من «بونجور» إلى «تشاو»... عودة «إميلي في باريس» من قلب إيطاليا

مبتكر المسلسل يسترجع كلاسيكية «لا دولتشي فيتا»... ويقول: «الموسم الخامس هو حكاية مدينتين»

‎⁨الصور الأولية للموسم الجديد وتبدو إميلي في البندقية (نتفليكس)⁩
‎⁨الصور الأولية للموسم الجديد وتبدو إميلي في البندقية (نتفليكس)⁩
TT

من «بونجور» إلى «تشاو»... عودة «إميلي في باريس» من قلب إيطاليا

‎⁨الصور الأولية للموسم الجديد وتبدو إميلي في البندقية (نتفليكس)⁩
‎⁨الصور الأولية للموسم الجديد وتبدو إميلي في البندقية (نتفليكس)⁩

حين يُذكر اسم إيطاليا في السينما العالمية، يقفز إلى الذاكرة فيلم فيديريكو فيلّيني الشهير «لا دولتشي فيتا» (الحياة الحلوة) الذي صدر عام 1960، وحكى قصة صحافي يبحث عن السعادة والحب في روما. واليوم تعود الكاميرا إلى إيطاليا عبر مسلسل «إميلي في باريس»، الذي أعلنت «نتفليكس»، أمس، أن موسمه الخامس سيركز على روما والبندقية، ويبدأ عرضه في 18 ديسمبر (كانون الأول)، لتخوض إميلي رحلة البحث عن السعادة والحب في قلب إيطاليا.

ويأتي الربط بين «إميلي في باريس» و«لا دولتشي فيتا» على لسان مبتكر العمل دارن ستار، الذي وصف الحالة التي ستكون عليها إميلي في الموسم الجديد خلال تصريحاته على موقع «نتفليكس»، مضيفاً: «هذا الموسم هو حكاية مدينتين: روما وباريس»، وتابع: «إميلي ستأخذ الحب والحياة إلى مستوى جديد متنقلة بين العاصمتين».

وبعد أربعة مواسم قضتها إيميلي كوبر (ليلي كولينز) في قلب باريس، تحوّلت فيها العاصمة الفرنسية إلى واجهة سياحية مثالية مفعمة بالموضة والبهجة، تستعد الشابة الأميركية للانتقال إلى فصل جديد في روما والبندقية، حيث ينطلق الموسم الجديد من أعقاب نهاية الموسم الرابع، حين انخرطت إميلي في علاقة مع وريث إيطالي لعالم الأزياء، وانتقلت لشقة في روما لافتتاح مكتب جديد لوكالة «غراتو».

يعود العمل بموسمه الخامس في 18 ديسمبر المقبل بنجومه الأصليين (نتفليكس)

حكاية مدينتين

لكن هذا لا يعني أن عنوان المسلسل سيتغير، كما أكد دارن ستار، قائلاً: «إميلي سيكون لها حضور في روما، لكن هذا لا يعني أنها لن تكون في باريس». ويضيف: «إرسال إميلي إلى إيطاليا لافتتاح مكتب جديد جاء من رغبتي في أن أسبق الجمهور، وأخذهم إلى أماكن غير متوقعة، ولإثبات أن المسلسل قادر على توسيع نطاقه».

يعود المسلسل بموسمه الخامس عبر 10 حلقات دفعة واحدة، ليواصل تقديم قصته التي تجمع بين الطموح المهني والتقلبات العاطفية، لكن بملامح بصرية وثقافية جديدة.

وعلى مدى أربعة مواسم، بُني المسلسل على صورة رومانسية مصقولة لباريس: من مقاهي الشانزليزيه ومتاجر الأزياء، إلى نهر السين وهضبة نوتردام وغيرها من الأيقونات الباريسية.

