الدبور ذو الأرجل الصفراء يقرع جرس الإنذار في آيرلندا

استنفار حكومي بعد رصد حشرة تُهدّد نحل العسل والتنوّع البيولوجي

ذيله البرتقالي يثير الذعر (غيتي)
ذيله البرتقالي يثير الذعر (غيتي)
TT

الدبور ذو الأرجل الصفراء يقرع جرس الإنذار في آيرلندا

ذيله البرتقالي يثير الذعر (غيتي)
ذيله البرتقالي يثير الذعر (غيتي)

أعلنت السلطات الآيرلندية حالة تأهّب أمني بيولوجي بعد رصد دبور آسيوي غازي في منطقة كورك.

وذكرت «بي بي سي» أنّ إجراء مراقبة مكثّفة سيستمرّ لتحديد ما إذا كان الأمر يتعلّق برصد حشرة واحدة فقط، أم أنّ هناك دلائل على وجود مجموعة أكبر.

ويُعدّ الدبور الآسيوي ذو الأرجل الصفراء تهديداً كبيراً لنحل العسل وغيره من الملقّحات، لكنه لا يمثّل خطراً كبيراً على الصحة العامة. وهذا النوع من الدبابير غازي وغير أصيل، ويبلغ طوله نحو سنتيمترَيْن؛ لونه أسود وبني في الغالب، وله وجه وذيل برتقاليان وأرجل صفراء. وينشط هذا النوع بين شهرَي أبريل (نيسان) ونوفمبر (تشرين الثاني)، خصوصاً في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول).

وطُلب من الجمهور الإبلاغ عن أيّ رصد للحشرة المُشتبه بها عبر منصة الإبلاغ «ألين ووتش» التابعة للمركز الوطني للتنوّع البيولوجي. ونُصح الناس بعدم إزعاج أو محاولة الإمساك بالدبور الآسيوي، إذ إنه ليس عدوانياً عادة، لكنه قد يلسع إذا شعر بالاستفزاز.

رصد الحشرة أحد أفراد الجمهور، وأبلغ المركز الوطني للتنوّع البيولوجي. وبعدما أكد «المتحف الوطني» و«خدمة الحدائق الوطنية والحياة البرية» هوية الدبور، أُطلق بروتوكول استجابة سريعة أدّى إلى اصطياد الدبور الآسيوي في 12 أغسطس.

وأدّى هذا الاكتشاف إلى استجابة حكومية تمثّلت في تشكيل فريق عمل جديد باسم «مجموعة إدارة الدبور الآسيوي».

وتترأس «خدمة الحدائق الوطنية والحياة البرية» هذه المجموعة، وتضم وزارة الزراعة والأغذية والبحار، والمركز الوطني للتنوّع البيولوجي، والمتحف الوطني لآيرلندا.

وسيعمل الفريق على متابعة الوضع، وجمع مزيد من المعلومات، وتنسيق الجهود في الأسابيع المقبلة.

من جهته، قال وزير الدولة لشؤون الطبيعة والتراث والتنوّع البيولوجي، كريستوفر أوسوليفان: «الدبابير الآسيوية تُشكّل تهديداً لملقّحاتنا المحلية وتنوّعنا البيولوجي. علينا أن نأخذ حتى مجرّد مشاهدة واحدة منها بجدّية تامة. هذه الحادثة تُذكّرنا بأنّ الجمهور هو أعيننا على الأرض، والكشف المبكر أمر أساسي إذا أردنا منع استيطان هذا النوع الغازي».

وهذه المرة الثانية التي يُوثَّق فيها وجود الدبور الآسيوي في جمهورية آيرلندا. أما المرة الأولى فكانت في منطقة دبلن عام 2021، وكانت لحشرة واحدة فقط، ولم تكن مرتبطة بجماعة برّية قابلة للتكاثُر.


