سلط الاحتفال باليوم العالمي للشطرنج الذي يوافق 20 يوليو (تموز) من كل عام، الضوء على ألعاب العقل في مصر القديمة، ومن أبرزها لعبة «السِّنت» التي كان يمارسها الملوك والعامة، وقد قاموا بتصويرها على جدران مقابرهم؛ لما لها من رمزية دينية لرحلة الروح إلى العالم الآخر.
واحتفت وزارة السياحة والآثار المصرية باللعبة القديمة بمناسبة اليوم العالمي للشطرنج، وقالت في بيان صحافي الأحد إن «السِّنِت» تم صنعها من العاج والخشب والقاشاني، وطعموا نماذج منها بالذهب أحياناً.
ومن بين النماذج الشهيرة للعبة «السِّنت» تلك التي عثروا عليها في مقبرة الملك توت عنخ آمون بالأقصر، وتم رسمها كذلك على جدران مقبرة الملكة نفرتاري. ووفق وزارة السياحة والآثار، فإن للعبة «السنت» دوراً رمزياً في العقيدة المصرية؛ إذ يصور أحد فصول «كتاب الموتى» المتوفى وهو يلعب «السنت» كأحد التحديات التي يتوجب على المتوفى اجتيازها للوصول إلى العالم الآخر.
وحسب الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، فإن «لعبة (السِّنت) - Senet - تعد واحدة من أقدم ألعاب الطاولة في التاريخ، وقد مارستها النخبة والعامة على حد سواء في مصر القديمة، وتعود أقدم الشواهد عليها إلى نحو 3100 قبل الميلاد؛ أي في بدايات عصر الأسرات. وقد عثر العلماء على ألواح (السنت) داخل مقابر ملكية، مثل مقبرة الفرعون توت عنخ آمون؛ ما يدل على مكانتها الرمزية والطقسية، إضافة إلى كونها وسيلة للترفيه والتسلية».
ولم تكن «السنت» لدى المصريين القدماء مجرد لعبة، بل كانوا ينظرون إليها باعتبارها رمزاً لرحلة الروح في العالم الآخر، ووسيلة للفوز بالحياة الأبدية. وكانوا يلعبونها على لوح مستطيل يتكوّن غالباً من 30 مربعاً، باستخدام قطع لعب، وأحياناً عصي صغيرة تُستخدم كالنرد.

ويضيف عبد البصير في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «الربط بين الشطرنج في يومه العالمي وألعاب العقل في مصر القديمة فكرة مميزة؛ لأن (السنت) تمثل دليلاً واضحاً على شغف المصريين القدماء بالعقل والتخطيط والرمزية».
ولم تكن «السنت» هي اللعبة الوحيدة التي كان يمارسها المصريون، بل كان لديهم ألعاب أخرى مثل لعبة «مِهِن» (Mehen)، وتعد حسب عبد البصير «من أقدم الألعاب في مصر القديمة، وظهرت في أواخر عصر ما قبل الأسرات، واستمرت حتى الدولة الوسطى، وكانت عبارة عن لوح دائري أو حلزوني يشبه جسم أفعى ملتفة على نفسها، ولهذا سُميت (مِهِن) نسبةً إلى الإله الحامي الذي يحمل الاسم نفسه، والذي يظهر غالباً في هيئة أفعى، ويُعتقد أن المصريين القدماء كانوا يلعبونها باستخدام كرات صغيرة، وأحياناً تماثيل من الأسود، ويتحركون على طول جسم الأفعى حتى نهايته، وهي لعبة ذات أبعاد رمزية، وكانت تُستخدم في الطقوس الدينية، ويُحتمل أنها مثّلت رحلة الشمس أو الروح عبر العالم الآخر».
ومن بين الألعاب القديمة لعبة «العصا والقرص»، وهي أقرب إلى الرماية، وكان يقذف فيها اللاعبون أقراصاً أو عصيّاً بهدف إصابة هدف معين أو إدخالها في ثقب، وتتميز بشعبيتها؛ إذ كان يمارسها الأطفال والعمال في أوقات الراحة من العمل، ويراها مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية مفيدة في تنمية مهارات التقدير والتنسيق بين العين واليد، وتُعد من أولى ألعاب المهارة اليدوية.
ولفت عبد البصير إلى أن «علماء الآثار المصريين عثروا على دُمى خشبية أو فخارية كانت تُستخدم كلُعب للأطفال، بعضها قابل للحركة باستخدام الخيط؛ ما يعكس مستوى من الابتكار في الترفيه، كما ظهرت في بعض الجداريات ألعاب بدنية مثل التوازن على الأيدي أو المشي على جذوع النخيل، وهي أشبه بألعاب التحدي الجسدي».

