أظهرت دراسة جديدة وجود ارتباط واضح بين المقامرة والزيادة الملحوظة وطويلة الأمد في محاولات الانتحار بين الشباب بالمملكة المتحدة.
وخلصت الدراسة، التي أجراها باحثون في جامعة بريستول البريطانية، إلى أن المقامرين، مقارنةً بشخص لا يعاني من أي أضرار ناجمة عن المقامرة، يواجهون خطر انتحار أكبر بـ3 مرات بعد عام واحد من هذه الممارسة، ويتضاعف هذا الخطر إلى 4 أمثال بعد 4 سنوات.
ويقول الباحثون إن النتائج، المنشورة الثلاثاء في دورية «أديكشن (Addiction)»، تُبرز الحاجة المُلحة إلى مزيد من نُصح ودعم الشباب في مرحلة مبكرة.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، الدكتور أولي باستياني، الباحث في «مجموعة الأبحاث التطبيقية والترجمة» بجامعة بريستول، في بيان نُشِر، الأربعاء، على موقع الجامعة: «تتبعتْ هذه الدراسة الأشخاص منذ ولادتهم؛ مما يعني أنه يُمكننا دراسة الآثار طويلة المدى لمشكلة المقامرة، مع استبعاد التفسيرات البديلة التي أعاقت الدراسات السابقة، مثل احتمال انجذاب الناس إلى مشكلة المقامرة بوصفها وسيلة للهروب من مشاعر انتحارية سابقة».
وسعت هذه الدراسة إلى معرفة ما إذا كانت «المقامرة الضارة»، على مقياس «مؤشر شدة مشكلة المقامرة (PGSI)»، مرتبطة بمحاولات انتحار متزامنة ومستقبلية على فترات: سنة، و4 سنوات، و5 سنوات، وقد استُخدمت مدة «السنوات الأربع» لملاحظة ما إذا كانت زيادات «مؤشر شدة مشكلة المقامرة» تُمثل عامل خطر فريداً للانتحار.
وحلل الباحثون بيانات 2801 شخص في الدراسة المعروفة بـ«أطفال التسعينات»، التي تابعت صحة ونمو 14 ألف امرأة حامل وعائلاتهن منذ أوائل التسعينات.
ووفق نتائج الدراسة، فقد كان الارتباط بالانتحار في المستقبل أشد وضوحاً بين الشباب في العشرينات من العمر، فقد كانت هناك زيادة بنسبة 20 في المائة بمحاولات الانتحار لكل زيادة في «مؤشر شدة مشكلة المقامرة (PGSI)»؛ مما يعني أن أولئك الذين حصلوا على «8 فأكثر» واجهوا 4 أضعاف معدل محاولات الانتحار بعد 4 سنوات. ويُعدّ مؤشر الاستبيان هذا الأكثر استخداماً لتقييم «المقامرات الضارة»، وتشير «الدرجة 8 فأكثر» إلى «وجود مشكلة المقامرة».
أضرار المقامرة
وقال الدكتور فيليب نيوال، الباحث الرئيسي في الدراسة والمحاضر في علم النفس بجامعة بريستول والخبير العالمي في أضرار المقامرة: «نشأ المشاركون بهذه الدراسة في وقت كانت فيه المقامرة أقل انتشاراً وظهوراً مما هي عليه اليوم. وهذا يُظهر أن هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود لمنع الجيل المقبل من التعرض لأضرار المقامرة هذه».
وتُظهر الأبحاث أن واحداً من كل 5 أفراد من سكان المملكة المتحدة يتعرض حالياً للأذى - سواء بشكل مباشر وغير مباشر - بسبب المقامرة، ووجود ما يصل إلى 496 حالة انتحار مرتبطة بالمقامرة كل عام في إنجلترا. وقدّر تقرير حديث التكاليف الاقتصادية المرتبطة بأضرار المقامرة بأكثر من ملياري دولار.
استراتيجية للوقاية
وأوضح نيوال أن «مواجهة المقامرة جزء من استراتيجية الحكومة البريطانية للوقاية من الانتحار. وتساعد هذه النتائج في التأكيد على الحاجة إلى اتخاذ تدابير إضافية على مستوى السكان لمنع أضرار المقامرة، مثل فرض قيود (ذات معنى) على الإعلان عن المقامرة».
وكانت حكومة المملكة المتحدة قد سلطت الضوء في استراتيجيتها الأخيرة للوقاية من الانتحار على أن المقامرين معرضون لخطر الانتحار.
وأكد باحثو الدراسة على أهمية مواصلة البحث في الارتباطات بين المقامرة والانتحار، مشددين على أن ذلك سيسمح لصانعي السياسات بوضع أفضل تقديرات لأضرار المقامرة مقابل «فوائدها الاقتصادية»، وبالتالي وضع السياسات المستقبلية وفقاً لنتائج تلك الأبحاث.