مقالات ذات صلة

«إم بي سي» تقلب الصفحة في برنامج «ذا فويس» وعن قصد

يوميات الشرق علي جابر يشن هجوماً على فناني الصف الأول (إم بي سي)

«إم بي سي» تقلب الصفحة في برنامج «ذا فويس» وعن قصد

«إم بي سي» تراهن على المدربين الشباب في برامج «ذا فويس» لإعادة تجديد رؤيتها، بعد ابتعادها عن نجوم الصف الأول، بهدف مواكبة التغيير وتحقيق محتوى أكثر مهنية.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق ساعة عمرها 117 عاماً تُذهل المزاد (فيليبس)

ساعة عمرها 118 عاماً تُسجّل أعلى سعر في تاريخ الساعات البريطانية

حقَّقت ساعة جيب صُنعت في كوفنتري عام 1907 رقماً قياسياً عالمياً جديداً بعد بيعها في مزاد بسويسرا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق اليابان في مواجهة غير مألوفة (رويترز)

ذعر في اليابان... الدببة تتقدَّم نحو أشهر الوجهات السياحية

على مستوى اليابان، أُصيب 220 شخصاً في هجمات للدببة منذ أبريل (نيسان)، وفق هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية، في حين لقي 13 شخصاً حتفهم.

«الشرق الأوسط» (شيراكاوا (اليابان))
يوميات الشرق عثمان شبعانية يؤكد أنه ورغم تغيّر الزمن حافظت الحرف اليدوية السورية على حضورها (هيئة التراث)

حرفيو سوريا ينفضون آثار سنوات الحرب في ملتقى دولي بالرياض

حرفيون سوريون يشاركون في «الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية - بنان» بالرياض لعرض مهاراتهم التقليدية وإبداعاتهم التي حافظت على التراث رغم تحديات الزمن والحرب.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق عدد كبير من النجوم يجتمعون في مسلسل «شارع الأعشى» (شاهد)

«شارع الأعشى» يعود بعد صمت طويل... ويكشف ملامح موسمه الثاني

يكشف «شارع الأعشى» عن تفاصيل جديدة تعزز الحماس لموسمه الثاني، في وقت يستعد فيه لصياغة مرحلة جديدة من الدراما السعودية بعد نجاح لافت وجوائز عدة في موسمه الأول.

«الشرق الأوسط» (الدمام)

تامر حسني يعلن استئصال جزء من كليته

صورة نشرها تامر حسني خلال مرضه (حسابه على فيسبوك)
صورة نشرها تامر حسني خلال مرضه (حسابه على فيسبوك)
TT

تامر حسني يعلن استئصال جزء من كليته

صورة نشرها تامر حسني خلال مرضه (حسابه على فيسبوك)
صورة نشرها تامر حسني خلال مرضه (حسابه على فيسبوك)

كشف الفنان المصري تامر حسني عن مروره بأزمة صحية خلال الأيام الماضية، استدعت إجراء عملية جراحية عاجلة لاستئصال جزء من كليته أثناء وجوده في ألمانيا ضمن جولته الأوروبية، التي قام بها خلال الأسبوع الماضي وتضمنت فرنسا وهولندا وألمانيا.

وفي بيان نشره عبر حساباته الرسمية، قال تامر حسني: «لم أكن (أنوي) التحدث في أموري الشخصية، لكن بعد نشر الخبر، أحب أن أطمئنكم... أعاني منذ فترة من أزمة في الكليتين، ومنذ أيام اضطررت للدخول إلى غرفة العمليات فوراً، وتم استئصال جزء من الكلية».

جاء إعلان حسني عن مرضه بعد أيام قليلة من حفله الجماهيري الكبير في فرنسا، الذي شَكّل إحدى أهم محطاته خلال الجولة الأوروبية التي حضرها جمهور من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية، فيما تسببت كثافة الحضور في إغلاق محيط المسرح لساعات. وعبّر حسني عن دهشته من حجم التفاعل عبر حسابه بـ«إنستغرام»: «عددكم العظيم قفل شوارع فرنسا... فرحتوني من قلبي ونورتوني ورفعتوا راسي أمام تالية».

