سينغ غورجار: القرويون ساعدوني في «البحث عن السماء»

المخرج الهندي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يترقب عرض فيلمه بـ«البحر الأحمر»

يترقب المخرج الهندي عرض فيلمه الجديد في مهرجان البحر الأحمر السينمائي (مهرجان تورونتو)
يترقب المخرج الهندي عرض فيلمه الجديد في مهرجان البحر الأحمر السينمائي (مهرجان تورونتو)
TT

سينغ غورجار: القرويون ساعدوني في «البحث عن السماء»

يترقب المخرج الهندي عرض فيلمه الجديد في مهرجان البحر الأحمر السينمائي (مهرجان تورونتو)
يترقب المخرج الهندي عرض فيلمه الجديد في مهرجان البحر الأحمر السينمائي (مهرجان تورونتو)

قال المخرج الهندي جيتانك سينغ غورجار إن حصوله على جائزة «نِتباك» لأفضل فيلم آسيوي في مهرجان «تورونتو السينمائي الدولي» بدورته الماضية عن فيلمه «البحث عن السماء» شكّل لحظة مؤثرة في مسيرته، معتبراً الجائزة بمثابة تتويج لسنوات من العمل في السينما المستقلة.

وأضاف غورجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه حاول من خلال فيلمه تقديم قصة قريبة من واقع الريف الهندي، عن أسرة تواجه الفقر والشيخوخة والقدر القاسي في مجتمع لا يرحم، مؤكداً أن «رسالة الفيلم تدلل على أن الإيمان بمثابة قوة داخلية تمنح الإنسان القدرة على الاستمرار رغم الخسائر التي يتعرض لها».

وأوضح أن «فكرة الفيلم بدأت من رغبته في البحث عن التناقض الدائم بين العاطفة الإنسانية والواقع القاسي»، مؤكداً أن ما يجذبه في أي عمل هو الصراع الداخلي للشخصيات أكثر من الأحداث الخارجية.

المخرج الهندي (حسابه على فيسبوك)

وتابع غورجار: «أسعى دائماً إلى تحويل تلك القصص التي تلامسني شخصياً إلى مادة سينمائية تتيح للمتفرج أن يشارك في التساؤل لا في التلقّي فقط، وقد تأثرت منذ بداياتي بالمسرح الشعبي والفلكلور الهندي، الأمر الذي انعكس على اختياراتي وما أقوم بكتابته من أعمال سينمائية».

تدور أحداث فيلم «البحث عن السماء» عن زوجين مسنّين يعيشان في قرية نائية في الهند، يكدّ الأب في حمل الطوب طوال النهار، بينما تجمع الأم روث الأبقار لتبيعه وقوداً للفقراء، وفي الوقت نفسه ترعى ابنهما البالغ الذي يعاني إعاقة ذهنية، ومع تفاقم الفقر وتهديد أحد التجار بالاستيلاء على أرضهم، يبدأ الأب بالتفكير في مصير ابنه بعد رحيلهما، ثم يسمع عن مهرجان ديني ضخم، فيقرر الذهاب إليه سعياً إلى معجزة أو خلاص.

اعتمد الفيلم على طرح قضايا اجتماعية (مهرجان تورونتو)

وقال غورجار إن «تصوير الفيلم تمّ في مناطق يعرفها جيداً منذ طفولته في ولاية ماديا براديش، كما اعتمدتُ على ممثلين مسرحيين إلى جانب عدد من غير المحترفين من القرويين؛ لأن المزج بين الطرفين أوجد أجواء لا يمكن الحصول عليها في بيئة الاستوديو انعكست على أداء الممثلين والصورة النهائية التي يشاهدها الجمهور».

وأضاف أنه عقد مع الممثلين ورشاً تمهيدية طويلة قبل التصوير، ركز خلالها على بناء الشخصية نفسياً واجتماعياً، أكثر من الاهتمام بالحوار أو الأداء الشكلي، مشيراً إلى أنه طلب من كل ممثل أن يتخيل «ذاكرة» لشخصيته، وأن يجد المبررات العميقة وراء كل فعل يقوم به في الفيلم، لقناعته بأن صدق التمثيل يبدأ من الفهم الداخلي لا من التوجيه الخارجي.

وتابع المخرج الهندي: «فضّلت تصوير الفيلم في المواقع الحقيقية مستخدماً أسلوباً قريباً من التسجيل الواقعي، دون إعدادات كبيرة أو تدخل بصري مبالغ فيه»، موضحاً أن «الصعوبات كانت كثيرة، خصوصاً أثناء تصوير مشاهد المهرجان الديني الكبير المعروف بـ(ماها كومبه ميلا)، الذي يجتذب عشرات الملايين من الزوار».

صور المخرج الفيلم بمواقع حقيقية (مهرجان تورونتو)

وأكد أنه وفريقه اضطروا للتصوير وسط الزحام باستخدام كاميرات صغيرة، وأنهم لجأوا أحياناً إلى حيل طريفة لتجاوز المواقف، مثل افتعال مشاجرة جانبية بين اثنين من المساعدين كي يلتفت الجمهور إليهما بدل النظر إلى الكاميرا، مما سمح بالتقاط مشاهد طبيعية وسط الجموع دون أن يشعر الناس بوجود فريق التصوير.

وقال غورجار إن «التمويل كان من أكثر العقبات التي واجهتُها، فقد أنتجت فيلمي الأول من مالي الخاص أثناء عملي في وزارة السياحة الهندية، ثم تلقيت دعماً لمشروعي الثاني بعد أن شاهده بعض المنتجين وأبدوا رغبتهم في التعاون معي»، لافتاً إلى أنه يعمل حالياً على فيلم ثالث ويبحث عن جهة إنتاج تتيح له الاستمرار في هذا الخط الذي يوازن بين الواقعية والبساطة.

وأشار غورجار إلى أنه يستعد حالياً لعرض الفيلم في مهرجانات عالمية عدة، منها مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» في دورته المقبلة، معتبراً أن عرض الفيلم في «تورونتو» منحه فرصة الوصول إلى جمهور أوسع مما يجعله حريصاً على الاستماع لآراء مختلفة عبر إتاحة الفيلم بأكبر عدد من المهرجانات حول العالم.


مقالات ذات صلة

«المُلحد» على شاشات السينما المصرية أخيراً بعد تجاوز الجدل والمنع

يوميات الشرق محمود حميدة وصابرين في العرض الخاص للفيلم (الشركة المنتجة)

«المُلحد» على شاشات السينما المصرية أخيراً بعد تجاوز الجدل والمنع

يصل فيلم «المُلحد» إلى شاشات السينما المصرية بعد مسار شائك من الجدل، مسار لم يكن منفصلاً عن طبيعة العمل نفسه، ولا عن القضايا التي يقترب منها بحذر وجرأة.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق صورة أرشيفية لباردو تقبّل كلبة ضالة خلال زيارتها لمأوى كلاب في بوخارست

رحيل بريجيت باردو... هرم فرنسا المعتزل

لم تكن تحت العين وقيد السمع، لكن بريجيت باردو، الممثلة التي رحلت عن 91 عاماً، كانت هرماً فرنسياً حاضراً في الأذهان رغم اعتزالها وعزلتها.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق المخرج داود عبد السيد (فيسبوك)

البحث عن الحقيقة المتوارية في أفلام داود عبد السيد

عجز المخرج داود عبد السيد منذ 2022 عن تمويل فيلم جديد، وكان «قدرات غير عادية» (2015) آخر أفلامه قبل اعتزاله.

محمد رُضا (بالم سبرينغز (كاليفورنيا))
يوميات الشرق زمنٌ بكامله انعكس على ملامح امرأة (أ.ب)

بريجيت باردو خرجت من الصورة وبقيت في الزمن

حين تتحوّل المرأة إلى أيقونة، يُسلب منها حقّ التعب وحقّ التناقض وحقّ الشيخوخة. فالأيقونة يجب أن تبقى ثابتة، بينما يتغيَّر الإنسان. وبريجيت باردو تغيَّرت كثيراً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق النجمة الفرنسية بريجيت باردو لدى وصولها إلى مطار كينيدي في نيويورك عام 1965 (أ.ف.ب)

وفاة الأسطورة الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاماً

أعلنت مؤسسة بريجيت باردو، اليوم (الأحد)، عن وفاة أسطورة السينما الفرنسية بريجيت باردو، عن عمر ناهز 91 عاماً.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«ما وراء اللوحة» لراوية زنتوت... حكايات ملونة بطبقات التجارب

الطبيعة تشكل العنوان العريض للوحات زنتوت (راوية زنتوت)
الطبيعة تشكل العنوان العريض للوحات زنتوت (راوية زنتوت)
TT

«ما وراء اللوحة» لراوية زنتوت... حكايات ملونة بطبقات التجارب

الطبيعة تشكل العنوان العريض للوحات زنتوت (راوية زنتوت)
الطبيعة تشكل العنوان العريض للوحات زنتوت (راوية زنتوت)

تبعث أعمال الفنانة التشكيلية راوية غندور زنتوت شعوراً بالسكينة والهدوء. تتحول اللوحة إلى تجربة مريحة لمشاهدها من الضغوطات اليومية، وتأخذه في رحلة خيالية، حيث يمتد خياله في فضاء حر وزاهر، مع جرعات من الأمل التي يتركز الضوء فيها على محورها الأساسي.

