مع إقامة ملايين السودانيين في مصر، انتشرت في بعض أحياء القاهرة متاجر ومطاعم ومخابز سودانية. كما تحظى مستحضرات التجميل برواج لافت وفق تجار سودانيين.
من بين رواد مستحضرات التجميل السودانية، شركة «عطورات العنود» التي يعود تاريخ وجودها بالسودان إلى 20 عاماً، ويوجد مصنعها الرئيس في مكة المكرمة. وتؤكد د. سهام شريف عبد الله، ممثلة الشركة في مصر، أن «الدلكة تحديداً من أكثر المنتجات التي لاقت رواجاً بين سيدات مصريات، بسبب تنوعها، مع وجود دلكة بالبرتقال، والدلكة السوداء العادية، ودلكة المحلب».

بينما يؤكد عبد الله قوني، صاحب متاجر «سوا سوا» لمستحضرات التجميل السودانية في المعادي (جنوب القاهرة)، أن متاجره كان لها السبق في تعريف المجتمع المصري بثقافة التجميل السودانية. ويقول إن «رواج هذه المستحضرات بلغ حداً لدرجة أن عرائس من محافظات بعيدة مثل أسوان يحرصن على المجيء للقاهرة للاستمتاع بالتجربة السودانية قبل الزفاف».
وعن سر انجذاب المصريات لروتين جمال المرأة السودانية، يشرح قوني: «المرأة السودانية بطبيعتها لديها استعداد للتوفير من تكاليف الأكل والشرب كي تتمكن من الاهتمام بجسدها، وجمالها، من شعرها حتى قدميها».
الدلكة
تعد الدلكة من أقدم وأشهر أدوات التجميل في خزانة المرأة السودانية. الغرض الأساسي منها يتركز على تقشير الخلايا الميتة، وتوحيد لون البشرة، وتنعيمها، علاوة على منحها رائحة زكية تدوم لأيام. كما يمكن وضعها على منطقة البطن بعد الولادة، لشد ترهلات البطن.

وتعتمد الدلكة في تصنيعها على مكونات طبيعية يسهل الحصول عليها، على رأسها الدقيق الذي يشكل القاعدة الأساسية، ويفضل الدقيق الأسمر لضمان مفعول أقوى، ويمكن الاستعانة بالترمس والبن، بجانب الماء، ويفضل ماء ورد، أو اللبن. ولغرض التعطير كذلك يضاف مسك، أو صندل، كما تضاف زيوت، مثل زيت السمسم، أو اللوز، لتعزيز ترطيب الجلد.
وللحصول على نتائج جيدة يفضل تدليك البشرة بالدلكة عبر حركات دائرية، ثم تركها بين 15 و20 دقيقة، قبل شفطها بماء دافئ. وينصح خبراء التجميل السودانيون بتكرار هذه التجربة 3 مرات أسبوعياً، خصوصاً أنه يمكن الاحتفاظ بالعجينة في الثلاجة لفترة طويلة داخل وعاء زجاجي محكم الإغلاق.
ويؤكد قوني أن «الدلكة»، بفتح الدال أو كسرها، تقوم فكرتها أساساً على التقشير، والتخلص من الجلد الميت، مضيفاً أنه يدخل في تركيبها أكثر من 11 عنصراً، وبالتالي فإن صُنعها يتطلب جهداً ووقتاً، كما تحتاج إلى خبرة، لأنه لا يمكن لأي شخص إتقانها.

تحكي المصرية مها عبد الحكيم، وهي موظفة بالقطاع الخاص وتبلغ 32 عاماً، أن معرفتها بالدلكة جاءت عبر زميلتها السودانية في العمل، والتي عرفتها على الدلكة، ومستحضرات سودانية أخرى في معرض حديثها عن استعدادها لفرح شقيقتها.
وتقول مها لـ«الشرق الأوسط»: «جذبني حديثها عن استعدادها هي وشقيقتها العروس ووالدتهما لحفل الزفاف، وعندما شعرت صديقتي باهتمامي، أحضرت لي علبة دلكة هدية. واليوم كثيراً ما تضحك معي وتقول إنني صرت أفضلها أكثر من السودانيات».
الصندلية
تعد «الصندلية» من بين أهم مستحضرات التجميل السودانية، وهي عبارة عن معجون عطري مصنوع من مسحوق خشب الصندل، وممزوج بزيوت طبيعية، وعطور. يصفها قرني بأنها «عصارة خشب الصندل، وتتميز برائحة نفاذة، وتظل عالقة بالملابس حتى بعد غسلها، وهو من أغلى الزيوت العطرية ثمناً، إذ يصل ثمن الكيلو منه نحو 50 ألف جنيه مصري».

ويطلق عليها سودانيون اسم «الصفار»، نظراً لما يضفيه على البشرة من لون مائل للصفرة؟
وعن تجربتها مع الصندلية، تقول هاجر أحمد، وهي طالبة جامعية مصرية: «لم أكن أعرف شيئاً عن مستحضرات التجميل السودانية، حتى انتقلت إلى بنايتنا أسرة سودانية، وربطتني صداقة ببناتها، وكان أول ما لفت نظري بشرتهن الناعمة، والرائحة الفواحة، وعن طريقهن عرفت الدلكة، وكذلك الصندلية التي أصبحت جزءاً أساسياً من روتيني لتعطير جسمي».
ويُنصح بدهن الجسم بالمعجون بعد الاستحمام مباشرة للحصول على نتائج جيدة.
الخُمرة
هي أيضاً مركب عطري للجسم والشعر مؤلف من مزيج من مكونات عطرية وزيوت، يصفها طارق، صاحب متجر عطارة سودانية، بأنها صورة مخففة من الصندلية، تصنعها السودانيات منذ قرون، وترتبط هي أيضاً بالأعراس، والمناسبات المهمة.

وتضم الخُمرة تحت مظلتها أنواعاً متنوعة، مثل خُمرة المسك، وخُمرة العود، وخمرة الصندل، وخُمرة الضفرة، وهي أشهر أنواع الخُمرة على الإطلاق.
المثير أن ساحة مستحضرات التجميل السودانية لا تقتصر على المنتجات القديمة الكلاسيكية، وإنما ابتكرت منتجات عصرية، تمزج العناصر التقليدية في صور جديدة، بحيث يسهل استعمالها بشكل منتظم. لا تحتاج إلى جهد في التحضير، إلا أن مفعولها لا يقل تأثيراً، وقوة.







