهي لعبة سباق سيارات سريعة تذكر بسلسلة أفلام «ذي فاست أند ذي فيوريوس»، لكن السباق هنا يجري بين 700 سيارة بالغة السرعة من «لومبرغيني» و«بورش» و«فيراري» وغيرها، وعلى عدة ساحات سباق، مع مؤثرات مناخية مثيرة، مثل الأمطار والزوابع والصواعق. وغني عن القول أن غرافيك اللعبة مرسوم بثلاثة أبعاد، وتتيح الحركة بسرعة 60 صورة في الثانية.
وتواصل لعبة «ذي نيد فور سبيد - باي باك» سباقات السيارات غير الشرعية في أجواء ومناخات مختلفة. وفضلاً عن السرعة في الهرب من رجال الشرطة، الذين يستخدمون الهيليكوبترات في هذه النسخة، يستطيع السائق بدوره طلب دعم هيليكوبتر خاصة به. والجديد أيضاً هو أن الشرطة في هذه النسخة يقودون سياراتهم بسرعة لا تقل عن سرعة المتسابقين، كما أنهم يهاجمون بفرق منظمة، وليس بهيئة شرطي واحد، كما في النسخ السابقة من اللعبة.
وتنقلنا لعبة «ستار وورز باتلفرونت» إلى أجواء سلسلة أفلام «حرب النجوم»، وأبطالها القدماء والجدد. ويفترض أن هذه اللعبة تتفوق في أجوائها ورسومها على الفيلم الأصلي، بحسب ادعاء الشركة المنتجة. وتعد الشركة بدور سينمائي نجومي لكل المشاركين في الحرب بين الأكوان المختلفة.
ومن ألعاب الحيوانات الأليفة المرغوبة من الجمهور، عرضت سيم 4 «القطط والكلاب» التي تخاطب أصحاب الحيوانات الأليفة. والجديد في هذه النسخة أن اللاعب يستطيع أن يضع صورة كلبه أو قطته محل صورة الحيوان في اللعبة، وأن يتصرف بتغيير وبره وتسريحته وملابسه كما يريد. والمهم أن اللاعب يستطيع «تنسيل» حيوانه مع حيوانات أخرى جميلة من جنس حيوانه نفسه، وأن يتمتع باللعب مع جراء من طراز جديد.


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».