تامر حسني في إحدى حفلاته (حسابه على فيسبوك)

وروى الفنان المصري موقفاً جمعه بابنته تالية أثناء توجهه إلى المسرح، حين عبّرت له عن خوفها من عدم امتلاء القاعة: «قالت لي: يا بابا أنت معروف في الوطن العربي لكن ليس لدرجة فرنسا، قولت لها خليها على الله، وفعلاً ربنا فرحنا».

وقدم تامر حسني خلال جولته الغنائية مجموعة كبيرة من أهم وأشهر أغنياته منها «نور عيني، وملكة جمال الكون، وحلو المكان، ومعلمين، والذوق العالي».

وقال الشاعر رمضان محمد لـ«الشرق الأوسط» إن «تامر تحامل على نفسه بدرجة كبيرة حفاظاً على ارتباطاته الفنية خلال جولته الغنائية وبالتحديد أثناء حفله في فرنسا، حيث كان يعاني من آلام حادة ومستمرّة في الكليتين. ورغم ذلك، أصرّ على الصعود إلى المسرح واستكمال الحفل بالكامل دون تقليل أو تخفيف في فقراته الغنائية، ثم واصل جولته كما هي مُجدولة في هولندا وألمانيا؛ احتراماً للجمهور الذي حجز تذاكر الحفلات منذ أسابيع طويلة».

تامر يعلن تعرضه لمتاعب في كليته (حسابه على فيسبوك)

وأضاف أن «تامر أخبره بمرضه قبل نحو عشرة أيام، وقال لي إنه متعب للغاية وإن الأطباء نصحوه بالراحة، لكنه لم يكن قادراً على إلغاء حفلاته بسبب التزامه مع الجمهور. كما أوصاني بألّا أخبر أحداً، حفاظاً على مشاعر أولاده، وحتى لا يتسبب لهم الخبر في صدمة أو قلق غير ضروري».

وعلى الصعيد الفني، طرح تامر حسني مؤخراً أغنيته «من كان يا مكان»، من كلمات الشاعر طارق علي، وألحان كريم نيازي، وتوزيع مؤمن ياسر، التي استعاد خلالها ذكريات المسرح المصري ورموزه الكبار، من بينهم: سمير غانم، وفؤاد المهندس، وشويكار، وعبد المنعم مدبولي، وسهير البابلي، وجورج سيدهم وغيرهم من رواد الكوميديا الذين تركوا إرثاً لا يُنسى.


بعد زخم المتحف الكبير... مصر تسابق الزمن للانتهاء من «الآتوني»

المتحف الآتوني يطل على نهر النيل في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
المتحف الآتوني يطل على نهر النيل في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

بعد زخم المتحف الكبير... مصر تسابق الزمن للانتهاء من «الآتوني»

المتحف الآتوني يطل على نهر النيل في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
المتحف الآتوني يطل على نهر النيل في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

على الضفة الشرقية لنهر النيل في محافظة المنيا (صعيد مصر) يطل مبنى «المتحف الآتوني» الذي يترقب كثيرون افتتاحه ليستكمل الخريطة المتحفية للآثار المصرية، مستفيداً من زخم افتتاح المتحف الكبير والإقبال اللافت على زيارته راهناً.

المشروع الذي بدأ عام 2004 وشهد فترات توقف لأسباب عدة، من بينها التمويل، استؤنف العمل فيه أخيراً، «تمهيداً لافتتاحه في أقرب وقت ممكن»، حسب إفادة رسمية لوزارة السياحة والآثار منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقب جولة تفقدية قام بها الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، محمد إسماعيل خالد، لمتابعة مستجدات مشروع «المتحف الآتوني»، ونقل القطع الأثرية إلى مواقع عرضها الدائم وفقاً لسيناريو العرض المتحفي المعتمد، واستعراض الأعمال الجارية لتطوير المرسى النيلي المخصص لاستقبال السفن السياحية، وممشى الزوار الممتد على النيل بطول 400 متر، إلى جانب البحيرات الصناعية والمسطحات الخضراء التي يجري تجهيزها لتتكامل مع تصميم المتحف ومحيطه.

