هل استوحى لصوص اللوفر خطّتهم من «لوبين» وأبطال «كازا دي بابيل»؟

سرقة المتحف الفرنسي تعيد إلى الأذهان مسلسلات وأفلاماً عن سرقات مليونيّة

TT

هل استوحى لصوص اللوفر خطّتهم من «لوبين» وأبطال «كازا دي بابيل»؟

عملية السطو على اللوفر أعادت إلى الأذهان مجموعة من الأفلام والمسلسلات (نتفليكس/ رويترز)
عملية السطو على اللوفر أعادت إلى الأذهان مجموعة من الأفلام والمسلسلات (نتفليكس/ رويترز)

عملية السطو التي استهدفت متحف اللوفر حاصدةً مجوهراتٍ لا تقدّر بثمن أعادت إلى الأذهان مجموعة من المسلسلات والأفلام أبطالها لصوص محترفون وجريئون، وأحداثها تدور حول سرقاتٍ مليونيّة. هذه العملية التي تَداخل فيها الواقع بالخيال، ورغم عدم اطّلاع الرأي العام على كواليس تحضيراتها، فإنها بدت في صورة مشهدٍ من مسلسل على «نتفليكس».

ومَن يتمعّن في الدقّة والاحترافيّة التي اتّسمت بها العملية، ربما يتساءل ما إذا كان لصوص اللوفر قد استوحوا خطواتهم وجرأتهم واقتبسوا أعصابهم الباردة من «البروفسور» في «لا كازا دي بابيل»، أو من «أسان ديوب» في «لوبين»، أو من أبطال سلسلة أفلام «أوشنز».

الرافعة التي استخدمها اللصوص لتسلّق متحف اللوفر (أ.ف.ب)

لصوص «البروفسور»

هل تماهى لصوص متحف اللوفر مع «طوكيو»، و«موسكو»، و«برلين»، و«ريو»، و«نيروبي»، و«دنفر»، و«هلسنكي»، و«أوسلو»؟ هؤلاء أبطال «لا كازا دي بابيل» (Money Heist) الذين يجنّدهم «البروفسور» للقيام بأكبر عملية سرقة في التاريخ، والتي تستهدف دار سكّ العملة والمصرف المركزي في إسبانيا بهدف طباعة نحو 2.4 مليار يورو.

لم تبلغ عملية اللوفر مرحلة احتجاز رهائن كما يحصل في المسلسل، ولم تحصل مواجهات مع الشرطة، إنما اقتصرت على تهديد الحرّاس، وإرغامهم على مغادرة المكان. إلا أن وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي أكدت أن السارقين كانوا ملثّمين، وهذا وجه شبه مع أبطال «لا كازا دي بابيل». هم حتماً لم يرتدوا أقنعة «دالي» الشهيرة، لكنهم حرصوا على إخفاء وجوههم بواسطة القلنسوة السوداء.

من حيث المدة الزمنية التي استغرقتها عملية السرقة، لا يمكن المقارنة إطلاقاً، فأحداث المسلسل تنسحب على 18 يوماً، بينما اقتصرت سرقة اللوفر على 10 دقائق. إلا أنّ الأثر المعنوي الذي خلّفته كلٌّ من العمليتَين على درجة عالية من التشابه، فحادثة اللوفر زعزعت النظرة إلى النظام الأمني الفرنسي، وإلى المنظومة السياسية التي تكبدت خسارة فادحة بسرقة مجوهرات ملكات عهد نابليون.

أبطال سلسلة «لا كازا دي بابيل» (نتفليكس)

على خُطى «لوبين» في اللوفر

أول مشهد عاد إلى الأذهان بعد عملية اللوفر كان للممثل عمر سي بشخصية «أسان ديوب». في الحلقة الأولى من «لوبين» يدخل ديوب إلى متحف اللوفر بهدف سرقة عقد الملكة.

اختار لصوص اللوفر المكان والهدف نفسَيهما اللذَين انتقاهما بطل المسلسل، ومثلُه اعتمدا أسلوباً هادئاً وخاطفاً في تنفيذ العملية. فديوب لجأ إلى التنكّر والمراوغة والتأثير الإعلامي، بدل الاقتحام العنيف.