في معرضها «ما وراء اللوحة» في مبنى بارك بالاس، تجمع زنتوت نحو 27 لوحة من أعمالها الأخيرة. وقد أنجزتها بين بيروت ومكان إقامتها في الجبل، مستندة على الطاقة الإيجابية لتعكس إحساساً بالفرح والراحة، مبلسمة الجراح والندوب.

تسكن لوحات زنتوت قصص من الحياة، مشبعة بتجارب متراكمة، وقد عبّرت عنها بعدد من طبقات الألوان الأكريليكية، المشرقة أحياناً والقاتمة أحياناً أخرى. ومن خلالها حاكت حوارات صامتة مع زائر المعرض، فبنت جسر تواصلٍ متين وغير منظور في الوقت نفسه، وحوّلته إلى مسار طويل يقود المشاهد نحو الرجاء.

وتحت عناوين مختلفة، ارتكزت أعمالها غالباً على عناصر الطبيعة، لتوضح وجهة نظرها تجاه حياة تتقلب أيامها بين الحلاوة والمرارة. ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح في لوحات مثل «دائرة الحياة»، و«همسات فجر ذهبي»، وكذلك في أعمال أخرى تحمل عناوين «مشهد مزهر»، و«أفق ذهبي».

تستلهم زنتوت من ألوان طبيعة لبنان موضوعات لوحاتها (راوية زنتوت)

توضح راوية غندور زنتوت، التي اشتهرت باقتباسها من بيروت ومناطق لبنان موضوعات لأعمالها، لـ«الشرق الأوسط» عن معرضها الحالي: «هذه المرة تحتل الطاقة الإيجابية الحيز الأكبر من رسوماتي». وأضافت: «كل لون فيها استخرجته من قصة حياة ومن رموز الطبيعة. فكما قلب الإنسان الأحمر، تناولت الأحلام الزرقاء. وبين الأصفر والأخضر والذهبي، حِكتُ الشمس والفجر والغروب والبحر وغيرها من عناصر الطبيعة».

تقول زنتوت: «أنا عاشقة لبلدي، ولأشجاره وسمائه، وطبيعته هي ملهمتي الأولى، لا سيما أنها تحتوي على مجموعة ألوان لا نهاية لها. وأعدّ نفسي من الفنانين الذين يحبون التعامل مع الألوان واستخدامها كلغة تعبيرية عندما تنتهي الكلمات. أستمد من خلال الألوان إيقاع يومياتي وحياتي ككلّ، وفي عملي (ما وراء اللوحة) رغبت في نقل مشاعري هذه إلى الآخرين».

تتأكد من أفكار زنتوت وأنت تتجول في المعرض، حيث تجد مجموعة من لوحات متراصة تحكي قصصها بالبرتقالي والبنفسجي والأحمر والأزرق والترابي.

وفي أخرى تمزج بريشتها المبدعة بين مجموعة ألوان متناسقة. فتبرز من خلالها انسيابية في تفكيرها وفي طريقة تعاملها مع الأمور. وتعلّق: «الألوان تستحضر شخصية اللوحة وتقودنا إلى أعماقها الدفينة. لم أشأ أن تكون لوحاتي مجرَّد أشكال جميلة وجذّابة. بل حاولت أن تتضمن النحت والمشاعر والأحاسيس والتجارب القابعة وراء اللوحة».

«دوائر الحياة» حكايات وتجارب متراكمة في معرض «ما وراء اللوحة» (راوية زنتوت)

وتشير زنتوت إلى أنها غالباً ما تواكب في أعمالها الأحداث العالمية اليومية، فتتضمن الحروب والمعارك وعوامل الطقس والمناخ، مستخدمة هذه الصور للتعبير عن آرائها ومشاعرها. وتوضح: «في بعض اللوحات اعتمدت الحركة النافرة لتعكس اضطرابات داخلية تسكننا، فتنبثق ألوان ورسوم تمنح شعوراً بالراحة. أما في لوحات أخرى، يطالعك الهدوء بشكل واضح، فيبعث الأمل والحب والرومانسية».

