فنون «الباتيك» الإندونيسية وأزياء «الهانبوك» الكورية تعرضان تقاليدهما في قلب العاصمة السعودية

ضمن مناطق بوليفارد وورلد بموسم الرياض 2025

تأتي نسخة «بوليفارد وورلد» لعام 2025 بتوسّع نوعي وإضافة ثلاث مناطق جديدة (تصوير: تركي العقيلي)
تأتي نسخة «بوليفارد وورلد» لعام 2025 بتوسّع نوعي وإضافة ثلاث مناطق جديدة (تصوير: تركي العقيلي)
TT

فنون «الباتيك» الإندونيسية وأزياء «الهانبوك» الكورية تعرضان تقاليدهما في قلب العاصمة السعودية

تأتي نسخة «بوليفارد وورلد» لعام 2025 بتوسّع نوعي وإضافة ثلاث مناطق جديدة (تصوير: تركي العقيلي)
تأتي نسخة «بوليفارد وورلد» لعام 2025 بتوسّع نوعي وإضافة ثلاث مناطق جديدة (تصوير: تركي العقيلي)

مزيج من العادات والتقاليد والفنون الإندونيسية، وثقافة الطعام الآسيوي الذي تمثله أطباق كوريا الجنوبية، يظهر في بوليفارد وورلد، الذي يفتح لزواره نوافذ لاستكشاف ثقافات العالم.

وتأتي نسخة بوليفارد وورلد لعام 2025 بتوسّع نوعي، بإضافة 3 مناطق جديدة تمثل كلاً من الكويت، وإندونيسيا، وكوريا الجنوبية، وقامت «الشرق الأوسط» بجولة في نوافذ الثقافة والتراث والفولكلور التي نقلت أجواء إندونيسيا وكوريا الجنوبية إلى العاصمة السعودية.

وبصفتها أكبر دولة أرخبيلية في العالم، تحظى إندونيسيا بتنوع ثقافي واسع نظراً لتعدد الأعراق والمجموعات البشرية التي تتوزع في جغرافية البلاد، تصل لأكثر من 300 مجموعة عرقية مختلفة، وينعكس هذا الثراء البشري، في تنوع اللغات والعادات والتقاليد والفنون والتفاصيل الاجتماعية، ويفتح جناح إندونيسيا نافذة لزوار بوليفارد وورلد لاكتشاف البلاد من خلال معروضات الأكشاك والعروض الفولكلورية والرقصات التراثية.

تفتح أجنحة الدول نوافذ لاكتشافها من خلال معروضات الأكشاك والعروض الفولكلورية والرقصات التراثية (تصوير: تركي العقيلي)

وفي جناح إندونيسيا، يجلس «مسعود إنزو» لساعات في الحفر على الأخشاب، ويقول إنه قضى نحو 5 عقود في هذا العمل الذي يعد مصدر رزقه، ووسيلته المفضلة في التعريف بالثقافة المحلية الإندونيسية.

يقول مسعود، إن لإندونيسيا كثيراً من الصناعات التقليدية والإبداعية التي حافظت على تماسكها وحضورها عبر الوقت، ولعل أشهر هذه الصناعات هو فن «الباتيك» الذي يمثل أحد رموز ثقافة البلاد، وهو أسلوب تقليدي في تزيين الأقمشة، من خلال استخدام الشمع لتحديد مستويات الأصباغ ودرجتها وامتثالها للفكرة المتصورة.

وجاء تصميم الجناح الإندونيسي، ليعكس سحر الطبيعة في الجزر الإندونيسية الذي يرجع إلى موقعها الجغرافي كونها مجموعة من الجزر على طول خط الاستواء، إلى جانب ذلك يستمتع الزوار بالعروض الفولكلورية والرقصات التراثية، وبحسب مشاركين في منطقة إندونيسيا، فإن الفولكلور يعكس تنوع ثقافة البلاد، ومن أشهرها رقصة «لنغانغ نياهي» من مدينة جاكرتا، ورقصتا «زابين» و«إندانغ» من جزيرة سومطرة، ورقصة «داراغونتي» من جزيرة كاليمانتان، ورقصات جزر لومبوك وبابوا.