وبينما يتضح أن دوافع ديوب ليست مالية إنما انتقامية من شخصٍ أساء إلى عائلته، لم يُعرف شيء بعد عن خلفيات عملية اللوفر. إلا أنّه، وفي كل مرة تحصل مثل هذه السرقة الضخمة، ثمة مَن يتعاطفون مع اللص، إذ يجدون فيه بطلاً يتحدّى الطبقيّة، وغياب العدالة الاجتماعية. هذا ما حصل مع أسان ديوب الذي خسر حريته، وفاز بتعاطف الناس.

يتطرق الموسم الأول من مسلسل «لوبين» إلى سرقة في اللوفر (نتفليكس)

«كاليدوسكوب»

من المسلسلات المتخصصة في عمليات السرقة الكبرى، «Kaleidoscope» (مشكال) الذي عُرض على «نتفليكس» عام 2023. تدور الأحداث حول عصابة من اللصوص بقيادة «ليو باب»، تستهدف خزنة ضخمة تحتوي على سندات خزينة بقيمة 7 مليارات دولار.

في المسلسل كما في عملية اللوفر، يلجأ الفريق المدرّب إلى خطة تنفيذ محكمة. خلال وقت قصير جداً، وبواسطة رافعة كهربائية، وصل لصوص اللوفر مباشرةً إلى القاعة المحددة. وكما في المسلسل، استغرقت العملية دقائق معدودة ما بين الدخول والهروب.

يدور مسلسل Kaleidoscope حول عصابة تقوم بسرقة 7 مليارات دولار (نتفليكس)

أفلام سلسلة Ocean’s

كما في المسلسلات كذلك في السينما، حيث تتخذ السرقات الضخمة حيزاً كبيراً، وتحصد معالجة قصصها جماهيريةً على شبّاك التذاكر. هذا هو الحال مع أفلام سلسلة «Ocean’s».

في «Ocean’s Eleven»، يخطط أفراد الفريق لسرقة منسقة بعناية، حيث يجري تحديد كل خطوة بدقة لضمان النجاح. كما يستغلون الثغرات الأمنية في الكازينوهات المستهدفة؛ وهذان وجها تشابه ما بين الفيلم وسرقة اللوفر. يُضاف إليهما عنصرا السرعة، والمفاجأة، واللذان لم يتيحا أمام السلطات الأمنية التدخّل في الوقت المناسب.

وفي باقي أفلام السلسلة، السمة الأساسية لعمليات السرقة هي التخطيط المتقن، والاعتماد على مجموعة صغيرة من السارقين. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن لصوص اللوفر لم يتعدّوا الـ4 أفراد، وفق التحقيقات التي أجريت حتى الساعة.

عصابة فيلم Ocean’s Eleven (موقع IMDB)

على طريقة المافيا

في فيلم «The Italian Job»، يسرق فريق «جون بريدجر» سبائك ذهب بقيمة 35 مليون دولار من لصوص إيطاليين كانوا قد سرقوها سابقاً. يهربون بسياراتهم من مدينة البندقية، إلا أنّ جزءاً منهم ينقلب على رفاقه مطلقاً النار عليهم.

ليس معروفاً بعد الطريق الذي سلكه لصوص اللوفر، وما إذا كانوا قد اختلفوا على المسروقات أم حافظوا على تماسكهم؟ لكن بين أدائهم وأداء عصابة الفيلم أوجه تشابه عدة، من بينها التخطيط المحكم، واستغلال نقاط ضعف الأمن، واعتماد عنصري السرعة، والمفاجأة.

في فيلم Italian Job تسرق العصابة سبائك ذهب بقيمة 35 مليون دولار (موقع IMDB)

اللوفر في «فخّ» اللصوص

عام 1999، تسمّرت العيون أمام الشاشات الكبيرة حول العالم لمتابعة مغامرة «ماك» و«جين»، أي شون كونري وكاثرين زيتا جونز في فيلم «Entrapment» (فخّ). على يدَي شريكها المحترف، تتلقّى جين تدريبات لتنفيذ عملية سرقة دقيقة جداً، وتقوم على اقتحام متحف عالي الأمان للاستيلاء على قناع ذهبي ثمين هو عبارة عن قطعة أثرية. ويتميز الفيلم بالكيمياء التي تجمع ما بين البطلين خلال الإعداد للعملية، وفي مرحلة التنفيذ.

بين سرقة اللوفر والفيلم أوجه تشابه كثيرة من بينها أن العمليتين جرى تنفيذهما داخل متحف، وكان الهدف منهما سرقة قطع أثرية. وكما في Entrapment كذلك في اللوفر، استغلّ المنفّذون ضعف الإشراف المباشر على بعض المعروضات، وتأخر أجهزة الإنذار.