إميلي ورفيقها الشاب الإيطالي الذي تستكمل معه قصتها العاطفية في الموسم الجديد (نتفليكس)

استكمال الحكاية

وفق الملخص الرسمي للمسلسل، تبدأ إميلي الموسم وقد أصبحت رئيسة مكتب غراتو في روما، لكنها سرعان ما تواجه أزمة حين تتحول فكرة تسويقية إلى كارثة، تقود إلى نكسات مهنية وانعكاسات شخصية. وعلى الصعيد العاطفي، تستمر قصتها مع الشاب الإيطالي مارشيلو (يوجينيو فرانشيسكيني)، الذي بدا أنه يمنحها حياة أكثر استقراراً، فيما يعود جارها الفرنسي غابرييل (لوكاس برافو) بعد إدراك متأخر بأنه لا يزال يريدها بجانبه.

ويشارك في الموسم الجديد معظم نجوم العمل الأصلي، من بينهم: سيلفي غراتو (فيليبّين لوروا-بيوليو)، ميندي تشين (آشلي بارك)، جوليان (صامويل أرنولد)، لوك (برونو غويري)، أنطوان لامبير (ويليام أبادي)، وألفي (لوسيان لافيسكاونت)، إضافة إلى مارشيلو (يوجينيو فرانشيسكيني)، وآخرين.

يبدأ الموسم الخامس من افتتاح مكتب جديد لوكالة غراتو في روما (نتفليكس)

جماهيرية عالمية

يُعد «إميلي في باريس» واحداً من أنجح الأعمال العالمية في السنوات الأخيرة؛ إذ احتل موسمه الرابع المرتبة الأولى في قائمة «نتفليكس» العالمية عند عرضه في أغسطس (آب)، مع 19.9 مليون مشاهدة في أول أربعة أيام، ودخل قائمة «TOP10» في 93 دولة، وبقي فيها أربعة أسابيع متتالية. وعند إطلاقه عام 2020، شاهده 58 مليون فرد في شهره الأول، ليصبح من أسرع الأعمال انتشاراً في تاريخ المنصة.

وأثر العمل لم يتوقف على الشاشة، بل امتد إلى الواقع؛ إذ أشارت تقارير فرنسية إلى أن نحو 38 في المائة من السياح ذكروا أن هذا المسلسل دفعهم للتفكير في زيارة باريس. ومن المتوقع أن يسهم الموسم الجديد في جذب سياح جدد إلى إيطاليا، في رحلة تقودها شابة أميركية تبحث عن النجاح والعمل والحب في قلب العواصم الأوروبية، حيث ظهرت إميلي في الصور الأولية للموسم في جندول على نهر البندقية، مع تقديم صورة إيطاليا ضمن إطار درامي حديث، يعتمد على تعدد المواقع البصرية وطابعها الرومانسي.


مقالات ذات صلة

«إميلي» تعثَّرت في روما فمدَّت لها باريس حبل الإنقاذ

يوميات الشرق إميلي تتنقّل بين روما وباريس في الموسم الخامس من المسلسل (نتفليكس)

«إميلي» تعثَّرت في روما فمدَّت لها باريس حبل الإنقاذ

في الموسم الخامس من مسلسل «Emily in Paris»، الأزياء المزركشة والإعلانات التجارية تحتلُّ المساحة الكبرى.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق من التسوّق مروراً بالطهو وصولاً إلى التذوّق يغطّي البرنامج مراحل إعداد الطبق (شركة الإنتاج)

«طعم السعودية»... مطبخ وسياحة وثقافة في برنامج واحد

من الكبيبة، والرقش، والصياديّة، مروراً بالمليحية والمرقوق، وليس انتهاءً بالجريش والكليجة... برنامج يعرّف العالم على مطبخ السعودية وأبرز مناطقها.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق الممثلان معتصم النهار وأندريا طايع، بطلا مسلسل «مش مهم الإسم» (شركة الصبّاح)

«مش مهم الاسم»... مُخرجة المسلسل تتحدّث عن الكواليس والممثلين

مخرجة «مش مهم الاسم» ليال م. راجحة تشاركنا تفاصيل التحضير للمسلسل والتعاون مع الثنائي معتصم النهار وأندريا طايع.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق «مستر بين» بحلّة جديدة... لقاء الكوميديا الخفيفة بالمعاني الإنسانية العميقة

«مستر بين» بحلّة جديدة... لقاء الكوميديا الخفيفة بالمعاني الإنسانية العميقة

عودة ميلاديّة للممثل روان أتكينسون، وشريكُه في البطولة رضيعٌ ساعده الذكاء الاصطناعي في التمثيل.