لإندونيسيا كثير من الصناعات التقليدية والإبداعية التي حافظت على تماسكها وحضورها عبر الوقت (تصوير: تركي العقيلي)

وعلى الرغم من أن المسافة المباشرة بين كوريا وإندونيسيا تصل إلى حوالي 3 آلاف كيلومتر، وتستغرق الرحلة بالطائرة بينهما نحو 10 ساعات، فإن الانتقال بينهما في بوليفارد وورلد لا يتطلب أكثر من دقائق معدودة للتعرف على تنوع وثراء ثقافة وتقاليد البلدين. وفي جناح كوريا الجنوبية في بوليفارد وورلد وسط العاصمة السعودية، يستعرض الجناح، الثقافة الكورية، ويضم مساحة للعروض الفنية ومتاجر للمنتجات الكورية، يتوسطها مجسّم برج N Seoul Tower بوصفه أحد معالمها البارزة.

على وقع الموسيقى والإيقاعات التقليدية تؤدي مجموعة كورية عروضاً متجولة (تصوير: تركي العقيلي)

وتظهر في الجناح، أزياء كوريا الجنوبية لتلفت انتباه الزوار، وعلى وقع الموسيقى والإيقاعات التقليدية، تؤدي مجموعة كورية عروضاً متجولة، ويقوم المؤدون بحركات دائرية سلسلة، وأنماط معقدة مع انحناءات الركبة، متزيّين بالأزياء التقليدية في كوريا الجنوبية، ومن أهمها «الهانبوك».

ثقافة الطعام الآسيوي الذي تمثله أطباق كوريا الجنوبية ضمن الجناح (تصوير: تركي العقيلي)

تقول إحدى المشاركات في العروض الجوالة في جناح كوريا الجنوبية، إن «الهانبوك» زيّ تقليدي يُرتدى عادة في المناسبات الخاصة، مثل حفلات الزواج والأعياد. وتختم أن تصميم «الهانبوك» لم يبق على حاله التقليدية، بل تطور مع الوقت، وحظي بلمسات عصرية، لكنه لا يزال يحتفظ بتفاصيل التراث المحلي، إلى جانب كثير من الأزياء التقليدية التي اشتهرت بها كوريا الجنوبية، مثل زي «بنغمول» وهو مجموعة متنوعة من الأزياء الملونة تضم قبعات ذات شريط طويل متصل بها، وغالباً ما يكون قماش الوشاح بالألوان الزاهية.

يستعرض الجناح الثقافة الكورية ويضم مساحة للعروض الفنية ومتاجر للمنتجات الكورية (تصوير: تركي العقيلي)


مقالات ذات صلة

مشاريع سعودية واتفاقيات حيوية لتعزيز التعافي في اليمن

العالم العربي تدخلات مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن ساهمت في رفع مستوى الخدمات الصحية (المركز)

مشاريع سعودية واتفاقيات حيوية لتعزيز التعافي في اليمن

كثف مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من تنفيذ برامجه الإنسانية والتنموية في عدد من المحافظات اليمنية

«الشرق الأوسط» (عدن)
يوميات الشرق تجمع منطقة «بيست لاند» بين الألعاب والمغامرات والعروض التفاعلية (موسم الرياض)

«بيست لاند» تستقبل زوار «موسم الرياض 2025» الخميس المقبل

بدأ طرح تذاكر الدخول لمنطقة «بيست لاند» ضمن فعاليات «موسم الرياض 2025»، لتستقبل زوارها ابتداءً من 13 نوفمبر، بتجربة ترفيهية مستوحاة من أجواء التحدي والإثارة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تركي اليوسف يُقدّم شخصية رجل عصابات في المسلسل (شاهد)

«الضارية»... دراما سعودية تُجسّد بشاعة العالم حين يغيب القانون

لطالما امتاز تركي اليوسف بانشغاله بالطبقات النفسية أكثر من الانفعالات، وفي «الضارية» يذهب أبعد ممّا قدّمه سابقاً...

