السنوار: منفتحون على الجميع بمن فيهم الرئيس عباس

قائد «حماس» لم يظهر حماسة للتخلي عن حكم غزة

TT

السنوار: منفتحون على الجميع بمن فيهم الرئيس عباس

قال يحيي السنوار، قائد حركة حماس في قطاع غزة، إن حركته ما زالت منفتحة على كل الأطراف، بمن في ذلك الرئيس محمود عباس، رافضا أي اتهامات لحماس بمحاولة فصل قطاع غزة.
وتحدث السنوار في أول لقاء إعلامي مفتوح له مع مجموعة من الكتاب والمحللين في غزة، عن حكم حماس لقطاع غزة، قائلا إن العدة التي تعدها «حماس» ليست لحكم غزة، بل لتحرير فلسطين، مضيفا أن «حل اللجنة الإدارية هو أسهل قرار يمكن أن تتخذه حماس إذا اقتنعت».
وعبر السنوار عن مخاوف من أن يتم حل اللجنة الإدارية... «فيستمر عباس في الضغط عبر مطالب أخرى من حماس». كما وعد السنوار الحاضرين بوضع حياتيّ أفضل في القطاع، ولم يُخف أن حركته تتطلع أكثر من أي وقت مضى لإرضاء الحاضنة الشعبية لها وتوسيعها، وقال في هذا السياق: «همّ حماس الأول الآن هو أحوال الناس... والمسؤولون المصريون وعدوا الحركة بفتح معبر رفح وتسهيل حركة البضائع والأفراد بعد عيد الأضحى». وبحسب السنوار، فقد سجلت العلاقة مع مصر تقدما كبيرا واختراقا غير مسبوق.
وتحدث السنوار عن «أهمية العمل المشترك من جانب كل القوى الفلسطينية للنهوض بالمشروع الوطني»، مشدداً على ضرورة «تضافر جهود الكل الفلسطيني لتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى»، وعلى «أهمية توفير مناخ الحريات داخل المجتمع الفلسطيني؛ لأن ذلك يعزز من تماسك المجتمع وقوته في مواجهة التحديات».
وحول تراجع «حماس» عن الحكم، لم يُبد السنوار، بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، حماسة تجاه الموضوع، وقال إن أي آراء أو اقتراحات ستتم مناقشتها. فيما قالت المصادر ذاتها إن السنوار تحدث أكثر عن حكم «حماس» وتحالفاتها وخططها، والمصالحة مع عباس، في مؤشر على تمسكها بالحكم، مشيرة إلى أن السنوار أجرى لقاءات مع فصائل فلسطينية في محاولة للانضمام لحماس عبر لجان بهدف معالجة مشكلات القطاع.
والتقى السنوار، عضو المكتب السياسي لـ«حركة الجهاد الإسلامي» محمد الهندي، وبحث معه، بحسب بيان رسمي، «آخر مستجدات القضية الفلسطينية، والتطورات التي يمر بها المشروع الوطني، وكيفية حل الأزمات التي تعصف به». كما التقى عضو المكتب السياسي لـ«الجبهة الشعبية» جميل مزهر، وناقش معه سبل مواجهة مخططات الاحتلال الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية. وبحث السنوار مع الهندي ومزهر سبل دعم أهل القدس المحتلة، وتعزيز صمودهم وتوفير مقومات الاستمرار في انتفاضة القدس.
واتفقوا على مواصلة العمل المشترك وتطويره، واستمرار المشاورات في كل ما يخص القضية الفلسطينية.
وأضافت المصادر أن السنوار طرح على الفصائل الانضمام إلى لجان المصالحة المجتمعية والتكافل وغيرها، لكن الفصائل رفضت وتحفظت على المشاركة بطريقة أو بأخرى في الحكم أو تعزيز حكم «حماس».
وجاء موقف «حماس» برفض حل اللجنة الإدارية بعد يوم من تجديد عباس دعوته للحركة الإسلامية بحل اللجنة الإدارية، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من العمل في قطاع غزة، مهددا باتخاذ مزيد من الإجراءات العقابية.
وكان عباس قد قطع رواتب في غزة، وخفض أخرى، وتوقف عن دفع فواتير الوقود والكهرباء، وألغى إعفاءات ضريبة وفرض أخرى، كما أحال آلافا للتعاقد، في محاولة لإجبار حماس على تسليم قطاع غزة. وقال عباس أول من أمس لأعضاء في حركة فتح إن «الإجراءات التي اتخذناها في قطاع غزة إشارة واضحة لقيادة (حماس) بضرورة التراجع عن إجراءاتها، وحل ما يمسى (اللجنة الإدارية)، وتمكين حكومة الوفاق من العمل في غزة، والذهاب إلى انتخابات عامة، ولكن إذا أصرت حماس على الرفض، فإننا ماضون في إجراءاتنا، التي ستتصاعد»، مضيفا أن «حماس للأسف لم تتجاوب مع النداء الذي أطلقناه لتحقيق الوحدة الوطنية خلال أحداث الأقصى، واستمرت بإجراءاتها التي بدأتها بتشكيل اللجنة الإدارية، التي هي عبارة عن حكومة، وذهبت بها للمجلس التشريعي من أجل تشريعها... والإجراءات التي اتخذناها ليست عقابية ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة، وإنما هي إشارات واضحة لقيادة حماس بضرورة التراجع عما قامت به، وبأننا جادون في الاستمرار بهذه الإجراءات في حال استمرارهم بعدم التجاوب مع نداءاتنا لتحقيق الوحدة الوطنية».
وردت حماس بوصفها تصريحات رئيس السلطة بـ«الهجومية ونسف لجهود المصالحة»، وقالت إنها «تعكس سوء نواياه تجاه سكان القطاع، وكذب حديثه عن الوحدة وإنهاء الانقسام، وتكشف عن دوره التكاملي والمتقاطع مع العدو الصهيوني في عزل غزة وحصارها، وضرب مقومات صمود شعبنا وثباته على أرضه».
وأضافت الحركة أن «حركة حماس لن تنجر وراء هذه المهاترات، وستبقى درعاً (حامياً) لوحدة شعبنا، ومدافعة عن حقوقه وثوابته، وستعمل على إنجاح كل الجهود المبذولة لتحقيق طموحاته في تحقيق الوحدة وإنجاز المصالحة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.