كريستين حبيب (بيروت)
«ذا فويس 6» والمدرّبون ناصيف زيتون وأحمد سعد ورحمة رياض (إنستغرام)

مدرّبو «ذا فويس»: الموسم السادس يحمل مواهب استثنائية

كانت لـ«الشرق الأوسط» لقاءات مع المدرّبين الثلاثة خلال تسجيل إحدى حلقات الموسم السادس، فأبدوا رأيهم في التجربة التي يخوضونها...

فيفيان حداد (بيروت)

«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
TT

«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)

من جديد، يعود مهرجان «بين ثقافتين» ليعبر حدود الثقافة، ويحتفي بتجارب استثنائية تجمع بين الفنون والموسيقى ومذاقات المأكولات التقليدية وشتى العروض الحيّة، جامعاً في نسخته الثالثة بين الثقافتين السعودية والصينية، لإبراز التنوع الثقافي وحدود التلاقي بينهما في قلب الرياض.

وأطلقت وزارة الثقافة النسخة الثالثة من مهرجان «بين ثقافتين» التي تستضيف جمهورية الصين وثقافتها وتقاليدها المتنوعة، وذلك في قاعة «الملفى» بمدينة محمد بن سلمان غير الربحية «مدينة مسك» في العاصمة الرياض، ضمن حدث دولي يُقام بالتزامن مع العام الثقافي السعودي الصيني 2025؛ بهدف ترسيخ الحوار الحضاري، وتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية والصين.

وتُقدم الفعالية تجربة فنية متكاملة تستعرض الإرث الحضاري والممارسات الثقافية لكلا البلدين، وتكشف عن أوجه التشابه والتكامل بينهما في مجالات الفنون والطهي والحرف اليدوية والموسيقى، ما يعكس عمق الروابط التي تجمع الشعبين.

ويضم المهرجان معرضاً فنياً يزخر بأعمال لفنانين سعوديين وصينيين بارزين، ومتاجر متنوعة تُقدم منتجات من كلتا الثقافتين، وفعاليات تفاعلية تشمل عروضاً أدائية حية، وتجارب طهي فريدة، وأنشطة ثقافية مصممة لإثراء تجربة الزوار.

‏أصالة الموروث السعودي والصيني تتجلّى في عروض ثقافية متنوّعة في ⁧‫المهرجان (وزارة الثقافة)

حينما تهب الرياح شرقاً

يحضر الفن في المهرجان بوصفه لغةً وجسراً يربط بين ثقافتين وشعبين اختارا، عبر العصور، التعبير عن مكنونات ثقافتيهما من خلال العطاء الفني والإبداعي الرصين. وفي معرض يحمل عنوان «حينما تهبّ الرياح شرقاً»، تلتقي الأعمال السعودية والصينية في حوار إبداعي يعكس التلاقي الثقافي المعاصر، من خلال لوحات ومنحوتات وأعمال تركيبية، تسعى إلى استكشاف نقاط الالتقاء بين الطبيعة والفكر، وبين الماضي والحاضر، ضمن رؤية فنية مشتركة.

‏تناغم ثقافي يتوهّج بألوان الفن في ⁧‫المهرجان (وزارة الثقافة)

وتتوزع أعمال المعرض في 3 أقسام؛ حيث تلتقي الصحراء ببحر الذاكرة في القسم الأول من المعرض الفني، ويتناول كيف تُشكِّل الصحراء والبحر ذاكرة الفنانين ورؤيتهم الفنية، إذ تتحول العناصر الطبيعية إلى لغة للتأمل تربط بين ثبات الأرض وسيولة الزمن.

وفي قسم «نسيج من نور وتراب»، وهو القسم الثاني من المعرض، يُسلط الضوء على العلاقة بين المادي واللامادي، إذ يذيب الفنانون الحدود بين الضوء والطين والنسيج ليكشفوا جوهر المادة واتحاد الروح بالبيئة.

