أول فيلم سعودي مصور في «هوليوود» يعرض قريباً في السينما الأميركية

حمزة طرزان لـ«الشرق الأوسط»: الفيلم يمثل جزءاً من سحر الشرق

TT

أول فيلم سعودي مصور في «هوليوود» يعرض قريباً في السينما الأميركية

تستعد صالات السينما في الولايات المتحدة الشهر المقبل لاستقبال أول فيلم لمخرج سعودي يتم تصويره في هوليوود. ومن المقرر أن يتم عرض فيلم «مايك بوي» (MIke BOY)، للمخرج السعودي حمزة طرزان في صالات السينما سبتمبر (أيلول) المقبل، على أن يتم عرضه بعدها في صالات السينما بدول الخليج. وتم اختيار الفيلم للدخول ضمن قائمة الأفلام المرشحة للأوسكار.
فيلم «مايك بوي» هو فيلم يجمع بين الغموض والجريمة والإثارة، وهو يتكئ على النبوءات والأساطير ذات البعد التخيلي، ويقول حمزة طرزان لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الفيلم يمثل «جزءاً من سحر الشرق، كما يمثّل جانبا من تجاربي الخاصة واعتقاداتي الأصيلة فيما يدور حول العالم، ولكن وضعت في الحسبان أن يخرج في قالب يستسيغه الغربي والشرقي معا».
الفيلم وهو أول فيلم روائي في هوليوود من مخرج سعودي وخليجي أيضا إخراجاً وبطولة، حيث يقوم بدور البطولة الممثل الإماراتي هيو ماسي، حيث يقول حمزة: «سيتم إطلاق الفيلم في السينما في أميركا، وتم إخباري أنه دخل ضمن قائمة الأفلام المرشحة للأوسكار وسأتسلم شهادة دخوله في القائمة بعد انتهاء الفيلم من عروضه من السينما».
يتناول الفيلم قصة نادل يتيم يجبر على تنفيذ مهام خطرة لجماعة سرية مقابل مساعدة في كشف ماضيه. النادل وهو «مايك بوي» وقع الاختيار عليه من نبوءة قديمة، حيث تقوم شخصية غريبة بزيارة «مايك» وتجبره على الانضمام لجماعة سريّة تريد السيطرة على العالم. وهكذا تطلب الجماعة من «مايك» أن ينفذ مهاما للجماعة لكي تحصل لهم السيطرة القصوى، وفي المقابل يكشفون لـ«مايك» سر ماضيه، واسم عائلته.
كتب الفيلم وأخرجه وأنتجه حمزة طرزان، وطاقم التمثيل يتكون من الممثل الإماراتي هیو ماسي الذي يتولى دور البطولة، والممثلين إمیلي كالین، روبرت سیسكو، كاترینا درونوفا.
حمزة أحمد طرزان شاب سعودي من مواليد مكة المكرمة (1982)، نشأ بمدينة جدة في عائلة متوسطة. يقول لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، من هوليوود في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا: «بدأت في حب الأفلام وأنا في سن السادسة... والدي كان له دور رئيسي في رؤيتي للأفلام بطريقة مخالفة عن بقية العائلة، وذلك بملاحظاته الدائمة لزوايا التصوير والديكور والممثلين الاكسترا (الكومبارس)، وحتى المكياج، والأهم من ذلك الرسائل الخفية التي نناقشها بعد الفيلم».
درس حمزة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران، ورغم أن الدراسة في هذه الجامعة حلم كل شاب، فإنه قرر مغادرتها قبل عام واحد من تخرجه، وكان يدرس وقتها في كلية هندسة الكومبيوتر. يقول: «بدأت بالتعرف عن نفسي أكثر، عرفت ما أريده بالفعل، قررت ترك الجامعة قبل سنة من التخرج لإيماني بأني أريد أن أصبح مخرجا سينمائيا ولا يمكن أن أضيع سنة أخرى في مجال أنا أعرف أني لن أبدع به أبدا».
