بعد أكثر من 3 آلاف عام أمضتها مطمورةً في الطمي، خرجت 3 زوارق نادرة من العهدَيْن البرونزي والحديدي إلى الضوء، كاشفةً تفاصيل جديدة عن ملامح الحياة في عصور ما قبل التاريخ.
الزوارق التي اكتُشفت مع 6 أخرى في مقلع بكامبريدجشير قبل 13 عاماً، تُعد أكبر مجموعة من قوارب ما قبل التاريخ يُعثر عليها في موقع واحد بالمملكة المتحدة، وفق «الغارديان». وقد وُجدت في حالة حفظ جيدة لافتة، حتى إنّ أحدها لا يزال قادراً على الطفو.
وبعد عمليات ترميم مطوَّلة، عُرضت 3 منها للعموم للمرة الأولى، الجمعة. أما البقية فتخضع لبرنامج صيانة متخصّص في منشأة حديثة بمنتزه «فلاغ فين» الأثري، بإشراف «مؤسّسة يورك لعلم الآثار» وبلدية بيتربره.
استُخدمت الزوارق من قاع مجرى مائي قديم مطموس في موقع «ماست فارم» قرب ويتلسي. ويُقدِّر علماء الآثار عمرها بين 2500 و3500 عام، مُوضحين أنها تُقدّم معلومات ثمينة حول تقنيات النجارة وبناء القوارب ووسائل النقل في تلك العصور.
وأظهرت التحاليل نوع الأخشاب المُستخدمة وطرق القطع والأدوات التي استعان بها صانعوها؛ إذ تُنحَت هذه الزوارق من جذوع أشجار مجوّفة بالكامل. الزوارق الثلاثة المعروضة تشمل زورقاً من البلوط طوله 6.3 متر من العصر البرونزي الأوسط يحمل آثار حرق داخله، وقطعة بطول 2.2 متر من زورق آخر يتضمّن إصلاحاً دقيقاً في هيكله، وجزءاً بطول 0.8 متر من زورق أقدم مصنوع من خشب القيقب.
وقالت الباحثة في «وحدة علم آثار كامبريدج»، أيونا روبنسون زيكي، إنّ هذه الزوارق «اكتشاف مذهل»، مُضيفةً: «هذه القوارب البسيطة ذات الفاعلية العالية استُخدمت لعبور الأنهر في الأراضي الرطبة لنحو ألف عام. ويمكننا رؤية مهارة الحرفيين في كيفية استغلال أنواع وأحجام مختلفة من الأشجار لبناء قوارب تتراوح بين زوارق صغيرة سريعة المناورة وأخرى طويلة أشبه بقوارب الصيد الهادئة».

وأوضحت أنّ المنطقة أصبحت أكثر رطوبةً تدريجياً مع ارتفاع منسوب المياه الجوفية، مما جعل القوارب الوسيلة الرئيسة لنقل البضائع. وتشير حالة بعض الزوارق إلى أنها حُفِظت في المياه لمنع تشقّقها بانتظار إعادة استخدامها، بينما يبدو أنّ أخرى وصلت إلى نهاية عمرها التشغيلي.
وقد موَّلت مشروع الترميم شركة «فورتيرا»، مالكة الموقع، إلى جانب «هيستوريك إنغلند» وبلدية بيتربره. وقالت المديرة العامة لمنتزه «فلاق فين» جاكلين موني: «هذا العرض الأثري يشكّل إعادة اتصال قوية مع الناس الذين عاشوا وعملوا وسافروا عبر هذه الأرض. نحن فخورون بأن نشارك هذا الفصل الاستثنائي من تاريخنا الإنساني المشترك، وقد بُعث إلى الحياة من خلال التنقيب والترميم والسرد الدقيق».