وفي قسم «آثار المستقبل»، تُركز المعروضات على إعادة قراءة التقاليد برؤية معاصرة تمزج بين الذاكرة والابتكار، لتغدو الأعمال بمثابة خريطة زمنية تصل الماضي بالحاضر، وتستشرف ملامح المستقبل.

‏صور توثّق الالتقاء الثقافي البديع بين المملكة والصين (وزارة الثقافة)

14 يوماً من جسور الثقافة

يُقدم المهرجان الذي سيستمر حتى 6 يناير (كانون الثاني) 2026، تجربة ثقافية شاملة تُبرز عُمق الحضارة الصينية وتَنوُّعَ موروثها، كما يستعرض أوجه التلاقي والتباين بينها وبين الثقافة السعودية، وذلك في إطار جهود وزارة الثقافة لمدّ جسور التواصل الحضاري، وتعزيز حضور السعودية إقليمياً ودولياً، وترسيخ مكانتها بوصفها مركزاً فاعلاً للحوار الثقافي العالمي.

ويستهدف المهرجان العائلات والأفراد، والسياح والزوار الأجانب، والوفود الرسمية، والمهنيين في القطاعات الثقافية، من خلال برنامج متنوع يشمل معرضاً فنياً، وتجربة «الشارع الصيني» التي تجمع بين الثقافتين عبر الحِرف اليدوية، إلى جانب العروض الأدائية والموسيقية، وغيرها من الفعاليات التي تعكس القيم المشتركة في التراث والهوية، وتُسهم في تعزيز التقارب الإنساني عبر الثقافة بوصفها لغةً عالمية.

من الصين إلى المهرجان وجوه متعددة للمتعة واستكشاف الفن والتراث (وزارة الثقافة)

يُذكر أن النسخة الأولى من مهرجان «بين ثقافتين» استضافت الثقافة اليمنية، فيما استضافت النسخة الثانية الثقافة العراقية، إذ شهدت النسختان إقبالاً جماهيرياً واسعاً وتفاعلاً ملحوظاً من المهتمين والمثقفين؛ ما أسهم في ترسيخ مكانة الفعالية منصة ثقافية سنوية تحتفي بالتنوّع الحضاري الإنساني.

وتسعى وزارة الثقافة، من خلال مهرجان «بين ثقافتين»، إلى تقديم الثقافة السعودية في سياق تفاعلي مُقارَن، يُبرز أوجه التقارب والاختلاف مع ثقافات العالم، ويُعزز الوعي بالتنوّع الثقافي، ويدعم تمكين المبدعين والحرفيين والفنانين، ويوسّع آفاق فرص التعاون الثقافي الدولي، إلى جانب بناء شراكات استراتيجية تُسهم في تنمية الصناعات الإبداعية، بما ينسجم مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للثقافة تحت مظلة «رؤية 2030».

أبعاد ثقافية رحبة يضمها المهرجان بين الثقافتين (وزارة الثقافة)


علي ناموس لـ«الشرق الأوسط»: فقداني للذاكرة أفادني في «رقية»

الممثل الجزائري علي ناموس (مهرجان البحر الأحمر)
الممثل الجزائري علي ناموس (مهرجان البحر الأحمر)
TT

علي ناموس لـ«الشرق الأوسط»: فقداني للذاكرة أفادني في «رقية»

الممثل الجزائري علي ناموس (مهرجان البحر الأحمر)
الممثل الجزائري علي ناموس (مهرجان البحر الأحمر)

يخوض الفنان الجزائري علي ناموس واحدة من أكثر تجاربه السينمائية تعقيداً، حسب وصفه، بدوره في فيلم «رقية» للمخرج يانيس كوسّيم، الذي شقّ طريقه من مهرجان «البندقية السينمائي»، مروراً بـ«البحر الأحمر»، ووصولاً إلى «أيام قرطاج السينمائية».

