احتفى المتحف القومي للحضارة المصرية بتراث وعادات وتقاليد مدينة القصير بمحافظة البحر الأحمر، في فعالية حملت عنوان: «القصير... مدينة البحر والتاريخ»، ضمن النسخة الحادية عشرة من مبادرة محافظات مصر التي يتبناها المتحف بالتعاون مع مشروع «وجهات وحكايات»، بهدف إبراز التراث المتنوع للمدن المصرية، وتسليط الضوء على تاريخها العريق، وموروثها الطبيعي، والثقافي.
وتمتد الجذور التاريخية لمدينة القصير باعتبارها واحدة من أبرز المدن الساحلية بمصر لآلاف السنين، ووفق بيان للمتحف، لعبت المدينة دوراً محورياً عبر العصور المصرية القديمة، والرومانية، والإسلامية باعتبارها من أهم المواني التجارية، ومسارات الحج البحرية.
وتبعد مدينة القصير عن القاهرة نحو 600 كيلومتر في اتجاه الجنوب الشرقي، وتضم العديد من الآثار التاريخية التي يعود بعضها للعصور القديمة، بالإضافة إلى قلعتها الشهيرة التي تعود للعصر العثماني، واتخذت وزارة السياحة والآثار خطوات لترميمها، وتجديدها عام 2018، وتعدّ المدينة منتجعاً ساحلياً على البحر الأحمر، وتشتهر بجذبها للسياحة الشاطئية.
وتأتي فعالية «القصير... مدينة البحر والتاريخ» في إطار رؤية المتحف القومي للحضارة، لتعزيز الوعي بالتراث المصري المتنوع في مختلف محافظات الجمهورية. وفق تصريحات للرئيس التنفيذي لهيئة المتحف، الدكتور الطيب عباس، موضحاً أن «مدينة القصير تمثل نموذجاً حيّاً للمدن التي تحمل ذاكرة حضارية متصلة عبر الزمن»، ولفت إلى أن مبادرة محافظات مصر تستهدف ربط الجمهور بجذور هذه المدن، وإبراز ثراء تراثها، وحِرَفها، وثقافتها الأصيلة.
وتضمنت الفعالية أنشطة، وبرامج عدة تعكس عمق التراث المحلي لمدينة القصير؛ حيث شهد الزوار عروضاً حيّة للحرف التقليدية شملت مشغولات الجلود الطبيعية، والحُلي، والصَّدَف، والكليم اليدوي، إلى جانب ورش تفاعلية للتعريف بأسرار هذه الحرف، وفنونها.
وتضمنت الفعالية أيضاً معرضاً للصور الفوتوغرافية للمعالم التاريخية، والمظاهر الاجتماعية، والحرف الأصيلة في مدينة القصير.
وشهدت الفعالية عرضاً تعريفياً للأزياء التقليدية، باعتبارها من أهم ملامح الهوية المحلية للمدينة، بالإضافة إلى ورشة لصناعة آلة السمسِمية، وصاحبتها حكايات عن تاريخ هذه الآلة، ودورها في التراث الموسيقي بالمدينة.

وكانت مصر قد نجحت بالاشتراك مع السعودية في تسجيل «صناعة وعزف آلة السمسمية» في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للبشرية بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، نظراً لانتشار الآلة وفنونها في مدن القناة، والبحر الأحمر المصرية، وكذلك انتشارها في المدن الساحلية، ومنطقة تبوك شمال غربي المملكة.
وخلال فعالية «القصير... مدينة البحر والتاريخ» قدمت قبائل العبابدة مجموعة من الفقرات التراثية التي أبرزت طابعهم الثقافي، تضمنت رسم الحناء، واستعراض الزي التقليدي للسيدات، إلى جانب التعريف بمشروب الجبنّة التراثي، وعروض حيّة للأكلات، والمشروبات التقليدية التي تشتهر بها القصير، من بينها عيش الحُوح، بالإضافة إلى فقرة موسيقية للعزف على آلة السمسِمية للفنان عمرو الراوي».
وشارك الأطفال والشباب في ورش للرسم على القماش باستخدام رموز مستوحاة من التراث البحري تحت إشراف الفنانة جرمين جورج، إلى جانب ورشة صناعة الكليم بالنول اليدوي القديم قدمتها زينب شحاتة.
وسبق أن قدمت مبادرة «محافظات مصر» نماذج للاحتفاء بالهوية المصرية في مختلف المحافظات، من بينها فعالية نظمتها في مايو (أيار) احتفاء بالتراث الفلاحي في مصر، عبر اختيار محافظة من قلب الدلتا، ورصد أبعادها التراثية، تحت عنوان: «ملامح من المنوفية»، كما نظم المتحف في أغسطس (آب) الماضي فعالية «قنا ذاكرة الجنوب»، لإبراز تراث الصعيد.

