سكان صنعاء يتخوفون من مواجهة طويلة بين واشنطن والحوثيين

توقعات بتبعات قاسية على الوضع المعيشي والإنساني

الدخان يتصاعد بعد غارة جوية أميركية على مواقع الجماعة الحوثية في صنعاء (أ.ب)
الدخان يتصاعد بعد غارة جوية أميركية على مواقع الجماعة الحوثية في صنعاء (أ.ب)
TT

سكان صنعاء يتخوفون من مواجهة طويلة بين واشنطن والحوثيين

الدخان يتصاعد بعد غارة جوية أميركية على مواقع الجماعة الحوثية في صنعاء (أ.ب)
الدخان يتصاعد بعد غارة جوية أميركية على مواقع الجماعة الحوثية في صنعاء (أ.ب)

على الرغم من أن سكان العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء تعوَّدوا مشاهد وأصوات القصف على مواقع الجماعة الحوثية خلال السنوات الماضية، وتعايشوا مع مخاوفهم من تأثيرها الكبير على حياتهم؛ فإن الضربات الأميركية الأخيرة أعادت تجديد مخاوفهم من مواجهة طويلة، يتوقعون أن تؤثر على معيشتهم، بالتوازي مع تبعات العقوبات الاقتصادية.

وتعرضت صنعاء ومدن ومناطق أخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية لضربات جوية أميركية، ليل السبت، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه أمر الجيش بشن عملية عسكرية حاسمة وقوية ضد الحوثيين في اليمن.

وأبدى السكان قلقاً من أن تكون الضربات الجوية الجديدة على مواقع الجماعة مقدِّمة لحرب طويلة؛ خصوصاً مع استمرار الجماعة الحوثية في تحدي الغرب، ونياتها التصعيد العسكري في البحر الأحمر، في مقابل خطاب أميركي أكثر تشدداً مما كان عليه الأمر في إدارة بايدن.

ويرى إعلامي مقيم في صنعاء، أن قوة الضربات الأخيرة أعادت مشاعر السكان إلى بداية الحرب والانقلاب الحوثي، إلا أنهم تعودوا على تجدد القصف، وغالباً لا يخاف منه سوى المقيمين في أحياء قريبة من مواقع الجماعة الحوثية والمباني التابعة لها.

الدخان يتصاعد بعد غارة جوية أمريكية على مواقع الجماعة الحوثية في صنعاء (أ.ب)

ولكن القلق الذي يتجدد لدى السكان -وفق إفادة الإعلامي- يأتي من إمكانية تأثير المواجهة بين الجماعة والغرب على الوضع المعيشي.

وأشار إلى أن الأمر يرتبط هذه المرة بقرار الإدارة الأميركية تصنيف الجماعة الحوثية منظمة إرهابية أجنبية، والذي يتوقع أن تكون له تبعات قاسية على الوضع المعيشي، وعلى وصول المساعدات الإنسانية.

تخبط حوثي

كان واضحاً ارتباك الجماعة الحوثية إزاء الضربات الأميركية الأخيرة؛ إذ أبدى محمد عبد السلام، الناطق الرسمي باسم الجماعة، استغرابه من اتهام ترمب لهم بتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وزعم أن ذلك الاتهام يحمل تضليلاً للرأي العام الدولي؛ لأن الحظر البحري الذي أعلنته الجماعة كان مساندة لغزة فقط.

وزعم عبد السلام أن الحظر المعلن يقتصر فقط على الملاحة الإسرائيلية، للضغط من أجل إدخال المساعدات الإنسانية لأهالي غزة؛ حسب اتفاق وقف إطلاق النار المعلن في القطاع، وجاء بعد مهلة 4 أيام، وأن الملاحة الدولية في البحر الأحمر ستبقى آمنة، لولا الغارات الأميركية التي تمثل عودة لعسكرة البحر الأحمر.

وحظيت ردود فعل القادة الحوثيين على إعلان ترمب والغارات الجوية بتهكم واسع، في حين قوبلت الهجمات الأميركية بالاستنكار والغضب، ورأى كثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي أنها تأتي لتشارك الجماعة الحوثية التنكيل باليمنيين وانتهاك حقوقهم.

