خبراء: «المنظمة العالمية للمياه» خطوة مهمة للأمن المائي والاستدامة البيئية

أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن ازدياد سكان العالم والاحتباس الحراري أبرز تحديات القطاع

محطات تحلية في جدة (الشرق الأوسط)
محطات تحلية في جدة (الشرق الأوسط)
TT

خبراء: «المنظمة العالمية للمياه» خطوة مهمة للأمن المائي والاستدامة البيئية

محطات تحلية في جدة (الشرق الأوسط)
محطات تحلية في جدة (الشرق الأوسط)

سلّط إعلان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي الأمير محمد بن سلمان، الاثنين، تأسيس منظمة عالمية للمياه في الرياض بهدف تطوير وتكامل جهود الدول والمنظمات لمعالجة تحديات المياه، الضوء على التحديات المائية التي برزت في السنوات الأخيرة.

وفق البيان الصادر من وكالة الأنباء السعودية، أتت مبادرة ولي العهد لتؤكد دور المملكة في التصدي لتحديات المياه حول العالم والتزامها بقضايا الاستدامة البيئية، وانطلاقاً مما قدمته على مدار عقود من تجربة عالمية رائدة في إنتاج المياه ونقلها وتوزيعها.

وستعمل المنظمة على تحقيق أهدافها مع الدول التي تواجه تحدياتٍ في موضوع المياه، وتولي المشروعات المتعلقة بها أولوية في أجندتها الوطنية، بالإضافة إلى الدول التي تملك خبرات ومساهمات فاعلة في حلول المياه، نظراً لتوقعات تضاعف الطلب العالمي على المياه بحلول 2050 نتيجةً لوصول عدد سكان العالم إلى 9.8 مليارات نسمة، وفق التقديرات العالمية.

وقدمت السعودية تمويلات تجاوزت 6 مليارات دولار لدول في 4 قارات حول العالم، لصالح مشروعات المياه والصرف الصحي. ووفقاً للبيان، «تتطلع الرياض بالتعاون مع الدول الأعضاء إلى المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الرامية إلى ضمان وفرة المياه وتحقيق الأثر الشامل».

وتعد الأمم المتحدة أن المياه هي في قلب التنمية المستدامة، وهي ضرورية للتنمية الاقتصادية الاجتماعية، والطاقة، وإنتاج الغذاء، وسلامة النظم الإيكولوجية وبقاء الإنسان. كما أن المياه كذلك في صلب عملية التكيف مع تغير المناخ، حيث تضطلع بدور الرابط بين المجتمع والبيئة.

وهذا ما يؤكد على أهمية إنشاء المنظمة بهدف حماية الأمن المائي على اعتبار أن المياه جزءٌ لا يتجزأ من الأمن القومي العربي والدولي.

المبادرة السعودية استبقت الأحداث

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الباحث في إدارة مصادر المياه بدر السعيد، إن المبادرة السعودية استبقت الأحداث، حيث من المنتظر أن تكون منظمة المياه العالمية رائدة في تقديم الحلول من خلال الاستفادة من العلوم والتجارب العالمية الناجحة. وأضاف: «لا شك أن إحدى هذه التجارب المطلوب تعميمها تجربة المملكة في إنتاج وتوصيل المياه رغم أنها دولة صحراوية. ومع ذلك تعد من أعلى الدول نسبةً في توصيل المياه إلى سكانها نتيجةً لاهتمامها بالتقنيات الجديدة وكذلك بالبنية التحتية المميزة».

وأوضح السعيد أنه حسب تقارير الأمم المتحدة لعام 2022، فإن ربع سكان الأرض (ما يقارب ملياري نسمة)، لا يحظون بمصدر آمن للمياه، كما أن نصف السكان (ما يقارب الأربع مليارات نسمة)، يعانون من شح المياه الموجودة وانقطاعها في فترات مختلفة سنوياً، لافتاً إلى أن هذا الازدياد المضطرد في عدد سكان العالم لا يتناسب مع محدودية مصادر المياه.

