أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية عن اكتشاف كبسولة رصاصية بداخلها مجموعة نادرة ومتنوعة من العملات المصرية، في مدينة الإسكندرية (شمال مصر)، تعود إلى عهدَي السلطان حسين كامل (1914 - 1917) والملك فؤاد الأول (1917 - 1936).
وجاء هذا الكشف خلال أعمال حفائر الإنقاذ التي يُجريها المجلس الأعلى للآثار في حي وسط الإسكندرية، حيث تم العصور على الكبسولة الرصاصية ضمن أساسات إحدى الفيلات، وعُثر بداخلها على ثلاث عشرة قطعة نقدية من فئات مختلفة، تراوحت ما بين «المليمات» والعملات الذهبية من فئة «100 قرش».
وضمت المجموعة عملات صغيرة من عهد الملك فؤاد الأول، وعملة نادرة من فئة «قرشان» للسلطان حسين كامل، بالإضافة إلى عملات فضية من فئات «5 و10 و20 قرشاً»، وثلاث عملات ذهبية من فئات «20 و50 و100 قرش» للملك فؤاد الأول، وتعد من أندر الإصدارات في تاريخ المسكوكات المصرية الحديثة.
وبحسب وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، يمثل هذا الاكتشاف حلقة مهمة في تاريخ الإسكندرية، موضحاً في بيان للوزارة، الخميس، أنه «يعكس غنى تراثها الحضاري وتنوع مكوناته، بما في ذلك الجاليات الأجنبية التي ساهمت في صياغة هوية المدينة الكوزموبوليتانية».
وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، أن «هذا الكشف يمثل حلقة وصل مهمة بين الطبقات التاريخية لمدينة الإسكندرية منذ العصر الهلينستي والروماني حتى الوجود الحديث للجاليات الأجنبية».
وأضاف خالد أن «الكشف يعكس مكانة الجالية اليونانية وإسهاماتها في النسيج الحضاري للمدينة، بما في ذلك الحفاظ على طقوسها وموروثاتها الثقافية التي امتزجت بالبيئة المصرية، كما يشير إلى عادة تاريخية شائعة في وضع ودائع تأسيس داخل المباني الجديدة لضمان البركة والرخاء، والتي لها جذور عميقة في التراثين اليوناني والمصري القديم».
وأوضح رئيس قطاع الآثار المصرية، محمد عبد البديع، أن «الفيلا التي وُجدت فيها الكبسولة تقع ضمن ممتلكات عائلة سلفاغو، إحدى أبرز العائلات اليونانية في الإسكندرية، والتي لعبت دوراً محورياً في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالمدينة أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين».
واحتوت الكبسولة على وثيقة مكتوبة باللغة اليونانية على الآلة الكاتبة، ملحقة بتوقيعات يدوية ودعوات، تشير إلى وضع حجر الأساس للفيلا في الأول من مايو (أيار) 1937 على يد قسطنطين م. سلفاغو، بدعم من والدته جوليا ك. سلفاغو، وتحت إشراف المعماري الفرنسي جان والتر، في إشارة إلى الطقوس الثقافية والدينية للجالية اليونانية في توثيق لحظات تأسيس منازلهم. ومن المقرر عرض العملات المكتشفة ضمن معرض خاص في المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية.
وقال الخبير الآثاري، الدكتور أحمد عامر، إن «اكتشاف هذه الكبسولة بمثابة كتابة فصل جديد من تاريخ الإسكندرية؛ نظراً لما تتمتع به من مكانة فريدة وعريقة؛ إذ نجد أن هذه العملات تمثل تراثاً مهماً جداً في تلك الفترة، وتعبر عن التنوع الموجود بالمدينة».
وأضاف عامر لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الكشف يمثل فترة في التنوع والتواصل بين الجاليات التي عاشت في مدينة الإسكندرية؛ إذ نجد أن الجاليات اليونانية لعبت دوراً محورياً في مدينة الإسكندرية وقت وجودها فيها، كما ساهمت في تعزيز ثقافتهم عن طريق مزجها بالحضارة المصرية القديمة؛ إذ إنها امتداد لها، وهذا يوضح مدى التأثر بها».
وتابع عامر أن «هذه العملات تمثل حقبة تاريخية مهمة لمعرفة الكثير من الأسرار في تشكيل الهوية السكندرية في تلك الفترات، وسوف يتم عرض هذه المقتنيات بالمتحف اليوناني الروماني لتكون شاهداً على هذه الحقبة المهمة والتاريخية لمدينة الإسكندرية بطابعها الكوزموبوليتاني».





