الحرب على غزة: تأجيل مُرجَّح للاجتياح... ينذر بحرب واسعة

ماكرون يعارض «تدخلاً واسعاً» لإسرائيل في غزة... مشروع قرار «وسطي» في مجلس الأمن... و«أونروا» تحذّر من وقف عملياتها الإغاثية

دبابات إسرائيلية متوجهة إلى الحدود مع قطاع غزة 13 أكتوبر 2023 (أ.ب)
دبابات إسرائيلية متوجهة إلى الحدود مع قطاع غزة 13 أكتوبر 2023 (أ.ب)
TT

الحرب على غزة: تأجيل مُرجَّح للاجتياح... ينذر بحرب واسعة

دبابات إسرائيلية متوجهة إلى الحدود مع قطاع غزة 13 أكتوبر 2023 (أ.ب)
دبابات إسرائيلية متوجهة إلى الحدود مع قطاع غزة 13 أكتوبر 2023 (أ.ب)

في حين تزايدت الضغوط لإعلان «هدنة إنسانية» في قطاع غزة الذي يتعرّض لقصف إسرائيلي عنيف منذ أكثر من أسبوعين، لاحت أمس (الأربعاء) مؤشرات جديدة إلى خطر اندلاع حرب واسعة في المنطقة، بالتزامن مع تقارير عن تأجيل مرجح للعملية البرية التي تلوّح الدولة العبرية بشنّها في القطاع رداً على هجوم واسع نفذته حركة «حماس»، يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وأسفر عن مقتل نحو 1400 إسرائيلي وأسر أكثر من 200 آخرين.

وعلى رغم وجود إجماع إسرائيلي واضح، سواء بين القادة السياسيين أو العسكريين أو حتى على المستوى الشعبي، على «ضرورة تنفيذ اجتياح بري» لقطاع غزة، فإن المعلومات المتوافرة في تل أبيب تؤكد أن الإدارة الأميركية تحبّذ تأجيل العملية إلى حين الانتهاء من حل قضية الأسرى.

دبابات إسرائيلية متوجهة إلى الحدود مع قطاع غزة 12 أكتوبر 2023 (أ.ب)

وقالت مصادر متقاطعة في واشنطن وتل أبيب، أمس: إن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة موافقتها على تجميد الهجوم البري «من دون التنازل عن هدف تصفية (حماس)». وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن إسرائيل وافقت على إرجاء الهجوم البري حتى يتسنى لواشنطن إرسال دفاعات صاروخية للمنطقة سريعاً لحماية قواتها هناك، في إشارة إلى هجمات تشنّها جماعات مرتبطة بإيران على القوات الأميركية في العراق وسوريا. وذكرت الصحيفة، أن الولايات المتحدة تسارع لنشر نحو عشرة أنظمة دفاع جوي في المنطقة. ويعني ذلك، كما يبدو، أن الأميركيين يخشون توسّع حرب غزة إلى جبهات أخرى، وهو أمر لوّحت به إيران وجماعات قريبة منها في الأيام الماضية. ورغم أن مسؤولين أميركيين لم يتهموا علناً إيران بالضلوع مباشرة في هجوم 7 أكتوبر، فإن الصحيفة الأميركية نقلت عن مصادر استخباراتية، أن نحو 500 عنصر من حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» تلقوا تدريباً قتالياً متخصصاً في إيران قبل أسابيع من الهجوم الدامي ضد إسرائيل.

وفي حين واصلت إسرائيل، أمس، غاراتها العنيفة على غزة متسببة في مقتل العشرات، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في تصريحات للصحافيين قبيل مغادرته القاهرة، إنه في حال أقدمت إسرائيل على «تدخل واسع النطاق يعرّض للخطر حياة السكان المدنيين، فأعتقد أن ذلك سيكون خطأ».

فلسطينيون نازحون لجأوا أمس إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة خوفاً من الغارات الإسرائيلية التي يتعرض لها القطاع (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، قال دبلوماسي كبير بالاتحاد الأوروبي: إنه يمكن التوصل إلى أرضية مشتركة بشأن «هدنة إنسانية قصيرة» للسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة. وجاء كلامه في وقت دعا رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إلى «توقف لفترات محددة» في العمليات العسكرية للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، دون تنفيذ وقف لإطلاق النار، وفي وقت شرع دبلوماسيون من الدول العشر غير الدائمة العضوية في مجلس الأمن في إعداد مشروع قرار وسطي يطالب بـ«هدنة إنسانية»، وسط الخلافات المستحكمة بين كل من الولايات المتحدة وروسيا على المقاربة التي ينبغي استخدامها دبلوماسياً في التعامل مع الحرب بين إسرائيل و«حماس» في غزة.

وحذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من أنها ستضطر إلى وقف عملياتها الإغاثية في قطاع غزة «إذا لم نحصل على الوقود بشكل عاجل»، محذرة من أن عملياتها وصلت حد الانهيار.


مقالات ذات صلة

العالم العربي «حماس» تقول إن مصير الرهائن المحتجزين لدى الحركة مرهون بتقدم الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)

«حماس»: مصير بعض الرهائن مرهون بتقدم الجيش الإسرائيلي في بعض المناطق

قال أبو عبيدة، المتحدث باسم «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، إن مصير الرهائن مرهون بتقدم الجيش الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المحكمة المركزية في تل أبيب... 23 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

نتنياهو: هناك تقدم فيما يتعلق بمفاوضات الرهائن

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الاثنين)، إنه تم إحراز تقدم في المفاوضات الجارية مع حركة «حماس» بشأن الرهائن المحتجزين في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي مدرّعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) (أ.ف.ب)

«يونيفيل» تطلب من الجيش الإسرائيلي تسريع انسحابه من جنوب لبنان

حضَّت قوة «يونيفيل» في لبنان الجيش الإسرائيلي على تسريع انسحابه من جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

ميقاتي: الجيش سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الاثنين، إن الجيش اللبناني سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد انسحاب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مصر: «الحوار الوطني» لتوسيع مناقشات إعادة هيكلة الدعم

جانب من اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني المصري (الحوار الوطني)
جانب من اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني المصري (الحوار الوطني)
TT

مصر: «الحوار الوطني» لتوسيع مناقشات إعادة هيكلة الدعم

جانب من اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني المصري (الحوار الوطني)
جانب من اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني المصري (الحوار الوطني)

في حين تواصلت النقاشات في مصر على مدار الأشهر الماضية حول إعادة هيكلة منظومة الدعم الحكومي المُقدّم إلى المواطنين، في ظل توجه حكومي بالتحول من نظام دعم «عيني» إلى نظام «نقدي» بداعي «ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه»؛ يعتزم «الحوار الوطني» المصري توسيع دائرة تلك المناقشات، مناشداً الحكومة المصرية «التمهل» في اتخاذ أي إجراءات تتعلق بمسألة الدعم.

وتُطبِّق الحكومة المصرية، منذ عقود طويلة، منظومة تموينية لتوزيع السلع الأساسية بأسعار مدعومة، بينها: الخبز، والزيت، والسكر، تُصرف شهرياً من خلال «بطاقات التموين». لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لتلك المنظومة على الموازنة العامة، في ظل استفادة نحو 63 مليون مواطن منها، حسب بيانات مجلس الوزراء.

وأعلنت الحكومة المصرية، قبل نحو شهرين، اعتزامها إجراء تعديلات جذرية على نظام الدعم المُقدّم إلى مواطنيها، يتضمّن التحول من نظام «الدعم العيني» إلى «النقدي» أو «الدعم النقدي المشروط».

الخبز من أهم سلع المنظومة التموينية المدعمة في مصر (محافظة المنيا)

وأعلن مجلس أمناء الحوار الوطني مستجدات مناقشاته لمسألة الدعم، قائلاً في بيان إنه عقد اجتماعاً، السبت، استعرض خلاله موقف مناقشة جلسات الحوار الوطني لقضية الدعم، بعد استكمال تلقي الأمانة الفنية مقترحات القوى السياسية والأهلية والخبراء والمواطنين حولها.

وكانت الأمانة الفنية للحوار الوطني قد انتهت من استقبال المقترحات والتصورات المكتوبة حول مسألة الدعم، من جميع الكيانات والجهات والخبراء المتخصصين والقوى السياسية، حتى يوم 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأكد البيان أن «جلسات الحوار الوطني حول تفاصيل هذه القضية المحورية لغالبية الشعب المصري في طور الإعدادات النهائية، لتبدأ فور اكتمالها جلسات الحوار حولها، العامة والعلنية، والمتخصصة والفنية، بمشاركة مختلف القوى السياسية والأهلية والنقابيّة والشبابية».

