{منف} للرواية الإلكترونية... جائزتها النشر الورقي

بالتعاون مع 6 دور نشر عربية

{منف} للرواية الإلكترونية... جائزتها النشر الورقي
TT

{منف} للرواية الإلكترونية... جائزتها النشر الورقي

{منف} للرواية الإلكترونية... جائزتها النشر الورقي

بعدما أصبح النشر الإلكتروني حلقة جديدة في سلسلة الثقافة والمعرفة ووسيلة مباشرة وسريعة للتواصل بين المبدع والقارئ، ولدت في القاهرة أول جائزة عربية للرواية الإلكترونية تمنح 10 جوائز دفعة واحدة للمبدعين العرب في شتى أنحاء العالم.
وتستهدف (جائزة منف للرواية العربية الإلكترونية) جميع الروايات غير المنشورة ورقيا التي صدرت على مدى العام، سواء عن طريق دور النشر الإلكترونية أو نشرها أصحابها على الإنترنت بشكل فردي، من خلال أدوات النشر الإلكتروني البسيطة.
وقال الكاتب والروائي المصري مروان محمد عبده (37 عاما) مؤسس الجائزة والمشرف عليها لـ«رويترز»: «جميع الجوائز الأدبية في المنطقة العربية سواء في الرواية أو القصة تشترط في الأعمال المتقدمة إما أن تكون نشرت ورقيا أو لم تنشر من قبل في أي وسيلة حتى الوسائل الإلكترونية وكأنها اجتمعت على إقصاء النشر الإلكتروني من المعادلة الثقافية».
وأضاف: «شعرت بأن هناك استثناء أو تجاهلا متعمدا لأي عمل منشور إلكترونيا رغم جودة الكثير من هذه الأعمال، إضافة إلى تنامي الوعي بالنشر الإلكتروني، وإقبال الكثير من الموهوبين عليه كوسيلة رخيصة وسهلة لنشر أعمالهم».
وتابع قائلا: «من هنا ولدت فكرة تأسيس جائزة خاصة للرواية المنشورة إلكترونيا، خاصة أنني أحد هؤلاء الكتاب وجميع أعمالي السابقة نشرت إلكترونيا فقط».
تستمد الجائزة اسمها من المدينة المصرية القديمة «منف» التي يرجع تاريخها لأكثر من 3000 عام قبل الميلاد، وكانت العاصمة الرئيسية في عهد الأسرات من الثالثة إلى السادسة.
ويحق لكل دار نشر إلكترونية أو منصة نشر على الإنترنت التقدم للجائزة بخمس روايات كحد أقصى فيما تحدد لكل كاتب يريد التقدم بشكل فردي للجائزة المشاركة بعمل واحد فقط.
وتمتد فترة تلقي الترشيح للجائزة عبر موقعها الرسمي على الإنترنت من أول يوليو (تموز) حتى نهاية أغسطس (آب) الجاري على أن تكون كل الأعمال المرشحة من إنتاج عام 2017.
وقال عبده: «تلقينا حتى الآن قرابة 90 رواية، ويجري الفرز أولاً بأول، فهناك أعمال تم قبولها بالفعل، وهناك روايات استبعدت لعدم مطابقتها المعايير المعلنة سلفا للجائزة».
وتتولى تقييم الجائزة لجنة من سبعة محكمين من مصر وسوريا والجزائر والأردن تضم روائيين ونقادا ومدققين لغويين إضافة إلى خبير تقني.
وقال عبده: «لجنة التحكيم تعمل بشكل تطوعي، وستكتب تقريرا فنيا عن كل عمل تقدم للجائزة سواء فاز أو لم يفز، وذلك بهدف توضيح عناصر وأسباب تميز الفائزين، ومن جانب آخر مساعدة من لم يسعدهم الحظ في تطوير أنفسهم وكتاباتهم في المرات القادمة».
ولا تمنح (جائزة منف للرواية العربية الإلكترونية) جوائز مالية بل تتمثل جائزتها في النشر الورقي للروايات العشر الفائزة، وذلك بالتعاون مع 6 دور نشر عربية تحمست للجائزة وأهدافها.
وقال عبده الذي بدأ الكتابة في 1999 وأصدر عدة روايات ومجموعات قصصية: «بجانب تسليط الضوء على النشر الإلكتروني وإتاحة الفرصة للمبدعين بهذا المجال تعمل الجائزة على إقامة جسر مع النشر الورقي بدلا من القطيعة التي تفرضها الجوائز الكبيرة مع النشر الإلكتروني». وأضاف: «هناك الكثير من دور النشر الإلكترونية العربية.. بالتأكيد لا تقارن مع دور النشر الورقية، لكن الملاحظ أنها آخذة في الزيادة وتجذب كل يوم أعدادا أكبر من الكتاب والروائيين».
وعن مستقبل الجائزة وفرص تطورها قال عبده: «حتى الآن لا ضمانات لاستمرار الجائزة... أخذت الفكرة على عاتقي بالتعاون مع فريق الجائزة، وبالاشتراك مع دور النشر الورقية لكن ليس لدينا مصدر تمويل أو جهة كبيرة تقف بجانبنا. أملنا كبير في أن تحقق الدورة الأولى نجاحا ملموسا نستطيع أن نبني عليه خطواتنا القادمة».
وتعلن لجنة التحكيم قائمة طويلة لجائزة منف تضم 20 رواية، فيما ستعلن قائمة الروايات العشر الفائزة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».