منزل إماراتي يستلهم تراث القاهرة التاريخية والخطوط النادرة

«ديواني» بالشارقة للفنان هشام المظلوم يُوصف بـ«التحفة المعمارية»

منزل (ديواني) في الشارقة (الشرق الأوسط)
منزل (ديواني) في الشارقة (الشرق الأوسط)
TT

منزل إماراتي يستلهم تراث القاهرة التاريخية والخطوط النادرة

منزل (ديواني) في الشارقة (الشرق الأوسط)
منزل (ديواني) في الشارقة (الشرق الأوسط)

في الشارقة صمم الفنان الإماراتي هشام المظلوم منزله الخاص، وسماه «ديواني»، لكنه ليس مجرد منزل بالمعنى المتعارف عليه، بل يُوصف بأنه «تحفة معمارية»، لا سيما بعد حصده جوائز عالمية بوصفه واحداً من أجمل البيوت المعاصرة في العالم.

بين أروقة المنزل أكثر من 200 عمل فني لأكثر من 85 خطاطاً وفناناً من مختلف مدارس الخط العربي، ومنها خط النسخ والرقعة والديواني والثلث والكوفي والمغربي وغير ذلك.

الأشرطة الكتابية استقرت داخل منزل (ديواني)

وفي القاهرة كان ميلاد عمل إبداعي أصيل جاء ليمثل حلقة جديدة من سلسة مزج «الديواني» ما بين فن الخط العربي وتخطي حدود العمارة التقليدية؛ فعندما طرح المظلوم على مركز «القلم» المصري فكرة إضافة منحوتات حجرية بخط الثلث المملوكي لتزيين مدخل المبنى، جاء اقتراح المركز أن تكون هذه المنحوتات مستنسخات من الأشرطة الكتابية للمذاهب الفقهية بمسجد ومدرسة السلطان حسن بالقاهرة؛ بعدّه درة العمارة الإسلامية وذروة نضج خط الثلث المملوكي، وهكذا تطورت الفكرة من مجرد إضافة عمل فني إلى إحياء جانب من أثرٍ مملوكي، وإعادة تقديمه في سياق معاصر.

ولا يحمل هذا المشروع الفني بين طياته مجرد فكرة عادية بل هو رحلة لتجسيد وإحياء جزء من الآثار الإسلامية؛ فكل تفصيلة تحكي القصة كما أرادها صانعوها منذ 7 قرون مضت وفق المهندس محمد وهدان مدير مؤسسة القلم الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «كانت التجربة بمثابة مدرسة جماعية، أتاحت للفنانين فرصة إحياء التراث، وأضافت خبرات عملية في دراسة الخط المملوكي وتطبيقاته الحجرية، كما رسخت فكرة أن الخط العربي قادر على عبور الزمن وأنه ليس فناً ساكناً».

المستنسخات قبل أن تغادر القاهرة (الشرق الأوسط)

وأوضح: «النصوص المنفذة مأخوذة من الأشرطة الكتابية الأصلية بالمدرسة، والخط المستخدم هو الثلث المملوكي»، مشيراً إلى أن «العمل ليس نسخة حرفية 100في المائة، فبينما حافظ على روح الأصل، لجأ في الوقت نفسه إلى إجراء معالجة معاصرة في الألوان؛ لتتناسب مع طابع مبنى ديواني وبيئته البصرية، مع بعض التعديلات في مواضع الفصل والقطع ليسهل شحنها وتركيبها».

ولا تُعد الأشرطة الكتابية في مسجد السلطان حسن مجرد كتابات، بل وثائق معمارية وروحية تحمل جلال النص القرآني وجمال خط الثلث المملوكي، وتنسجم مع عظمة المبنى.

استحضار إرث بصري من القاهرة التاريخية (الشرق الأوسط)

ويكمن تميزها في دقتها الهندسية، وقوة حروفها، وتوافقها مع عمارة ضخمة جعلتها واحدة من أهم الشواهد البصرية على إبداع الخط العربي في العصر المملوكي. بحسب وهدان.

وجاء الاختيار لهذه الأشرطة خصوصاً نتيجة تلاقٍ بين الطرفين؛ فمن جانب ديواني الشارقة كانت هناك رغبة في استحضار إرث بصري من القاهرة التاريخية، ومن جانب «القلم» كان اقتراح الأشرطة الكتابية للمدارس الفقهية بمسجد السلطان حسن؛ لما تحمله من رمزية دينية وتاريخية وجمالية؛ ولأنها كذلك نصوص ملائمة لمدخل المبنى: «ادخلوها بسلام آمنين»، «يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها».