في يونيو (حزيران) من عام 2007 كانت بدايته الحقيقية، حيث أخرج أول عمل سينمائي بعنوان «العيش إلى الوراء» من بطولة، رحمة الله، نضال أبو نواس، وحاز الفيلم على عدد من الجوائز. يقول طرزان: «اعتمدت في إعداد الفيلم على كتاب واحد وجدته بصعوبة في دبي للإخراج كنت مفتقداً للخبرة، وكان هدفي التمييز وعدم التقليد، فوقعت في مدرسة التجريب والرمزية التي حاليا لا أعتبرها من مدارس السينما لأنها تفتقد لعناصر طرح القصة».
في عام 2008 أخرج فيلم «القبو» وهو فيلم سيريالي. من بطولة المرحوم نضال أبو نواس، وحاز أيضا على جوائز، ويصفه بأنه «من أعقد وأصعب الأفلام التي يمكن مشاهدتها».
وفي عام 2009 بدأ يتلقى بعض الدعم والمساندة، حيث حصل على مبلغ 5000 ريال من والده لفيلم «النافذة»، وكان هذا الفيلم أفضل من حيث الإعداد والإخراج من فيلميه السابقين، ويتضمن رسالة عن المرأة بطريقة رمزية، وتم عرض الفيلم في مهرجانات محلية ودولية.
وفي عام 2010 افتتح حمزة شركته للإنتاج في السعودية، ومثلت هذه الشركة النقلة النوعية لمسيرته الفنية، وقد حققت نجاحات مالية، مما أمكنه من إنتاج فيلمه الرابع «ديون»، بمشاركة طاقم عمل كبير وممثلين من الجنسين، وشارك الفيلم في مهرجانات متعددة.
وفي عام 2011 أخرج حمزة فيلمه الجماهيري وأفضل أفلامه التي تم إنتاجها في السعودية قبل ذهابه للولايات المتحدة، وهو فيلم «كيرم» من بطولة محمد كردي، وقد حصد هذا الفيلم تقريباً كل الجوائز الذي رشح لها من روتانا ومن تونس ومهرجان الخليج.
وفي عام 2012 أخرج فيلم «بلوت»، وفي هذا العام قرر حمزة إكمال دراسته في صناعة الأفلام في مدينة الأفلام هوليوود.
وفي هوليوود تمكن المخرج السعودي الشاب من تكثيف عمله السينمائي، حيث يقول: «استطعت في فترة دراستي جعل كمية الأفلام القصيرة التي أخرجتها يصل للعشرين فيلما، ومع الدراسة نضج الفكر السينمائي أكثر وتكون عندي إيمان بأن السينما التي لا تحكي قصة ليست بسينما ومكانها الفيديو أرت جاليري».
بدأ حمزة في كتابة فيلمه الحالي «مايك بوي»، نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، وتم الانتهاء منه كاملا في فبراير (شباط) 2017، وقد تم تصوير الفيلم في هوليوود لوس أنجلوس، وخلال 3 سنوات استطاع أن يحصل على دعم للفيلم وأن يخرجه وينتجه، كما قام بتوزيعه مؤخرا بعد أن افتتح شركة إنتاج وتوزيع.
يقول حمزة لـ«الشرق الأوسط»: «أتيح لي التصوير عبر شركتي (إتش تي بكشرز)، وجرى إنتاج الفيلم بتعاون مشترك بيني وبين شريك إماراتي، لذلك الفيلم يعتبر أول فيلم طويل من إخراج سعودي، وأول تعاون سعودي إماراتي في هوليوود».
في فبراير عام 2017 تخرج حمزة في جامعة «نيويورك فيلم أكاديمي»، مع مرتبة الشرف الأولى، وكان موعد تخرجه متزامناً مع الانتهاء من فيلمه الطويل الأول «مايك بوي».
وعن جديده، بعد فيلم «مايك بوي»، يقول حمزة: لدينا ثلاثة أعمال (فيلمان ومسلسل) من فئة الجريمة والرعب والأرواح الخارقة، بمشاركة أبطال معروفين من الوطن العربي ومن السعودية بالتحديد.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».