ومن المنشآت التي أُعلن عن استهدافها، معمل حوثي لتجميع وصناعة الأسلحة والمتفجرات في مدينة رداع التابعة لمحافظة البيضاء، الواقعة على بعد 268 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء.

مبنى في محافظة صعدة، معقل الحوثيين، أصيب بغارة أميركية (رويترز)

تحذيرات وجبايات

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع من تسجيلات كاميرات المراقبة في عدد من مكاتب الشركات التجارية، وأخرى من تصوير بالهواتف النقالة في الشوارع، تكشف تأثير الاهتزازات التي تسببت فيها الغارات الأميركية، وحجم الخراب الذي نجم عن ذلك.

شدة الضربات الأميركية غير المسبوقة تسببت بتحطيم الزجاج في العديد من شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

وحثَّ ناشطون حوثيون السكان على التوقف عن تبادل الأحاديث والمعلومات، حول ما قد يكون هدفاً للغارات الجوية عبر الهواتف التي هي عرضة للتجسس الأميركي؛ حسب زعمهم.

وأعاد الناشطون نشر تحذيرات سابقة مما يعرف بـ«جهاز الأمن والمخابرات» التابع للجماعة، حول تداول المعلومات التي يقدمها الجيش الأميركي عن استهداف تجمعات لقيادات الجماعة؛ لأن ذلك يساهم في تمكينه من رصد المكالمات والرسائل التي يجري فيها تداول معلومات عن مقار إقامة وتحركات تلك القيادات، ومن ثم التحليل والربط بينها لتوسيع بنك الأهداف واستهداف المقربين منهم.

ووسط هذه الدعوات، استغلت الجماعة الحوثية الضربات، لإطلاق حملة جديدة من الجبايات والإتاوات تحت اسم «دعم القوات البحرية».

دخان كثيف استمر طوال الليل بعد الغارات الأميركية في صنعاء (أ.ف.ب)

وعلى الرغم من سخرية كثير من مستخدمي الهواتف النقالة في مناطق سيطرة الحوثيين من الرسائل النصية التي تلقوها بعد بدء الضربات، والتي تطالبهم بالتبرع لصالح المواجهة مع الغرب وإسرائيل؛ فإنهم أبدوا تخوفهم من بدء حملة لجمع تبرعات إلزامية من الأهالي، في ظل الوضع المعيشي المتدهور الذي يعيشونه.

وتوقع أحد مُلَّاك معرض سيارات في صنعاء، أن تبدأ حملة جمع التبرعات في أسرع وقت، كما جرت العادة، وأن يجري خلالها إلزام مختلف التجار والباعة بتقديم الأموال لدعم الحوثيين بالأموال لمواجهة الضربات الأميركية.

يمنيان ينظفان الزجاج الذي تسبب الغارات الأميركية بتحطيمه أمام متجرهما في صنعاء (أ.ف.ب)

وكشف عن الصعوبات التي تنتظرها تجارته بعد الضربات الأميركية الأخيرة، فإلى جانب الإتاوات التي ستُفرض عليه وعلى جميع التجار والباعة لصالح المجهود الحربي للجماعة، والابتزاز الذي يتعرضون له؛ فإن مثل هذا التصعيد سيؤدي إلى توقف وصول السيارات المستوردة المستخدمة من الخارج، بينما لم يعد هناك من يستطيع شراء السيارات سوى القادة الحوثيين.

وتعهدت الجماعة الحوثية بالتصعيد والرد على الضربات الأميركية، واستمرار أنشطتها العسكرية وهجماتها في البحر الأحمر. وأعلن القيادي يحيى سريع، الناطق العسكري باسمها، صباح الاثنين، عن استهداف حاملة الطائرات «يو إس إس هاري ترومان» وعدد من القطع التابعة لها، للمرة الثانية خلال «24 ساعة»، بعد إعلانه عن استهداف سابق ليل الأحد.