تتمسك زنتوت دائماً بالأمل بوصفه مخرجاً لأي موقف أو حالة حرجة، وتفسّر هذا التأرجح بين الحاضر والغد المجهول من خلال حوارات ملونة بالطموح، مطبقة بذلك القول المأثور: «ما أضيق الحياة لولا فسحة الأمل».

وتشرح زنتوت في حديثها: «هذا الأمل أستحضره دائماً في أعمالي من خلال الضياء، فيلاحظ ناظر اللوحة، مهما بلغت قتامة ألوانها، أن هناك بقعة نور تحيط بها».

تكمل جولتك في المعرض لتستوقفك طبقات من مادة الأكريليك ذات أبعاد ثلاثية، تمثل نبض حياة عصرية وذاكرة بصرية مشبعة بالوجدانيات والحس الصادق.

وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنه نوع من الحوار بين جميع هذه الحالات، فتكون اللوحات بمثابة مرآة للخبرات والتجارب. وعندما ينظر إليها المشاهد، يُجبر على الغوص في أعماقها بعيداً عن السطحية، ليكتشف ما تختزنه كل طبقة من ذكريات وتجارب».


«بدايات»... معرض يعيد رواد الفن السعودي للواجهة

لوحة لمحمد السليم (سوذبيز)
لوحة لمحمد السليم (سوذبيز)
TT

«بدايات»... معرض يعيد رواد الفن السعودي للواجهة

لوحة لمحمد السليم (سوذبيز)
لوحة لمحمد السليم (سوذبيز)

مع النهضة الفنية التي تمر بها السعودية حالياً من خلال إنشاء هيئات ومؤسسات تعني بالأصوات المعاصرة، ودعم الأجيال الجديدة كان واضحاً أن العودة للبدايات وتقوية الأواصر ما بين رواد الحركة الفنية ومعاصريها هي الأمثل لاستكمال الصورة الثقافية. سرعان ما عادت الأضواء تسلط على أسماء فنانين وفنانات بدأت على أيديهم حركة الفن الحديث في السعودية من الستينات وحتى الثمانينات من القرن الماضي، ومن هنا توالت المعارض والكتب التي منحت الرواد مكانهم المستحق في رحلة تطور الفنون البصرية بالمملكة.

«بدايات» يأتي من تنظيم هيئة الفنون البصرية في المملكة وهو مشروع ضخم اعتمد على التوثيق والتحليل والبحث يختتم بإقامة معرض تقيمه الهيئة في 27 من يناير المقبل في الرياض تحت عنوان «بدايات الحركة الفنية السعودية» يقام في المتحف الوطني السعودي في العاصمة الرياض. يجمع المعرض أعمال نخبة من الفنانين الذين أسهموا في تشكيل المشهد الفني بالمملكة على مدى 3 عقود، مسلطاً الضوء على مرحلة مفصلية شهدت بروز الممارسات الفنية الحديثة والتجريدية في المملكة.

عمل للفنان عبد الحليم رضوي (سوذبيز)

ولعمل معرض بهذا الشمول، اعتمدت هيئة الفنون البصرية مشروعاً بحثياً اعتمد على المقابلات مع الفنانين والمختصين منهم 50 شخصية محورية وإجراء 120 تقريراً و80 زيارة ميدانية، بالتعاون مع فريق استشاري يضم كلاً من الفنان عبد الرحمن السليمان والدكتور محمد الرصيص والدكتور شربل داغر، مستفيدين من خبرتهم الأكاديمية، ومن شهادات الفنانين المباشرة لتوثيق المعارض المبكرة والحراك التعليمي واللغة التعبيرية المحلية التي تبلورت خلال تلك العقود.

ولم يأت اختيار المنسق الفني قسورة حافظ مفاجأة فهو مهتم بالحركة الفنية السعودية الحديثة والمعاصرة عبر غاليري «حافظ»، وقام مؤخراً بتنسيق معرض «خمسين... نظرة على الفن السعودي» في العاصمة البريطانية عن رواد الفن الحديث والمعاصر في المملكة في دار سوذبيز بلندن عام 2024.