جرى التنفيذ يدوياً على الحجر الجيري المصري (الشرق الأوسط)

وبلغ العمل الكلي نحو 7 أمتار طولاً، جرى تقسيمها إلى 8 قطع مختلفة الأطوال عند مواضع مدروسة، واستغرق المشروع نحو شهرين ونصف متتالية ما بين مراحل: التوثيق، الرقمنة، التصميم، ثم النحت والتلوين اليدوي على الحجر والشحن الدولي والتركيب.

وحول مراحل العمل يقول وهدان:«جرى التوثيق الميداني في مسجد ومدرسة السلطان حسن بدقة، من خلال تصوير وقياس النصوص، ثم تحويلها إلى تصاميم رقمية»، ويتابع: «بعد ذلك جرى التنفيذ يدوياً على الحجر الجيري المصري – وهو خامة المبنى الأصلي نفسه – مع إضافة ألوان معاصرة تناسب ديواني الشارقة».

منزل (ديواني) في الشارقة (الشرق الأوسط)

ويواصل: «وكان من أهم مصاعب العمل هو حساسية الحجر الجيري في النحت والتلوين، وتحقيق التنسيق الفعال بين المتعاونين للوصول للنتائج المطلوبة، وشحن القطع الفنية التي قارب وزنها 350 كيلو غراماً وإيصالها بسلام لوجهتها الأخيرة».

وضم فريق العمل 3 فنانين؛ هم النحات الدكتور عبد الرحمن البرجي، وقام بالرقمنة عبد الله محمد، والتوثيق معاذ زكي.

ويرى المهندس محمد وهدان أن التجربة قابلة للتكرار في مواقع أخرى؛ لأنها أثبتت أن استنساخ التراث بخامات أصيلة يمكن أن يفتح حواراً جديداً بين الماضي والحاضر، مشيراً إلى أنه هناك بالفعل مشاريع قيد الدراسة لتوسيع الفكرة وتنفيذ أعمال مشابهة.


مقالات ذات صلة

إخلاء مقبرة السلحدار يُعيد الجدل حول مصير تراث الجبانات في مصر

يوميات الشرق مدفن الوزير أحد أبرز الشواهد المهدَّدة (الباحث إبراهيم طايع)

إخلاء مقبرة السلحدار يُعيد الجدل حول مصير تراث الجبانات في مصر

أدّى جمع متعلقات الحوش من ورثة السلحدار إلى حالة من الدهشة لدى قطاع من الباحثين والمهتمّين بتراث الجبانات.

حمدي عابدين (القاهرة)
يوميات الشرق شاهد على عبور البشر لمياه بعيدة (وحدة الآثار في كامبريدج)

زوارق تُعيد كتابة فصول مفقودة من عصر ما قبل التاريخ

بعد أكثر من 3 آلاف عام أمضتها مطمورةً في الطمي، خرجت 3 زوارق نادرة من العهدَيْن البرونزي والحديدي إلى الضوء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون 3 قطع منقوشة على صدف من عِرق اللؤلؤ مصدرها موقع مليحة في إمارة الشارقة

نقوش تصويرية منمنمة من موقع مليحة بالشارقة

نشأت مستوطنة مليحة في القرن الثالث قبل الميلاد، وازدهرت على مدى 6 قرون من الزمن.

محمود الزيباوي
يوميات الشرق دير سانت كاترين بجنوب سيناء (الهيئة العامة للاستعلامات المصرية)

مصر لتوثيق التراث الثقافي غير المادي بسيناء

ضمن خطة أطلس المأثورات الشعبية، بالهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية لتوثيق عناصر التراث الثقافي غير المادي، أوفدت الهيئة بعثة ميدانية إلى محافظة شمال سيناء.