مقالات ذات صلة

قدرات الحوثيين العسكرية أمام اختبار الصمود تحت ضربات ترمب

العالم العربي أتباع الجماعة الحوثية يتوعدون ترمب بالهزيمة في تجمع أسبوعي وسط العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)

قدرات الحوثيين العسكرية أمام اختبار الصمود تحت ضربات ترمب

أدَّت الضربات الأميركية التي أمر بها ترمب ضد الحوثيين إلى استنزاف قدرات الجماعة، واختراق تحصيناتها الأمنية؛ حيث باتت تواجه حالياً تحديات في تكثيف الهجمات.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي 4- أسلحة متطورة تستخدم في ضرب مخابئ الحوثيين (سنتكوم)

استهداف أميركي للحوثيين في خطوط التماس مع الجيش اليمني

كثّف الجيش الأميركي غاراته على مواقع الحوثيين في خطوط التماس مع الجيش الحكومي في حين عاودت الجماعة زراعة الألغام في محافظة الحديدة تحسباً لهجوم بري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي تمثال للسيناتور السابق ألبرت غاليتين أمام وزارة الخزانة في واشنطن (رويترز)

عقوبات أميركية جديدة تطول بنكاً موالياً للحوثيين

أقرّت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات مالية جديدة على الحوثيين طالت بنكاً يعمل في مناطق سيطرتهم ضمن إجراءات خنقهم اقتصادياً، وسط تصاعد الضربات الجوية على مواقعهم

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي ضربات أميركية عنيفة أضاءت الأفق غرب صنعاء (إ.ب.أ)

احتجاجات قبلية ضد الحوثيين رفضاً لاتهامات الخيانة

نفّذ عدد من القبائل اليمنية فعاليات احتجاجية رفضاً لحملات الاختطاف والتخوين الحوثية ضد وجهائها ورفضاً للانفلات الأمني والتغاضي عن أعمال قتل وتجاهل مطالب مختلفة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي طائرة المراقبة «هوك آي» تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

واشنطن: نستهدف الحوثيين وقدراتهم العسكرية وعرقلة تدفق الأسلحة من إيران ودول أخرى

أكد السفير الأميركي لدى اليمن أن الضربات الجوية التي تشنها واشنطن على مواقع الحوثيين، تستهدف مستودعات الأسلحة، ومرافق التصنيع، ومراكز القيادة والسيطرة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اليمن: المعلمون في تعز يصعّدون الاحتجاجات ويتمسّكون بالإضراب

المعلمون في تعز يتمسّكون بطلب رفع المرتّبات وتحسين معيشتهم (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يتمسّكون بطلب رفع المرتّبات وتحسين معيشتهم (إعلام محلي)
TT

اليمن: المعلمون في تعز يصعّدون الاحتجاجات ويتمسّكون بالإضراب

المعلمون في تعز يتمسّكون بطلب رفع المرتّبات وتحسين معيشتهم (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يتمسّكون بطلب رفع المرتّبات وتحسين معيشتهم (إعلام محلي)

فشل اتفاق التهدئة، الذي أُبرم بين السلطة المحلية في محافظة تعز اليمنية ونقابات المعلمين، التي تقود إضراباً عن العمل منذ خمسة أشهر للمطالبة بزيادة الرواتب، بالتزامن مع الإعلان عن موعد اختبارات الشهادة الثانوية العامة مطلع الشهر المقبل.

وكانت النقابات والسلطة المحلية قد توصّلت إلى اتفاق لتنفيذ مطالب المعلمين على مراحل، ومنحت السلطة المحلية أسبوعاً للبدء في ذلك، إلا أنها لم تتمكن من ذلك، حيث دعا اتحاد التربويين في المحافظة لاستئناف الاحتجاجات.

وخرج المئات من المعلمين، يساندهم الطلاب، في مسيرة انتهت بوقفة احتجاجية أمام مكتب التربية والتعليم، طالبوا خلالها بإقالة مدير المكتب عبد الواسع شداد، الذي اتُّهم بتضليل الوزارة، وإصدار قرارات مخالفة للوائح، والسعي لإجراء اختبارات الثانوية العامة في ظل الإضراب الشامل الذي ينفّذه المعلمون في مركز المحافظة، وفي أريافها.

