صناعة «تصميم الأزياء» السعودية تخطو ببطء نحو العالمية

«الشرق الأوسط» تستعرض قصص ثلاث مصممات حققن تجارب ناجحة

من مجموعة سارة الدويش المستوحاة من الفراشات
من مجموعة سارة الدويش المستوحاة من الفراشات
TT

صناعة «تصميم الأزياء» السعودية تخطو ببطء نحو العالمية

من مجموعة سارة الدويش المستوحاة من الفراشات
من مجموعة سارة الدويش المستوحاة من الفراشات

على الرغم من ارتفاع الطلب على الأزياء في السعودية، إلا أن الصنعة مازالت تخطو خطى متثاقلة نحو تميزها خارج البلاد. عروض الأزياء المصممة بأيادي سعودية، تقام بشكل خجول محلياً ضمن أروقة المعارض النسائية أو ما يصطلح على تسميتها محليا بالـ "بازارات" والتي تقام لجمع المصممات في أركان المعرض، لعرض أحدث تصاميمهن السنوية بشكل وقتي، دون وجود أجندة فعاليات ثابتة تقام سنوياً لاستقطاب رواد تصميم الأزياء السعوديين وتشجيع المصممين المغمورين. وتعتبر رزان العزوني، واحدة من قلائل المصممات السعوديات اللاتي نقلن تجاربهن لخارج السعودية، تحديداً للولايات المتحدة الأميركية، بعد دراستها للفن في مدينة بوسطن بولاية ماساشوستس، نقلت كل إلهامها في تصاميمها الأنثوية، بعيداً عن الموجة السائدة في تصميم الفساتين المترفة، وإنما تميل للأسلوب الغربي بلمسات شرقية. بدأت العزوني من السعودية عبر معمل تصميم في المنطقة الشرقية، إلى أن توسع عملها بافتتاح فرع منه في مدينة لوس أنجليس الأميركية. تصميم الأزياء، يحظى باهتمام كبير من لدن السيدات السعوديات، لذا اتجهت عديد من الفتيات لدراسة أساسياته في المعاهد المتخصصة في التدريب المهني. ولربما نصدق مقولة الأميركي مارك توين بأن "الجامعة هي المكان الذي تمر فيه ملاحظات البروفسور من دفتره مباشرة إلى دفتر ملاحظات الطلاب، بدون أن تمر عبر أدمغة الاثنين"، بعدما ندرك حقيقة أن الكثير لم يجدوا أنفسهم ضمن الأطر التعليمية التي تفرضها التخصصات الجامعية في العصر الحالي. فقصة الجوهرة المحيميد، وهي مصممة أزياء سعودية، لم تختلف كثيراً عن كثير من الناجحين ابتداء من رغبتها بالتخصص في تصميم الأزياء وترك الجامعة بعد ثلاث سنوات من دراسة الأدب الإنجليزي، لعدم ملائمة تخصصها لطموحها ورغبتها الأولى في تصميم الأزياء والإبداع فيها. تقول: "قبل دراستي لدبلوم تصميم الأزياء، كانت لدي خلفية بسيطة عن الخياطة، ولكن على نطاق ضيق وبسيط جداً لا يتعدى معرفة أساسيات بعض الغرز البدائية". وتفخر الجوهرة المحيميد بمجموعتها التي أطلقتها مع احتفالها بتخرجها من معهد المهارات والفنون بالرياض في يونيو (حزيران) الماضي، والمستوحاة من البجع (Swans) من الفساتين الحالمة بالأزرق الفاتح، والأصفر والفوشيا واللون الأبيض ولمسات باللون الأسود. واستوحت المحيميد من البجعة تطويقها لأبنائها وامتلاء ريشها فساتين صممت ونسقت كمجموعة ترتديها الأمهات مع بناتهن الصغيرات. وتقول: "تعلمت اليوم كيف أصمم وأظهر تصاميمي بطريقة احترافية، ومتابعة كل ما يتعلق بالموضة كل عام". سارة الدويش، مصممة سعودية، دفعها الشغف بتصميم الأزياء، إلى تعلم أساسياته لتنطلق في عالمه الاحترافي، فرغم بدايتها لوضع اسمها ضمن قائمة المصممات في السعودية عبر طلبات التصميم الخاصة التي تردها، إلا أن رغبتها تعدت ذلك في معرفة أساسيات الخياطة والتطريز وتعلم نسج الأقمشة والخامات من الصفر في حال عدم توفرها. وتقول سارة إن أهم ما تعلمته في أساسيات تصميم الأزياء هو تجميع ما يستوحى في لوحة بصرية (Mood board) من قصاصات من الصور الملهمة، إلى المخطط الأولي ودرجات ألوان الأزياء، وصولاً لإلصاق قصاصات من الخامات المستخدمة للفساتين، فهي بمثابة خريطة ترشد المصمم خلال عمله على كامل المجموعة. وهو ما استوحته أثناء تصميمها لفساتين كان مصدر إلهامها الفراشات وتحولها من شرنقتها لمجموعة من تصاميم أنثوية ذات خامات مشغولة يدوياً.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».