دوللي ديب حايك... أن تُغنّي في الستّين كأنكِ بدأتِ الحياة الآن

تنتصر على الخوف وتعلن أنَّ الوقت لا يفوت

ما يُروَى في حكاية دوللي ديب حايك ليس الصوت وحده: تُروَى التجربة (الشرق الأوسط)
ما يُروَى في حكاية دوللي ديب حايك ليس الصوت وحده: تُروَى التجربة (الشرق الأوسط)
TT

دوللي ديب حايك... أن تُغنّي في الستّين كأنكِ بدأتِ الحياة الآن

ما يُروَى في حكاية دوللي ديب حايك ليس الصوت وحده: تُروَى التجربة (الشرق الأوسط)
ما يُروَى في حكاية دوللي ديب حايك ليس الصوت وحده: تُروَى التجربة (الشرق الأوسط)

في الستّين من عمرها، وقفت المعالجة النفسية دوللي ديب حايك على خشبة المسرح، وغنَّت أمام جمهورٍ تقاطع فيه الفضول مع التصديق. لم تكُن المرة الأولى التي تُغنّي فيها، لكنها كانت المرة الأولى التي تهِبُ فيها صوتها للملأ. اختبرت في سنّ الثامنة بهجة الغناء على مقاعد المدرسة، وكان صوتها يُطرِب. اختيرت مراراً للغناء المنفرد، لكنّ الخجل الأنيق لازمها. ذاك الخجل نفسه الذي ارتسم على ملامحها وهي تؤدّي بصوتها الستّيني أمام حضور جاء إلى مسرح «دوار الشمس» في بيروت ليُصغي.

هي لحظة درسٍ صافٍ: لا شيء مستحيل (الشرق الأوسط)

تقول لـ«الشرق الأوسط» إنَّ الشغف بالغناء لم يفارقها قط؛ منذ الطفولة حتى العقد السادس من العُمر. نشأت على أغنيات الرحابنة، وعلى صوت فيروز الذي ظلّ يملأها. لكنّ ما يُروَى في حكاية دوللي ليس الصوت وحده: تُروَى التجربة. العودة إلى الحلم الذي ظلَّ مُخبّأً تحت طبقات من الانشغال والواجبات. متعة المسرح حين يُطرَق بابه في وقتٍ لم يعد متوقَّعاً. وحين دُعيت صاحبة السطور للاستماع إلى صوتها، ظنَّت أنّها مُقبلة على تجربة ربما تنتهي بخيبة. لكنَّ صوت دوللي لم يُخِفق. الذي خَفَقَ هو القلب، أمام امرأة قرَّرت أن تُحقّق حلماً ظنَّ الجميع أنه طُوي. وكانت النتيجة درساً حيّاً: لا وقت يفوت. لا حلم يموت ما دام ثمة نبضٌ يستدعيه.

غنَّت أمام جمهور تقاطع فيه الفضول مع التصديق (الشرق الأوسط)

هي لحظة درسٍ صافٍ: لا شيء مستحيل. يمكننا أن نحلم حتى لو مرّ منتصف العُمر. أن نتخيَّل أنفسنا في المكان الذي لطالما أردناه. أن نستعيد ما دفنته مشاغل الحياة. المسرح، كما تقول، ظلَّ يُناديها بصوت خفيّ. لكنها كانت منشغلة بالتخصُّص الجامعي، ثم بالزواج، فالأمومة. كلّ ما أحبّته، تأجَّل في الزوايا. لكنها لم تنطفئ. ظلَّت تُغنّي في داخلها.

