عبد الرحمن البيطار
«السكر يغزو أميركا».
لطالما انتظرت مدينة سان دييغو القريبة من الحدود المكسيكية عرضا راقيا من الرقص الإسباني الملتهب والغجر الذين يدقون الأرض بكعوب أحذيتهم، وأخيرا تحققت هذه الأمنية ووصلت فرقة أنطونيو كاناليس الإسبانية الشهيرة من مدريد لإقامة حفلة رقص رائعة على مستوى فني عالمي وستتبعها في العام القادم فرقة باليه إسبانيا القومية. فن الفلامينكو يعد من أهم التراث الموسيقي في أوروبا وصنفته منظمة اليونيسكو عام 2010 بأنه «إحدى تحف الفن في التراث العالمي»، وعاد الاهتمام به في تسعينات القرن المنصرم بعد خلطه بالموسيقى الراقصة والشبابية مثل الصالصا والجاز والبلوز والروك، وتسمعه أينما كنت في إسبانيا وخصوصا في الجنوب الأندلسي
يكفي سماع اسم يويو ما لكي يتراكض محبو الموسيقى في العالم لشراء تذاكر حفلاته، وهذا ما جرى في سان دييغو خلال أيام حين أعلنت جمعية الموسيقى في لا هويا التي نظمت حفلته الرائعة أنه «لم يبقَ أماكن».
في بداية القرن الماضي عد الموسيقار الفرنسي المبدع كلود ديبوسي رمزا للثقافة الفرنسية ردا على نفوذ الموسيقى الألمانية ممثلة بفاغنر، وبعد الحرب العالمية الأولى ترك الأميركان تحفظهم وانغمسوا في اللهو والبحث والاختراع تحت تأثير الفن الفرنسي والطب المتقدم والعلوم الفرنسية، وهذا ما أوحى لعازف البيانو الفرنسي البارع جان أفلام بافوزيه بتنظيم حفل موسيقي فريد في سان دييغو منذ أيام برعاية جمعية لاهويا الموسيقية قدم فيه ألحان الليل والقطعة الصغيرة والقصيدة الراقصة لديبوسي وألعاب الأطفال لبيزيه (مؤلف أوبرا «كارمن» الشهيرة) ثم قطعة «الأميركي في باريس» للموسيقار الأميركي ذي الأصل الروسي جورج غيرشوين.
قبل مائة سنة على نكبة فلسطين (أي عام 1948) كانت سان فرانسيسكو مدينة صغيرة على الحدود لا يتجاوز عدد سكانها خمسمائة شخص يبحثون عن الذهب في ولاية كاليفورنيا، وكان الوصول إليها بسفينة عبر البحر أسهل طريقة لنمو عدد سكانها الذي وصل إلى 20 ألفا بعد عام واحد فقط.
إذا كنت محظوظا وسعدت بحضور تمارين العزف مع المايسترو الإيطالي كلاوديو أبادو ذي الأصل العربي، من عائلة ابن عباد في الأندلس التي حلت في شمال إيطاليا واستقرت فيها منذ القرن الثالث عشر الميلادي، فستكتشف أنه يخلق جوا لطيفا مع العازفين الذين يفوقون المائة عازف ويستخرج منهم أجمل الألحان لأنهم يفضلون التعاون معه كفريق منسجم على أي قائد آخر.
حين تسمع الأخبار أو تقرأ الصحف في العاصمة الإيطالية يمكنك أن تظن أن نهاية العالم أصبحت قريبة، فالساسة في إيطاليا يتشاحنون باستمرار، والاقتصاد في انهيار، لكن حيوية الشعب الإيطالي وحبه للثقافة والمرح والاحتفال بأعياد عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة يفوقان المشاكل اليومية والمظاهرات والإضرابات المتتالية وتنبؤات المتشائمين.
<p>من بين أفضل المدن التي يمكن أن تزورها في أوروبا خلال الخريف الحالي هي العاصمة الإيطالية روما، المبنية على سبعة تلال، فالجو فيها معتدل والنشاط على قدم وساق بعد إجازات الصيف والمظاهرات والاحتجاجات الموسمية، لكن خفة ظل أهلها تنسيك ازدحام وفوضى السير وساعات افتتاح وإغلاق المحلات والمطاعم المتناقضة. لا بد من زيارة عدة أماكن معروفة واكتشاف زواياها الخفية وإدراك الشفرة السرية لسكانها المحليين للاستمتاع بوقتك ومشاهداتك، وإلا فإن الزيارة لروما لن تكون كاملة وعليك العودة إليها مجددا لاستكمال ما فاتك من معالمها ومباهجها.</p>
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة