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق يُمثِّل الملتقى منصة عالمية لالتقاء المترجمين والمهتمين في المجال (واس)

«ملتقى الترجمة الدولي 2025» ينطلق في الرياض بمشاركة 70 خبيراً

أطلقت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» السعودية، فعاليات «ملتقى الترجمة الدولي 2025» في الرياض، بمشاركة ما يزيد على 30 جهة محلية ودولية، و70 خبيراً من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى هيئة السوق المالية السعودية في المركز المالي بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

إدانة 24 مستثمراً وشركة بمخالفة نظام السوق المالية السعودية

أعلنت هيئة السوق المالية السعودية، صدور قرارين قطعيين من لجنة الاستئناف في منازعات الأوراق المالية ضد 24 مستثمراً وشركة عقارية، لمخالفتهم نظام السوق ولوائحه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تركي اليوسف: أحبُّ الشخصيات التي لا تشرح نفسها

تركي اليوسف: أحبُّ الشخصيات التي لا تشرح نفسها
TT

تركي اليوسف: أحبُّ الشخصيات التي لا تشرح نفسها

تركي اليوسف: أحبُّ الشخصيات التي لا تشرح نفسها

لفت المسلسل السعودي «الضارية» الأنظار بعد انطلاق حلقاته محققاً نسبة مشاهدات عالية وسط اهتمام بلغته البصرية الجريئة، واهتمامه بعالم التهريب والولاءات المُتبدّلة الجديد على الدراما السعودية.

ويقوم الممثل تركي اليوسف ببطولة العمل عبر شخصية تمثل عودة لأدوار الشر التي تميز بها، وعن ذلك يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أحبُّ الشخصيات التي لا تشرح نفسها، بل تدع الجمهور يكتشفها. وفي (الضارية) مثلاً، الشرّ ليس حالة عدوانية، بل طريقة للبقاء. حاولتُ أن أقدّم القسوة بلا افتعال، وأترك مساحة للصدق أكثر من الأداء».

ودافع اليوسف عن كثرة ظهوره في أدوار الشر، عادّاً انجذابه للأدوار القاسية «لا يعني التكرار؛ فالدور (شخصية عباس) جذبني لأنه يتيح مساحة للغوص في عقل شخصية تعرف الخطر بوصفه جزءاً من يومها».

ويرى الفنان السعودي أن أدوار الشرّ تمنحه «فرصة للتعبير عن جوانب إنسانية عميقة»، موضحاً أن اختياره شخصية عباس في «الضارية» جاء بسبب «صدق النصّ، وعمق الشخصية».


المتحف المصري الكبير يفيض بالزائرين... ويوقف بيع تذاكره

البهو العظيم للمتحف المصري الكبير (تصوير: عبد الفتاح فرج)
البهو العظيم للمتحف المصري الكبير (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

المتحف المصري الكبير يفيض بالزائرين... ويوقف بيع تذاكره

البهو العظيم للمتحف المصري الكبير (تصوير: عبد الفتاح فرج)
البهو العظيم للمتحف المصري الكبير (تصوير: عبد الفتاح فرج)

أعلنت وزارة السياحة والآثار تنظيماً جديداً لدخول المتحف المصري الكبير وحجز التذاكر بعد الإقبال الكبير الذي شهده المتحف من الزائرين، الجمعة، والذي تجاوز سعته التشغيلية القصوى.

وأصدرت الوزارة بياناً، الجمعة، قالت فيه إنه «في ضوء الإقبال الكبير من الزائرين على المتحف المصري الكبير، ووصول أعداد الزيارة، الجمعة الموافق 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، إلى أكثر من السعة التشغيلية الكاملة المقررة للمتحف، مما استدعى إيقاف بيع التذاكر لليوم، قررت إدارة المتحف قصر حجز وشراء تذاكر الزيارة ليوم السبت 8 نوفمبر، وأيام العطلات الرسمية ونهايات الأسبوع (الجمعة والسبت) على الموقع الإلكتروني الرسمي للمتحف فقط».

وأضاف البيان أنه سيتم وقف عمليات حجز وبيع التذاكر من شبابيك التذاكر بالمتحف خلال هذه الأيام المحددة، على أن تستمر كالمعتاد في باقي أيام الأسبوع عبر الموقع الإلكتروني وشبابيك التذاكر معاً طبقاً للطاقة الاستيعابية للمتحف.

ويأتي هذا الإجراء «ضمن خطة تنظيم عملية الدخول لضمان تجربة زيارة متميزة وآمنة للزائرين، بما يتماشى مع الطاقة الاستيعابية للمتحف، ويسهم في رفع كفاءة الخدمات المقدمة»، وفق البيان. مع التأكيد على أن «جميع الحجوزات المؤكدة مسبقاً عبر القنوات الرسمية سارية كما هي، وسيتم استقبال حامليها في مواعيدهم المحددة دون أي تغيير».

إقبال كثيف على زيارة المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار)

وأشادت إدارة المتحف بالحماس والإقبال الكبير الذي يعكس المكانة المرموقة للمتحف المصري الكبير كأحد أهم الصروح الثقافية والحضارية في العالم.

ومن قلب الزخم الكبير الذي شهده المتحف ومحيطه، يؤكد أستاذ الآثار اليونانية والرومانية بجامعة القاهرة، الدكتور خالد غريب، أن «المشهد كان مفرحاً على مستوى الوعي والإقبال الكبير على المتحف»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكن الأمر يحتاج إعادة تنظيم؛ فالعدد الرهيب الذي دخل اليوم إلى المتحف يجعل حتمياً التفكير في تخصيص بوابات دخول للمصريين وأخرى للرحلات وبوابات للأجانب، حتى يتم تنظيم الدخول بشكل معقول، خصوصاً أن اليوم كان الجمعة الأولى بعد افتتاح المتحف، وكان متوقعاً أن يشهد كل هذا الزخم؛ لأنه يوم إجازة».

وافتُتح المتحف المصري الكبير في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، في احتفالية عالمية نقلتها العديد من وسائل الإعلام حول العالم، في حين فتح المتحف أبوابه للجمهور يوم 4 نوفمبر، بالتزامن مع ذكرى اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون عام 1922، ويشهد المتحف للمرة الأولى عرض جميع محتويات المقبرة كاملة في مكان واحد.

ولفت غريب إلى أن «المتحف يمكنه أن يتيح الحجز على الإنترنت، وهو ما أعلنه في بيان اليوم، ليكون أول يوم حجز هو الأحد المقبل، وأتمنى أن يتم تنظيم الدخول بطريقة تحافظ على بريق المتحف وقيمته الكبيرة وصورة مصر السياحية».

المتحف المصري الكبير يشهد إقبالاً كبيراً منذ افتتاحه (وزارة السياحة والآثار)

ويضم المتحف المصري ما يزيد على مائة ألف قطعة أثرية تحكي حقباً مختلفة من التاريخ المصري القديم، في سيناريو عرض متحفي يعتمد أحدث التقنيات، وتوقعت تقديرات سابقة أعلنها وزير السياحة المصري، شريف فتحي، في تصريحات متلفزة، أن يزور المتحف يومياً نحو 15 ألف سائح، بعد الافتتاح الرسمي، بمعدل 5 ملايين سائح في السنة. في حين أكد الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف المصري الكبير، الدكتور أحمد غنيم، في تصريحات متلفزة، أن عدد زائري المتحف في اليوم الأول لفتحه للجمهور تجاوز 18 ألف زائر.

ويرى المتخصص في المصريات، الدكتور محمد حسن، أن «بيع كل تذاكر المتحف المصري الكبير ليوم الجمعة يدل على نجاح الحملة التسويقية التي قامت بها مصر للترويج للمتحف»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الحفل الذي أقيم لافتتاح المتحف حمل رسائل قصيرة موجزة تدل على أن مصر بلد الأمن والأمان، وقد أصابت الرسالة الهدف»، وتابع أن «اليوم يعمل المتحف بكامل طاقته، بل يستوعب أعداداً تفوق طاقته التشغيلية، وظهر من الإقبال الكبير أن الأجانب متحمسون لرؤية هذا الصرح الحضاري المميز، كما أن المصريين في حالة صحوة وشغف لمعرفة تاريخهم عن قرب».


