«مقعد على المائدة»... الطعام والثقافة الإسلامية عبر العصور

معرض في متحف الفن الإسلامي بالدوحة يمزج التاريخ والجغرافيا مع النكهات

مدخل المعرض
مدخل المعرض
TT

«مقعد على المائدة»... الطعام والثقافة الإسلامية عبر العصور

مدخل المعرض
مدخل المعرض

«مقعد على المائدة... ثقافة الطعام في العالم الإسلامي»... عنوان جاذب يغري بالكثير من القطع الفنية الجميلة، وأيضاً بتصوير لأطعمة ومذاقات ميزت ثقافات العالم الإسلامي عبر العصور. ينجح المعرض المقام حالياً بمتحف الفن الإسلامي بالدوحة في منح الزائر مقعداً على المائدة في البيوت والأسواق والبازارات، وأيضاً في باحات القصور في عصور إسلامية ممتدة منذ مئات السنين حتى يومنا الحالي.

مجسمات حديثة للفنان عبد الرحمن الملا (الشرق الأوسط)

منجذبون بإغراءات متعددة، وصور في الخيال لأطباق وروائح ذكية، وقصص عن البهارات، وأساليب الطهي ندخل للمعرض، ونستكشف محتويات قاعاته الخمس. وبما أن المعرض مقام في متحف خصص للفن الإسلامي، فليس غريباً أن نجد قطعاً أثرية من مجموعة المتحف في كل جانب تعبر بالرسومات والنقوشات والخط المتألق بشذرات الذهب عن أثر الطعام في الحياة اليومية لمجتمعات قديمة، لا يكتفي العرض بتلك القطع القادمة من ورش أمهر الحرفيين في العصور الإسلامية، بل يمزج بينها وبين الوقت الحالي من خلال التقنية المتطورة، وأفلام الفيديو، والتركيبات الفنية التي تجذب الكبار والصغار.

الخبز والملح

نطلق جولتنا مع المعرض من خلال القاعة الأولى التي تحمل عنوان «الخبز والملح»، وهو عنوان يشمل أهم عناصر الغذاء وأصولها، وأيضاً يجسد التجمعات، والاحتفالات، والوجبات المشتركة. على المستوى الأول المجرد نتعامل هنا مع الخبز على أنه مكون رئيس على الموائد في معظم البلدان الإسلامية، يستخدم للتغميس، أو يفرش على الأطباق ليكون «قاعدة نشوية» لـ«يخنات»، ومشويات، وغيرهما. عبر أفلام الفيديو التي تستكشف أنواع الخبز في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وأسماءه المختلفة، نستكشف وصفات وطرقاً مختلفة لإعداده في الأفران، مثل التنور في سوريا، أو التندور في الهند وباكستان، وغيرها من المسميات. يستعين هذا القسم بشاشة عرض توضح تفاصيل صناعة الخبز لدى الجاليات المختلفة في قطر -مثل مصر وأفغانستان وإيران وتركيا واليمن- عبر أفلام أُنْتِجت خصيصاً لمصاحبة العرض.

ركن تعليمي ترفيهي للأطفال (الشرق الأوسط)

مشاهد لطيفة ومهمة في آنٍ واحد نلاحظها أثناء الجولة، وهي الأركان المخصصة للأطفال لاستكشاف معلومات عن الطعام، وبالفعل ينشغل عدد من الأطفال بالألعاب الموجودة.

الإيمان والطعام

في قسم مخصص للإيمان والطعام نرى قطعاً تعبر عن الأطعمة وذكرها في القرآن والمخطوطات، يستعين العرض هنا بمخطوطات أثرية تتحدث عن الثمار والفواكه والنباتات المذكورة في القرآن، ثم مخطوطات أخرى تصور النخلات المثمرة، وأهمية التمور في العادات الغذائية في الجزيرة العربية. يشير العرض إلى فترة ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي في منطقة تمثل مناخاً قاسياً أثر بالطبع على نوعية الغذاء المتوفر المحدود، وهو ما أدى إلى اعتماد التمور ومنتجات الألبان ولحوم الأغنام والإبل والماعز، بينما كان الخبز يصنع من الحبوب التي كانت تأتي بها القوافل التجارية، وهو ما سيأخذنا لاحقاً لقسم عن قوافل التجارة وأثرها في تنوع الأغذية.

