أثار قرار السلطات المصرية فتح الشارع، حيث مقر السفارة البريطانية في حي جاردن سيتي (وسط القاهرة) تندراً لافتاً على «السوشيال ميديا»، خصوصاً أن الشارع كان مغلقاً أمام حركة المرور بالحواجز الخرسانية منذ نحو 20 عاماً، وظهرت صور مولّدة بالذكاء الاصطناعي تُظهر ازدحامه بالباعة المتجولين، وتحول محيطه إلى موقف لـ«التوك توك» أمام السفارة.
وتصدرت السفارة البريطانية في مصر قوائم «الترند» على منصة «إكس»، الاثنين، حيث نشر مستخدمون صوراً بالذكاء الاصطناعي لمحيط السفارة بعد إزالة الحواجز الأسمنتية.
كما توالت المنشورات التي تؤكد أحقية مصر في فتح الشارع، مستحضرة رموزاً تاريخية، مثل تعليق صورة جمال عبد الناصر على جدار السفارة الخارجي، وفق صور وفيديوهات منشأة بالذكاء الاصطناعي
بعد ازالة الحواجز عند #السفارة_البريطانية_بالقاهرة قررنا نعمل تنشيط الحركة ف جاردن سيتى معانا #جمال_عبدالناصربلاش تلعبوا معانا يا ولاد الخواجات pic.twitter.com/iTHjkGwpVl
— Sara Abdelhamid2 (@SaraAbdelh94815) August 31, 2025
وتفنن مستخدمون لمنصة «إكس» في تخليق المشاهد في محيط السفارة البريطانية بعد رفع الحواجز الأسمنتية، ما بين تحويل المكان إلى ملعب كرة للأطفال، أو موقف لمركبات «التوك توك»، أو مجال مفتوح للباعة الجائلين.
اي حد عاوز يشتري بيض او خضار او خرفان او محتاج توكتوك فاضيموجود قي سوق السفاره البريطانيه#تحيا_مصر pic.twitter.com/XBGqAy4M7q
— ashraf 2 (@pop1070) August 31, 2025
ويرى الخبير في الإعلام الرقمي و«السوشيال ميديا» في مصر، محمد فتحي، أن «الثقافة المصرية معروفة بقدرتها الفائقة على تحويل الأحداث الجادة، وحتى الأزمات، إلى مادة للسخرية والتندر»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا ظهر بوضوح من ردود الفعل الشعبية في قضية شارع السفارة البريطانية، فبمجرد انتشار الخبر، امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات المتابعين للتعبير عن رأيهم، وانتشرت (الكوميكس)، و(الميمز) التي تعبر عن مواقفهم بطريقة فكاهية».
ويلفت فتحي إلى أن «أشكال السخرية تنوعت بين التعليقات اللفظية أو تصور الشارع بعد فتحه، وبين الصور المركبة التي تظهر مشاهد غير متوقعة في الشارع، مثل باعة متجولين أو (توك توك)، في إشارة إلى عودة الحياة الطبيعية إلى الشوارع التي كانت مغلقة، بالطريقة المصرية، وعلى الرغم من أن هذه الصور قد لا تكون جميعها مولدة بالذكاء الاصطناعي بشكل مباشر، فإن سهولة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في إنشاء محتوى بصري واقعي أسهمت بشكل كبير في انتشار المحتوى الساخر».
وأكد خبير الإعلام الرقمي أن «التندر آلية دفاع اجتماعية للتعبير عن الرأي العام، وتخفيف حدة التوتر، وتوحيد الرأي حول قضية معينة، كما أنه يعكس إحدى صفات الشعب المصري، وقدرته على تحويل التحديات إلى مادة للفكاهة».
و فيه نصبة شاي هناك ما أقلكش، الزردة التمام و الله#سفارة_بريطانيا pic.twitter.com/8GVqjf5zMV
— Nile Prince (@ThePrinceFahmy) August 31, 2025
فيما تشير الخبيرة في الذكاء الاصطناعي، إيمان الوراقي، إلى أن «مصر بها أكبر قواعد المستخدمين العرب لـ(فيسبوك) و(إنستغرام)، ولم يحتج الأمر سوى إلى لحظة ليتحوّل المشهد من خبر إلى مادة ساخرة، ومع دخول أدوات الذكاء الاصطناعي على الخط أصبحت اللقطة أكثر قابلية للإقناع، وأوسع انتشاراً من الحدث نفسه».
وتضيف إيمان لـ«الشرق الأوسط» أن «ما حدث يكشف أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية، بل هو وسيط ثقافي يعيد توزيع الرموز، فهذا شارع ارتبط لعقود بالسيادة الأمنية أُعيد تصويره بصرياً في وعي الجمهور عبر لقطات متنوعة، ما يؤكد أن الذكاء الاصطناعي هنا لا يضيف لمسة فنية فحسب، بل يسرّع دورة إنتاج المعنى، ويجعل الجمهور شريكاً في صياغة الحدث».
في المقابل حذّرت خبيرة الذكاء الاصطناعي من أن «تؤدي مثل هذه المشاهد الساخرة إلى تشويه الصورة»، وقالت: «إذا غاب التنويه المهني، فإن النكتة قد تتحول إلى تضليل، فالضحك مشروع، بل أحياناً وسيلة مقاومة، لكن حماية المسافة بين الطرافة والواقع تظل مسؤولية وسائل الإعلام».
وكانت الجهات المصرية المعنية قررت فتح الشارع الموجود به السفارة البريطانية، وإزالة الحواجز الخرسانية التي أغلقت الشارع أمام حركة المرور الطبيعية لسنوات، وذكرت تقارير وبرامج أن هذه الخطوة تعدّ نوعاً من «المعاملة بالمثل» مع الدول التي لا تتخذ خطوات لحماية السفارات المصرية في الخارج.