نور بلوق لـ«الشرق الأوسط»: وثقنا النزوح من جنوب لبنان خلال الحرب الإسرائيلية

الفنانة اللبنانية نور بلوق (الشرق الأوسط)
الفنانة اللبنانية نور بلوق (الشرق الأوسط)
TT

نور بلوق لـ«الشرق الأوسط»: وثقنا النزوح من جنوب لبنان خلال الحرب الإسرائيلية

الفنانة اللبنانية نور بلوق (الشرق الأوسط)
الفنانة اللبنانية نور بلوق (الشرق الأوسط)

في الفيلم الوثائقي «حكايات الأرض الجريحة» تعود الفنانة التشكيلية اللبنانية نور بلوق للوقوف أمام الكاميرا بعدسة زوجها المخرج العراقي عباس فاضل الذي وثّق حياتهما خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، فعلى مدار أكثر من ساعتين نتابع تفاصيل كثيرة من حياة الفنانة اللبنانية وطفلتها وزوجها، من بينها لحظات صعبة في خلفيتها أصوات الانفجارات، وتفاصيل النزوح من الجنوب اللبناني والعودة بعد وقف إطلاق النار.

الفيلم الذي حصد عنه فاضل جائزة أفضل مخرج في النسخة الماضية من مهرجان «لوكارنو السينمائي» وشارك في مهرجان «الجونة السينمائي»، الشهر الماضي، يواصل جولته بعدد من المهرجانات السينمائية من بينها مهرجان «باري» في إيطاليا الشهر الجاري.

تقول نور بلوق لـ«الشرق الأوسط» إن «فكرة الفيلم لم يكن مخططاً لها منذ البداية، لكون المشروع وُلد من قلب الحرب الإسرائيلية على لبنان، حين اضطرت العائلة للنزوح المفاجئ تحت القصف الكثيف، ولم يكن في مقدورهم سوى أخذ بعض الثياب القليلة معهم، تاركين خلفهم الكاميرات وعدّة التصوير في المنزل»، مشيرة إلى أنها بعد نحو شهر من النزوح، قررت العودة بمفردها إلى البيت رغم المخاطر الكبيرة، لتجلب الكاميرات بنفسها.

رصد الفيلم تعرض العديد من المواقع للتدمير خلال الحرب (الشرق الأوسط)

شعرت الفنانة التشكيلية اللبنانية بأن عليهم توثيق ما يحدث لهم، فلم تكن تعلم ما الذي سيفعلونه، وفق قولها، واستدركت: «لكن كان ضرورياً أن نُسجّل الواقع الذي نعيشه لحظة بلحظة، وفور عودتي بالكاميرات بدأ زوجي المخرج عباس فاضل التصوير ليوثّق كل ما حولنا من تفاصيل الحرب والنزوح، لينطلق العمل الفعلي عقب إعلان وقف إطلاق النار الذي كان أشبه بالوهم مع استمرار القصف».

ترى نور بلوق أن تلك الفترة أتاحَت لهم العودة إلى منزلهم واستئناف التصوير بصورة مكثّفة، وفوجئت عندما أخبرها زوجها برغبته في تصويرها هي وابنتهما ضمن أحداث الفيلم، لكنها تقبّلت الأمر سريعاً لأنها اعتادت المشاركة معه في أعمال سابقة، لكن هذه المرة جرى التصوير بظروف شديدة القسوة والخطورة، «فالقصف لم يكن يتوقف، وكثيراً ما اضطررنا إلى التوقف فجأة والاحتماء داخل البيت خوفاً من سقوط القذائف»، على حد تعبيرها.

تستذكر الفنانة اللبنانية أجواء التصوير بالقول: «كنا نخرج للتصوير، وفجأة نسمع صوت الانفجارات قريبة جداً، فأطلب من عباس العودة إلى الداخل خشية أن يصيبنا شيء، لقد عشنا الخطر بكل تفاصيله»، مؤكدة أن التصوير بعد الحرب لم يكن أقل خطراً؛ إذ زاروا مناطق مدمّرة مليئة بالألغام والزجاج المكسور، وكانت ابنتها ترافقهما طوال الوقت، وتابعت: «كنت أراقبها وأحذرها في كل لحظة؛ لأن المكان كان لا يزال يحمل آثار الدمار والحرائق ورائحة الصواريخ».