مخطوطة «إنعام شريف» من الحقبة العثمانية القرن الـ19 (الشرق الأوسط)

يتحدث هذا الجانب من العرض عن الطقوس الغذائية في الأعياد الدينية ما بين شهر الصيام والإفطار وزكاة الفطر التي قد تتكون من الحبوب والأرز، أو المال، وفي عيد الأضحى حيث ترتبط الأضحية بمعناها الديني بألوان من الطعام الذي يحتفل به المسلمون.

البهارات

في قسم تتصدره شاشات عملاقة نصف دائرية ومنصة عرض تفاعلية نتعرف على البهارات المختلفة التي كانت تصل لبلدان العالم الإسلامي مع التجار والرحالة. يتمتع الزائر لهذا القسم بالقدرة على التعامل مع البهارات المختلفة عبر الشم والقراءة والمشاهدة، حيث نرى أقساماً مختلفة فيها حاويات تضم قطعاً من الجنزبيل والقرفة أو الفلفل الأسود، وغيرها، يمكن للزائر إزاحة كوة صغيرة فوق هذه البهارات للتعرف على رائحتها، وأيضاً بالضغط على زر تفاعلي يتجول عبر خريطة ضخمة للعالم يتوقف عند كل مكان ارتبط بالبهارات المختارة. التجربة هنا ممتعة، وتدخلنا في أجواء العرض بمهارة لنتعرف على أطباق جديدة، ونكهات وافدة على المائدة في العالم الإسلامي.

قسم البهارات... شم واكتشف (متاحف قطر-الصورة: خريسوفالانتيس لامبريانيذيس)

وإلى جانب البهارات يتحدث العرض عن الفواكه والخضراوات التي انتقلت بين الأسواق عبر التجارة مثل الباذنجان والطماطم، وهي مكونات أحدثت نقلات نوعية في مطابخ المدن المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وأصبحت أجزاء أساسية في أطباق عالمية شهيرة، حيث أدخلت التجارة كثيراً من المكونات الجديدة من الأميركتين وآسيا إلى أوروبا والشرق الأوسط، مثل اللوز والمشمش والبطيخ، والبطاطس والفلفل، وغيرها. وبحسب العرض فقد برز هذا التأثير على نحو خاص في القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي خلال العصر العباسي، ولاحقاً في القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي مع «اكتشاف» الأوروبيين للهند والأميركتين.

الطعام والدواء

يتطرق العرض هنا لأهمية الغذاء بوصفه وسيلة للاستشفاء، ونرى هنا بعض المخطوطات لعلماء مسلمين مثل ابن سينا الذي يعتبر «أبو الطب الحديث»، وهناك مخطوط باللغة اللاتينية مأخوذ من الكتاب العربي «تقويم الصحة» للطبيب ابن بطلان، وهو طبيب مسيحي من بغداد (توفي 1066) استند إلى مبادئ طبية قديمة من كتابات أرسطو وجالينوس وغيرهما، وقد ترجم الكتاب في أوروبا، وانتشر انتشاراً واسعاً، ويضم صوراً ورسومات ملونة للنباتات والأشجار والحيوانات والأطعمة الصالحة للأكل، والتي يجب تناولها للحفاظ على الصحة. الكتاب مفتوح على صفحة تنصح بترك العجين الأبيض ليختمر طوال الليل قبل خبزه، وتناوله مع الزبدة لتجنب الحكة.

«تقويم الصحة» من صقلية القرن الـ15 (الشرق الأوسط)

الثورة الزراعية ومآدب السلطان

يمر العرض على الثورة الزراعية في بغداد في عهد الدولة العباسية، وأثر بناء نظم متطورة للري والقنوات، نرى هنا بعض المعلومات حول أهمية موقع المدينة على تقاطع طرق التجارة البرية والنهرية، ونقل المحاصيل المختلفة عبر دولة الخلافة وتبادلها مقابل أطعمة أخرى. نجح التجار أيضاً في السفر لبلدان بعيدة مثل الصين وإندونيسيا وعادوا بعناصر غذائية مختلفة مثل الجنزبيل وجوزة الطيب التي دخلت في الثقافة الغذائية لدول العالم الإسلامي. يشير البيان الخاص بهذا القسم إلى أن كل ذلك أدى إلى ظهور ثقافة طهي غنية في البلاط العباسي نتج عنها ابتكار وصفات وأطباق جديدة، وصدور أول كتاب طهي باللغة العربية وهو «كتاب الطبيخ ومعجم المآكل الدمشقية».