وخلال الفيلم، لا يواجه البطل رعباً تقليدياً، بل يغوص في طبقات الذاكرة والعنف والخوف من المجهول، مستعيداً مرحلة شديدة الحساسية من تاريخ الجزائر الحديث.

يقول علي ناموس لـ«الشرق الأوسط» إن شخصية «أحمد» التي يجسدها في الفيلم كانت من أكثر الشخصيات تركيباً التي صادفها، واصفاً النص بأنه «كتبه المخرج بدقة شديدة، مع التأكيد على أن الضمادات التي تغطي وجه الشخصية لم تكن مجرد عنصر بصري، بل أداة نفسية أساسية ساعدته على خلق فاصل واضح بين ما كان عليه أحمد في الماضي، وما يحاول أن يكونه في الحاضر، وما يجهله تماماً عن نفسه».

فالشخصية، كما يوضح، تبدأ في الظهور بالفيلم وهي لا تعرف موقعها ولا زمنها ولا حقيقتها، وتسعى طوال الأحداث إلى أن تصبح «شيئاً آخر»، حتى دون أن تدرك ماهية هذا الشيء.

وعن إحساسه الأول عند قراءة السيناريو، يؤكد ناموس أنه شعر منذ اللحظة الأولى بأن الفيلم يتناول موضوعاً بالغ الأهمية، لكن بلغة فنية مختلفة وجميلة، مضيفاً أن «العمل يقترب من قضايا ثقيلة مثل العنف والتطرف، لا بوصفها ظواهر مباشرة، بل بوصفها شراً كامناً، وروحاً مظلمة قد تسكن الإنسان».

هذا الطرح، رغم سوداويته، كان أكثر ما جذب الممثل الجزائري للفيلم، إلى جانب كونه يعود إلى فترة صعبة في تاريخ الجزائر، هي سنوات العنف التي لم يُفتح النقاش حولها سينمائياً بالشكل الكافي حتى اليوم، مؤكداً أن «رقية» منحه فرصة نادرة للتعبير عن تلك المرحلة بوصفه مواطناً وإنساناً قبل أن يكون ممثلاً.

وقال ناموس إن «مصدر الرعب الحقيقي يكمن في المجهول، فالشخصية تحمل تاريخاً غامضاً لا ينكشف إلا تدريجياً، وهذا الغموض المتراكم هو ما يجعلها مقلقة»، فالخوف هنا، حسب تعبيره، «ليس من شكل أو كيان واضح، بل من عدم الفهم، ومن الإحساس بأن هناك شيئاً مخفياً يتربص دون أن يُسمّى».

عرض الفيلم في مهرجانات سينمائية عدة (الشركة المنتجة)

وفيما يتعلق بتجسيد الصدمة النفسية دون الوقوع في المبالغة، يؤكد ناموس أنه لم يشعر يوماً بالحاجة إلى الأداء الصاخب، قائلاً: «فدراسة الشخصية بعمق، إلى جانب دقة المخرج يانيس كوسّيم في بناء عالم الفيلم، جعلت كل شيء يسير في اتجاه الاقتصاد في التعبير». لافتاً إلى أن العمل مع مخرج يعرف تماماً ما يريد ويحدد عالمه بدقة يمنح الممثل ثقة كبيرة، ويجعل التفاصيل الصغيرة أكثر صدقاً وتأثيراً.

ويكشف ناموس أن تجربته الشخصية لعبت دوراً غير مباشر في بناء الشخصية، إذ مرّ في حياته بحالة فقدان ذاكرة مؤقتة، ويستعيد تلك اللحظة قائلاً: «أكثر ما كان يؤرقني آنذاك هو السؤال: هل كنت شخصاً جيداً مع الآخرين؟ كنت أبحث عن صورتي في عيون من حولي، عن هويتي من خلال نظراتهم». هذا الإحساس نقل جزءاً كبيراً منه إلى شخصية «أحمد»، كما استحضر ذكريات طفولته خلال سنوات العنف، حين كان يرى الحيرة والخوف وعدم الفهم في عيون الكبار، محاولاً أن يستوعب عالماً مضطرباً لا يملك أدوات تفسيره.