شكّل فيلم Entrapment ظاهرة سينمائية عام 1999 (موقع IMDB)

ومن بين الأفلام التي أعادتها عملية اللوفر إلى الأذهان: «Inside Man» و«The Thomas Crown Affair» اللذان ترتكز حبكتهما هي الأخرى على سرقات كبيرة.


مقالات ذات صلة

«اللوفر» يحصّن نافذة استُخدمت في سرقة مجوهرات

أوروبا خلال العمل على تحصين النافذة التي استُخدمت لسرقة مجوهرات من متحف اللوفر (أ.ب)

«اللوفر» يحصّن نافذة استُخدمت في سرقة مجوهرات

عزّز متحف اللوفر في باريس إجراءات الأمن عبر تركيب شبكة حماية على نافذة زجاجية استُخدمت في عملية سرقة مجوهرات في 19 أكتوبر (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (باريس )
أوروبا زوار يصطفون قرب الهرم الزجاجي لمتحف اللوفر للدخول (رويترز)

بعد تعليق إضراب العاملين... «اللوفر» يعيد فتح أبوابه مجدداً

أعلنت إدارة متحف اللوفر في باريس، والنقابات المعنية، فتح أبواب المتحف بالكامل أمام الزوار.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا أشخاص يصطفّون لدخول متحف اللوفر (رويترز) play-circle

«اللوفر» يفتح أبوابه جزئياً رغم تصويت موظفيه على تمديد الإضراب

أعلن متحف اللوفر بباريس إعادة فتح أبوابه جزئياً، الأربعاء، رغم استمرار الإضراب، الذي صوّت عليه الموظفون في اجتماع الجمعية العامة خلال وقت سابق من اليوم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا لوحة إعلانية تُشير إلى تأجيل فتح أبواب متحف اللوفر الأكثر زيارة في العالم (أ.ب)

بسبب إضراب... متحف اللوفر في باريس يغلق أبوابه

أغلق متحف اللوفر الشهير بباريس، صباح الاثنين، بسبب إضراب، وفق ما أفاد عناصر أمن، في وقتٍ تواجه المؤسسة العريقة صعوبات منذ عملية السرقة الصادمة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق تمثال رمسيس الثاني في بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)

مصر تنفي وجود عيوب في تصميم «المتحف الكبير»

نفت الحكومة المصرية، السبت، وجود عيوب في تصميم المتحف المصري الكبير، بعد تسرب مياه الأمطار إلى بهو المتحف خلال الأيام الماضية.

رحاب عليوة (القاهرة )

«الميلاد» حول العالم... رسائل أمل وسلام واحتفالات تُعيد الحياة

قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
TT

«الميلاد» حول العالم... رسائل أمل وسلام واحتفالات تُعيد الحياة

قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)

وسط أجواء من الفرح والأنشطة المتنوعة، عادت المدن حول العالم لتزيين شوارعها واستقبال موسم الميلاد بألوان زاهية، من بيت لحم وغزة إلى الأقصر في مصر وسيدني في أستراليا، معبرة عن الأمل وتجدد الحياة رغم التحديات.

قداس عيد الميلاد في كنيسة المهد ببيت لحم مع مسيرة كشافة فلسطينية (أ.ف.ب)

شهدت بيت لحم والأراضي الفلسطينية احتفالات ميلادية بعد عامين خيّم عليهما النزاع في غزة، حيث عادت الحياة تدريجياً بعد اتفاق وقف إطلاق النار. شارك المئات في ساحة المهد وشارع النجمة في قداس ومسيرة للكشافة، وسط أصوات الطبول وألحان الترنيم الميلادي.

رئيس الوزراء الأسترالي ألبانيزي يقدم الطعام في غداء عيد الميلاد بسيدني (إ.ب.أ)

وقالت كاتياب عمايا، إحدى المشاركات في الكشافة، إن عودة الاحتفالات تمثل رمزاً مهماً لوجود المجتمع المسيحي في المنطقة، وتمنح سكان غزة الأمل في مستقبل أفضل. وأكد السكان أن الاحتفالات تعكس رغبتهم في إعادة الحياة إلى المدينة وتحفيز عودة السياح، بعد فترة من عزوف الزوار وارتفاع معدلات البطالة.

في غزة، أحيا المسيحيون قداس الميلاد في الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة بعد وقف إطلاق النار، معبرين عن رغبتهم في عودة الحياة الطبيعية إلى المدينة.