محمد الكفراوي (القاهرة )
ثقافة وفنون زاهي حواس (صفحته على «فيسبوك»)

زاهي حواس: الإعلان عن كشف أثري كبير داخل هرم خوفو العام المقبل

كشف عالم المصريات الدكتور زاهي حواس، إن مصر ستعلن العام المقبل عن كشف أثري كبير داخل هرم خوفو العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (الشارقة)

جدل واسع يُرافق عرض «كان ياما كان في غزة» في «القاهرة السينمائي»

لقطة لأحد مَشاهد الفيلم (القاهرة السينمائي)
لقطة لأحد مَشاهد الفيلم (القاهرة السينمائي)
TT

جدل واسع يُرافق عرض «كان ياما كان في غزة» في «القاهرة السينمائي»

لقطة لأحد مَشاهد الفيلم (القاهرة السينمائي)
لقطة لأحد مَشاهد الفيلم (القاهرة السينمائي)

أثار الفيلم الفلسطيني «كان ياما كان في غزة» جدلاً واسعاً عقب عرضه في «مهرجان القاهرة السينمائي» ضمن أفلام المسابقة الدولية، بعدما واجه صنّاعه اتهامات بتقديم صورة تختزل الفلسطينيين في تاجر مخدرات ومتعاطٍ وفساد في السلطة، في وقت يشهد العالم تعاطفاً كبيراً مع القضية الفلسطينية.

وهو الاتهام الذي رفضه مُخرجاه الشقيقان عرب وطرزان ناصر، مؤكدَيْن أن الفلسطينيين جميعهم أبطال لأنهم لم يملكوا خيارات منذ وُلدوا داخل الظلم والحصار والعزل، ومع صوت طائرات الاستطلاع الذي لا يهدأ إلا لغارة أو هجوم جديد.

وشارك الفيلم سابقاً في مهرجانات عدّة، ونال مُخرجاه جائزة أفضل إخراج بمهرجان «كان السينمائي» حيث عُرض ضمن قسم «نظرة ما» في دورته الـ78، كما عُرض في «وارسو السينمائي»، و«بروكسل للأفلام»، و«ساو باولو السينمائي»، وينتظر مشاركته في «مهرجان مراكش».

وشهد عرضه في القاهرة حضوراً لافتاً وتفاعلاً كبيراً، واختُتم بتصفيق حارّ. وتجاوب الجمهور مع المواقف الكوميدية التي تضمَّنها العمل، وهو فيلم تدور أحداثه في غزة عام 2007، يمزج بين الواقعية والكوميديا السوداء، وتتقاطع فيه مصائر 3 رجال، هم: يحيى الطالب الجامعي، وأسامة صاحب مطعم الفلافل المتورّط في تجارة المخدرات الذي يستغلّ المطعم ليكون غطاء لتوزيع الأقراص المخدِّرة بمساعدة يحيى، والشرطي الفاسد أبو سامي الذي يفرض على أسامة توزيع المخدّرات المُصادرة ويختلف معه على النسبة، ليدخل الطرفان في مطاردة تنتهي بشكل مأسوي.

صنّاع الفيلم الفلسطيني «كان ياما كان في غزة» (القاهرة السينمائي)

واختار المخرجان تقديم فيلمهما بأسلوب «فيلم داخل فيلم»، إذ يقع اختيار أحد المخرجين على يحيى بعد رؤيته في مقهى، ليسند إليه بطولة فيلم عن النضال الفلسطيني بعنوان «الثائر». وتتقاطع أحداث الفيلمين عبر مواقف ساخرة، كاشفة عن هشاشة الأوضاع التي سبقت الحرب على غزة، وقسوة واقع يرزح تحت الأزمات، بينما تتوالى جنازات الشهداء، وتسقط الصواريخ فوق البشر والمباني.

وجاءت الموسيقى التصويرية لأمين بوحافة لتضيف طبقة جمالية أخرى، مع تميُّز الرؤية الفنية للفيلم.

واستقبلت السجادة الحمراء صنّاع العمل قبل عرضه، ثم ناقشوه مع الجمهور على المسرح الكبير بدار الأوبرا. ولفت عرب ناصر إلى أنهما واصلا تطوير السيناريو حتى عام 2023، وحين اندلعت حرب الإبادة توقف المشروع، وقال: «قرّرنا تقديم السيناريو كما كُتب، لأنّ العالم يتعامل مع الفلسطينيين على أنهم أرقام، بينما أردنا أن نحكي كيف كانت حياتهم قبل الإبادة». وأضاف أنّ التاريخ لا يبدأ في 2023، فهو يمتد عبر معاناة طويلة وحصار غزّة الذي يشبه «حكماً بالإعدام» منذ فرضه.