وعن بناء الرعب الداخلي، يوضح ناموس أن الضمادات والظلام لعبا دوراً حاسماً، فأن تكون محاصراً في عتمة لا ترى فيها نفسك ولا المكان من حولك يولد خوفاً دائماً من المجهول. هذا الإحساس، كما يقول، كان المحرك الأساسي لأدائه، خاصة مع وجود ممثلين محترفين في مواقع التصوير، من بينهم عبد الكريم الدراجي، الذين ساهموا في خلق حالة تمثيلية طبيعية ومتوازنة.

وعن تقديم التطرف الديني بملامح شيطانية رمزية، يؤكد ناموس أنه تعمد الابتعاد عن أي أداء قد يُقرأ بشكل مباشر كخطاب ديني، وحاول أن يذهب إلى رد الفعل الجسدي الغريزي، إلى الجسد الذي يرفض شيئاً لا يفهمه، ليجعل التطرف يبدو عضوياً وغير متكلف، نابعاً من الداخل لا مفروضاً من الخارج.

ويتوقف ناموس عند مشاهد العنف والذبح، ويرى أنها تحمل ذاكرة ثقيلة على الجمهور الجزائري، ورغم أنه كان طفلاً خلال تلك الأحداث، فإن هذه الصور «حاضرة في الذاكرة الجمعية، مؤلمة وغير مقبولة، لكنها في الوقت نفسه تستوجب المواجهة والحديث».

صناع الفيلم خلال حضور العرض في «مهرجان البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

ويؤكد أن «الشخصية كانت منقسمة بين ماضٍ مظلم وحاضر ملتبس»، وهو ما دفعه تمثيلياً إلى خلق مستويين مختلفين للأداء، وفق قوله: «فالضمادات صنعت عالمين متوازيين، عالم الظلام حيث الحيرة وعدم الفهم، وعالم النور حيث تتضح المعالم ويصبح الشر أكثر وعياً بذاته».

ويرى ناموس أن «رقية» هو في الوقت نفسه فيلم عن الذاكرة وفيلم رعب، لأن تلك الذاكرة نفسها مرعبة، ولا يمكن فصل النوعين بعضهما عن بعض، فالحديث عن الماضي، مهما كان مؤلماً، ضرورة لا مفر منها.

وعن استقبال الفيلم في «مهرجان البحر الأحمر»، يقول إنه كان متشوقاً لرؤية تفاعل الجمهور العربي بعد جولة عروض أوروبية وكندية، مؤكداً أن ردود الفعل أسعدته كثيراً، ليس لأن الجميع أحب الفيلم بالضرورة، بل لأنه أثار الأسئلة والجدل، وهو ما يراه إحدى أهم وظائف السينما.

وفي ختام حديثه، أكّد الفنان الجزائري أنه يعمل حالياً على مسلسل تلفزيوني يُعرض في رمضان، إلى جانب التحضير لمشروع مسرحي في الجزائر العام المقبل.


ظهور تمساح جديد بدلتا مصر يثير الذعر بين السكان

فرق اصطياد التماسيح تعمل على تمشيط المصارف في الدلتا (محافظة الشرقية)
فرق اصطياد التماسيح تعمل على تمشيط المصارف في الدلتا (محافظة الشرقية)
TT

ظهور تمساح جديد بدلتا مصر يثير الذعر بين السكان

فرق اصطياد التماسيح تعمل على تمشيط المصارف في الدلتا (محافظة الشرقية)
فرق اصطياد التماسيح تعمل على تمشيط المصارف في الدلتا (محافظة الشرقية)

جدّدت أنباء عن ظهور تمساح في محافظة الشرقية (دلتا مصر)، مما أثار التساؤل حول كيفية وصوله إلى هذه المنطقة، وأثار الذعر بين السكان، خصوصاً أن التماسيح عادة تعيش في المياه العذبة، وتشتهر بوجودها في مصر ببحيرة ناصر خلف السد العالي، وفق خبراء.