شجرة عيد الميلاد المضيئة في إحدى حدائق بكين (أ.ف.ب)

احتفلت الأقصر التاريخية في صعيد مصر بعيد الميلاد بعروض فلكلورية وألعاب التحطيب، على أنغام الربابة والمزمار، مستعرضة إرث المصريين القدماء في الاحتفال بالأعياد والمواسم. واستمرت الاحتفالات طوال فترة الميلاد ضمن فعاليات الدورة الـ15 للمهرجان القومي للتحطيب، ما أضفى بهجة وفرحاً على السكان والزوار.

أعضاء جوقة أغابي يقدمون عرضاً بمتحف الحضارة المصرية بالقاهرة (أ.ب)

شهد شاطئ بونداي في أستراليا احتفالات محدودة بسبب هجوم إرهابي أودى بحياة 15 شخصاً قبل أيام، حيث حافظ المشاركون على طقوس الميلاد مع احترام ذكرى الضحايا، وسط تعزيز الإجراءات الأمنية، بينما قلل الطقس العاصف من عدد المحتفلين.

وفي الوقت نفسه، تواجه بعض مناطق العالم ظروف طقس صعبة، مثل كاليفورنيا التي أعلنت السلطات فيها حالة الطوارئ تحسباً لفيضانات محتملة، ما يعكس التحديات المتعددة التي تواجه المجتمعات خلال موسم الأعياد.

أوكرانيون يرنمون للميلاد حاملين نجوم بيت لحم وسط مدينة لفيف (إ.ب.أ)

على الرغم من الظروف الصعبة، حملت الاحتفالات الميلادية هذا العام رسائل فرح وتجدد للأمل، سواء في فلسطين أو مصر أو أستراليا. وتجسد هذه الفعاليات قدرة المجتمعات على التعبير عن التضامن والحياة المشتركة، والحفاظ على التراث والثقافة، حتى في أصعب الأوقات.


«مقابر الخالدين» تفشل في ابتلاع انتقادات هدم ضريح «أمير الشعراء»

الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)
الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)
TT

«مقابر الخالدين» تفشل في ابتلاع انتقادات هدم ضريح «أمير الشعراء»

الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)
الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)

رغم إعلان محافظة القاهرة نقل رفات أمير الشعراء أحمد شوقي (1868 - 1932) إلى مقابر الخالدين التي تضم رفات رموز المجتمع المصري من ساسة ومبدعين وعلماء وأمراء، فإن خبر هدم ضريح أحمد شوقي في مكانه التاريخي قوبل بردود فعل غاضبة، جاء معظمها من مهتمين بتراث المقابر ذات الطرز المعمارية المتميزة، وأضرحة الشخصيات التاريخية، والعارفين بقدر شوقي، ومكانته في تاريخ الشعر المصري والعربي الحديث.

ويؤكد الباحث في التاريخ الدكتور مصطفى الصادق أن «هدم ضريح أمير الشعراء أحمد شوقي، يأتي ضمن لائحة طويلة من قبور المشاهير والعظماء التي تمت إزالتها»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك غضب كبير، إلا أن عملية الهدم نفسها غير مستغرَبة، ومتوقَّعة، فقد سبقه كثيرون، جرفتهم المعاول، حيث سبق هدم ضريح محمود الفلكي، والسردار راتب باشا، وكثيرون آخرين».

وتحدث الصادق عن «وعود لم يفِ بها أحد»، على حد قوله، مضيفاً: «بعد هدم قبة حليم بن محمد علي باشا، أعلن المسؤولون أن أعمال الهدم سوف تتوقف، لكن ما جرى بعدها فاق الوصف، كانت أعمال الإزالة بعد ذلك خرافية»، ولفت إلى أن الحديث الذي يدور حالياً عن «مقابر فاخرة» لا معنى له في ظل هدم أضرحة لا مثيل لها في الفخامة والإبداع والعمارة.

من جهتها أعلنت محافظة القاهرة قرب افتتاح «مقابر تحيا مصر للخالدين»، التي «أقامتها الدولة خصيصاً لنقل رفات الشخصيات التاريخية، وسيخصص جزء منها لعرض التراكيب المعمارية الفريدة ذات الطراز المعماري المتميز».