وقال شقيقه طرزان: «نتحدّث هنا عن ناس لا يملكون خيارات. هم ضحايا الاحتلال والظروف القاسية، وما يقدّمه الفيلم مستمد من شخصيات حقيقية استُشهدت في الحرب».

صنّاع الفيلم ناقشوه مع الجمهور عقب عرضه (القاهرة السينمائي)

وأشار المؤلِّف عامر ناصر إلى أنّ بناء الجدار العازل عزل نحو مليونَي فلسطيني منذ 2007 بلا كهرباء ولا مياه ولا علاج ولا مقوّمات حياة. أما الممثل الأردني مجد عيد، فأعرب عن انبهاره بالسيناريو، قائلاً: «لم أقرأ سيناريو بهذا الإتقان والمتعة».

وانتقد أحد الحضور الفيلم، مشيراً إلى أنه «يختزل الفلسطينيين في صور سلبية». فردَّ عرب ناصر: «نحن نقدّم الإنسان على أنه إنسان. ما يظهر على الشاشة ليس خروجاً عن السياق الوطني، فهو محاولة لكشف واقع القمع والخيارات المعدومة»، وأضاف طرزان: «غزة كلها أبطال. لكن السينما يجب أن تحكي عن الحياة أيضاً، لا عن الرمز فقط».

من جهته، رأى الناقد المصري خالد محمود أنّ الجدل طبيعي لأن الجمهور يحمل رؤى متباينة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بالتأمّل، نجد أن الفيلم يعرض واقعاً مأزوماً لا يستطيع الفلسطيني الخروج منه، سواء كان طالباً أو تاجراً أو شرطياً». وأشاد بالموسيقى والأداء التمثيلي، مؤكداً أنّ الفيلم «جريء ومختلف ومصنوع بحرفية عالية»، وأنّ الأخوين ناصر «صوّرا امتداد الماضي وتبعاته بذكاء، وذهب الفيلم إلى شخصيات غير تقليدية تُحسب له».


بلاكبي: الراب مساحة للتعبير... واعتزالٌ بعد الألبوم العاشر

السعودي بلاكبي من بين أبرز رواد موسيقى الراب في الخليج (الشرق الأوسط)
السعودي بلاكبي من بين أبرز رواد موسيقى الراب في الخليج (الشرق الأوسط)
TT

بلاكبي: الراب مساحة للتعبير... واعتزالٌ بعد الألبوم العاشر

السعودي بلاكبي من بين أبرز رواد موسيقى الراب في الخليج (الشرق الأوسط)
السعودي بلاكبي من بين أبرز رواد موسيقى الراب في الخليج (الشرق الأوسط)

شهدت موسيقى الراب في السعودية خلال السنوات الأخيرة حضوراً لافتاً، بعدما تحوَّل هذا اللون الغنائي من تجارب شبابية محدودة إلى ظاهرة فنّية تُعبّر عن جيل جديد يعيش تفاعله مع العالم عبر الإيقاع والكلمة. وبينما يشيد عشّاق هذا النوع بسعي الفنانين إلى تطوير تجاربهم وإيصال صوت الشباب، إلى جانب مواجهتهم التحدّيات، يرون أنّ ذلك يُعدّ مؤشراً على تطور الذائقة الفنّية واتّساع نطاقها.

وفي هذا السياق، رأى مغنّي الراب السعودي بلاكبي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنّ الراب ليس مجرّد وسيلة لنقل رسالة محدّدة، بل مساحة فنّية مفتوحة تُترجم مشاعر الإنسان على اختلافها.

وأضاف: «تحمل بعض الأغنيات رسائل وطنية واجتماعية، لكن يبقى الهدف الأساسي للموسيقى هو ملامسة الإحساس وتغيير المزاج. بالإمكان الاستماع إلى أغنية حزينة والشعور بالسعادة في الوقت ذاته، فالفنّ الحقيقي قادر على تحريك المشاعر وإلهام المستمع».

بلاكبي رأى أنّ الهدف الأساسي للموسيقى هو ملامسة الإحساس (الشرق الأوسط)

وكشف بلاكبي، الذي يُعدّ من بين أبرز موسيقيي الراب في الخليج، عن قرار مفاجئ لمعجبيه، وهو عزمه الانسحاب من الساحة الغنائية بعد إصدار ألبومه العاشر الذي يعمل عليه حالياً، وذلك بسبب «الاكتفاء».

