issue16676

5 تحقيق FEATURES Issue 16676 - العدد Thursday - 2024/7/25 الخميس ASHARQ AL-AWSAT «أبو إياد» نقل الأسلحة إلى ألمانيا بجواز سفر مزور و«زوجة» مزيفة (غيتي) (غيتي) 1981 «أبو داود» مصاباً بعد محاولة اغتيال في وارسو عام لــــم يـــنـــجـــح «أبـــــــو داود» فــي إقــنــاع الـبـلـغـار بتسليمه الأســلــحــة. اشــتــرطــوا اتـصـالاً مــــــن جــــهــــة رســــمــــيــــة وكـــــانـــــوا يـــقـــصـــدون مـنـظـمـة الـتـحـريـر أو قيادة «فتح». تدخل «أبـو إيـاد» لكنهم وضــــعــــوا شـــرطـــا جــــديــــداً وهـــــو أن تـتـجـه الأسلحة إلى الشرق الأوسط لا إلى أوروبا نظراً لخطورة انكشافها هناك. كـــــان «أبــــــو داود» يـــتـــحـــدث فــــي لـيـل الــــعــــاصــــمــــة الـــتـــونـــســـيـــة كــــمــــن يــســتــرجــع شـــبـــابـــه أو لـــحـــظـــة عــــرســــه. لــــم يـسـتـثـمـر دوره فـــي مـيـونـيـخ كـمـا فـعـل «كـــارلـــوس» الــفــنــزويــلــي بــعــد عـمـلـيـة احـــتـــجـــاز وزراء «أوبـــــــك» فـــي فــيـيــنـا. أخــفــيــت ذهـــولـــي كي لا يشعر أنــه ذهــب بـعـيـداً. لا شــيء يشبع شــراهــة الـصـحـافـي كــهــذه الـقـصـة المـثـيـرة عن رجال يتحركون بجوازات سفر مزورة وتأشيرات تم التلاعب بها وتبديل فنادق وعناوين وتضليل حراس. زيارتان استطلاعيتان كــــــــــــرر «أبـــــــــــــــو داود» مــــــحــــــاولاتــــــه لاستكشاف القرية الأولمبية. استعان ذات يـــوم بـسـيـدة فلسطينية تـتـقـن شـيـئـا من الألمانية. تظاهر بأنه رجل برازيلي ويريد الـــدخـــول لمـصـافـحـة أصـــدقـــاء لـــه. رق قلب الـــحـــارس الألمـــانـــي وسـمــح لـهـمـا. سيعود لاحـقـا برفقة الـشـابـن الـلـذيـن سيتوليان قــيــادة الـفـريـق المـنـفـذ وهــمــا يــوســف نــزال ومحمد مصالحة. اقــتــرب مــن مـقـر البعثة الإسـرائـيـلـيـة ورأى امــــــــــــرأة تــــحــــمــــل أوراقــــــــــــــــا. ســـألـــهـــا بالإنجليزية عن مقر البعثة الإسرائيلية فـاسـتـفـسـرت عــن سـبـب الـــســـؤال. رد بأنه برازيلي ويحلم كرفيقيه بزيارة إسرائيل والـحـصـول على معلومات عـن هــذا البلد وكذلك على أعلام له لنقلها إلى أولادهم. تـبـن أن الـسـيـدة إسـرائـيـلـيـة ووقــعــت في الــفــخ، فـمـا إنْ تـوجـهـت إلـــى المــقــر الـقـريـب حتى دخل الثلاثة برفقتها للتعرف على جـغـرافـيـا المــكــان الـــذي سيشهد الـهـجـوم. اســتــطــلــع «الــــبــــرازيــــلــــيــــون» قـــــدر الإمـــكـــان المداخل والممرات والأجنحة الملحقة. اســـتـــلـــزمـــت الأســــابــــيــــع الأخـــــيـــــرة مـن الإعـــداد لـقـاءات ورحــ ت في اتجاه جملة مــــــدن بـــيـــنـــهـــا أثـــيـــنـــا ومـــــدريـــــد وصـــوفـــيـــا وجـــنـــيـــف، فـــضـــً عـــن بـــيـــروت وطــرابــلــس الــلــيــبــيــة. كـــــان لـــــ«أيــــلــــول الأســــــــود» مــركــز تـــدريـــب فـــي نــقــطــة قــريــبــة مـــن صـــيـــدا في جـــنـــوب لـــبـــنـــان. لـــكـــن الـــــضـــــرورة