من أعمال الراحلة منيرة موصلي (الشرق الأوسط)

وفي معرض «بدايات» عمل حافظ مع مجموعة واسعة من الأعمال الفنية التي تشمل اللوحات والمنحوتات وأعمال على الورق إلى جانب المواد الأرشيفية التي ستمنح المعرض جانباً تسجيلياً وتاريخياً هاماً، وسيركز أيضاً على تفاعل فناني القرن العشرين مع الإرث الثقافي للمملكة، وأيضاً مشاركاتهم العربية والدولية.

وينقسم معرض بدايات: بدايات الحركة الفنية السعودية إلى 3 أقسام رئيسية، يستعرض كل منها تطور المشهد الفني من منظور موضوعي وسياقي، بالاستناد إلى مواد أرشيفية وأعمال فنية. يتناول القسم الأول، أسس حركة الفن الحديث في المملكة العربية السعودية، ونشأة المشهد الفني من خلال التفاعل بين المبادرات الفردية للفنانين والدعم المؤسسي. أما القسم الثاني فيستعرض القضايا الفنية والفكرية التي شكّلت الإنتاج الفني السعودي، متتبعاً تأثيرات الحياة الحديثة، وإعادة صياغة التيارات الفنية ضمن السياقات المحلية. وأخيراً القسم الثالث، الذي يبرز إسهامات 4 فنانين ودورهم المحوري في هذه الحقبة، وهم: عبد الحليم رضوي، محمد السليم، منيرة موصلي، صفية بن زقر.

لوحة للفنانة (دارة صفية بن زقر)

وتشير دينا أمين، الرئيس التنفيذي لهيئة الفنون البصرية إلى أن المعرض سيحتفي بتاريخ الفن مضيفة: «نفخر بإبراز هذا الإرث الفني الغني من خلال تكريم الفنانين الرواد والمبادرات العامة والخاصة التي شكّلت المشهد الفني في تلك الفترة. نأمل أن يشكل هذا المعرض امتداداً حيّاً ومستداماً، يتيح للجمهور الوصول إلى عمق وتنوع تاريخنا البصري».

وقال القيّم الفني للمعرض قسورة حافظ: «يقدّم معرض (بدايات) سرداً شاملاً قائماً على البحث والتوثيق لتاريخ الفن الحديث السعودي؛ فمن خلال الدراسات الأرشيفية، والأعمال الرائدة، والروايات المباشرة للفنانين، نعمل على حفظ أسس الحركة الفنية للأجيال المقبلة. ويشكّل هذا المشروع تكريماً للفنانين الأوائل وإرثاً ثقافياً مستداماً يواصل إلهام الجمهور داخل المملكة وخارجها».

سيصاحب المعرض إصدار مطبوع شامل وفيلم وثائقي، ليشكّلا مرجعاً معرفياً طويل الأمد للباحثين والجمهور، إلى جانب برنامج شامل يضم جلسات حوارية وورش عمل متخصصة تتناول محاور أساسية تشمل التعليم الفني المبكر، دور المعلمين والمؤسسات الرائدة، وممارسات حفظ الأرشيف الفني.


«لا تُرد ولا تُستبدل»... دراما مصرية ترصد قضية التبرع بالأعضاء

من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)
من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)
TT

«لا تُرد ولا تُستبدل»... دراما مصرية ترصد قضية التبرع بالأعضاء

من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)
من كواليس تصوير المسلسل (حساب صدقي صخر على «فيسبوك»)

يناقش المسلسل المصري «لا تُرد ولا تُستبدل» مشاكل اجتماعية عدة مرتبطة بمرض الفشل الكلوي وصعوبة العثور على متبرعين لإجراء عملية زراعة الكلى، فضلاً عن التكلفة المالية الباهظة والعقبات القانونية والآثار النفسية والاجتماعية للإصابة بالمرض في عمر الشباب.

المسلسل الذي تقوم ببطولته دينا الشربيني مع أحمد السعدني، وصدقي صخر، وحسن مالك، وفدوى عابد، ومن كتابة الثنائي دينا نجم وسمر عبد الناصر، وإخراج مريم أبو عوف، صُوّر في مصر، ويحكي قصة «ريم» التي تقوم بدورها دينا الشربيني، وهي مرشدة سياحية شابة تتعرض لأزمة صحية خلال جولة إرشادية.