وقال: «بعد انتهائي من إنتاج الألبوم العاشر، ستكون تلك محطة النهاية، لكن هذا لا يعني أنني سأختفي كلياً. فإصداري العاشر والأخير سيصل إلى الجمهور في الصيف المقبل، وحتى ذلك الوقت سأطرح عدداً من الأغنيات المنفردة قبل صدوره».

ويختتم هذا الإعلان مرحلة بلاكبي الفنية التي امتدت لأكثر من عقد على ساحة الراب السعودي والعربي، جامعاً بين الإنتاج الغزير والرؤية الفنية التي صنعت له قاعدة جماهيرية واسعة، ومجموع مشاهدات يتجاوز 82 مليون عبر «يوتيوب».

وبلاكبي (BLVXB) أثبت حضوره في المشهد، إذ يُعد أحد أشهر مؤدّي الراب، والعربي الوحيد الذي يمتلك 9 ألبومات موسيقية في المجال ذاته، مما جعله أحد أكثر الأصوات إنتاجاً على الساحة المحلّية.

وشكّلت إصداراته محطات مفصلية في مسيرته، فكل ألبوم هو حصيلة رحلة طويلة من الليالي التي قضاها في الاستوديو، بين تجارب وتعديلات متواصلة للوصول إلى أفضل نسخة ممكنة من موسيقاه.

كشف بلاكبي عن قرار مُفاجئ بالانسحاب من الساحة (الشرق الأوسط)

ويستلهم بلاكبي كلماته من تجاربه الشخصية وتجارب محبّيه، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «يرسل لي المتابعون قصصهم الشخصية المؤثرة، وأعمل على تحويلها إلى عمل فني. كثيرون لا يجدون مَن يصغي إليهم، والموسيقى تمنحهم صوتاً يُعبّر عنهم».

وإذ رأى الفنان الشاب أنّ الساحة تحتاج إلى مزيد من النضج الفني والالتزام بالقيم المحلّية، رغم الشعبية الواسعة التي حقّقتها موجة الراب السعودي، أشار إلى أنّ التحديات جزءٌ من ثقافة الراب، لكن بعض الأساليب التي ظهرت مؤخراً، مثل أغنيات «الدس» القائمة على التجريح أو السخرية، لا تُمثّل الفن الحقيقي، وتضم في أحيان كلمات لا تليق بالعادات والتقاليد، مما ينعكس سلباً على صورة الراب.

ويجد الشباب السعودي في الراب وسيلة للتعبير بأسلوب مختلف عن السائد. فمع بداياته مطلع الألفية في المنطقة العربية، ظهرت محاولات فردية لصناعة أغنيات ذات طابع محلّي عبر مواقع إلكترونية محدودة، تناولت موضوعات اجتماعية ووطنية وشخصية.

ومع ظهور المنصات الرقمية، خصوصاً «يوتيوب»، انتقل الراب السعودي إلى فضاء أوسع، وحقَّق وصولاً غير مسبوق، حتى أصبحت بعض أغنياته ضمن أكثر المقاطع رواجاً على المنصات، مُحققةً ملايين المشاهدات.

يُشار إلى أنّ موسيقى الراب نشأت في حفلات الأحياء في مدينة نيويورك أوائل سبعينات القرن الماضي، بكونها جزءاً من ثقافة «الهيب هوب» في حي برونكس، قبل أن تنتشر لاحقاً في أحياء أخرى مثل كوينز، وصولاً إلى كونها اليوم لغة عالمية تتجاوز حدود المكان وتنقل تجارب إنسانية متنوّعة.


باحثون يحللون الحمض النووي لهتلر... ماذا كشف؟

أدولف هتلر (يمين) يركب في سيارة مع الديكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني (يسار) أثناء الحرب العالمية الثانية (أ.ف.ب)
أدولف هتلر (يمين) يركب في سيارة مع الديكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني (يسار) أثناء الحرب العالمية الثانية (أ.ف.ب)
TT

باحثون يحللون الحمض النووي لهتلر... ماذا كشف؟

أدولف هتلر (يمين) يركب في سيارة مع الديكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني (يسار) أثناء الحرب العالمية الثانية (أ.ف.ب)
أدولف هتلر (يمين) يركب في سيارة مع الديكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني (يسار) أثناء الحرب العالمية الثانية (أ.ف.ب)

قام باحثون بتحليل عينة من الحمض النووي يُعتقد أنها تعود لأدولف هتلر، والتي يقولون إنها تكشف عن أن ديكتاتور ألمانيا النازية كانت لديه علامة وراثية لاضطراب نادر يمكن أن يؤخر البلوغ، وفقاً لفيلم وثائقي جديد.