اقـتـضـت إرسال مجموعة من المقاتلي لمتابعة دورة سريعة ومكثفة في طرابلس. طُرحت في أحد الاجتماعات المسألة الأهــم، وهـي كيف يمكن إيصال الأسلحة فـي ظـل إجــــراءات استثنائية لا بـد مـن أن تــواكــب حـدثــا يــشــارك فـيـه ريــاضــيــون من دولــــة. فـوجـئ «أبـــو داود» والـعـمـري 120 بـــ«أبــو إيـــاد» يـقـول بلهجة حـاسـمـة: «أنـا ســـأوصـــلـــهـــا». اســتــبــعــد «أبــــــو داود» أن يــضــطــلــع «أبــــــو إيــــــــاد»، وهـــــو رجـــــل ذائــــع الــــــصــــــورة والــــصــــيــــت مـــــبـــــاشـــــرةً، بـمـهـمـة مـحـفـوفـة بــالأخــطــار، ورجــــح أن يستعي بمنظمة أو مجموعة. زوجةلبنانيةمزيفة...وقنابلفيحقيبةيد أرســـــل «أبـــــو إيــــــاد» إلــــى «أبـــــو داود» 24 أن ينتظره فـي مـطـار فـرانـكـفـورت فـي . ذهـــب «أبــــو داود» 1972 ) أغـسـطـس (آب إلى الموعد وراقب من وراء الزجاج. انتظر إطلالة «أبو إياد» بفارغ الصبر وعلى قدر من القلق. فجأة أطل «أبو إياد» فيصحبة ســـيـــدة لــبــنــانــيــة تـــظـــاهـــر بـــأنـــهـــا زوجـــتـــه وسُميت جولييت، فضلاً عن تاجر صديق له واسمه علي أبو لبن. كان «أبـو إيـاد» ثابت الأعصاب على خـــ ف أبـــو لــ الــــذي وصـــل بــه الأمــــر حد تناول المهدئات. أشـار رجل الجمارك إلى «أبو إيـاد» أن يفتح الحقائب فخاف «أبو داود» أن تنهار العملية برمتها. وفجأة بدأ «أبو إياد» في إخراج الملابس الداخلية لــــ«زوجـــتـــه» مـبـديـا شـيـئـا مـــن الــتــذمــر من هـــذا الـــنـــوع مـــن المــعــامــلــة. أُصـــيـــب مـوظـف الجمارك بالإحراج وأشار بمرور الحقائب كـــمـــن يـــعـــتـــذر. وهــــكــــذا وصـــلـــت الأســلــحــة المخبأة في الحقائب الأخرى. لم يقترب «أبـو داود» من «أبـو إياد» الذي صعد مع رفيقيه إلى سيارة تاكسي. تـبـعـه «أبـــــو داود» فـــي الـــســـيـــارة المــوالــيــة وطـــلـــب مـــن الـــســـائـــق الــســيــر وراء ســيــارة صديقه. ضحك سائق السيارة الثانية من إصـــرار «أبـــو داود» على متابعة صديقه ودفَعَه الخبث إلى التفكير أن عي الرجل هـي على السيدة المــوجــودة فـي التاكسي الآخر ولم يخطر بباله أن رجال السيارتي سـيـشـعـلـون حــريــقــا كــبــيــراً ســـيـــ زم اســم ميونيخ والألعاب الأولمبية. هكذا عـرف «أبــو داود» الفندق الذي ينزل فيه «أبــو إيـــاد». ترجل مـن السيارة ومشى قليلاً في اتجاه آخـر للتضليل ثم دخـــل الـفـنـدق وصـعـد إلـــى غـرفـة أبـــو لـ . وجـد «أبــو إيـــاد» مسترخيا هناك وكانت «جولييت» في غرفة أخرى. اكتشف«أبو داود» أن عدد الرشاشات ثمانية وطـلـب مـنـه «أبـــو إيــــاد» التصرف على أساس أن الفريق المهاجم سيكون من ثمانية لا عشرة. لاحظ «أبو داود» غياب القنابل فاتفق أن يعود أبو لبن سريعا إلى بـيـروت لإحضارها فـي حقيبة يـد تفاديا لإثـارة الشبهة. وهذا ما حصل. نقل «أبو داود» الأسـلـحـة إلــى خـزائـن الأمــانــات في محطة القطار في ميونيخ، وأضاف إليها لاحقا القنابل وكــان يغيّر مكانها يوميا ومن دون أن يثير شكوك أجهزة الأمن. اللمسات الأخيرة وصـــــــل أعـــــضـــــاء الــــفــــريــــق المـــــشـــــارك مـــن طـــرابـــلـــس وتـــولـــى مــصــالــحــة ونــــزال تـــوزيـــعـــهـــم فــــي ثــــ ثــــة فــــنــــادق مـخـتـلـفـة بمعدل اثني في كل فندق ومن دون ذكر اسـم «أبــو داود». وكــان على «أبــو داود» أن يشتري لهم ثيابا رياضية وحقائب وبعض الضمادات والبسكويت في حال طال احتجاز الرهائن. 