كبُرَ أولادها، فعاد الصوت: غنِّي يا دوللي، لا تؤجّلي أكثر. الصوت الذي يُناديها لتعيش المسرح، ولتلتقط نظرات الجمهور كما لو أنها إشارات حياة. بدأت قبل سنوات بتعلُّم الغناء في أكاديمية إلياس الرحباني، ثم مع الفنانة غادة شبير، لتصقل الموهبة التي لم تغادرها يوماً. عائلتها لم تُشجِّع. كانت تُفضّل التخصّصات «الجدّية»، والغناء لم يكن منها. لكنها، كامرأة تُدرك عمق ما ينكسر حين نهمل أحلامنا، كانت تقول لمرضاها في العيادة: تمسَّكوا بما تحبّون، لا تتنازلوا عن أصواتكم الداخلية. ولمّا حان الوقت، طبّقت النصيحة على نفسها.

الشغف بالغناء لم يفارقها منذ الطفولة حتى العقد السادس من العُمر (الشرق الأوسط)

في الستّين، راحت تسأل نفسها: «ما الذي يُسعدني؟». من هذا السؤال، بدأت تنجز خطوات صغيرة نحو ذاتها. الفنّ، بالنسبة إليها، ليس شيئاً تأخَّر. فقد جاء في موعده. وما دام يتحقَّق، فإنَّ الأوان لم يفُت. كلّ دقيقة في الحياة، تقول دوللي ديب حايك، هي فرصة مُحتَملة لمحطّة جديدة، في الرحلة التي نُسمّيها أعمارنا.

الشرارة الأولى أشعلتها أراكس شيكجيان، أول مغنّية أوبرا في سوريا من أصل أرمني، التي درَّبتها وآمنت بموهبتها. دلَّتها إلى نقاط قوّتها، وقالت لها: آن الأوان. أكدت لها أنّ الوقوف على المسرح ليس غريباً عنها، وأنها كانت لتصبح مغنّية محترفة، لو أنها سمحت لصوتها بالخروج باكراً.

وهكذا، عاد ما كان مدفوناً إلى سطح الحياة. وقفت دوللي أمام جمهورٍ صدَّقها، وغنّت لساعة ونصف ساعة من أجمل ما حمله الزمن من أغنيات الرحابنة وفيروز وزكي ناصيف، وأصوات مَن صنعوا مجد الأغنية اللبنانية. لم تُخفِ أنّ قلبها كاد ينفجر وهي تبدأ الغناء. كان وجهها مرآة لصراع داخلي رهيف: الخجل، والتوتّر، والحياء، وشعور بأنّ الستّين لا تُخجِل. تُجمِّل.

متعة المسرح حين يُطرَق بابه في وقتٍ لم يعد متوقَّعاً (الشرق الأوسط)

تقول: «كنتُ أرتجف قبل أسابيع من الحفل. لم يكن شيئاً مضموناً. كانت الحرب تَلوح في المنطقة، وأنا أتمرّن. أخافني الوقوف وحدي على المسرح، وأخافني احتمال إلغاء الأمسية. ثم، قلتُ لنفسي: هذا الحلم الذي انتظرته طويلاً، فلماذا أسمح للخوف بأن يُفسده؟ إنها لحظة فريدة أدوّنها في سجل وجودي. يجب أن أستفيد منها حتى النهاية. وهكذا قرّرت: سأعيشها بفرح».

العبرة، على لسانها: «لا عُمر يتأخَّر، ولا وقت يفوت. لا جدوى من التحسُّر ما دمتُ أتنفّس. لم أندم على بدايتي المتأخّرة. ربما كانت الأيام تُمهّد للحلم ليأتي في أوانه. لا بأس، لقد جاء. وحين تساءلتُ، (هل أستطيع في الستّين أن أفعل ما أردتُه في العشرين؟)، جاءني الجواب من داخلي: نعم. لأنّ خيال الإنسان لا يعرف العُمر. الخيال خصب وحيّ. وحده يجعل الحياة شيئاً يمكن أن يُحتَسب، فلا تمرَّ مثل وقت ضائع.


مقالات ذات صلة

حفلات رأس السنة في بيروت... راغب علامة يتصدر والبعض يُفضلها منزلية

يوميات الشرق الموسيقي غي مانوكيان (فيسبوك)

حفلات رأس السنة في بيروت... راغب علامة يتصدر والبعض يُفضلها منزلية

في نهاية كل عام، ينشغل اللبنانيون بالبحث عن سهرات تناسب ميزانياتهم وأذواقهم لقضاء سهرة رأس السنة. وعادةً ما تتوزّع هذه الحفلات بين العاصمة بيروت ومناطق ساحلية…

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس  مي كساب تعوض ظهورها في الحفلات بالغناء في السينما (الشرق الأوسط)

مي كساب: أعوّض غيابي عن الحفلات بالغناء في السينما

عن وجهة نظري قالت المطربة المصرية مي كساب إنها ترفع القبعة لكل مطرب يواصل نجاحه اعتماداً على نفسه، في ظل غياب بعض المؤسسات وشركات الإنتاج الكبرى

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق منى زكي وكريم عبد العزيز وعدد من صناع الفيلم في كواليس التصوير - حساب مراد على «فيسبوك»

«الست» يفجر زخماً واسعاً بمصر حول حياة أم كلثوم

فجر فيلم «الست» زخما واسعاً في مصر حول كواليس حياة أم كلثوم، بمراحلها المختلفة وعلاقاتها الشخصية بمن حولها من عائلتها وزملائها، بالإضافة إلى قصص حبها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق نسمة محجوب مع منى زكي (حساب نسمة محجوب على فيسبوك)

نسمة محجوب: تجربتي في «الست» التحدي الأصعب بمشواري

أعربت المطربة المصرية نسمة محجوب عن فخرها بمشاركتها في فيلم «الست» بالأداء الصوتي للأغنيات، والذي اعتبرته أصعب تحدٍّ خلال مشوارها الفني.

مصطفى ياسين (القاهرة)
يوميات الشرق شيرين عبد الوهاب - حسابها على «إنستغرام»

شيرين تهدد بمقاضاة مُروجي إشاعات «إفلاسها»

عاد اسم الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب للواجهة مجدداً، بعد إشاعات شخصية عدة طاردتها خلال الساعات الماضية.

داليا ماهر (القاهرة)

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن ورش أثرية لتجهيز السمك المملح وجبّانة رومانية في البحيرة

منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)
منحوتات من العصر البطلمي في الجبانة الأثرية (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة، بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة بادوفا الإيطالية، الثلاثاء، اكتشاف عدد من الورش الصناعية التي ترجع إلى العصر المتأخر وبدايات العصر البطلمي، إلى جانب الكشف عن جزء من جبانة رومانية تضم أنماطاً متنوعة من الدفن، أثناء أعمالها بموقعي كوم الأحمر وكوم وسيط بمحافظة البحيرة (غرب الدلتا).

ويساهم هذا الكشف في تعميق فهم طبيعة الحياة والنشاط البشري في مناطق غرب دلتا النيل والمناطق الداخلية المحيطة بمدينة الإسكندرية، وفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد، موضحاً في بيان للوزارة، الثلاثاء، أن «هذه الاكتشافات تمثل إضافة علمية مهمة لدراسة أنماط الاستيطان والممارسات الجنائزية والأنشطة الصناعية في غرب الدلتا، كما تسهم في تقديم رؤى جديدة حول شبكات التواصل الإقليمي منذ العصر المتأخر وحتى العصرين الروماني والإسلامي المبكر».

وتتكون الورش الصناعية المكتشفة من مبنى كبير مقسّم إلى ما لا يقل عن ست غرف، خُصصت اثنتان منها لمعالجة الأسماك، حسب تصريحات رئيس قطاع الآثار المصرية، محمد عبد البديع، حيث عثرت البعثة على نحو 9700 عظمة سمك، بما يشير إلى وجود نشاط واسع لصناعة السمك المملح في تلك الفترة.

الكشف عن جبانة رومانية بمصر (وزارة السياحة والآثار)

ويرجح تخصيص الغرف الأخرى لإنتاج الأدوات المعدنية والصخرية، وتمائم الفيانس، إذ عُثر على عدد من التماثيل الجيرية غير المكتملة، إلى جانب قطع أخرى في مراحل تصنيع مختلفة.

وأسفر الكشف أيضاً عن العثور على جرار أمفورا مستوردة وقطع من الفخار اليوناني، الأمر الذي يؤرخ نشاط هذه الورش إلى القرن الخامس قبل الميلاد.

وأسفرت أعمال الحفائر كذلك عن اكتشاف جزء من جبانة رومانية تضم عدة دفنات بثلاثة أنماط رئيسية، شملت الدفن المباشر في الأرض، والدفن داخل توابيت فخارية، بالإضافة إلى دفنات أطفال داخل أمفورات كبيرة، وفق بيان الوزارة.

فيما أوضحت رئيسة البعثة من جامعة بادوفا الإيطالية، الدكتورة كريستينا موندين، أن فريق العمل يجري حالياً عدداً من الدراسات البيو - أثرية على الهياكل العظمية المكتشفة، بهدف تحديد النظام الغذائي، والعمر، والجنس، والحالة الصحية للمدفونين بالموقع، والبالغ عددهم 23 شخصاً من الذكور والإناث والأطفال والمراهقين والبالغين.

وأشارت إلى أن النتائج الأولية لهذه الدراسات تشير إلى أن هؤلاء الأفراد عاشوا في ظروف معيشية جيدة نسبياً، دون وجود دلائل واضحة على إصابتهم بأمراض خطيرة أو تعرضهم لأعمال عنف.

وعدّ عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، هذه الاكتشافات، تمثل إضافة نوعية لفهم تاريخ غرب الدلتا خلال العصر الروماني، إذ تكشف بوضوح عن تداخل الحياة الاقتصادية مع الممارسات الاجتماعية والدينية في تلك المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ورش تجهيز السمك المملح تعكس نشاطاً صناعياً منظماً يعتمد على استغلال الموارد الطبيعية، ما يدل على أهمية غرب الدلتا بوصفها مركزَ إنتاجٍ غذائي وتجاري مرتبط بشبكات أوسع داخل مصر وخارجها».

من القطع المكتشفة في الجبانة (وزارة السياحة والآثار)

كما رأى عبد البصير أن «الكشف عن الجبانة الرومانية يقدّم مادة علمية ثرية لدراسة المعتقدات الجنائزية والبنية الاجتماعية للسكان، من خلال تنوع طقوس الدفن واللقى المصاحبة».

ونجحت البعثة في الكشف عن عشرات الأمفورات الكاملة (جرار خزفية)، بالإضافة إلى زوج من الأقراط الذهبية يعود لفتاة شابة، وقد نُقلت هذه القطع الأثرية إلى المتحف المصري في القاهرة، تمهيداً لإجراء أعمال الدراسة والترميم اللازمة لها، وفق بيان الوزارة.

وقال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، أحمد عامر، إن «هذا الاكتشاف الأثري في غرب الدلتا يفتح آفاقاً جديدة لفهم فترة حكم العصور المتأخرة وما تلاها من حقب تعاقبت على الحضارة المصرية القديمة، بل وتعيد قراءة التاريخ المصري القديم من منظور جديد».

من القطع الأثرية المكتشفة (وزارة السياحة والآثار)

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الكشف سوف يضيف لنا علمياً كثيراً عن تلك الحقبة، كما أنه معروف أن الأمفورات كانت تستخدم في عمليات التجارة الخارجية، وكان يوضع بها النبيذ، وأحياناً في نقل السمك المملح، وهذه ليست المرة الأولى في العثور على الأمفورات، حيث كانت متداولة في التجارة الخارجية للدولة المصرية مع اليونان في فترات كثيرة».


للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
TT

للمرة الأولى عالمياً... نحل الأمازون يحصل على حقوق قانونية

مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)
مدينتان في بيرو تمنحان النحل غير اللاسع حقوقاً قانونية (ميريان ديلغادو)

يواجه أحد أقدم أنواع النحل على كوكب الأرض، والمُلقِّح الأساس في غابات الأمازون، تهديدات متزايدة نتيجة إزالة الغابات، والتغيرات المناخية، وتلوث المبيدات، والمنافسة من نحل العسل الأوروبي العدواني.

في خطوة تاريخية، أصبح نحل الأمازون غير اللاسع، أي الذي لا يلسع على عكس نحل العسل الأوروبي «النحل العدواني»، أول الحشرات في العالم التي تُمنح حقوقاً قانونية، تشمل الحق في الوجود، والازدهار، والحماية القانونية في حال التعرض للأذى.

وقد أُقرّت هذه القوانين في بلديتين في بيرو هما: ساتيبو وناوتا، بعد سنوات من البحث وجهود الضغط التي قادتها روزا فاسكيز إسبينوزا، مؤسسة منظمة «أمازون ريسيرتش إنترناشيونال».

يُربي السكان الأصليون هذا النوع من النحل منذ عصور ما قبل كولومبوس، ويُعد مُلقحاً رئيسياً يساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي وصحة النظم البيئية، إذ يلقح أكثر من 80 في المائة من النباتات، بما في ذلك محاصيل الكاكاو، والقهوة، والأفوكادو. وأظهرت أبحاث إسبينوزا، التي بدأت عام 2020، أن عسل هذا النحل يحتوي على مئات المركبات الطبية المضادة للالتهاب والفيروسات والبكتيريا، كما وثقت المعرفة التقليدية في تربيته وجني عسله.

أفاد السكان الأصليون بتراجع أعداد النحل وصعوبة العثور على الأعشاش، كما كشف التحليل الكيميائي للعسل عن آثار المبيدات حتى في المناطق النائية. وأظهرت الدراسات صلة بين إزالة الغابات وتراجع أعداد النحل، بالإضافة إلى المنافسة المتزايدة من نحل العسل الأفريقي المهجن، الذي بدأ في إزاحة النحل غير اللاسع من موائله الطبيعية منذ القرن الـ20.

وفقاً لكونستانزا برييتو، مديرة قسم شؤون أميركا اللاتينية في «مركز قانون الأرض»، تمثل هذه القوانين نقطة تحوُّل في علاقة البشر بالطبيعة، إذ تعترف بالنحل غير اللاسع بوصفه من الكائنات الحاملة للحقوق وتؤكد أهميته البيئية.

وأوضح زعيم السكان الأصليين آبو سيزار راموس أن القانون يحتفي بالمعرفة التقليدية ويعترف بالدور الحيوي للنحل غير اللاسع في دعم نُظم الأمازون البيئية وثقافات الشعوب الأصلية.

تتطلب هذه القوانين، حسبما ذكرت «الغارديان» البريطانية، استعادة المَواطن البيئية، وتنظيم استخدام المبيدات، واتخاذ تدابير للحد من آثار تغيُّر المناخ، وقد اجتذبت عريضة عالمية مئات الآلاف من التوقيعات، في حين أبدت دول أخرى اهتماماً بتطبيق نموذج بيرو لحماية المُلقِّحات المحلية.


«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«قصر القطن» بالإسكندرية... لتوديع الظلام واستقبال السائحين

المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
المبنى يطل على البحر مباشرة في منطقة المنشية بالإسكندرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

يشكل إعلان الحكومة المصرية على لسان وزير قطاع الأعمال العام المصري المهندس محمد شيمي، عن سعيها للاستحواذ على مبنى قصر القطن في مدينة الإسكندرية المجاور للنصب التذكاري للجندي المجهول طاقة نور لإخراج المبنى من حالة الجمود واستغلاله سياحياً بعد تحويله إلى فندق.

ويعود المبنى لفترة الثمانينات، وأقيم مكان قصر القطن التاريخي زمن السادات، ويعدُّ أكبر منشأة في منطقة المنشية تطل على البحر مباشرة وسط مدينة الإسكندرية، ويتميز «قصر القطن» بطرازه المعماري ما جعله فريداً بين المنشآت والبنايات الموجودة في المنطقة من حيث الارتفاع والضخامة والعناصر الهندسية والمعمارية.

وقال الفنان فتحي بركات، رئيس جمعية الفنانين والكتاب «أتيليه الإسكندرية»، إن مبنى «قصر القطن» كان في البداية مملوكاً لشركة الأقطان الشرقية بالإسكندرية، وكانت هناك محاولة لأن يكون أعلى مبنى في المدينة ليتشكل من 45 طابقاً، لكن لم يتم الموافقة على مخطط بنائه، واقتصر على 22 طابقاً فقط، ومنذ إنشائه زمن السادات في موقع قصر القطن التاريخي لم يُستغل بشكل مثالي. «والآن تشغل جزءاً منه جامعة سنجور الفرنسية، بالإضافة إلى طابقين حكوميين، لكن تظل باقي الأدوار بلا أي نوع من الإشغال، وفق كلام بركات الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المبنى محاط بمنطقة مزدحمة بالبائعين، منطقة المنشية، ويجاور النصب التذكاري للجندي المجهول وإعادة الحياة له ربما يعيد الهدوء مرة أخرى للمكان، ويضفي طابعاً مختلفاً لها يعيدها للزمن الجميل، وهو يمتلك إمكانات تؤهله للاستغلال الفندقي، حيث يتضمن جراجاً في الدور الأرضي، بالإضافة لإجراء الكثير من التغييرات الداخلية لاستغلال مكوناته، أما عن شكله الخارجي فلا توجد هناك مساحة لأي تغييرات، لأن واجهته زجاجية، ولا يمكن تغييرها».

المبنى المراد تحويله إلى فندق (تصوير: عبد الفتاح فرج)

كان المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، قال خلال لقائه عدداً من الصحافيين بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة، الثلاثاء، إن الحكومة المصرية تعمل حالياً على خطة تهدف إلى إعادة إحياء الأصول التاريخية وتعظيم الاستفادة منها، من بينها أحد القصور الأثرية المميزة بمدينة الإسكندرية، وهو «قصر القطن» الواقع بجوار النصب التذكاري، مشيراً إلى أنه من المستهدف تطوير القصر وإعادة تشغيله فندقاً سياحياً متميزاً.

وأضاف شيمي أن المشروع المقترح يتضمن إنشاء فندق بارتفاع 22 طابقاً، يسهم في دعم الطاقة الفندقية بالإسكندرية وتعزيز المنتج السياحي، والحفاظ على الطابع التراثي وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة، ولتحقيق ذلك أجرت الوزارة دراسة استغلال المبنى بوضع تصور شامل لتحقيق الاستغلال الأمثل له، وتحويله إلى مركز استثماري متعدد الاستخدامات الفندقية والإدارية والتجارية، وتسهم في تعظيم العائد منه، وتنشيط ودعم الحركة السياحية والتجارية في الإسكندرية وتوفير فرص عمل إضافية.

من جهته قال الباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان إن «اتجاه مصر لتطوير واستغلال قصر القطن وتحويله إلى فندق سياحي، سيُعيد صياغة المكان، عبر إزالة الكثير من الساحات التي تشوه المنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة صارت مزدحمة جداً، فضلاً عن عشوائيتها، لذا سيكون مشروع الفندق بمثابة رئة تعيد ساحة النصب التذكاري ومنطقة المنشية لسماتها السياحية والتراثية التي فقدتها منذ سنين».