وأهاب مجلس الأمناء بالحكومة في ظل أهمية هذه القضية، والحرص المعلن والمتكرر لرئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي على استفادة الحكومة بما سينتهي إليه الحوار الوطني بشأنها، «التمهل في اتخاذ أي إجراءات بخصوصها، حتى ينتهي الحوار من مناقشتها وصياغة التوصيات النهائية لها، في موعد سيعلن عنه لاحقاً وقريباً».

ووفق تصريحات سابقة لرئيس الوزراء، فإنه قد يبدأ التحول من دعم السلع الأوّلية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة للفئات الأولى بالرعاية مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025، شرط حدوث «توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في جلسات الحوار الوطني».

وفي أغسطس (آب) الماضي، قال وزير التموين المصري، شريف فاروق، إن الحكومة المصرية «تنتظر ردود الفعل من الحوار الوطني بشأن التحول لمنظومة الدعم النقدي»، وأضاف أن «هناك أفكاراً مطروحة على الحكومة والمشاركين في الحوار، منها التحول لدعم نقدي كامل أو نقدي مشروط، لكن لم يتم اتخاذ قرار بشأنها حالياً».

عضو مجلس أمناء الحوار الوطني المصري جمال الكشكي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمانة الفنية للحوار تلقت العديد من الاقتراحات من خبراء ومتخصصين ومواطنين وجهات متخصصة فيما يتعلق بمسألة الدعم، وسوف نناقشها خلال الأيام المقبلة؛ حيث سنقوم بتنظيم بعض الجلسات النقاشية التي يشارك فيها متخصصون وخبراء ومطلعون على هذا الملف، للخروج بتوصيات، وسواء كانت توصيات مؤيدة أو رافضة للتحول في شكل الدعم، فسوف يتم رفعها إلى رئيس الجمهورية».

كان الحوار الوطني قد تعهد بمناقشة قضية الدعم بـ«تجرد وحياد كاملين»، دون الميل إلى تطبيق أحد النظامين «العيني أو النقدي»، وأن يكون دوره «توفير بيئة حوارية تتسع لمشاركة كل الآراء والمقترحات»، على أن يجري الوصول إلى توصيات تعبّر عن جميع مدارس الفكر والعمل في مصر، يتم رفعها لرئيس الجمهورية.

ويشير عضو مجلس أمناء الحوار الوطني إلى أن «مناشدة الحكومة التمهل لا تحمل أي تأويل أو اتجاه بشأن مسألة الدعم، فالتمهل هنا مناشدة لكي نأخذ وقتنا في النقاش المعمق حول هذا الملف، وبهدف إعطاء الحوار الوطني فرصته ووقته للتوصل إلى نتائج تصب في مصلحة المواطن»، لافتاً إلى أن الجلسات يُنتظر أن تبدأ مع مطلع العام الجديد، وقد تتواصل على مدار شهر أو شهر ونصف الشهر.

ويؤكد الكشكي أن هناك تنسيقاً مع الحكومة في تلك النقطة، وذلك لكون المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، هو رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني، وبالتالي هو همزة الوصل بين الحكومة وإدارة الحوار الوطني، بما يؤكد التنسيق بينهما.

ورحبت قوى سياسية بما أعلنه الحوار الوطني بشأن مسألة الدعم، كونها تمثل حجر الزاوية في تحسين حياة المصريين. ودعا رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، الحكومة إلى التريث في اتخاذ أي قرارات تتعلق بالدعم حتى انتهاء جلسات الحوار الوطني وصدور توصياتها النهائية.

وقال الشهابي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حزبه على استعداد للمشاركة الفعالة في جلسات الحوار الوطني المرتقبة، إلى جانب الخبراء والمتخصصين، بهدف بلورة توصيات وصياغة رؤى لتحقيق أهداف الحوار الوطني، شرط أن تجري تلك الجلسات بشفافية وحرية ومن دون خطوط حمراء، ودعوة كل مكونات المجتمع المصري للمشاركة في هذه المناقشات».

هنا، يؤكد الكشكي أن مجلس أمناء الحوار يسعى لتوسيع المناقشات وضمان مشاركة فعالة من مختلف الأطراف في الجلسات العامة والعلنية والمتخصصة، فالجلسات النقاشية الأولى للحوار شهدت مشاركة جميع الأطياف السياسية، ومجلس الأمناء حريص على ذلك، ولأننا أمام قضية متخصصة، فبالتالي ستكون هناك مشاركة من المتخصصين من كل الألوان السياسية للتعبير عن كل الاتجاهات الاقتصادية.