مآدب السلطان (متاحف قطر)

من أجمل مساحات العرض هي القاعة التي تحمل عنوان «مآدب السلاطين» وتنقسم لجانبين. على الجوانب نرى قطعاً مرتبطة بالقصور والموائد العامرة والأزياء الاحتفالية واللوحات المختلفة. تتحدث لوحة التعريف عن الإبهار في تنظيم المآدب من اختيار المكان، سواء كان حدائق القصور أو الخيام، ومروراً بالتخطيط الدقيق لترتيب الأطباق، واستخدام أوانٍ باذخة مزخرفة، نرى حولنا نماذج لها.

جرة مطعمة بالماس من الهند الحقبة المغولية (متاحف قطر)

وفي وسط القاعة نرى سفرة ممتدة عليها نماذج لأطعمة ومشروبات من أنحاء العالم الإسلامي تمثل مأدبة إفطار عصرية. العرض هنا جمالي بشكل كبير، وأيضاً ملهم يجمع بين المعلومات والفنون والقطع التاريخية، ويمزجها بمشهد معاصر لسفرة رمضانية شرقية بامتياز.

لوحة تمثل أمير ترانسلفانيا يستقبل السفير العثماني من القرن الـ17 الميلادي (الشرق الأوسط)

تتعدد أقسام العرض بعد ذلك لتدخل في الممارسات المعاصرة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وظهور أنواع جديدة من الأغذية، وتقنيات زراعية جديدة، وينتهي العرض بعربات الطعام الحديثة حيث نرى عربة ضخمة بها مساحة تعليمية للأطفال، حيث يمكنهم محاولة إعداد وجبات سريعة باستخدام قطع بلاستيكية على هيئة الخضراوات والفواكه.

عربات الطعام الحديثة (الشرق الأوسط)


مقالات ذات صلة

ملتقى القاهرة للخط العربي... رحلة بصرية بين هيبة التراث وروح الحداثة

يوميات الشرق استعرضت بعض اللوحات أساليب مبتكرة في التكوين (الشرق الأوسط)

ملتقى القاهرة للخط العربي... رحلة بصرية بين هيبة التراث وروح الحداثة

احتفاءً بالخط العربي بوصفه فناً أصيلاً يحمل بين ثناياه دعوة للسلام، والانسجام الإنساني، أطلقت مصر الدورة العاشرة من «ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق طفل يبحث عما يشبهه من كتب تحاكي ذاته (الشرق الأوسط)

650 ألف زائر يرسخ مكانة معرض جدة للكتاب كمنصة ثقافية إقليمية

مع رحيل آخر أيام معرض جدة للكتاب، يطرح المشهد الثقافي جملةً من الأسئلة حول المعرض وترسيخ مكانته كأحد أبرز الفعاليات الثقافية في المملكة.

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق عبد الحليم رضوي... طاقات تعبيرية ودلالات مفاهيمية ذات طابع معاصر (الشرق الأوسط)

القاهرة تحتفي برائد الفن السعودي عبد الحليم رضوي

يُصاحب معرض رضوي تقديم أعمال نخبة من رواد وكبار التشكيليين المعاصرين في المملكة.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من توقيع الاتفاق لتحويل رواية «القبيلة التي تضحك ليلاً» إلى فيلم (الشرق الأوسط)

السينما السعودية تمدّ جسورها إلى الأدب في معرض جدة للكتاب

لم يعد سؤال صنّاع السينما يدور حول عدد العناوين، بل حول أيّ الروايات تصلح لأن تُروى على الشاشة...

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق تحاول الفنانة التشكيلية في هذه المجموعة العبور من المحدود إلى المطلق (الغاليري)

معرض «تفتّحت الزهور من بين حجار الإسمنت المكسور»... عود على بدء

تستخدم ندى صحناوي الألوان الزاهية، بالإضافة إلى الأسود والأبيض. وفي قوالب الزهور الحمراء والبيضاء، يخال للناظر إليها أنها تُشبه كعكة عيد...