قادت عالمة الوراثة توري كينغ، الأستاذة بجامعة باث البريطانية، والمعروفة بتحديدها رفات الملك ريتشارد الثالث، هذا البحث الذي استغرق أكثر من أربع سنوات. وقالت كينغ إنها تأكدت من أن قطعة من مادة مأخوذة من أريكة في المخبأ الذي انتحر فيه هتلر عام 1945 كانت مغمورة في دم الديكتاتور، وذلك بمقارنة عينة من الحمض النووي المأخوذة من أحد أقارب هتلر المؤكدين، بحسب شبكة «سي إن إن».

بالإضافة إلى الإشارة إلى احتمال إصابة هتلر بحالة خِلقية تُعرف بمتلازمة كالمان تُسبب اضطراباً هرمونياً، بحث الفيلم الوثائقي في شائعات مفادها بأن الديكتاتور كان من أصل يهودي، وفيما إذا كان لديه استعداد وراثي لبعض اضطرابات الصحة العقلية.

يُعرض الفيلم الوثائقي، الذي يحمل عنوان «حمض هتلر النووي: مخطط ديكتاتور»، لأول مرة يوم السبت على القناة الرابعة البريطانية.

مع ذلك، لم تتم مراجعة النتائج التي تمت مشاركتها في الفيلم الوثائقي من قبل علماء آخرين في هذا المجال، أو نشرها في مجلة علمية، مما يجعل من الصعب على الخبراء غير المشاركين في المشروع تقييم صحته.

بدأت قطعة القماش الصغيرة المهترئة رحلتها عام 1945 على يد العقيد في الجيش الأميركي روزويل ب. روزنغرين، الذي كان ضابط الاتصالات للجنرال دوايت د. أيزنهاور. عندما سمحت القوات السوفياتية لروزنغرين بدخول مخبأ هتلر، قطع عينة من القماش من أريكة ملطخة بالدماء، وفقاً للفيلم الوثائقي. بقيت العينة في عائلة روزنغرين قبل طرحها للبيع في مزاد عام 2014، واشتراها متحف جيتيسبيرغ للتاريخ في بنسلفانيا.

قالت كينغ: «لم نكن نعرف ما الذي سنجده... كان من الممكن أن يكون هذا الجينوم الأكثر غموضاً على هذا الكوكب، ولكنه كان مذهلاً».

الديكتاتور الألماني أدولف هتلر (أ.ف.ب)

كانت النتيجة الأبرز من تحليل الفريق هي أن هتلر كانت لديه طفرة في جين يُسمى PROK2. قالت كينغ إن المتغيرات في هذا الجين تُسبب متلازمة كالمان، وقصور الغدد التناسلية الخلقي. لدى الأولاد، يمكن أن تُؤخر هذه الحالات البلوغ.

أوضحت كينغ: «بشكل أساسي، تتميز هذه الحالات بانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون. إما ألا يمر الشخص بمرحلة البلوغ، أو يمر بمرحلة بلوغ جزئية».

عينة أصلية

من جهته، يرى عالم الأحياء المشهور في مجال الطب الشرعي الدكتور مارك بينيكي أن عينة الدم المستخدمة في فيلم وثائقي تلفزيوني بريطاني لتحليل الحمض النووي لأدولف هتلر أصلية.

والعينة المستخدمة في فيلم «حمض هتلر النووي: مخطط ديكتاتور» تأتي من الأريكة التي تردد أن هتلر أطلق النار على نفسه عليها في مخبأ القائد في برلين.

وقال بينيكي لـ«وكالة الأنباء الألمانية» إنه أخذ أيضاً عينة من مكان آخر، وهو مسند الذراع الجانبي، بعد أن تمكن من الوصول إلى هذا الجزء من الأريكة في أرشيفات موسكو الحكومية.

وفي الفيلم الوثائقي، تم استخدام قطعة قماش ملطخة بالدماء، عثر عليها لاحقاً في متحف أميركي، لتحديد تسلسل الحمض النووي. وتردد أن جندياً أميركياً تمكن من الحصول عليها في مخبأ برلين، حيث انتحر هتلر في 30 أبريل (نيسان) 1945.