26 افـتُـتـحـت الألـــعـــاب الأولمــبــيــة فـــي أغــســطــس. اخـــتـــار المـخـطـطـون الانـتـظـار كــي يــســود الانــطــبــاع أن الألـــعـــاب تجري طبيعية وتتراخى التدابير الأمنية. كنت أشعر أنني أنتظر قصة جديدة كلما أشعل «أبو داود» سيجارة إضافية. قـــال «أبــــو داود» إن اجـتـمـاعـا عُقد ســابــقــا فـــي بـــيـــروت وشــمــل أيــضــا «أبـــو إياد» و«أبو مازن» خلص إلى التشديد بصورة قاطعة على عدم اعتبار العملية فــرصــة لـلـثـأر والـتـنـكـيـل وأن «الـعـمـلـيـة ســــيــــاســــيــــة قــــبــــل أن تـــــكـــــون عـــســـكـــريـــة والمصلحة تقضي بعدم إراقة الدماء إلا فـي حـال الخطر وفـي سياق الـدفـاع عن النفس». وأضاف أنه أبلغ الفريق المنفذ بـذلـك فـي اجتماع عـقـده معه «بوصفي بــرازيــلــيــا مـــؤيـــداً لــلــثــورة الفلسطينية وكـــــــنـــــــت أتــــــــحــــــــدث خـــــــــــ ل الاجــــــتــــــمــــــاع بالإنجليزية ويتولى أحدهم الترجمة». كــــانــــت الاســـــتـــــعـــــدادات قــــد اكــتــمــلــت: ســـيــدخـــل المـــنـــفـــذون مــــن أقــــــرب نــقــطــة فـي الــــذي 31 الـــســـيـــاج الأولمــــبــــي إلـــــى المـــبـــنـــى تقيم فيه البعثة الإسرائيلية. سيحاول احــتــجــاز أكــبــر عـــدد مـمـكـن مـــن الــرهــائــن. ســيــتــولــى مــصــالــحــة عـمـلـيـة الـــتـــفـــاوض. سيسلم الوسطاء لائحة تطالب بإطلاق أكـــثـــر مـــن مــائــتــي ســجــن فـلـسـطـيـنـي في إسرائيل وهـي تتضمن أيضا اسـم كوزو أوكاموتو الياباني الذي شارك في هجوم الـــلـــد، إضـــافـــة إلــــى الإفـــــــراج عـــن أولــريــكــه مـايـنـهـوف وأنــــدريــــاس بــــادر مـــن جماعة «بادر ماينهوف» الألمانية الراديكالية. كــــانــــت هــــنــــاك تـــعـــلـــيـــمـــات بـخـفـض المطالب إذا تعقدت المفاوضات، «وكانت الخطة تقضي بطلب طائرة لاصطحاب الرهائن إلى دولة شرق أوسطية ويفضل أن تكون مصر التي ستطالب بالتأكيد بـعـمـلـيـة تـــبـــادل لإطـــــ ق الإســرائــيــلــيــن المحتجزين»، كما روى «أبو داود». ليلة التنفيذ فـــي الـــرابـــع مـــن سـبـتـمـبـر شــعــر «أبـــو داود» بـــاكـــتـــمـــال الـــتـــحـــضـــيـــرات فــأعــطــى إشــــــــارة الـــتـــنـــفـــيـــذ. بـــعـــد مــنــتــصــف الــلــيــل سيكون إلــى جـانـب الـسـيـاج مـع المنفذين بثيابهم الرياضية والـرشـاشـات المخبأة فـــــي حـــقـــائـــبـــهـــم. يــــقــــول «أبــــــــو داود» إن «الشباب كانوا يستعدون لتسلق السياج حـن سمعنا ضجيجا وسـرعـان مـا تبي أنهم لاعبون أميركيون سهروا وأسرفوا