فيفيان حداد (بيروت)

«طلاق» عمرو أديب ولميس الحديدي يخطف الاهتمام بمصر

خلال آخر ظهور للثنائي في خطوبة نجلهما (فيسبوك)
خلال آخر ظهور للثنائي في خطوبة نجلهما (فيسبوك)
TT

«طلاق» عمرو أديب ولميس الحديدي يخطف الاهتمام بمصر

خلال آخر ظهور للثنائي في خطوبة نجلهما (فيسبوك)
خلال آخر ظهور للثنائي في خطوبة نجلهما (فيسبوك)

تصدر خبر طلاق الإعلامي عمرو أديب والإعلامية لميس الحديدي «التريند» في مصر بعد وقت قصير من إعلان الخبر، وتأكيده عبر وسائل إعلام محلية عقب أسابيع من الشائعات.

جاء الطلاق الرسمي، بعد زواج استمر أكثر من 25 عاماً في هدوء وبناءً على طلب الإعلامية لميس الحديدي، وفق مصادر مقرَّبة لها تحدثت لـ«الشرق الوسط». فيما لم يسجل الثنائي أي تعليقات بحساباتهما على مواقع التواصل الاجتماعي رغم انخراطهما في النقاشات العامة بشكل مستمر.

ويطل الثنائي على الشاشة من خلال برنامجي «توك شو»؛ إذ تظهر لميس الحديدي عبر قناة «النهار» من خلال برنامج «الصورة»، فيما يطل عمرو أديب من خلال برنامج «الحكاية» عبر قناة «إم بي سي مصر»، ويوجد البرنامجان ضمن قوائم الأعلى مشاهدة عادةً بين برامج «التوك شو» وفق استطلاعات الرأي.

وتصدر اسم عمرو أديب ولميس الحديدي بشكل منفصل منصة «إكس» في مصر فور إعلان الخبر مع تدوينات عدة مرتبطة بالطلاق جرى إعادة نشرها.

جاء إعلان الانفصال لوسائل الإعلام بعد أسابيع من الشائعات التي لاحقت علاقة الثنائي، وتردد أنها شهدت توترات وشائعات انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي وتجاهلها الثنائي بشكل كامل ولم يتم التعليق عليها.

نشأت قصة الحب بين الثنائي الإعلامي عمرو أديب ولميس الحديدي خلال عملهما في الصحافة في تسعينات القرن الماضي معاً، بعد انفصال عمرو أديب عن زوجته الأولى، وفق أحاديث أدلى بها الثنائي في لقاءات سابقة، فيما كانت نقطة الخلاف الوحيدة المعلنة بينهما مرتبطة بالتشجيع الكروي، حيث يُعرف عمرو أديب بتشجيع نادي الزمالك بينما تشجع لميس الحديدي النادي الأهلي.

وتحدثت لميس الحديدي عن رغبة عمرو أديب في الارتباط به عدة مرات قبل إعلان الزواج وقيامه بإبعاد كل من يحاول الارتباط بها قبل زواجهما رسمياً.

وعَدّ الخبير في الإعلام الرقمي و«السوشيال ميديا» معتز نادي، التزام الثنائي الصمت عبر مواقع التواصل لأسباب عدة «من بينها شهرتهما على نطاق واسع ليس في مصر فقط بل في العالم العربي، بالإضافة إلى سابقة تناول الثنائي العديد من الأخبار المماثلة عن الانفصال في برامجهما».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «أخبار زيجات وانفصال المشاهير عادةً ما تكتسب زخماً (سوشيالياً) وتلقى رواجاً وتفاعلاً فور الإعلان عنها لكن استمرار الأمر يختلف من شخص لآخر»، لافتاً إلى أن أولى حلقات الثنائي الإعلامي في برنامجيهما ستكون محل متابعة مكثفة أيضاً وسيكون لها بروز على مواقع التواصل سواء تم التطرق إلى الأمر أم لا منهما.

كان آخر ظهور للثنائي عمرو أديب ولميس الحديدي في خطوبة نجلهما الوحيد عمر التي أُقيمت الشهر الماضي في أجواء عائلية واقتصر الحضور بها على والدَي العروسين.


صلاح جاهين يواصل رسم «ضحكة مصر» رغم الغياب

احتفالية صلاح جاهين ضحكة مصر (وزارة الثقافة)
احتفالية صلاح جاهين ضحكة مصر (وزارة الثقافة)
TT

صلاح جاهين يواصل رسم «ضحكة مصر» رغم الغياب

احتفالية صلاح جاهين ضحكة مصر (وزارة الثقافة)
احتفالية صلاح جاهين ضحكة مصر (وزارة الثقافة)

يواصل الفنان والشاعر صلاح جاهين مهمته في رسم «ضحكة مصر» رغم مرور نحو 40 عاماً على رحيله، حيث استضاف المسرح القومي (وسط القاهرة) عرض حكي وغناء، الأربعاء، متضمناً فقرات عدة تستعيد أغنيات وأفلام وأعمال الفنان الراحل.