تحديات القطاع المائي

وتعد ظاهرة الاحتباس الحراري أحد أبرز التحديات التي يواجهها القطاع المائي، والتي بدورها تسببت في ذوبان جبال الجليد الواقعة بين القطبين الشمالي والجنوبي، بسبب ازدياد حرارة الكرة الأرضية بشكل عام، مما أدى إلى ارتفاع مستوى منسوب مياه البحار على السواحل. ونتيجةً لذلك، تتسرب مياه البحار المالحة إلى المياه الجوفية العذبة المحدودة، وبشكل يرفع من مستوى ملوحتها ويفسد عذوبتها. كما تسبّب الاحتباس الحراري في ظاهرة تغير المناخ وما تبعها من ازدياد لحالات الجفاف في العالم، وكذلك العواصف والفيضانات، بصورة تجعل الاستفادة من مياه الأمطار أمراً صعباً، حسبما أشار الباحث بدر السعيد.

بالإضافة إلى ذلك، أكّد السعيد أن ظاهرة تلوث المياه تعد «أحد التحديات التي يشهدها القطاع، بسبب الأنشطة الصناعية المتعددة المحتاجة للمياه بشكل أو بآخر، كتسرب المياه عالية التلوث والمخصصة لتبريد المفاعلات النووية، وكذلك الأنشطة الزراعية وما تشمله من أسمدة كيميائية تتضرر منها المياه الجوفية والسطحية على حد سواء».

مساهمة مياه البحر والأمطار

وفيما يخص معالجة تلك التحديات بالتقنية والابتكار، أوضح السعيد أن تجربة تحلية مياه البحر المالحة كانت من التقنيات المكلفة، إلا أنها شهدت تقدماً كبيراً بفضل الأبحاث والابتكارات في خفض تكلفتها الاقتصادية، مما جعل العالم يعرف أن لا مناص من اعتمادها أو تعميم استفادتها من تجارب الدول الناجحة فيها كالمملكة.

كما يمكن الاستفادة من التقنيات الجديدة المساعِدة على حصد مياه الأمطار، وتدوير وإعادة استخدام المياه الرمادية شبه النظيفة بدلاً من توجيهها إلى شبكات الصرف الصحي بشكل مباشر، وذلك من خلال تطوير وسائل فعالة يسهل تركيبها واستخدامها في البيوت وكذلك المباني السكنية الكبيرة.

25 % من إنتاج الوقود السعودي يُستهلك لإنتاج المياه المحلاة

من جهته، قال الأكاديمي والمختص في البيئة الدكتور فرحان الجعيدي، إن إعلان السعودية تأسيس «منظمة المياه العالمية»، خطوة إيجابية تصب في مصلحة الاستدامة البيئية، التي تسعى من خلالها المملكة إلى تكامل الجهود إقليمياً وعالمياً، للاستفادة من التجارب والتقنيات المتطورة، في ظل شح المياه والطلب المتزايد عليها.

وأضاف الجعيدي أن العالم مقبل على تحديات كبيرة، سواء على مستوى التغير المناخي أو على مستوى ندرة المياه، وستعمل المنظمة على مواجهة تلك التحديات، بأفكار ورؤى وخبرات وكذلك جهود تقنية مبتكرة.

وأوضح الجعيدي أن السعودية هي الأولى عالمياً في الطاقة الإنتاجية للمياه المحلاة، وباستهلاك ما يقارب 25 في المائة من إنتاج الوقود في الرياض، منوهًا بأن احتياج المياه بشكل عام يقارب الـ25 مليار متر مكعب سنوياً، ومن المتوقع أن يتزايد الطلب مستقبلًا.

القطاع الزراعي الأكثر استهلاكاً للمياه

بدأت الجهود السعودية لمواجهة تحدي القطاع المائي في يناير (كانون الثاني) من عام 2018، حين تم إقرار الاستراتيجية الوطنية للمياه، التي تهدف إلى ضمان الوصول المستمر إلى كميات كافية من المياه المؤمنة في الحالات العادية، وفي حالات الطوارئ، والمحافظة على موارد المياه وتحسين استخدامها إلى جانب المساهمة الإيجابية للقطاع في الاقتصاد الوطني، من خلال توطين القدرات والابتكار، وتعزيز الحوكمة الفعالية.

وتتمثل رؤية الاستراتيجية الوطنية للمياه في تنمية الموارد المائية والمحافظة عليها إلى جانب توفير إمدادات آمنة وخدمات عالية الجودة وكفاءة تسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ويعد القطاع الزراعي في السعودية الأكثر استهلاكاً، بنسبة 84 في المائة.

وتتضمن الاستراتيجية 10 برامج مختلفة، بعضها في إدارة الموارد المائية وجاهزية القطاع لإدارة حالات الطوارئ والأخرى في البحث والتطوير وبناء القدرات وإعادة هيكلة عدد من مؤسسات الدولة المشاركة في القطاع، وإشراك القطاع الخاص.


