فاز الكاتب المجري لاسلو كراسناهوركاي (71 عاماً)، بجائزة نوبل للآداب لعام 2025، وفق ما أعلنته اللجنة المشرفة على الجائزة، الخميس.
وتم إعلان اسم لاسلو كراسناهوركاي في حفل الأكاديمية السويدية الذي أقيم، بالعاصمة استوكهولم لإعلان اسم الفائز بجائزة نوبل للآداب، وفق «وكالة أنباء الشرق الأوسط».
وقال السكرتير الدائم في الأكاديمية السويدية، ماتس مالم: «تم منح جائزة نوبل في الآداب لعام 2025 للمؤلف المجري لاسلو كراسناهوركاي لعمله الجذاب والرؤيوي الذي يؤكد، في خضم الرعب المروع، قوة الفن».
وتصل قيمة الجائزة التي تمنحها الأكاديمية السويدية 11 مليون كرونة، ما يعادل نحو (1.2 مليون دولار).
وتداول أدباء ومترجمون ومثقفون أعمال كراسناهوركاي المترجمة إلى العربية، وهما عملان روائيان فقط «تانغو الخراب» المنشورة عام 1985، و«كآبة المقاومة» المنشورة عام 1989، وترجمهما السوري الحارث النبهان عن «دار التنوير»، والأخيرة حاز عنها جائزة بوكر، التي تعدّ أرفع الجوائز التي تمنح للأدب المكتوب بالإنجليزية. بينما أشارت تقارير ودراسات عن الكاتب المولود في المجر عام 1954 إلى أنه أصدر نحو 8 روايات ومجموعة قصصية، وعُرف بأنه من أشد الأصوات الداعمة لتيار ما بعد الحداثة وكتابة الدستوبيا، التي يعدّها البعض معادلاً للواقعية السوداء، والكتابة عن نهاية العالم، وعدّه نقاد وأدباء أنه يمشي على النهج السوداوي للكتابة التي اشتهر بها التشيكي فرانز كافكا، والكتابة العبثية التي عُرف بها الآيرلندي صمويل بيكيت.

وتقول الشاعرة والمترجمة المصرية، الدكتورة سارة حامد حوَّاس، مدرس الأدب الإنجليزي بكلية الآداب جامعة المنصورة، إن «الروائي المجري لاسلو كراسناهوركاي يُعرف بأسلوبه المميز، الذي يتسم بالجُمل الطويلة الممتدة، والكثافة اللغوية، والنبرة التأملية، مع ميول إلى العوالم القاتمة والممزقة داخلياًً، حيث يطغى الشعور بالغربة، والانهيار، والتفكك المجتمعي»، وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «كثير من النقاد يشبِّهونهُ بأدب أوروبا الوسطى الحديث، وقد تقاطعت أعماله مع تقاليد الكتابة عند كافكا وتوماس برنهارد، من حيث اقترابها من العبثية والتضخيم والمفارقة».
وأشارت إلى أن نصوصه «يبدو فيها التأمل البنيوي، حيث تُبنى العوالم الأدبية على تفاصيل دقيقة للغاية، وطرائق سرد غير اعتيادية، تجعل القارئ يتأمل البُنى الداخلية للنص، كما أن هناك إحساساً دائماً بأن العالم قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، سواء على المستوى الجماعي أو الفردي».
و«على الرغم من الظلال الثقيلة، يقدّم كراسناهوركاي في نصوصه الفن بصفته قوةً تمتلك قدرة على الصمود أو الإمساك بخيوط الهوية الإنسانية في لحظات التفكك، كما أن تجربته النصية تتجاوز الحدود المحلية، وتتجه نحو القلق الوجودي والإنساني»، على حد تعبيرها.