وأوضح مؤمن عثمان، رئيس قطاع الترميم ومشروعات الآثار والمتاحف بالمجلس الأعلى للآثار، أن «المتحف سيشكل نقطة جذب سياحي مهمة في المنيا، حيث سيتم ربطه بمواقع الآثار في المحافظة، كما سيشهد إقامة أول حديقة للنباتات التاريخية في مصر القديمة»، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المتحف سيكون إضافة للصعيد وسيعد أحد أهم متاحف المنطقة».

ويسلط سيناريو العرض المتحفي في القاعة الرئيسية الضوء على تاريخ محافظة المنيا عبر العصور وأبرز مواقعها الأثرية، بينما تتناول قاعات المتحف الأخرى عصر الملك إخناتون، وبدايات فكر العمارنة، وتاريخ الملك أمنحتب الثالث.

مشروع مهم

وعد الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، «المتحف الآتوني» واحداً من «أهم» المشروعات الأثرية والثقافية في مصر، لأنه «يسلّط الضوء على فترة استثنائية في تاريخ مصر القديمة، وهي فترة حكم إخناتون ونفرتيتي وبناء (عاصمة التوحيد) أخيتاتون في تل العمارنة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الحقبة شهدت ثورة دينية وفنية غير مسبوقة، انعكست في فن العمارنة الذي يمتاز بواقعيته وإنسانيته وتمرده على القوالب الفنية التقليدية».

وأضاف عبد البصير أن «افتتاح المتحف سيغيّر وجه السياحة في محافظة المنيا تغييراً جوهرياً. فالمنيا تمتلك ثروة أثرية هائلة، لكنها لم تستطع عبر سنوات طويلة أن تستفيد منها بالشكل الأمثل لغياب مؤسسة متحفية كبيرة تكون نقطة انطلاق للمسار السياحي».

وتوقع عبد البصير أن «يجعل المتحف محافظة المنيا مقصداً رئيسياً لعشّاق التاريخ المصري القديم، حيث سيربط بين المواقع الأثرية الكبرى مثل بني حسن، وتونا الجبل، وتل العمارنة، وجبل الطير، في منظومة واحدة متكاملة، ما سيُسهم في جذب السياح في تنشيط الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل لأبناء المحافظة».

استئناف العمل في المتحف الآتوني بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وشهدت السنوات الماضية جولات تفقدية عدة لمبنى ومحاولات لاستكمال المشروع الذي تجاوز العشرين عاماً، آملين أن يدفع المتحف حركة الجذب السياحي في المنيا، لكن العمل في المشروع توقف عدة مرات، لأسباب مالية وسياسية.

وأرجع عبد البصير أسباب تأخر إنشاء المتحف إلى «عوامل متعددة، من بينها توقف التمويل في مراحل مختلفة، والتعثر في استكمال الأعمال الإنشائية والتجهيزية، إضافة إلى بعض التحديات الإدارية والبيروقراطية التي طالت المشروع»، مشيراً إلى «تأثر خطط افتتاحه بالظروف السياسية والاقتصادية التي مرت بها البلاد خلال العقد الأخير».

كان وزير السياحة والآثار الأسبق الدكتور خالد العناني قال في تصريحات صحافية منتصف عام 2022 إن «إجمالي ما تم إنفاقه من المجلس الأعلى للآثار على مشروع إنشاء المتحف الآتوني بلغ 150 مليون جنيه حتى ذلك الوقت».

وتبلغ مساحة «المتحف الآتوني» حوالي 25 فدان؛ تشمل المبنى الرئيسي الذي يضم قاعات العرض الدائم، ومسرحاً، ومركزاً للمؤتمرات، ومكتبة علمية، بالإضافة إلى منطقة الخدمات السياحية، حيث المطاعم والكافيهات والبازارات، والممشى السياحي على النيل. وتم اختيار أكثر من موقع لبناء المتحف إلى أن تم تخصيص الموقع الحالي على الضفة الشرقية للنيل أمام مدينة المنيا.

