متطوعون يهود يساندون القضية الفلسطينية ويواجهون الاحتلال

الوكالة اليهودية تستدعي سنوياً شباباً لنصرة إسرائيل ينقلب بعضهم عليها

أطفال فلسطينيون في أثناء زيارة إلى القدس (إ.ب.أ)
أطفال فلسطينيون في أثناء زيارة إلى القدس (إ.ب.أ)
TT

متطوعون يهود يساندون القضية الفلسطينية ويواجهون الاحتلال

أطفال فلسطينيون في أثناء زيارة إلى القدس (إ.ب.أ)
أطفال فلسطينيون في أثناء زيارة إلى القدس (إ.ب.أ)

اعترفت الوكالة اليهودية بأن عشرات الشباب اليهود الذين يجري استقدامهم إلى إسرائيل كل عام، لتعزيز انتمائهم اليهودي وتثقيفهم على حب الدولة العبرية، تحولوا إلى أنصار للقضية الفلسطينية. وأنه جرى طرد بعضهم.
وجاء هذا الاعتراف بعد الكشف عن إفشال الشباب المذكورين، الذين صرفت إسرائيل ميزانيات كبيرة عليهم، المشروع، بعد اطلاعهم على الأوضاع ميدانيا على الأوضاع في المناطق الفلسطينية المحتلة. واتضح من تقارير سياسية أن المنظمات اليهودية المتخصصة في استقدام الشباب اليهود إلى إسرائيل «للاطلاع» عن قرب على تفاصيل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، صرفت ما يعادل 3 آلاف دولار على كل واحد منهم. والهدف هو جلبهم إلى إسرائيل وتحويلهم إلى دعاة لنصرتها، خصوصا في الموقف من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ومن بين البرامج الكثيرة التي جرى تنظيمها، إرسالهم إلى منظمة تدعى «إخوة الشعوب»، تأخذهم في رحلات إلى الضفة الغربية. ويعتبر البرنامج الذي تعرضه منظمة «إخوة الشعوب»، من أهم البرامج وأكثرها أهمية بالنسبة للشباب اليهودي في أنحاء العالم.
وضمن البرنامج المشار إليه، يزور الشباب اليهودي إسرائيل، ويمكثون فيها خمسة أشهر، يقومون خلالها بنشاطات متعددة، تهدف إلى تعزيز فهمهم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والتعرف على هذا الصراع على أرض الواقع.
ولكن المنظمين فوجئوا حين اتضح لهم أن الكثير من هؤلاء الشباب، شارك في مظاهرات فلسطينية، حيث واجهوا جنود الجيش الإسرائيلي جنبا إلى جنب مع الشباب الفلسطيني، ونشطوا كذلك، في مجال مقاومة إخلاء البؤر السكانية الفلسطينية غير القانونية. وقد ظهر عدد غير قليل منهم في أفلام قصيرة وثقت تطوعهم ضمن مخيم «صمود» الفلسطيني، الذي تعتبره قوات الاحتلال مخيما غير شرعي. وكان المخيم أقيم في شهر مايو (أيار) الماضي، في جنوب الخليل المحتلة في منطقة معروفة فلسطينيا باسم «خربة صاروره». وقد جرى إخلاؤه أكثر من مرة على يد قوات الاحتلال، وأعيد بناؤه أكثر من مرة من قبل الفلسطينيين وشباب منظمة «إخوة الشعوب»، الذين شاركوا أكثر من مرة في إعادة بنائه، وشاركوا في المواجهات التي نشبت مع قوات الاحتلال في المكان.
ووثقت الكثير من الأفلام التي جرى تصويرها عبر كاميرا كانت مثبتة على حمالة حقيبة ظهر أحد قادة المشروع، ويدعى دانئيل روت، أعمال العنف التي تمارسها قوات الاحتلال. فيما ظهر في فيلم آخر، ناشط فلسطيني من الخليل، وهو يوزع التعليمات على أعضاء المجموعة، ويرشدهم حول كيفية التصرف حين يصل جنود الاحتلال لإخلاء الموقع. وقد جرى بث الشريط على «القناة الثانية» للتلفزيون الإسرائيلي، التي علقت عليه بـ«إنه لمن السخيف أن نعلم أن هذا البرنامج ممول من قبل الوكالة اليهودية، عبر أحد برامجها الخاصة بمثل هذه النشاطات. وقد دفعت 3 آلاف دولار لكل فرد في المجموعة، التي يقوم أفرادها بالتعرف على الشباب اليهود المشاركين في برنامج (مساع)، الذي تنظمه الوكالة اليهودية، ويقنعونهم بالانضمام إلى النشاطات الهادفة إلى مقاومة إسرائيل». وقالت الوكالة اليهودية في التعقيب على تقرير القناة الثانية، إن «برنامج إخوة الشعوب الذي تنظمه في هذه الحالة، منظمة (هشومير هتسعير)، برنامج تطوعي يساعد الأولاد اليهود والعرب في القدس، والنشاطات التي ذكرت في التقرير، لا تتلاءم مع أهداف برنامج (مساع). ومع تلقينا التقرير نقوم منذ أيام بفحص خطواتنا تجاه البرنامج».
المعروف أن «هشومير هتسيعر»، هو تنظيم يهودي يساري ينشط في إقامة علاقات ودية مع الفلسطينيين، ويؤيد حل الدولتين للشعبين. وقد فسر التنظيم هذا التحول لدى الشباب اليهودي، على أنه «نتيجة طبيعية لأناس شرفاء، يحبون اليهود ولا يرضون لهم أن يكونوا محتلين لشعب آخر، يمارسون القمع والاضطهاد».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.