مقالات ذات صلة

حملة مصرية كبرى لترشيد المياه بموازاة تصاعد نزاع «السد الإثيوبي»

شمال افريقيا تواضروس الثاني خلال استقباله وزيرَي الموارد المائية والأوقاف للمشاركة في حملة ترشيد استهلاك المياه (وزارة الموارد المائية المصرية)

حملة مصرية كبرى لترشيد المياه بموازاة تصاعد نزاع «السد الإثيوبي»

تستعد مصر لإطلاق حملة كبرى في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لترشيد الاستهلاك المحلي من المياه، بمشاركة علماء في الأزهر والكنيسة.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من آخر جولة مفاوضات بشأن «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا في ديسمبر الماضي (الري المصرية)

مصر تعوّل على تعيين «مبعوث أممي» لمواجهة «الندرة المائية»

تعوّل مصر على تعيين «مبعوث أممي للمياه» لمواجهة «الندرة المائية» التي تعانيها البلاد.

عصام فضل (القاهرة)
الولايات المتحدة​ ريتنو مارسودي (الشرق الأوسط)

الأمين العام للأمم المتحدة يعين مبعوثة خاصة للمياه

عين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الإندونيسية ريتنو ال بي مارسودي، مبعوثة خاصة له حول المياه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي أرشيفية لمزارع عراقي على مركبه في ذي قار بالأهوار (أ.ف.ب)

موجة جفاف كبيرة تضرب أهوار العراق وخشية من هجرة سكانها

تزداد التحذيرات الرسمية والشعبية من مخاطر جفاف معظم مناطق الأهوار الجنوبية في العراق وما ينجم عن ذلك من هجرة سكانها واندثار النظام البيئي.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية جندي تركي مشارك في عملية «المخلب - القفل» شمال العراق (وزارة الدفاع التركية)

أنقرة وبغداد إلى «اجتماع أمني رابع» لتعزيز التعاون

قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن الاجتماع الرابع للآلية الأمنية المشتركة بين تركيا والعراق سيعقد في أنقرة الأسبوع المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

أميركا: حل الأزمة في لبنان قوي تحميه قوة شرعية

السفير روبرت وود نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة (حساب البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة على منصة «إكس»)
السفير روبرت وود نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة (حساب البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة على منصة «إكس»)
TT

أميركا: حل الأزمة في لبنان قوي تحميه قوة شرعية

السفير روبرت وود نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة (حساب البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة على منصة «إكس»)
السفير روبرت وود نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة (حساب البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة على منصة «إكس»)

قال السفير روبرت وود، نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، الخميس، إن حل الأزمة هو أن يكون لبنان قوياً وأن يتمتع بسيادة حقيقية محمية بقوة أمنية شرعية، تتمثل في القوات المسلحة اللبنانية.

وأضاف وود، في جلسة لمجلس الأمن الدولي في نيويورك حول الوضع في لبنان: «يجب أن يركز المجتمع الدولي على المساعدة في تعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية حتى تتمكن من ممارسة السيطرة الفعالة على أراضي لبنان».

وتابع: «إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها ضد (حزب الله) وإعادة سكان الشمال إلى منازلهم، لكن يجب عليها تقليل الخسائر وسط المدنيين، خاصة في الأماكن المكتظة بالسكان في بيروت».

وأشار إلى أن بلاده تعرب عن قلقها من «التقارير عن مقتل مئات من المدنيين في لبنان خلال الأيام الأخيرة، بما فيهم الأطفال والعاملون في المجال الطبي»، وأعاد التأكيد على «ضرورة التزام كل الأطراف بتفادي استهداف المدنيين والمنشآت المدنية».

وأعلنت إسرائيل منتصف الشهر الماضي نقل «الثقل العسكري» إلى الجبهة الشمالية. وبدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول) تكثيف غاراتها الجوية، خصوصاً في مناطق تعدّ معاقل لـ«حزب الله» في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت.

وأعلنت إسرائيل أنها بدأت في 30 سبتمبر (أيلول) عمليات «برية محدودة وموضعية ومحددة الهدف» في جنوب لبنان، تستهدف «بنى تحتية» عائدة لـ«حزب الله».