ومن بين قاعات المتحف قاعة تحمل اسم «المنيا عبر العصور»، التي من المقرر أن يتم تخصيصها لعرض تاريخ المنيا منذ أقدم العصور وحتى العصر اليوناني الروماني، بالإضافة إلى باقي قاعات العرض التي سوف تخصص لسرد تاريخ فترة ما قبل العمارنة وفترة العمارنة وفلسفة الملك إخناتون في الترسيخ للديانة الآتونية، وفن العمارنة الذي يعتبر من الفترات المتفردة في الفن المصري القديم.


طفل تونسي يخطف الأنظار في «القاهرة السينمائي» عبر «الجولة 13»

الطفل هادي بطل الفيلم التونسي (إدارة المهرجان)
الطفل هادي بطل الفيلم التونسي (إدارة المهرجان)
TT

طفل تونسي يخطف الأنظار في «القاهرة السينمائي» عبر «الجولة 13»

الطفل هادي بطل الفيلم التونسي (إدارة المهرجان)
الطفل هادي بطل الفيلم التونسي (إدارة المهرجان)

خطف الطفل التونسي هادي بن جابورية، بطل فيلم «الجولة 13»، الأنظار في «مهرجان القاهرة السينمائي» عقب عرض الفيلم، بفضل موهبته وحضوره الواثق في العمل الذي يجسّد من خلاله شخصية طفل يصارع مرض السرطان.

ويشارك الفيلم في مسابقة «آفاق السينما العربية» خلال الدورة الـ46 من المهرجان. وتدور أحداثه حول بطل الملاكمة التونسي «كمال» الذي يُنهي مسيرته الاحترافية، لكنه لا يُنهي تعلقه بهذه الرياضة، بل ينقل شغفه بها إلى ابنه الوحيد «صبري». ويستمد الفيلم عنوانه «الجولة 13» من عالم مباريات الملاكمة، غير أن مأساة تقع في حياة البطل، تشكّل إحدى أقسى هزائمه.

عُرض الفيلم مساء الاثنين بحضور نقاد وسينمائيين تونسيين وعرب، إضافة إلى طاقم العمل الذي يضم مخرجه محمد علي النهدي، ووالده الفنان التونسي الأمين النهدي الذي يشارك في مشهد واحد بالفيلم، والفنانة عفاف بن محمود، والطفل هادي. وقد أُنتج الفيلم بدعم من وزارة الثقافة التونسية، كما حاز دعم «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» و«الدوحة للأفلام» وقناة «ART».

وفي المشاهد الأولى للفيلم، يدرب الأب «كمال» طفله «صبري» على رياضة الملاكمة في المنزل، ويتابعان معاً المباريات. يتعلق الطفل بالرياضة، ويصبح حلمه أن يكون ملاكماً في المستقبل مثل والده.

الأب والابن في لقطة من الفيلم (إدارة المهرجان)

يخوض «صبري» مباراة في ساحة المدرسة مع أحد زملائه، فيتعرّض لإصابة في ذراعه. يحمله والداه إلى المستشفى، وبعد سلسلة من التحاليل والأشعة يفاجئهما الطبيب بتشخيص إصابة ابنهما بمرض السرطان. تهتزّ العائلة لهذا الخبر، ويتحوّل استقرارها إلى صراع قاسٍ مع مرض لا يرحم. ويتتبع الفيلم تفاصيل هذا الصراع بكل مآسيه، وما يمرّ به الطفل من أوجاع خلال مراحل العلاج، وانقطاعه عن المدرسة، وسقوط شعره، وتشبث الأسرة كلها بالأمل. إلا أنّ الأب يبدو الأقل تماسكاً والأكثر تأثراً وتشتتاً، فيعود إلى ممارسة الملاكمة ويقع في أزمات تنتهي بدخوله السجن.

وبعد فترة علاج شاقة، يصارح الطبيب الوالدين بخطورة حالة ابنهما، فتنقله الأم إلى المنزل ليعيش أيامه الأخيرة بين أفراد أسرته، في حين يحتفلون بعيد ميلاده التاسع وهو يصارع الموت.

ويقدم الطفل هادي حضوراً لافتاً في الفيلم، مستقطباً الأنظار إلى موهبته الفطرية ووجهه البريء وقدرته على تجسيد الشخصية بصدق، متنقلاً من لحظات السعادة الأولى إلى صدمة المرض، حيث تختفي ابتسامته وحيويته، وتبدو معاناته من الآلام المبرحة بوضوح مؤثر.

