يعود مشروع «المسافة صفر» الفلسطيني للعرض مجدداً في مهرجان الجونة السينمائي بمصر من خلال 7 أفلام جديدة ضمن برنامج «نافذة على فلسطين».
وصُورت هذه الأفلام في أثناء حرب إسرائيل على غزة بواسطة مخرجات ومخرجين شباب يروون حكاياتهم بالكاميرا، كاشفين عن عزم لا يُقهر وأحلام تُولد من قلب الحصار، وقد أُنتجت من خلال مبادرة المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي بعد شهر واحد من اندلاع حرب غزة.
وافتتحت ماريان خوري المديرة الفنية للمهرجان، والمخرج رشيد مشهراوي، السبت، عروض برنامج «نافذة على فلسطين». وأكدت ماريان «حرص المهرجان على مواصلة رسالته بفتح (نافذة على فلسطين) التي بدأها بعد اندلاع الحرب، وعُرضت أفلام (من المسافة صفر) بـ235 مهرجاناً، وهو رقم كبير وثقه المخرج رشيد مشهراوي. كما تُرجمت إلى 14 لغة لتكون صوتاً فاعلاً للقضية الفلسطينية إلى العالم».

وقال المخرج رشيد مشهراوي إن «هذه الأفلام صنعها مخرجون ومخرجات من غزة في ظل الحرب، وهم لا يزالون بمدينتهم المدمرة ولم يبارحوها، ونحن نساعدهم في التوجيه الفني، ليقدموا حكاياتهم بلغة سينمائية متميزة كلما أمكن في ظل ظروف تصوير بالغة الصعوبة».
وعُرضت، السبت، 3 أفلام؛ هي: «حسن» من إخراج محمد الشريف، و«أحلام صغيرة جداً» إخراج اعتماد وشاح، و«الأمنية» إخراج أوس البنا، وسط حضور كبير من جمهور المهرجان وضيوفه.
ويروي فيلم «حسن» قصة الشاب الفلسطيني (18 عاماً) الذي فقد أباه وشقيقه خلال الحرب، وحين يُعلن في غزة توزيع أكياس دقيق يسارع الجميع للحصول على كيس في مشهد يُدمي القلوب، لكن رحلته البسيطة تتحول إلى مأساة؛ إذ اعتُقل وهُجّر قسراً إلى جنوب غزة، لينفصل عن عائلته لأول مرة ويعيش رحلة قاسية تمتد على مدى 15 شهراً.

وفي فيلم «أحلام صغيرة جداً» تبدو أحلام النساء في غزة صغيرة جداً، لكنها عصية على التحقق في ظل الحرب، وهو ما يطرحه من خلال حكايات ومواقف ترويها النساء عن افتقارهن إلى الخصوصية وسط المخيمات، وتقسم إحداهن إنها تموت ولا تعيش في مخيمات بعد أن فقدت خصوصيتها بعدما كانت لها غرفة مستقلة في بيتها الذي نزحت منه. فيما تروي أخرى معاناتها بعدما وضعت طفلاً خلال الحرب وهي غير قادرة على توفير متطلباته، مما أصابه بالتهابات دائمة.
وفي فيلم «الأمنية» يحاول مخرج مسرحي بعدما فقد كل شيء أن يمنح الآخرين معنى جديداً للحياة عبر الفن، من خلال تقديم عرض مسرحي تُستعاد فيه القدرة على المواجهة والشفاء، ليؤكد من خلاله قوة الفن في تضميد الجروح، وكيف يصبح المسرح مساحة للنجاة والأمل.
بينما يتواصل خلال أيام المهرجان عرض أفلام «من المسافة صفر وأقرب» التي تتضمن 4 أفلام أخرى؛ وهي: «ألوان تحت السماء» من إخراج ريما محمود، و«أحلام فرح وزهرة» إخراج مصطفى النبيه، و«غزة إلى الأوسكار» إخراج علاء دامو، و«حكايات لم تكتمل» إخراج نضال دامو. في حين يُختتم البرنامج بعرض فيلم «عالم ليس لنا» للمخرج الفلسطيني مهدي فليفل، حيث يوسع البرنامج أفقه، ليمنح مساحة أوسع للأصوات الفلسطينية، كي تصل إلى جمهور أكبر.
فيلم «عالم ليس لنا» إنتاج عام 2012، وهو وثائقي طويل مستوحى من قصة لغسان كنفاني، وقد رُشّح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي. وحاز أكثر من 30 جائزة من مختلف المهرجانات العالمية، ويُعد من أهم الأفلام التي وثّقت تجربة اللجوء الفلسطينية بصدق وإنسانية. ويرأس مهدي فليفل لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة لمهرجان الجونة خلال الدورة الحالية.
وعدّ الناقد سيد محمود استمرار تصوير أفلام من المسافة صفر «أمراً مهماً» يُحسب للشباب الفلسطيني، في ظل حرصهم على أن يرووا حكاياتهم بعدما حققت أفلامهم صدى عالمياً واسعاً يدعم القضية ويقف ضد الحرب، ويؤكد حقوقهم المسلوبة.
وأضاف محمود لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: إن «هذه رسالة المهرجانات المصرية والعربية التي اتسعت مع اندلاع حرب غزة، وقد ساندت مهرجانات القاهرة والجونة والمهرجانات المصرية الأخرى هذه الرسالة، كما ساندتها أغلب المهرجانات العربية على غرار مهرجاني مراكش والبحر الأحمر».