الاحتفالية، التي نظمها «المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية» بمناسبة ذكرى ميلاد جاهين، اعتمدت على أسلوب الحكي المسرحي، متضمنة فقرات غنائية على خلفية أعماله، من بينها أوبريت «الليلة الكبيرة»، وأفلام «شفيقة ومتولي»، و«صغيرة على الحب»، و«خلي بالك من زوزو»، إلى جانب الرباعيات الشهيرة.

ويعدّ صلاح جاهين (1930 - 1986) أحد أبرز الشعراء ورسامي الكاريكاتير في مصر، وتغنى بأشعاره الكثير من الفنانين مثل عبد الحليم حافظ وسعاد حسني وسيد مكاوي وعلي الحجار، كما اشتهر برسم الكاريكاتير الساخر في مجلة «صباح الخير»، وفي صحيفة «الأهرام»، ومن أشهر أعماله أوبريت «الليلة الكبيرة» الذي كتبه جاهين ولحنه سيد مكاوي وأخرجه صلاح السقا.

ووفق بيان لوزارة الثقافة المصرية، جاءت الاحتفالية في إطار حرص الوزارة على تكريم رموز الإبداع المصري، احتفاءً بذكرى ميلاد الشاعر والفنان الكبير الراحل صلاح جاهين.

وقال المخرج عادل حسان إن «العرض يأتي ضمن جهود المركز لإحياء ذكرى أعلام الفن المصري وتسليط الضوء على إسهاماتهم الخالدة»، مشيراً في بيان الخميس إلى أن «صلاح جاهين يمثل نموذجاً للمبدع الشامل الذي ترك بصمة لا تُمحى في الوجدان الثقافي المصري، وأن الإقبال الجماهيري الذي شهده العمل يعكس استمرار تأثيره وقدرته على مخاطبة مختلف الأجيال».

الاحتفالية تضمنت أغنيات كتبها صلاح جاهين (وزارة الثقافة)

وإلى جانب شهرته شاعراً وفناناً كاريكاتيراً قدم صلاح جاهين أدواراً صغيرةً في السينما، من بينها مشاركته في أفلام «شهيدة الحب الإلهي» و«لا وقت للحب» و«المماليك»، و«اللص والكلاب»، كما كتب المسلسل التلفزيوني «هو وهي» من بطولة سعاد حسني وأحمد زكي وإخراج يحيى العلمي.

ووصف الناقد الفني المصري، أحمد السماحي، الفنان الراحل صلاح جاهين، بأنه «أسطورة مصرية خالدة بأعماله، ويستحق عن جدارة كل تكريم واحتفاء، واستعادة ذكراه هي لمسة وفاء من المؤسسات المصرية لما قدمه جيل العظماء الذي ينتمي إليه للفن المصري»، وقال السماحي لـ«الشرق الأوسط»: «صلاح جاهين كان رائداً في مجال الأغنية الساخرة خفيفة الظل وفي الكاريكاتير وفي السيناريو وكتابة الأوبريت ومسرحية الطفل، وفي مجالات كثيرة، فهو موهبة استثنائية في الحياة الفنية من الصعب تكرارها».

وشهد العرض الذي قدمه مجموعة من الفنانين على المسرح القومي حضوراً جماهيرياً حاشداً وتفاعلاً كبيراً مع الأعمال التي قدمت، وهو من تأليف محمد مخيمر وأخرجه الفنان محمد مرسي، وشارك في الأداء والحكي الفنانون: هبة سامي، وخالد محروس، ومحمود الزيات، ومصطفى عبد الفتاح، حيث قدموا قراءة فنية وإنسانية لتجربة جاهين الإبداعية، جمعت بين الشعر والغناء والحكي المسرحي، واستعرضت محطات بارزة من مسيرته، في مزيج من البهجة والتأمل.

وتضمن العرض مجموعة من الأغنيات الشهيرة التي كتبها صلاح جاهين، وقام بالغناء كل من أحمد محسن، وهند عمر، وأنغام مصطفى، بمصاحبة الفرقة الموسيقية للمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، إشراف الدكتورة رانيا عمر، وقيادة المايسترو الدكتور أحمد ماهر.

