أثبت فريق بحثي من جامعة سارلاند الألمانية، من خلال دراسة سريرية جديدة، أن بخاخاً أنفياً يُستخدم حالياً على نطاق واسع كمضاد للحساسية، يمكن أن يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد («SARS-CoV-2» «سارس-كوف-2») نسبة تصل إلى ثلثي الحالات.
ويتوافر البخاخ الأنفي، الذي يحتوي على المادة الفعالة «أزيلاستين»، منذ عقود بوصفه علاجاً دون وصفة طبية لحمى القش.
وكانت دراسات سابقة أُجريت على «الأزيلاستين» قد أشارت إلى تأثيرات مضادة للفيروسات ضد «سارس-كوف-2» وفيروسات الجهاز التنفسي الأخرى.
وأدت جائحة «كوفيد - 19»، الناجمة عن الفيروس المسبب لمتلازمة الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة (سارس-كوف-2)، إلى معدلات مرضية ووفيات كبيرة في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من أن التطعيم والمناعة السكانية الراسخة قد خففا بشكل كبير من شدة الإصابات الحادة بالفيروس، فإن معدلات الإصابة لا تزال تشكل عبئاً كبيراً على الصحة العامة، ما يُسلط الضوء على الحاجة الماسة إلى الوقاية الفعالة قبل التعرض للفيروس لعامة السكان، خصوصاً للفئات المعرضة للخطر.
يقول البروفسور روبرت بالس، أستاذ الطب الباطني في جامعة سارلاند، الذي قاد الدراسة: «هذه هي التجربة السريرية الأولى التي تُظهر تأثيراً وقائياً ضد الفيروس في بيئة واقعية».
ويرى بالس أن النتائج تُشير إلى تطبيقات عملية مفيدة، وفق وصفه؛ مضيفاً في بيان نُشر، الثلاثاء، على موقع الجامعة: «يمكن أن يُوفر بخاخ أزيلاستين الأنفي وسيلة وقائية إضافية سهلة المنال تُكمّل التدابير الوقائية الحالية، خصوصاً للفئات الأكثر عُرضة للخطر، خلال فترات ارتفاع معدلات الإصابة، أو قبل السفر».
قسمت الدراسة التي نُشرت في مجلة «جاما إنترنال ميديسين» المشاركين الـ450 إلى مجموعتين، حيث استخدمت مجموعة العلاج، المكونة من 227 فرداً، بخاخ «أزيلاستين» الأنفي 3 مرات يومياً على مدار 56 يوماً. وخلال الفترة نفسها، استخدم المشاركون في المجموعة الضابطة، وعددهم 223 فرداً، بخاخاً وهمياً 3 مرات يومياً.
لخَّص بالس النتيجة الرئيسية على النحو التالي: «خلال فترة المراقبة، أصيب 2.2 في المائة من المشاركين في مجموعة (الأزيلاستين) بفيروس (سارس-كوف-2)، في حين بلغت النسبة في مجموعة الدواء الوهمي 6.7 في المائة، أي ثلاثة أضعاف العدد». تم تأكيد جميع الإصابات باختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (بي سي آر).
كما أفاد باحثو الدراسة بأنه، بالإضافة إلى الانخفاض الملحوظ في إصابات فيروس «كورونا»، أظهرت مجموعة «الأزيلاستين» أيضاً عدداً أقل من الإصابات بـ«سارس-كوف-2» المصحوبة بأعراض، وعدداً إجمالياً أقل من الإصابات التنفسية المؤكدة. وبشكل غير متوقع، لوحظ انخفاض في معدل الإصابة بعدوى فيروس الأنف، وهو سبب رئيس آخر لأمراض الجهاز التنفسي، وأكثرها شيوعاً «نزلات البرد».
في مجموعة العلاج، أصيب 1.8 في المائة بعدوى فيروس الأنف، مقارنة بـ6.3 في المائة في مجموعة الدواء الوهمي، وهي نسبة مماثلة لتلك التي لوحظت في حالة «سارس-كوف-2».
لكن بالس شدّد على أهمية إجراء مزيد من الأبحاث، قائلاً: «تُسلّط نتائجنا الضوء على الحاجة إلى تجارب أوسع نطاقاً ومتعددة المراكز لمواصلة استكشاف استخدام بخاخات أزيلاستين الأنفية كعلاج وقائي عند الطلب، ودراسة فاعليتها المُحتملة ضد مُسببات الأمراض التنفسية الأخرى».




