حصدت المسرحية المصرية «الأرتيست» إعجاباً لافتاً من جمهور ونقاد وفنانين أشادوا بها منذ انطلاقها منتصف العام الماضي؛ حيث تواصل عرضها عبر عدة مواسم متقطعة، وخلال موسمها الأحدث، مساء أمس الأول، فوجئ الحضور ببكاء الفنان محمود حميدة أثناء مشاهدته لها، فلم يتمالك نفسه، وبكى بصوت مسموع تأثراً بالعرض المسرحي الذي يروي سيرة الفنانة المصرية زينات صدقي المليئة بالشجن والدموع والضحك.
قال محمود حميدة -في تصريحات صحافية- إن عرض «الأرتيست» يتضمن كل المواصفات التي تجعله يُعرض لسنوات، «انتابتني وأنا أشاهده جميع الأحاسيس والانفعالات التي جعلتني أفرح وأحزن وأضحك وأبكي وأموت وتعود لي الروح مرة أخرى».
وأشاد حميدة بأداء جميع أبطاله، والمخرج محمد زكي، الذي استطاع أن يقدم عرضاً مسرحياً فريداً، وهنّأ حميدة الفنانة هايدي عبد الخالق، بطلة العرض، بشكل خاص لتميز أدائها لشخصية الفنانة زينات صدقي.
وقدّمت الدكتورة هايدي عبد الخالق، أستاذ التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية، أداءً لافتاً لشخصية زينات صدقي، وفقاً لنقاد، وكانت قد حازت جائزة أفضل ممثلة في الدورة الماضية للمهرجان القومي للمسرح عن هذا العرض.
وقالت هايدي لـ«الشرق الأوسط»: «لقد فوجئت بوجود الفنان الكبير محمود حميدة وسط الحضور بعدما بكى وانفعل كثيراً مع المسرحية، فهو فنان يهتم بمشاهدة العروض المسرحية دون أن ينتظر دعوة للحضور، وقد قال لي إنه لا يتأثر عادة بسهولة، لكن العمل كان فريداً، حسب وصفه».
وأضافت أن الفنان «عبّر عن حالة أسعدتنا جميعاً كوننا فريق عمل المسرحية التي أشاد بها، كما أشاد بأدائي، وقال إن أكثر ما أعجبه أنني عبّرت عن روح شخصية زينات صدقي دون أن أقلّدها، وأنني لم أقدّم محاكاة سطحية لها، وهو تقدير كبير من فنان قدير أسعدني كثيراً فقلت له، إن هذا أسعد أيام حياتي».
ورأت الفنانة أن شخصية زينات صدقي التي جسّدتها على المسرح تُعدّ حالة خاصة، وأنها لم ولن تصادف دوراً مثله، وأشارت إلى أن قدراً من النجاح والإعجاب بالعرض يعود الفضل فيه لصاحبة السيرة الذاتية، مؤكدة أن العرض جذب شباباً للتعرف على سيرة زينات صدقي، وأنها فنانة أعطت دون مقابل، وأفنت حياتها لإسعاد الجمهور.
وبررت أستاذة النقد بأكاديمية الفنون المصرية، الدكتورة سامية حبيب، حالة الإعجاب التي قوبل بها العرض المسرحي «الأرتيست» بكونه يعرض لسيرة ممثلة كبيرة بقيت خالدة في وجدان الجمهور.
وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «العرض استعرض ملامح حقيقية من معاناتها، لتُحقق حلمها في أن تكون ممثلة، في ظل مقاطعة أسرتها لها وتمسكها بهذا الحلم حتى حققته، وصارت أشهر ممثلة كوميدية في عصرها، ثم معاناتها في نهاية عمرها بعد أن كبرت ولم يعد يطرق بابها أحد حتى حدَّثها الرئيس السادات لتكريمها في عيد الفن».
وحسب الناقد المسرحي، محمد بهجت، فإن العرض قدَّم حياة زينات صدقي بصدق شديد، عبر معايشة لحظات الألم والشجن في حياتها التي طالما أضحكتنا، ولا تزال، بأدائها الكوميدي وموهبتها العفوية، في حين جاءت حياتها على النقيض من ذلك؛ مليئة بالحزن والشجن والتراجيديا، وما قالته عند تكريم الرئيس السادات لها الذي جاء مشهد الختام في المسرحية، بقولها: «أدعو لكل الفنانين أن ينصرهم الله على أهلهم الذين يرفضون عملهم بالفن»، وهو ما يعكس معاناتها التي لازمتها طيلة حياتها.
وقالت سامية إن «الفنانة هايدي عبد الخالق قدّمت أداءً متميزاً لشخصية زينات صدقي في مرحلة الكبر، لكنها لم تكن على الدرجة نفسها في مرحلة شبابها وحيويتها، كما ظهرت زينات في أفلامها الأولى».
فيما أشاد بهجت بالتحضير الجيد للشخصية الذي قامت به هايدي عبد الخالق، ما جعلها تتفوق في تقديمها، رغم عدم تطابقها في الشكل مع زينات صدقي، لكنها بذلت جهداً كبيراً في الماكياج، وفي الأداء الصوتي، حتى جعلتنا نشعر بأن هذا صوت زينات صدقي، مُشيداً بالمؤلف والمخرج محمد زكي الذي نجح في اختيار لحظات من حياة الفنانة الراحلة عبر أسلوب سردي صعب لكنه مؤثر. مؤكداً أنه من الطبيعي أن يلامس العرض كل فنان في مواقف مختلفة.
وتعدّ زينات صدقي (1912 - 1978) واحدة من أهم الممثلات المصريات التي اشتهرت بالأدوار الكوميدية، وقد بدأت مشوارها الفني منتصف ثلاثينات القرن الماضي، وشاركت في التمثيل بأفلام عدة، من بينها «شارع الحب»، و«أيامنا الحلوة»، و«معبودة الجماهير» أمام عبد الحليم حافظ، و«الآنسة حنفي» و«ابن حميدو» أمام إسماعيل ياسين.