التزام بالتعزيز العسكري للحكومة اليمنية مع استعداد لتنازلات في إطار المرجعيات

TT

التزام بالتعزيز العسكري للحكومة اليمنية مع استعداد لتنازلات في إطار المرجعيات

أكدت تصريحات الحكومة اليمنية الشرعية حرصها على الخروج من الأزمة وحقن الدماء في اليمن، رغم قوة موقفها العسكري والسياسي، أما استمرار انقلابيي اليمن فيما سماه مسؤولون «مناورة اعتاد عليها اليمن منهم». لكنها في المقابل تؤكد جاهزيتها العسكرية.
ففي الوقت الذي أعرب فيه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبد الملك المخلافي عن استعداد الشرعية للتنازل في إطار المرجعيات؛ شدد رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد عبيد بن دغر، على «الحاجة لتعزيز وضع الجيش الوطني لخوض المعركة حتى تحقيق النصر واستسلام ميليشيا الحوثي وصالح أو دحرها، منوهاً بضرورة الدفاع عن الشرعية ضد القوى الكهنوتية التي تحاول إسقاط النظام الجمهوري الآن، ولا بد من تصحيح الأخطاء في المسار»، وذلك في لقاء ضم نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية اليمني عبد العزيز جباري، ورئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن محمد علي المقدشي، ومحافظي صنعاء وإب وحجة وعمران وريمة وصعدة، وعُقد في الرياض أمس.
وقال راجح بادي المتحدث باسم «الشرعية» لـ«الشرق الأوسط»: «تعاملنا بإيجابية مطلقة مع المقترحات الأممية بشأن الحديدة، ومستعدون للتعامل مع أي أفكار تخفف من معاناة المواطنين في أي محافظة يمنية». وعند إعادة السؤال: «لكن هل ستقدم الشرعية تنازلات فعلية لو لمست جدية من الانقلاب؟»، فقال بادي: «سنقدم كل ما يمكننا تقديمه لإنجاح المبادرة».
هل أنتم متفائلون بخطة الحديدة؟ هنا يجيب وزير الخارجية اليمني على سؤال «الشرق الأوسط» بالقول: نعتقد أنه ليس أمام الانقلابيين من خيار. رغم أنهم حتى الآن يناورون في هذا الموضوع. بعضهم مثل المؤتمر الشعبي وجماعة صالح يبدون استعدادا ويحملون الحوثيين المسؤولية، في حين قال راجح بادي إن الحكومة ليست متفائلة بنجاح خطة الحديدة، ونتمنى نجاحها ونعمل على إنجاحها لكننا ليسنا متفائلين بالمطلق.
ويقول عبد الله إسماعيل المحلل السياسي اليمني: «لا أعتقد أن يتم الاتفاق أمام تعنت الحوثيين وتشبثهم بالميناء الأخير بيدهم ورئتهم الوحيدة المتبقية المتمثلة في ميناء الحديدة كمصدر للتمويل الأهم لحربهم والمنفذ الأكبر للسلاح المهرب... وفي حال الاتفاق المستبعد يظل الحديث عن الطرف الثالث ضبابيا في كل مبادرات المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والذي يترك التوقعات مفتوحة أمام تحديده، وهي معضلة في رأيي ستكون حاسمة في نجاح المبادرة أو فشلها، فالواقع أنه داخليا لا وجود لطرف ثالث واقعي، واللجوء إلى طرف ثالث خارجي سيكون محفوفا بكثير من التجاذبات والاعتراضات من الطرفين، والأهم أن الشرعية لن توافق على بقاء وجود للحوثيين كطرف في الميناء والمدينة، وهو ما بدا واضحا في اشتراط موافقة الحكومة الشرعية بانسحاب كامل للميليشيا من المدينة.
في تصوري أن سيناريو معركة الحديدة هو الأقرب في ظل إصرار الحوثيين على استخدام الميناء لتعزيز صمودهم وإطالة المعركة وبقاء الميناء كمنفذ حربي باعتراف الأمم المتحدة».
وأضاف إسماعيل: «ستكون معركة الحديدة حتمية في ظل الفشل الفعلي للمبادرة وعدم توفر الحد الأدنى من ظروف نجاحها حتى الآن، وسيتعامل التحالف والشرعية بمسؤولية إزاء التوفيق بين تحييد الميناء والحفاظ على عدم ارتفاع الكلفة البشرية، فليس من الضروري عسكريا السيطرة على المدينة في ظل معركة تستهدف مينائها ومنع الميليشيا من استخدامه، وفي كل الأحوال فلا يمكن السماح ببقاء الميناء بما يمثله بيد الحوثيين وصالح في إطار معركة استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب».
وبالعودة إلى اجتماع رئيس الوزراء اليمني، فقد أكد بن دغر «أن القيم العليا لأبناء اليمن في حربهم مع ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، هي من أجل الحفاظ على الجمهورية والوحدة وبناء اليمن الاتحادي في مواجهة دعوات الإمامة ومشروعها السلالي المتخلف والمرتبط إيرانياً»، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ).
وقال الدكتور بن دغر، إن «الحكومة بقيادة فخامة رئيس الجمهورية، والشعب اليمني، قد حددوا طريق المستقبل في ثورتي سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) وقيام النظام الجمهوري، وإن الوحدة في صيغتها الجديدة قد غدت هدفاً وغاية».
وأضاف: «نحن مع السلام العادل والشامل، الذي يحفظ دماء الشهداء، ويخفف آلم الجرحى. ويدعمنا في هذا الموقف البطولي القوى المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين، ولن ننسى كذلك الموقف الكبير للإمارات التي ساعدتنا في تحرير عدن وباقي المحافظات المحررة، وكان لهم دور في تحرير ساحل حضرموت من تنظيم القاعدة وتحرير المخا من الميليشيا الانقلابية».
وأشار إلى أن عدن اليوم هي العاصمة المؤقتة للجمهورية، وتساندها مأرب وتعز وصعدة وحجة وإب والمهرة وذمار وريمة وكل المحافظات.
كما أكد رئيس الوزراء على أهمية تضافر الجهود، والتنسيق المشترك بين الحكومة ومحافظي المحافظات وأبناء القوات المسلحة لاستكمال تحرير بقية المناطق وتطهيرها من الميليشيا الانقلابية.
من جانبه، ثمن نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية ومحافظو المحافظات ورئيس هيئة الأركان، جهود الحكومة في المحافظات المحررة، وتطبيع الأمن والاستقرار وعودة الخدمات.
وقال، إننا «نتابع بارتياح ورضا تام الأثر الطيب لجهودكم في العاصمة المؤقتة عدن، من تحسين للخدمات للمواطنين، وتدشين مرحلة الإعمار في عدن وباقي المحافظات»... مؤكداً أن تضحيات أبناء اليمن في هذه المرحلة، إنما تهدف للحفاظ على النظام الجمهوري والوحدة.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.