كشفت دراسة أجراها باحثون من جامعتي «تولين» و«ويسكونسن - ماديسون» في الولايات المتحدة، بالتعاون مع جامعة «رين» في فرنسا، أن موجات الحر الشديدة والممتدة يمكن أن تزيد من معدلات العنف الأسري.
وأوضح الباحثون أن موجات الحرارة المستمرة ليست مجرد تهديد للصحة البدنية، بل تؤثر مباشرة في سلامة العلاقات الأسرية، مما يستدعي إدراج مخاطر العنف الأسري ضمن خطط الاستجابة لموجات الحر، ونُشرت نتائج الدراسة، الجمعة، في دورية «جاما نتورك».

وتُعد موجات الحرارة الممتدة من أخطر الظواهر المناخية التي تتفاقم حدتها بفعل التغير المناخي العالمي، فهي لا تؤثر فقط على البيئة والبنية التحتية، بل تمتد آثارها لتشمل الصحة الجسدية والنفسية للبشر. فعندما تستمر درجات الحرارة المرتفعة لأيام عدة متتالية، يتعرض الجسم لضغط حراري شديد قد يؤدي إلى الجفاف والإرهاق الحراري ومشكلات في القلب والجهاز التنفسي، كما ترفع مستويات التوتر والضغط النفسي.

هذه الظروف القاسية تجعل المجتمعات أكثر هشاشة، وتفرض تحديات كبيرة على أنظمة الرعاية الصحية وخطط الطوارئ، وهو ما يبرز أهمية الاستعداد المسبق لمواجهتها عبر استراتيجيات وقائية فعّالة.
وخلال الدراسة، حلّل الباحثون أكثر من 150 ألف مكالمة متعلقة بالعنف الأسري قُدمت إلى قسم شرطة نيو أورلينز في الولايات المتحدة بين عامي 2011 و2021.
واعتمد الباحثون على مؤشر مناخي يُعبر بدقة أكبر عن الضغوط التي يفرضها الحر على جسم الإنسان، بدلاً من الاعتماد على درجة حرارة الهواء وحدها.
ووجدوا أنه عندما استمرت درجات الحرارة «المحسوسة»، التي تأخذ في الاعتبار الحرارة والرطوبة، ضمن أعلى 10 في المائة من مستوياتها في المدينة لمدة 5 أيام متتالية على الأقل، ارتفعت مكالمات العنف الأسري بنسبة 7 في المائة.

وفي نيو أورلينز، تعني هذه الظروف عادةً استمرار درجات الحرارة المحسوسة بين 34 و38 درجة مئوية أو أكثر. وأشار الباحثون إلى أنه لولا تلك الموجات الحارة لكان عدد البلاغات أقل بنحو 245 مكالمة خلال فترة الدراسة.
وبيّنت النتائج أن المشاجرات الأسرية شكّلت نحو 70 في المائة من المكالمات التي حُلِّلت، في حين مثّلت حوادث الاعتداء البسيط نحو 22 في المائة.
ورغم أن أبحاثاً سابقة أظهرت أن معدلات العنف ترتفع خلال فترات الحرارة الشديدة، فإن هذه أول دراسة تربط بشكل مباشر بين الحرارة المرتفعة المطوّلة ومكالمات الطوارئ المتعلقة بالعنف الأسري في نيو أورلينز.
وأكّد الباحثون أن «الحرارة الشديدة ليست مجرد مسألة طقس، بل قضية صحة وسلامة عامة، لأنها تثقل كاهل العلاقات الإنسانية».
وأوصت الدراسة بضرورة دمج جهود الوقاية من العنف الأسري ضمن خطط الاستجابة لموجات الحر، وتعزيز الدعم للناجين خلال الأحوال الجوية القاسية، وتحسين تصنيف مكالمات الطوارئ بما يساعد على رصد التوجهات بشكل أكثر دقة.