ومع نقلها للمستشفى بواسطة قائد «الأوتوبيس» السياحي الشاب «طه» الذي يقوم بدوره أحمد السعدني، تكتشف إصابتها بالفشل الكلوي وحاجتها إلى تلقي جلسات الغسل الكلوي، لتبدأ بعدها رحلة معاناة على مستويات عدة بداية من زوجها «نادر» الذي يؤدي دوره صدقي صخر، والذي توترت علاقتها معه قبل اكتشاف الإصابة، مروراً بوالدته التي تتحدث باستمرار عن رغبتها في رؤية حفيد لها، في حين يمنع المرض الزوجة من تحقيق هذه الرغبة.

وفي خضم التحديات التي تواجهها بعدم قدرتها على العمل، والمعاناة مع تداعيات الغسيل الكلوي المستمر، تبدأ في رحلة البحث عن متبرع، وهو أمر يجد صعوبات قانونية عدة مرتبطة بوجود شبكات للتبرع بالأعضاء بمقابل مادي بالمخالفة للقانون، في حين تتأرجح علاقتها مع زوجها في كل مرحلة.

الملصق الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

رحلة البحث هذه ترتكب فيها البطلة كثيراً من المخالفات القانونية، وتتعرض فيها لمخاطر عدة، ما بين مطاردات من شبكة للاتجار في البشر تستغل حاجة اللاجئين للهجرة غير المشروعة، مروراً بسيدات يوافقن على التبرع مقابل الحصول على أموال لإنقاذ أنفسهن، وصولاً إلى التعرض للنصب من شخص يطلب مضاعفة المبلغ المالي ويحصل عليه، لكنه يهرب قبل الدخول للمستشفى.

ويركز العمل الذي تم تصويره بين محافظات القاهرة الكبرى، والمنيا في صعيد مصر، ودمياط في دلتا مصر، على إبراز أبعاد متعددة لصعوبة الحصول على متبرع بالأعضاء بشكل قانوني، مع إظهار المخاطر التي يضطر من يرغب في التعافي عبر نقل الأعضاء إلى خوضها حتى مع سعيه لعدم مخالفة القانون.

بطلة العمل دينا الشربيني أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن حماسها للتجربة ارتبط بتأثرها الشديد بالواقع الذي تعيشه الشخصية في الأحداث، مشيرة إلى أنها التقت مجموعة من الأشخاص الذين يمرون بالتجربة نفسها، وجلست وتناقشت معهم بالفعل، مما ساعدها على التحضير للدور.

وعبّرت دينا عن سعادتها بردود الفعل التي وصلت إليها من الجمهور عندما شاهدوا العمل وتابعوا أحداثه، وهو أمر جعلها تشعر بوصول رسالة المسلسل بالفعل، مع تسليط الضوء على الأسباب التي تؤدي للفشل الكلوي بشكل مفاجئ، وغيرها من التفاصيل، مبدية حماسها لحالة الترقب للحلقات من الجمهور، وسؤالها في أي مكان توجد فيه عما سيحدث في الحلقات المقبلة.

صنّاع المسلسل في كواليس التصوير (حساب المخرجة على «فيسبوك»)

وقال الناقد محمد عبد الخالق إن مسلسل «لا تُرد ولا تُستبدل» نجح، رغم مأساوية التجربة التي يطرحها، في لفت انتباه المشاهدين وربطهم بحلقاته، وهو ما انعكس على نسب المشاهدة المرتفعة التي تفسر حالة من التفاعل الحقيقي مع الأحداث، مرجعاً الأمر إلى «الفكرة المختلفة التي خرجت عن الإطار التقليدي لقصص الحب والخيانة والمشكلات اليومية التي سئمها الجمهور لتكرارها خلال السنوات الأخيرة».

وأضاف عبد الخالق لـ«الشرق الأوسط» أن «قسوة الفكرة والغوص في تفاصيل مرض الفشل الكلوي، وتصوير ما يرتبط به من معاناة إنسانية وصعوبة جلسات الغسيل الكلوي... قُدمت بصدق»، لافتاً إلى أن الكاتبتين دينا نجم وسمر عبد الناصر نجحتا في رصد هذه التفاصيل بشكل حقيقي، يعكس معايشة كاملة لتجربة مريض يخضع لغسيل الكلى منذ بدايتها حتى نهايتها.

وأوضح أن «طرح فكرة البحث عن متبرع، بما تحمله من أبعاد قانونية وإنسانية معقدة، أضفى على العمل عمقاً إضافياً»، مشيراً إلى أن «المخرجة مريم أبو عوف استطاعت نقل هذه التجربة القاسية بلغة بصرية هادئة، بعيدة تماماً عن المبالغة أو الاستعراض»، على حد تعبيره.