وأعلن الطلبة، الذين شاركوا في المظاهرة تأييداً للمعلمين، رفضهم إجراء اختبارات الشهادة الثانوية العامة، لأن العملية التعليمية توقفت منذ بداية الفصل الدراسي الثاني، ولم يستكملوا المناهج الدراسية، وندد المتحدثون بما سموها تعسّفات مكتب وزارة التربية في المحافظة، واتهموه بممارسة الإرهاب الوظيفي من خلال تهديد المعلمين المضربين بعقوبات.

حضور فاعل للمعلمات في الفعاليات الاحتجاجية بمدينة تعز (إعلام محلي)

ورفض المحتجون، الذين انتقلوا أيضاً إلى أمام مبنى ديوان المحافظة، التقويم الدراسي الجديد الصادر عن المكتب، وقالوا إنه مخالف لتقويم الوزارة، ورأوا في قرار إجراء اختبارات الشهادة الثانوية العامة، مع توقف العملية التعليمية، إضراراً بمستقبل الطلبة.

وأكد رئيس اتحاد التربويين أمين المسني أنهم يرفضون ما وصفها بالانتهاكات التي يمارسها مدير مكتب وزارة التربية والتعليم بهدف إرهاب المعلمين، واعتبر أن أي انتهاكات تُمارس خلال فترة الإضراب إجراءات غير قانونية، وسيتم التصدي لها بقوة.

إعادة النظر

في الفعالية الاحتجاجية، أُلقيت كلمات عن الطلبة تضمّنت رسائل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، ورئيس الحكومة، ووزير التربية والجهات ذات العلاقة، أُعلن خلالها دعم الطلبة لحقوق معلميهم، وضرورة إعادة النظر في القرارات المتّخذة من قبل مكتب التربية بالمحافظة.

وأكدت القيادية في اتحاد التربويين، أمة الملك واصل، أن محاولة كسر الإضراب التي يقوم بها مكتب التربية إهانة للمعلم، وهدر لحقوق الطلبة، ودعت مدير المكتب إلى الاقتداء بمديرة مكتب التربية بمحافظة عدن نوال جواد، التي آثرت الاستقالة على إهانة كرامة المعلم، على حد قولها.

ويرى المعلم عبد الوارث العبسي أن المسيرة رسالة واضحة للسلطة المحلية والحكومة بأن الحرية والكرامة والحقوق هي كل ما تبقّى للمعلمين، ولن يتنازلوا عنها، وأكد أنها رسالة على استمرارية الإضراب والفعاليات الاحتجاجية حتى تُعطى جميع الحقوق، وإيقاف مهزلة الاختبارات التي يُصرّحون بها.

تأجيل الامتحانات

ويرى مكتب التربية أن تأجيل امتحانات الثانوية العامة خيار إضافي بسبب عدم استكمال المنهج الدراسي نتيجة إضراب المعلمين، لكن لا يُعلم على وجه الدقة ما إذا كانت هذه الخطوة سترضي المعلمين والطلاب أم لا.

وطلب مدير مكتب وزارة التربية في تعز، عبد الواسع شداد، في مذكرة رسمية إلى وزير التربية تأجيل اختبارات الثانوية إلى ما بعد إجازة عيد الأضحى حتى يتم تعويض الطلاب عن الدروس التي لم يتلقّوها خلال فترة الإضراب.

مكتب التربية في تعز متمسّك بقرار استئناف الدراسة (إكس)

وفي طلبه، ذكر مدير مكتب التربية أنه ونظراً لبدء فتح المدارس وعودة العملية التعليمية بعد إجازة عيد الفطر، فإن من الضروري منح المدارس فرصة كافية لتقديم واستكمال الموضوعات العامة من المقررات الدراسية للفصل الدراسي الثاني.

هذا الطلب جاء بعد أيام من إعلان وزارة التربية والتعليم جداول امتحانات الشهادة الثانوية العامة للقسمين العلمي والأدبي، والتي ستبدأ، بحسب الجدول، في 4 مايو (أيار) المقبل، وتنتهي في 25 من الشهر ذاته. فيما يؤكد اتحاد التربويين التمسك بمطالب تحسين أوضاع المعلمين والمعلمات، وتعهد بالاستمرار في الإضراب المفتوح حتى تنفيذ كافة المطالب.