قال المخرج الهندي جيتانك سينغ غورجار إن حصوله على جائزة «نِتباك» لأفضل فيلم آسيوي في مهرجان «تورونتو السينمائي الدولي» بدورته الماضية عن فيلمه «البحث عن السماء» شكّل لحظة مؤثرة في مسيرته، معتبراً الجائزة بمثابة تتويج لسنوات من العمل في السينما المستقلة.
وأضاف غورجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه حاول من خلال فيلمه تقديم قصة قريبة من واقع الريف الهندي، عن أسرة تواجه الفقر والشيخوخة والقدر القاسي في مجتمع لا يرحم، مؤكداً أن «رسالة الفيلم تدلل على أن الإيمان بمثابة قوة داخلية تمنح الإنسان القدرة على الاستمرار رغم الخسائر التي يتعرض لها».
وأوضح أن «فكرة الفيلم بدأت من رغبته في البحث عن التناقض الدائم بين العاطفة الإنسانية والواقع القاسي»، مؤكداً أن ما يجذبه في أي عمل هو الصراع الداخلي للشخصيات أكثر من الأحداث الخارجية.

وتابع غورجار: «أسعى دائماً إلى تحويل تلك القصص التي تلامسني شخصياً إلى مادة سينمائية تتيح للمتفرج أن يشارك في التساؤل لا في التلقّي فقط، وقد تأثرت منذ بداياتي بالمسرح الشعبي والفلكلور الهندي، الأمر الذي انعكس على اختياراتي وما أقوم بكتابته من أعمال سينمائية».
تدور أحداث فيلم «البحث عن السماء» عن زوجين مسنّين يعيشان في قرية نائية في الهند، يكدّ الأب في حمل الطوب طوال النهار، بينما تجمع الأم روث الأبقار لتبيعه وقوداً للفقراء، وفي الوقت نفسه ترعى ابنهما البالغ الذي يعاني إعاقة ذهنية، ومع تفاقم الفقر وتهديد أحد التجار بالاستيلاء على أرضهم، يبدأ الأب بالتفكير في مصير ابنه بعد رحيلهما، ثم يسمع عن مهرجان ديني ضخم، فيقرر الذهاب إليه سعياً إلى معجزة أو خلاص.

وقال غورجار إن «تصوير الفيلم تمّ في مناطق يعرفها جيداً منذ طفولته في ولاية ماديا براديش، كما اعتمدتُ على ممثلين مسرحيين إلى جانب عدد من غير المحترفين من القرويين؛ لأن المزج بين الطرفين أوجد أجواء لا يمكن الحصول عليها في بيئة الاستوديو انعكست على أداء الممثلين والصورة النهائية التي يشاهدها الجمهور».
وأضاف أنه عقد مع الممثلين ورشاً تمهيدية طويلة قبل التصوير، ركز خلالها على بناء الشخصية نفسياً واجتماعياً، أكثر من الاهتمام بالحوار أو الأداء الشكلي، مشيراً إلى أنه طلب من كل ممثل أن يتخيل «ذاكرة» لشخصيته، وأن يجد المبررات العميقة وراء كل فعل يقوم به في الفيلم، لقناعته بأن صدق التمثيل يبدأ من الفهم الداخلي لا من التوجيه الخارجي.
وتابع المخرج الهندي: «فضّلت تصوير الفيلم في المواقع الحقيقية مستخدماً أسلوباً قريباً من التسجيل الواقعي، دون إعدادات كبيرة أو تدخل بصري مبالغ فيه»، موضحاً أن «الصعوبات كانت كثيرة، خصوصاً أثناء تصوير مشاهد المهرجان الديني الكبير المعروف بـ(ماها كومبه ميلا)، الذي يجتذب عشرات الملايين من الزوار».

وأكد أنه وفريقه اضطروا للتصوير وسط الزحام باستخدام كاميرات صغيرة، وأنهم لجأوا أحياناً إلى حيل طريفة لتجاوز المواقف، مثل افتعال مشاجرة جانبية بين اثنين من المساعدين كي يلتفت الجمهور إليهما بدل النظر إلى الكاميرا، مما سمح بالتقاط مشاهد طبيعية وسط الجموع دون أن يشعر الناس بوجود فريق التصوير.
وقال غورجار إن «التمويل كان من أكثر العقبات التي واجهتُها، فقد أنتجت فيلمي الأول من مالي الخاص أثناء عملي في وزارة السياحة الهندية، ثم تلقيت دعماً لمشروعي الثاني بعد أن شاهده بعض المنتجين وأبدوا رغبتهم في التعاون معي»، لافتاً إلى أنه يعمل حالياً على فيلم ثالث ويبحث عن جهة إنتاج تتيح له الاستمرار في هذا الخط الذي يوازن بين الواقعية والبساطة.
وأشار غورجار إلى أنه يستعد حالياً لعرض الفيلم في مهرجانات عالمية عدة، منها مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» في دورته المقبلة، معتبراً أن عرض الفيلم في «تورونتو» منحه فرصة الوصول إلى جمهور أوسع مما يجعله حريصاً على الاستماع لآراء مختلفة عبر إتاحة الفيلم بأكبر عدد من المهرجانات حول العالم.