المخرج يتحدث خلال جلسة نقاشية عقب العرض (إدارة المهرجان)

وكشف المخرج محمد علي النهدي، خلال جلسة نقاشية أعقبت عرض الفيلم، أن اكتشاف هادي جاء بالصدفة، إذ اختير من بين 300 طفل ترشحوا لأداء الدور. وقال: «كنا نبحث عن منزل نصوّر فيه في أحد أحياء تونس، فالتقينا هادي بالصدفة، حيث توجه إلينا وسأل: هل ستصورون مسلسلاً؟ فأجبناه بأننا نصوّر فيلماً، فقال: أريد التمثيل معكم. وقد لفت نظري فوراً، فأجرينا له اختبارات أداء اكتشفت خلالها أنه طفل موهوب وذكي. وخلال التصوير أثبت إرادة لافتة، فكان ملتزماً بمواعيده، ويصل جاهزاً وقد حفظ دوره، ولا يملّ، خلافاً لمعظم الأطفال، من ساعات التصوير الطويلة».

من جانبها، أكدت الفنانة عفاف بن محمود أن هادي موهوب بالفطرة، وكان شديد الالتزام والأكثر جاهزية طوال فترة التصوير. وتحدث هادي مؤكداً رغبته في مواصلة عمله في التمثيل إلى جانب دراسته.

وأضافت عفاف أن السيناريو جذبها منذ القراءة الأولى، وأن شخصية الأم كانت صعبة لأنها تعتمد على المشاعر وتتضمن مشاهد صامتة. وأوضحت أنها اعتادت أن تمنح الشخصية التي تؤديها من قلبها وروحها حتى تصل بصدق إلى المشاهد.

طاقم الفيلم على «الرد كاربت» في مهرجان القاهرة (إدارة المهرجان)

ولفت المخرج إلى أنه قدّم فيلماً برؤية واقعية، رافضاً النظرة الغربية التي تتعمّد تصوير العنف والفقر المدقع في الأفلام العربية وفرض أسلوب سرد معيّن كي تنال الأعمال إعجابهم في المهرجانات الكبرى، رافضاً في الوقت نفسه انسياق بعض المخرجين خلف هذه التوجهات. وقال: «أرفض تشويه واقعنا وثقافتنا، وقدّمت عملاً أبطاله ينتمون إلى الطبقة الشعبية من دون أي مزايدة».

وأعرب الفنان التونسي الأمين النهدي عن سعادته بالفيلم، قائلاً: «أنا فخور بهذا الفيلم، ليس من باب الانحياز لنجلي مخرج العمل، بل لأنه بالفعل فيلم مختلف في إيقاعه عن معظم الأفلام التونسية».

وردّ المخرج قائلاً إن «والده الفنان الكبير هو المدرسة الأولى التي تعلّم فيها منذ طفولته، حيث تعرّف على السيناريو وقيمة العمل الفني وأهمية الثقافة، ورافقه إلى مواقع التصوير».

وعدّ الناقد خالد محمود الفيلم واحداً من الأعمال التونسية اللافتة في دورة العام الحالي من «مهرجان القاهرة السينمائي»، مشيراً إلى أنه يطرح قضية اجتماعية مهمة بصياغة فنية مميزة، وأنه يمثل تجربة واعدة لمخرجه في ثاني أفلامه الطويلة. وأوضح أن المخرج استطاع أن يجعل المتفرج شريكاً في قلب الأزمة خلال رحلة المعاناة التي تخوضها الأسرة مع مرض طفلها.

وأشار محمود إلى أنّ المخرج أدار الصراع في الفيلم على «نار هادئة»، مضيفاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن اختيار فريق التمثيل كان موفقاً، وأن منح الطفل الموهوب هذه الفرصة كان في محلّه نظراً لأدائه البارع وتجسيده المؤثر لشخصية طفل مصاب بالسرطان، متوقعاً أن ينافس الفيلم على الجوائز.