وخلال اليومين الماضيين، توالت أخبار على «السوشيال ميديا» عن وجود تمساح في مكان آخر بأحد المصارف في محافظة الشرقية أيضاً، مما أثار ذعر الأهالي، في حين أكد مسؤولون اتخاذ إجراءات الرصد اللازمة للوقوف على حقيقة الأمر، حسب وسائل إعلام محلية.

وكانت وزارة البيئة المصرية قد أعلنت قبل أيام عن نجاح وحدة صيد التماسيح بالإدارة العامة للمحميات الطبيعية في الإمساك بالتمساح الذي أُبلغ عن ظهوره في مصرف بلبيس العمومي بمنطقة الزوامل في محافظة الشرقية.

وخلال الفحص، تبين أن التمساح يبلغ طوله نحو 25 سنتيمتراً، وعمره لا يتجاوز عامين، وينتمي للتماسيح النيلية، وفق بيان الوزارة الذي أضاف أنه ستُتّخذ إجراءات قانونية لإعادة التمساح إلى بيئته الطبيعية في بحيرة ناصر، حفاظاً على حياته والنظام البيئي.

تمساح صغير اصطيد في محافظة الشرقية (محافظة الشرقية)

ويقول الأستاذ في مركز البحوث الزراعية بمصر، الدكتور خالد عياد، إن التماسيح التي تظهر في الدلتا هي غالباً حالات نادرة وحديثة الولادة، لأن طولها لم يصل إلى متر، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «ظهورها لا يدعو للخوف أو الفزع، لأن الإنسان ليس على قائمة طعام التمساح، بل إن البعض يستأنسهم وحتى أن هناك من يبيع التماسيح في الأسواق الشعبية، مثل سوق الجمعة في منطقة السيدة عائشة».

وأوضح عياد أن هناك فارقاً بين نوعين من التماسيح: «الإليجيتور وله مواصفات جسدية معينة ويهرب من البشر، أما النوع الآخر الكروكودايل، فهو الذي يشكل خطراً بعض الشيء، لكنه لا يهاجم، بل يدافع عن نفسه وعن صغاره». وأضاف: «إذا وُجد تمساح كبير، فيمكن أن يكون جاء عن طريق المياه من نهر النيل خلال فترة الفيضانات الماضية، ولكن لو عاش هذا التمساح وحده يموت، فالتمساح يتطلب شروطاً خاصة ليضع بيضه ويعيش في مكان معين».

ووفق دراسة نشرتها وزارة البيئة في وقت سابق فإن عدد التماسيح حسب المسح والإحصاء الذي أُجري في بحيرة ناصر لا يتجاوز ألف تمساح، مع التأكيد على أنه حيوان معرض للانقراض، ويتم حمايته من الصيد الجائر وفق اتفاقيات دولية وقعت عليها مصر ودول عدّة، في حين قدرت دراسة حديثة أعداد التماسيح في بحيرة ناصر بين 6 آلاف إلى 30 ألف تمساح.

فيما يلفت نقيب الفلاحين في مصر والخبير الزراعي، حسين أبو صدام، إلى أن التمساح الذي ظهر أو الأخبار التي تتحدث عن وجود تماسيح في الدلتا لا ترتقي إلى الظاهرة ولا تدعو للخوف أو الذعر، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «الأرجح أن هذه التماسيح كانت بحوزة بعض الأفراد من هواة تربية الحيوانات الغريبة وعندما تكبر يتخلصون منها بإلقائها في المصارف القريبة منهم».

وأكد أن وزارتي البيئة والتنمية المحلية تقومان بتمشيط الترع والمصارف عن طريق فرق اصطياد التماسيح، واستبعد أن يكون ما ظهر قادماً من بحيرة ناصر، موضحاً أن «تماسيح بحيرة ناصر تعيش في المياه العذبة ولا تتحمل المعيشة في مياه الصرف الزراعي، ويستبعد مرورها من السد العالي، فلا يمكن انتقال التماسيح من مكان بيئتها الطبيعية في بحيرة ناصر إلى مصارف بالشرقية نظراً لوجود توربينات السد العالي والشِّباك التي تمنع مرورها».