أطلق علماء الحفاظ على البيئة وعلماء من المواطنين في لندن حملة جديدة لحماية حلزون نادر يُعرَف بـ«الحلزون الألماني المُشعِر»، وهو كائن صغير «ساحر» سُمّي بهذا الاسم بسبب وجود شَعر خفيف دقيق يغطّي قوقعته، ويُعدّ من أكثر أنواع الرخويات المُعرَّضة لخطر الانقراض.
وقد استوطن بريطانيا منذ آلاف السنوات، وفق «الإندبندنت»، ويعيش هذا المخلوق الصغير البالغ حجمه حجم الإصبع حالياً في أجزاء مُتباعدة من موطنه الطبيعي التاريخي الرطب على ضفاف نهر التيمس بشكل استثنائي.
وتُساعد الشعيرات الدقيقة التي تكسو قوقعته المستديرة النحيفة على حفظ الرطوبة، بما يضمن بقاء الإفرازات اللزجة لاصقة بما يكفي لتمكينه من التشبُّث بالمخلّفات الزلقة والنباتات التي يتغذَّى عليها على ضفاف النهر. وبدأ فريق المشروع، بقيادة «سيتيزن زو» وجمعية «علم الحيوان في لندن»، سلسلةً من المسوحات العلمية لفهم توزيع هذا النوع عبر العاصمة بشكل أفضل، والتوصُّل إلى خطّة للحفاظ عليه.
ويبحث الفريق طوال الأشهر القليلة الماضية عن هذا النوع في مواقع معروفة وأخرى يُحتمل وجوده فيها بالقرب من النهر، ومن بينها نيوهام وريتشموند أبون تيمز وبارنت. ويأمل في تكوين صورة أوضح عن نطاق انتشار هذا الحلزون حالياً في بريطانيا، وتحديد كيفية إسهام إجراءات مثل استعادة بيئته الطبيعية، والحدّ من التلوّث، ونقل مجموعات منه بعناية بين المواقع، في استعادة أعداده السابقة.
وفي هذا السياق، قال مدير برنامج الحفاظ على البيئة في المياه العذبة بجمعية «علم الحيوان في لندن»، جو بيكوريلي: «لقد عاش هذا الحلزون الصغير الساحر على ضفاف أنهرنا ومسطّحاتنا الرطبة لآلاف السنوات، لكنه بات اليوم نادراً جداً في بريطانيا، وربما لا يُرى إلا في مواقع قليلة على طول نهر التيمس». وأضاف أنّ المسوحات الحالية ستُساعد على فَهْم وضعه الحقيقي وسبل حمايته الممكنة، ليس فقط من أجل تأمين مستقبله خلال السنوات المقبلة، بل أيضاً من أجل الإسهام في حماية المساحات الخضراء في لندن لمصلحة الحياة البرّية والأجيال المقبلة.
ويُدرَج الحلزون الألماني المشعِر ضمن الأنواع ذات الأولوية في خطّة عمل لندن للتنوّع البيولوجي. ورغم تسجيله للمرّة الأولى في بريطانيا عام 1982، فإن بقايا متحجِّرة تشير إلى أنه عاش في البلاد منذ العصر الحجري على الأقل، وربما منذ العصر الجليدي الأخير، حين كانت بريطانيا متّصلة بأوروبا القارّية، وكان نهر التيمس لا يزال مرتبطاً بنهر الراين، أطول نهر في ألمانيا، الذي يصبُّ حالياً في بحر الشمال.
ويسعى الفريق، من خلال فَهْم المواقع التي لا تزال تحتضن هذا الحلزون النادر، إلى ضمان بقائه واتّخاذ إجراءات لحماية وتجديد موائله النهرية في العاصمة، بما يسمح بدعم مزيد من الأنواع المحلية الأخرى التي تعيش في المجاري المائية بالمدينة مثل فأر الماء، واليعاسيب، وطيور الرفراف، وفق نشطاء الحفاظ على البيئة.
من جهته، قال مدير برنامج إعادة الحياة البرية في «سيتيزن زو»، إليوت نيوتن، إنّ هذا الحلزون «يُلهم الخيال وينبّه الناس إلى التنوُّع البيولوجي الغني الذي يمكن أن يزدهر في لندن الكبرى». وأضاف أنّ هذا يُذكّر بالطبيعة المذهلة التي تحيط بنا.
وأوضح: «توضح المسوحات كيف يمكن أن يُساعد العمل المشترك في أنحاء العاصمة مع كثير من الشركاء، وتمكين المجتمعات المحلّية في فَهْم أعمق للتنوّع البيولوجي الخفي في لندن واتخاذ خطوات لحمايته».
ويجري المشروع بالشراكة مع «صندوق الحياة البرية في لندن» وجمعية «كونكولوجيكال لبريطانيا العظمى وآيرلندا»، ومؤسّسة «المعلومات الخضراء للندن الكبرى»، وهيئة ميناء لندن، وبدعم مالي من جمعية «ثيمز 21» وجمعية «كونكولوجيكال».