وعن أصعب اللحظات التي عاشتها أثناء التصوير، قالت نور بلوق إنها كانت تخشى كثيراً على ابنتها، خصوصاً في المشاهد التي صُوّرت بين المقابر، موضحة أن «تلك اللقطات كانت شديدة الوقع عليها نفسياً، كانت ابنتي صغيرة ولا تدرك ما يجري حولها، ورؤيتها تسير بين القبور كانت لحظة قاسية عليّ كأم، لكنها في الوقت ذاته كانت لقطة فنية قوية تعكس التناقض بين الحياة والموت، وبين البراءة والدمار».

وثق مخرج الفيلم رحلة زوجته وطفلته الصغيرة مع الحرب (الشرق الأوسط)

وأكّدت أن «الفيلم لم يكن عملاً تلفزيونياً أو تقريراً إخبارياً، بل تجربة إنسانية حيّة»، مستطردة: «نحن لم نكن نغطي الحدث من الخارج، بل كنّا جزءاً منه، نعيشه بكل تفاصيله، المخرج أراد أن يُظهر الوجع الإنساني قبل أي شيء آخر، لا الإحصاءات ولا الأرقام، بل مشاعر الناس ومعاناتهم الحقيقية؛ لأن هذه اللغة وحدها قادرة على لمس المتفرّج».

وأشارت إلى سعي الفيلم لتقديم صورة داخلية عن الحرب، بعيدة عن النظرة الإعلامية الباردة، موضحة أن «فاضل ركّز في لقطاته على وجوه الناس وانفعالاتهم، وجعلهم يروون حكاياتهم بأنفسهم؛ لأن الكلمة الصادقة تنبع من التجربة لا من التحليل».

أما عن تركيز الفيلم على رصد تدمير البنية الثقافية والمدنية في لبنان، فأوضحت نور أن «هذا الجانب كان حاضراً بقوة في رؤية العمل؛ إذ حرصنا على إظهار أن أهداف الحرب لم تكن عسكرية فحسب، بل طالت الإنسان في جوهره، واستهدفت ذاكرته وثقافته وهويته، وأن القصف لم يميز بين بيت وآخر، فالفنانون والمكتبات والمنازل كانت جميعها في مرمى الدمار، فالحرب لم تكتفِ بتدمير الحجر، بل سعت إلى طمس الروح الثقافية التي تشكّل جوهر المجتمع اللبناني».

وعن اللحظة التي شعرت فيها أن الفيلم اكتمل، لفتت إلى أن عباس فاضل يميل عادة إلى الأفلام الطويلة؛ لذلك حاولوا جعل هذه التجربة أكثر اختصاراً، «لكن حجم المادة المصوّرة كان هائلاً، فاستقرّ الفيلم على نحو ساعتين»، وفق قولها.

وأوضحت: «كل شخصية كانت تحمل وجعها الخاص، فهناك الفنان الذي خسر أعماله، والمثقف الذي فقد مكتبته، وكل بيت في الجنوب كان يحكي قصة ألم إنساني مختلفة».

ورغم أنها ليست من الأشخاص الذين يفضّلون الظهور أمام الكاميرا، لكنها شعرت في هذا الفيلم بأن وجودها ضرورة إنسانية وفنية في آنٍ واحد، مستذكرة عرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان «لوكارنو» بدورته الماضية بعدما شاهدت الفيلم للمرة الأولى بالسينما في لحظة وصفتها بـ«الصعبة والعاطفية».

تقول نور: «رغم أنني عشت تلك الأحداث لحظة بلحظة، فإن رؤيتها مجدداً كانت مؤلمة؛ لأن كل مشهد يعيد إليك الرعب والحنين معاً»، معتبرة أن فكرة الهجرة من لبنان لم تكن مطروحة بالنسبة لهما رغم امتلاك زوجها جنسية فرنسية، مضيفة: «النزوح الداخلي كان أهون من الهجرة؛ لأنك تبقى قريباً من أهلك وبيتك، أما البعد في الخارج فهو أشد قسوة، فقد جربت الغربة من قبل وعرفت كم هي مؤلمة؛ لذلك اخترنا أن نبقى في لبنان مهما كان الثمن».