ومن أشهر الأغنيات التي كتبها صلاح جاهين أغاني أفلام «أميرة حبي أنا»، و«خلي بالك من زوزو»، و«شفيقة ومتولي»، كما غنى له عبد الحليم حافظ «بستان الاشتراكية» و«صورة»، وغنت له صباح «أنا هنا يا ابن الحلال»، وغنى له سيد مكاوي وعلي الحجار «الرباعيات».


«الميلاد» حول العالم... رسائل أمل وسلام واحتفالات تُعيد الحياة

قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
TT

«الميلاد» حول العالم... رسائل أمل وسلام واحتفالات تُعيد الحياة

قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)

وسط أجواء من الفرح والأنشطة المتنوعة، عادت المدن حول العالم لتزيين شوارعها واستقبال موسم الميلاد بألوان زاهية، من بيت لحم وغزة إلى الأقصر في مصر وسيدني في أستراليا، معبرة عن الأمل وتجدد الحياة رغم التحديات.

قداس عيد الميلاد في كنيسة المهد ببيت لحم مع مسيرة كشافة فلسطينية (أ.ف.ب)

شهدت بيت لحم والأراضي الفلسطينية احتفالات ميلادية بعد عامين خيّم عليهما النزاع في غزة، حيث عادت الحياة تدريجياً بعد اتفاق وقف إطلاق النار. شارك المئات في ساحة المهد وشارع النجمة في قداس ومسيرة للكشافة، وسط أصوات الطبول وألحان الترنيم الميلادي.

رئيس الوزراء الأسترالي ألبانيزي يقدم الطعام في غداء عيد الميلاد بسيدني (إ.ب.أ)

وقالت كاتياب عمايا، إحدى المشاركات في الكشافة، إن عودة الاحتفالات تمثل رمزاً مهماً لوجود المجتمع المسيحي في المنطقة، وتمنح سكان غزة الأمل في مستقبل أفضل. وأكد السكان أن الاحتفالات تعكس رغبتهم في إعادة الحياة إلى المدينة وتحفيز عودة السياح، بعد فترة من عزوف الزوار وارتفاع معدلات البطالة.

في غزة، أحيا المسيحيون قداس الميلاد في الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة بعد وقف إطلاق النار، معبرين عن رغبتهم في عودة الحياة الطبيعية إلى المدينة.

شجرة عيد الميلاد المضيئة في إحدى حدائق بكين (أ.ف.ب)

احتفلت الأقصر التاريخية في صعيد مصر بعيد الميلاد بعروض فلكلورية وألعاب التحطيب، على أنغام الربابة والمزمار، مستعرضة إرث المصريين القدماء في الاحتفال بالأعياد والمواسم. واستمرت الاحتفالات طوال فترة الميلاد ضمن فعاليات الدورة الـ15 للمهرجان القومي للتحطيب، ما أضفى بهجة وفرحاً على السكان والزوار.

أعضاء جوقة أغابي يقدمون عرضاً بمتحف الحضارة المصرية بالقاهرة (أ.ب)

شهد شاطئ بونداي في أستراليا احتفالات محدودة بسبب هجوم إرهابي أودى بحياة 15 شخصاً قبل أيام، حيث حافظ المشاركون على طقوس الميلاد مع احترام ذكرى الضحايا، وسط تعزيز الإجراءات الأمنية، بينما قلل الطقس العاصف من عدد المحتفلين.

وفي الوقت نفسه، تواجه بعض مناطق العالم ظروف طقس صعبة، مثل كاليفورنيا التي أعلنت السلطات فيها حالة الطوارئ تحسباً لفيضانات محتملة، ما يعكس التحديات المتعددة التي تواجه المجتمعات خلال موسم الأعياد.

أوكرانيون يرنمون للميلاد حاملين نجوم بيت لحم وسط مدينة لفيف (إ.ب.أ)

على الرغم من الظروف الصعبة، حملت الاحتفالات الميلادية هذا العام رسائل فرح وتجدد للأمل، سواء في فلسطين أو مصر أو أستراليا. وتجسد هذه الفعاليات قدرة المجتمعات على التعبير عن التضامن والحياة المشتركة، والحفاظ على التراث والثقافة، حتى في أصعب الأوقات.