تمكّن فريق بحثي في جامعة تورنتو الكندية من ابتكار مادة مركبة جديدة تجمع بين خفة الوزن وقوة التحمل العالية، مما قد يحدث ثورة في صناعة المركبات والطائرات.
وأوضح الباحثون أن المادة المصممة من سبائك معدنية مختلفة وجسيمات نانوية دقيقة تحاكي على المستوى المجهري هيكل الخرسانة المُسّلحة، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية (Nature Communications).
وبينما يظل الصلب المادة الأساسية في القطارات والسيارات، يتميز الألمنيوم بخفة وزنه، مما يجعله مثالياً للطائرات. ويعني تقليل وزن المكونات مع الحفاظ على قوتها استهلاك طاقة أقل، وبالتالي تحسين كفاءة الوقود، وهو أمر بالغ الأهمية في الطيران.
لكن الألمنيوم التقليدي يواجه مشكلة تراجع أدائه مع ارتفاع درجات الحرارة، حيث تصبح مكوناته أقل مقاومة، مما يجعله غير مناسب للعديد من التطبيقات.
لتجاوز هذه المشكلة، صمّم الفريق مركباً معدنياً يحاكي هيكل الخرسانة المسلحة، حيث يشكل إطاراً من سبائك التيتانيوم ما يشبه حديد التسليح، بينما تملأ الفراغات بمصفوفة من الألمنيوم والسيليكون والمغنيسيوم، تعمل مثل «الأسمنت» لتثبيت الهيكل معاً.
وأضاف الباحثون أيضاً جزيئات دقيقة من الألومينا ونانوترسيبات السيليكون لتعزيز القوة، مشابهة للركام في الخرسانة. وحسب الفريق، خضع المركب الجديد لاختبارات مكثفة أظهرت أن قوته عند درجة حرارة الغرفة تصل إلى نحو 700 ميغاباسكال، مقارنةً بـ100-150 ميغاباسكال للألمنيوم التقليدي.
أما عند 500 درجة مئوية، فتبقى القوة 300-400 ميغاباسكال، مقارنةً بنحو 5 ميغاباسكال للألمنيوم التقليدي، ويعني ذلك أن أداء المركب الجديد يقارب أداء الصلب المتوسط الوزن، لكنه أخف بنحو الثلث.
وأظهرت المحاكاة الحاسوبية أن المادة تتحمل الحرارة العالية بفضل آلية جديدة للتشوه أطلق عليها الباحثون اسم «التوأمة المعززة»، والتي تساعد في الحفاظ على القوة حتى في الظروف القاسية.
وأشار الفريق إلى أن الوزن الأخف مع القوة العالية يعني تحسين كفاءة الوقود وتقليل استهلاك الطاقة في الطائرات والمركبات عالية الأداء، مما يسهم في تقليل التكاليف البيئية والاقتصادية للنقل. وأضافوا أن المادة الجديدة تتغلب على مشكلة تراجع قوة الألمنيوم عند ارتفاع درجات الحرارة، وهو القيد الذي كان يحد من استخدام الألمنيوم في التطبيقات القاسية، مما يوسع نطاق استخدامه بشكل كبير في الظروف الصعبة والمتطلبات الهندسية العالية.
ولفت الباحثون إلى أن المادة قد تحتاج إلى بعض الوقت قبل إنتاجها على نطاق واسع، لكنها تمثل خطوة كبيرة نحو تطوير مركبات أخف وزناً وأكثر قوة وكفاءة، سواء في صناعة السيارات أو الطيران. ومع توسع استخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد والتصنيع المتقدم، يتوقع الباحثون انخفاض تكلفة الإنتاج مستقبلاً، مما يجعل هذه المادة خياراً واعداً للتطبيقات عالية الأداء. ونوه الفريق بأن هذا الابتكار يمهد الطريق لمركبات أكثر كفاءة، وأماناً، وقوة، مع تقليل استهلاك الطاقة وتحسين الأداء البيئي في النقل الجوي والبرّي.