جانب من أعمال الهدم في المقابر (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)

وقالت المحافظة في بيان: «إن المقابر شرفت بإعادة دفن رفات شوقي، إذ تم وضعه في المكان الذي يليق بمكانته الأدبية والتاريخية». فيما قال الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد لـ«الشرق الأوسط» إن «هدم ضريح شوقي جاء على خلاف ما أعلن عنه المسؤولون، فقد كان الحديث عن عدم المساس به، لكننا فوجئنا بنقل رفاته منذ شهور، ثم هدم المقبرة الذي لم يراع مكانة شوقي؛ فهو أشهر شعراء العربية في العصر الحديث».

وأضاف عبد المجيد أن «الخبر مؤلم جداً، خصوصا أنه يأتي في ظل الحديث عن هدم أضرحة رموز إبداعية مهمة في تاريخ مصر، بدءاً من مدفن محمود سامي البارودي، وصولاً إلى ضريح عميد الأدب العربي طه حسين، الذي يختفي الآن تحت الجسر».

ووفق عبد المجيد: «هناك أضرحة عديدة هدموها وكانت بمثابة متاحف زاخرة بالتحف والتماثيل والرسومات والزخارف الفنية المرصعة بالمعادن، تعرضت للسرقة وبيعت في السوق، وبينها شواهد قبور وتركيبات لمشاهير كان يجب حمايتها ومنع المساس بها».

المحزن في واقعة هدم ضريح شوقي، وفق الباحث في التراث إبراهيم طايع، أن «عمليات الإزالة سبقها بشهور نقل رفاته، وقام مجهولون بسرقة تركيبات عدد من المقابر داخل الضريح»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «كان من الواضح أن مصير الضريح إلى زوال، لأن كل ما حوله من مدافن جرفتها المعاول».

من جهته وصف الشاعر المصري، أحمد عبد المعطي حجازي، إزالة مقبرة شوقي بأنها بمنزلة «هدم جسم حي وكيان باقٍ وخالد بأيدي فانين وعاجزين عن تقدير القيم». وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يحدث لمقبرة شوقي يطول الثقافة المصرية كلها، منذ عقود وحتى الآن، ومَن هدموا مقبرة شوقي هم أنفسهم الذين يهدمون الثقافة المصرية».

دُفن أمير الشعراء في مقبرة تخص عائلة زوجته، وتعود لحسين باشا شاهين، وهناك يوجد رفاته أيضاً، ورفات زوجته ووالده. «أكثر من 5 تركيبات اختفت قبل هدم الضريح، ولم يتبقَّ سوى التركيبة الرخامية الخاصة بشوقي، التي ظلت حتى هدم الضريح»، وفق طايع.


«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
TT

«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)

من جديد، يعود مهرجان «بين ثقافتين» ليعبر حدود الثقافة، ويحتفي بتجارب استثنائية تجمع بين الفنون والموسيقى ومذاقات المأكولات التقليدية وشتى العروض الحيّة، جامعاً في نسخته الثالثة بين الثقافتين السعودية والصينية، لإبراز التنوع الثقافي وحدود التلاقي بينهما في قلب الرياض.

وأطلقت وزارة الثقافة النسخة الثالثة من مهرجان «بين ثقافتين» التي تستضيف جمهورية الصين وثقافتها وتقاليدها المتنوعة، وذلك في قاعة «الملفى» بمدينة محمد بن سلمان غير الربحية «مدينة مسك» في العاصمة الرياض، ضمن حدث دولي يُقام بالتزامن مع العام الثقافي السعودي الصيني 2025؛ بهدف ترسيخ الحوار الحضاري، وتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية والصين.

وتُقدم الفعالية تجربة فنية متكاملة تستعرض الإرث الحضاري والممارسات الثقافية لكلا البلدين، وتكشف عن أوجه التشابه والتكامل بينهما في مجالات الفنون والطهي والحرف اليدوية والموسيقى، ما يعكس عمق الروابط التي تجمع الشعبين.

ويضم المهرجان معرضاً فنياً يزخر بأعمال لفنانين سعوديين وصينيين بارزين، ومتاجر متنوعة تُقدم منتجات من كلتا الثقافتين، وفعاليات تفاعلية تشمل عروضاً أدائية حية، وتجارب طهي فريدة، وأنشطة ثقافية مصممة لإثراء تجربة الزوار.