في الشراب وقرروا تسلق السياج للعودة. المـــضـــحـــك أنــــهــــم عـــــرضـــــوا عـــلـــى شــبــابــنــا المساعدة وقدموها وشملت رمي الحقائب الـتـي تـحـوي الـسـ ح إلــى الجهة المقابلة. واستخدمت أنـا طولي لمساعدة من وجد صعوبة. وكانت المفاجأة أن الرجل الذي ساعدته قال لي: شكراً أبو داود، وأنا كنت أتوهم أنني نجحت في إخفاء هويتي عن المنفذين باستثناء نزال ومصالحة». ترك «أبو داود» المكان وعاد إلى فندق سجل نفسه فيه باسم مستعار آخر. شرارة البدء في الرابعة والنصف صباحا. مرت ساعات ولم تبث الإذاعات شيئا. وكان «أبو داود» قد اتفق مع مصالحة ونزال على أن يلتحق به أعضاء الفريق في محطة القطار إذا فشلت المحاولة لأن جوازاتهم كانت في حــوزتــه. فــي الـثـامـنـة بـثـت وســائــل الإعـــ م نبأ اقتحام القرية الأولمبية. وهكذا صارت القصة ملك العالم بأسره. رفضت حكومة غولدا مائير شروط الخاطفي. ويعتقد أنها مارست ضغوطا عـــلـــى حـــكـــومـــة ألمـــانـــيـــا الـــغـــربـــيـــة بــذريــعــة أن الـــتـــجـــاوب يــشــجــع الإرهـــــــــاب. خــدعــت الـــحـــكـــومـــة الألمــــانــــيــــة الـــخـــاطـــفـــن. وافـــقـــت عـلـى انـتـقـالـهـم إلـــى مــطــار عـسـكـري حيث ستنتظرهم طـائـرة «لـوفـتـهـانـزا» لنقلهم إلــــى مــصــر. هـبـطـت طــائــرتــا الهليكوبتر في المطار وتوجه نــزال ومصالحة لتفقد طــائــرة الـــركـــاب، ولــــدى خـروجـهـمـا انـدلـع الـــــرصـــــاص واخــــتــــلــــط. حــــاولــــت الأجـــهـــزة الألمـانـيـة قتل الخاطفي وكـانـت النتيجة مقتل خمسة منهم، إضافة إلـى رهائنهم الــــتــــســــع وشــــــرطــــــي ألمـــــــانـــــــي. ويُــــــــذكَــــــــر أن رياضيي إسرائيليي قُـتـ خــ ل عملية الاقتحام وتجميع الرهائن. «غضب الرب» بـعـد ميونيخ وافـقــت حـكـومـة مائير على عملية «غضب الـــرب» التي أدت إلى اغتيال عدد من المسؤولي والدبلوماسيي الفلسطينيي ولم تكن لمعظمهم علاقة من قريب أو بعيد بعملية ميونيخ. نجحت إســرائــيــل فــي اغـتـيـال كـثـيـريـن إلا الحلقة الأساسية. فقد اغتيل «أبو إياد» وفخري يناير (كانون 14 العمري فـي تونس فـي الــثــانــي) ومـعـهـمـا المــســؤول الأمــنــي هايل عـبـد الحميد (أبـــو الــهــول) عـلـى يــد شـاب اســـمـــه حـــمـــزة أبــــو زيــــد انــــــدسّ فـــي جـهـاز حماية عبد الحميد بناءً على طلب «أبو نضال». كـــان «أبـــو إيــــاد» متحفظا فــي الـكـ م عن المحطات التي لعب دوراً فيها. لم يرد تـرك بصماته مباشرةً فـي أي مـكـان. كان يـنـسـب مـــا تـحـقـق إلــــى «الـــشـــبـــاب» ولــهــذا لمست قدراً من العتب عليه من جانب «أبو داود» الــذي لعب دوراً حاسما في عملية ميونيخ وغيرها. أحد منفّذي عملية ميونيخ يطلّ من مقر البعثة الإسرائيلية في القرية الأولمبية (غيتي) كرر «أبو داود» محاولاته لاستكشاف القرية الأولمبية... استعان ذات يوم بسيدة فلسطينية تتقنشيئاً من الألمانية وتظاهر بأنه رجل برازيلي ويريد الدخول لمصافحة أصدقاء له

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky