في عصر السياحة المفرطة، وصلت كل وجهة سياحية شهيرة إلى نقطة الانهيار في إيطاليا. وبالنسبة لقرية «سيرميوني» تلك البقعة الضيقة من الأرض التي تُلامسها مياه بحيرة غاردا الزرقاء المخضرة، جاءت تلك اللحظة الحاسمة خلال عطلة عيد العمال الطويلة في البلاد، مما دفع القرية الإيطالية العائدة للعصور الوسطى إلى تعيين «مرشدين شوارع» لتنظيم تدفق الزوار وضمان السلوك الحسن، حسب صحيفة «الغارديان» البريطانية.
فقد فوجئت القرية، التي تُعتبر جوهرة في منطقة بحيرات لومباردي، في 2 مايو (أيار) الماضي بحشود من السياح تزاحمت أثناء محاولتهم عبور جسرها الحجري الصغير (الذي كان يُستخدم سابقاً جسراً متحركاً) لدخول أزقتها الضيقة المتشعبة. ما كان يُفترض أن يكون يوماً ممتعاً بزيارة قلعة سيرميوني من القرن الـ14 أو فيلا مغنية الأوبرا الأسطورية ماريا كالاس، يتبعه تناول معكرونة المحار وقيلولة على شاطئ البحيرة، تحول بسرعة إلى كابوس للسائحين ونحو 200 من سكان القرية الدائمين.
وصلت طوابير الانتظار إلى 40 دقيقة لعبور الجسر الذي يستغرق عادة 10 ثوانٍ، بينما تزاحم المشاة مع السيارات التي تنقل الضيوف الأثرياء إلى فنادقهم. وانتشرت صور ومقاطع الفيديو لهذه الفوضى على وسائل التواصل الاجتماعي، مما دفع بسيرميوني (الأكثر زيارة في بحيرة غاردا) إلى صدارة النقاش حول السياحة المفرطة في إيطاليا.
وتقول كريستينا فونتانا (التي تمشي يومياً لعملها في كشك لبيع الصحف): «انسد الجسر بالكامل، ووصلت إلى العمل صباحاً في الوقت المحدد، لكن العودة إلى المنزل استغرقت وقتاً طويلاً. نعيش على السياحة، لكن هذا اليوم كان استثنائياً».
أوضحت رئيسة البلدية، لويزا لافيلي، أن الزحام على الجسر خف سريعاً، لكن مع تصاعد الغضب والنقد، اضطرت لاتخاذ إجراءات عاجلة لمنع انهيار القرية تحت وطأة الزوار. وتجذب سيرميوني 1.3 مليون سائح سنوياً في المتوسط (دون حساب الزوار اليوميين)، وخلال عطلة مايو هذا العام، زارها 45 ألف سائح إضافي مقارنة بعام 2024.