‏أصالة الموروث السعودي والصيني تتجلّى في عروض ثقافية متنوّعة في ⁧‫المهرجان (وزارة الثقافة)

حينما تهب الرياح شرقاً

يحضر الفن في المهرجان بوصفه لغةً وجسراً يربط بين ثقافتين وشعبين اختارا، عبر العصور، التعبير عن مكنونات ثقافتيهما من خلال العطاء الفني والإبداعي الرصين. وفي معرض يحمل عنوان «حينما تهبّ الرياح شرقاً»، تلتقي الأعمال السعودية والصينية في حوار إبداعي يعكس التلاقي الثقافي المعاصر، من خلال لوحات ومنحوتات وأعمال تركيبية، تسعى إلى استكشاف نقاط الالتقاء بين الطبيعة والفكر، وبين الماضي والحاضر، ضمن رؤية فنية مشتركة.

‏تناغم ثقافي يتوهّج بألوان الفن في ⁧‫المهرجان (وزارة الثقافة)

وتتوزع أعمال المعرض في 3 أقسام؛ حيث تلتقي الصحراء ببحر الذاكرة في القسم الأول من المعرض الفني، ويتناول كيف تُشكِّل الصحراء والبحر ذاكرة الفنانين ورؤيتهم الفنية، إذ تتحول العناصر الطبيعية إلى لغة للتأمل تربط بين ثبات الأرض وسيولة الزمن.

وفي قسم «نسيج من نور وتراب»، وهو القسم الثاني من المعرض، يُسلط الضوء على العلاقة بين المادي واللامادي، إذ يذيب الفنانون الحدود بين الضوء والطين والنسيج ليكشفوا جوهر المادة واتحاد الروح بالبيئة.

وفي قسم «آثار المستقبل»، تُركز المعروضات على إعادة قراءة التقاليد برؤية معاصرة تمزج بين الذاكرة والابتكار، لتغدو الأعمال بمثابة خريطة زمنية تصل الماضي بالحاضر، وتستشرف ملامح المستقبل.

‏صور توثّق الالتقاء الثقافي البديع بين المملكة والصين (وزارة الثقافة)

14 يوماً من جسور الثقافة

يُقدم المهرجان الذي سيستمر حتى 6 يناير (كانون الثاني) 2026، تجربة ثقافية شاملة تُبرز عُمق الحضارة الصينية وتَنوُّعَ موروثها، كما يستعرض أوجه التلاقي والتباين بينها وبين الثقافة السعودية، وذلك في إطار جهود وزارة الثقافة لمدّ جسور التواصل الحضاري، وتعزيز حضور السعودية إقليمياً ودولياً، وترسيخ مكانتها بوصفها مركزاً فاعلاً للحوار الثقافي العالمي.

ويستهدف المهرجان العائلات والأفراد، والسياح والزوار الأجانب، والوفود الرسمية، والمهنيين في القطاعات الثقافية، من خلال برنامج متنوع يشمل معرضاً فنياً، وتجربة «الشارع الصيني» التي تجمع بين الثقافتين عبر الحِرف اليدوية، إلى جانب العروض الأدائية والموسيقية، وغيرها من الفعاليات التي تعكس القيم المشتركة في التراث والهوية، وتُسهم في تعزيز التقارب الإنساني عبر الثقافة بوصفها لغةً عالمية.

من الصين إلى المهرجان وجوه متعددة للمتعة واستكشاف الفن والتراث (وزارة الثقافة)

يُذكر أن النسخة الأولى من مهرجان «بين ثقافتين» استضافت الثقافة اليمنية، فيما استضافت النسخة الثانية الثقافة العراقية، إذ شهدت النسختان إقبالاً جماهيرياً واسعاً وتفاعلاً ملحوظاً من المهتمين والمثقفين؛ ما أسهم في ترسيخ مكانة الفعالية منصة ثقافية سنوية تحتفي بالتنوّع الحضاري الإنساني.

وتسعى وزارة الثقافة، من خلال مهرجان «بين ثقافتين»، إلى تقديم الثقافة السعودية في سياق تفاعلي مُقارَن، يُبرز أوجه التقارب والاختلاف مع ثقافات العالم، ويُعزز الوعي بالتنوّع الثقافي، ويدعم تمكين المبدعين والحرفيين والفنانين، ويوسّع آفاق فرص التعاون الثقافي الدولي، إلى جانب بناء شراكات استراتيجية تُسهم في تنمية الصناعات الإبداعية، بما ينسجم مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للثقافة تحت مظلة «رؤية 2030».

أبعاد ثقافية رحبة يضمها المهرجان بين الثقافتين (وزارة الثقافة)