وأوردت سارة نصاً من شهادته عن الكتابةِ ترجمته إلى العربية يقول فيه: «الكتابة، بالنسبةِ إليَّ، فعلٌ خاصٌ تماماً، فعندما أتحدَّث عن أدبي، أشعر بالخجل، إنَّه أشبه بأن تطلب مني الحديث عن أسراري الأكثر خُصوصية».
ومن شهادته أيضاً: «لم أكُن يوماً جُزءاً من الحياة الأدبية؛ لأنني لم أقبل أن أكون كاتباً بالمفهوم الاجتماعي، عندما أكتُب كتاباً، يكون الكتاب جاهزاً في رأسي، فمنذ أن كنت صغيراً، كنت أعمل بهذه الطَّريقة. كانت ذاكرتي غير عادية في طفولتي، فكان لديَّ ذاكرة فوتوغرافية».
ومنها أيضاً: «أعملُ تقريباً في كل دقيقةٍ، كطاحونةٍ مستمرَّة في الدورانِ، لكنَّني لا أعمل إذا كنت مريضاً أو ثملاً».
ويقول المترجم المصري، طاهر البربري، إن أعمال الحائز نوبل تتبنى مشروعاً لبناء عالم بالغ السوداوية، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «في روايته الأولى التي صدرت عام 1985 بعنوان (تانغو الخراب) يظهر هذا المشروع جلياً، وينظر إليها الآن بوصفها واحدة من كلاسيكيات الرواية المجرية، وتتحدث عن وصول شخص إلى مكان، ربما يكون نبياً أو ربما شيطاناً، وهو يرتدي حالة هاملت المجري ولدى وصوله تأخذ كل بنايات المكان في الانهيار ومعه تنهار كل الآمال في نهارات أفضل».
ويشير البربري إلى أن رواية للكاتب المجري فازت بجائزة البوكر البريطانية عام 2015، مضيفاً: «بإمكاننا القول إنه كاتب ملحمي وفقاً للتقاليد الشرق أوروبية التي تمتد من كافكا إلى توماس برنارد، والتي تتسم بالعبثية والمبالغة الشديدة في ترسيخ الكابوسية ومفرداتها».
وحصل 120 أديباً على جائزة نوبل منذ تأسيسها عام 1901، وفق موقع الأكاديمية السويدية المانحة، وكان من بين الفائزين المصري نجيب محفوظ الذي يعدّ العربي الوحيد الحاصل عليها عام 1988، ومن أشهر الحاصلين على نوبل في الأدب، روبندرنات طاغور، وأناتول فرانس، وجورج برناردشو، وهرمان هسه، وأندريه جيد، وإرنست هيمنغواي، وألبير كامو، وميخائيل شولوخوف، وياسوناري كاواباتا، وبابلو نيرودا، وغابرييل غارسيا ماركيز.
وعلى الرغم من نشره كثيراً من الكتب، فإن الترجمات القليلة التي نُشرت بالعربية للكاتب المجري لاسلو كراسناهوركاي، حالت دون تعرف الكثير من القراء أو المبدعين عليه، ويُرجع الدكتور حاتم الجوهري، أستاذ الدراسات الثقافية المنتدب بالجامعات المصرية، اختيار الكاتب المجري للجائزة إلى أنه يعود لـ«الذائقة الغربية التي عادةً ما تسعى لمخالفة التوقعات»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا حركة ترجمة جيدة، لكنها تفتقد للرعاية والتمويل والتخطيط الجيد، من ثم فوز كاتب غير معروف في المشهد العربي أو على الأقل ليست له أعمال رائجة في الترجمة، سيكون فاتح شهية لبعض الناشرين لترجمة أعماله».
وأضاف الجوهري: «الكتابة الكابوسية التي يتحدث البعض عنها ويربطها به ليست جديدة، فكتابة الدستوبيا أو الكتابة السوداء انتشرت مع تصورات ما بعد الحداثة وفشل مشروع العقل الأوروبي، وتليق أكثر بالفوضى والخراب الذي ينشره الغرب وأميركا في العالم الآن».



