في سابقة علمية نادرة... قروش تتقاسم الطعام دون عدائية

أكثر من 500 فصيلة قرش تعتمد على الصيد في البحار والمحيطات المفتوحة (غيتي)
أكثر من 500 فصيلة قرش تعتمد على الصيد في البحار والمحيطات المفتوحة (غيتي)
TT

في سابقة علمية نادرة... قروش تتقاسم الطعام دون عدائية

أكثر من 500 فصيلة قرش تعتمد على الصيد في البحار والمحيطات المفتوحة (غيتي)
أكثر من 500 فصيلة قرش تعتمد على الصيد في البحار والمحيطات المفتوحة (غيتي)

من بين أكثر من 500 فصيلة معروفة من أسماك القرش، تعتمد الغالبية العظمى من هذه الكائنات البحرية على الصيد للحصول على غذائها، خصوصاً تلك التي تعيش في البيئات البحرية المفتوحة. فالقرش الأبيض مثلاً، يُعرف بمباغتة فرائسه أثناء اندفاعه من الأعماق نحو السطح، بينما تطارد قروش الشعاب فرائسها حتى تحاصرها بين الشقوق المرجانية قبل التهامها. وتتنوع أساليب الصيد والاقتناص من فصيلة إلى أخرى، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

لكن خبراء الأحياء البحرية يشيرون إلى أن القروش لا تكتفي فقط بالصيد، بل تعتمد أيضاً جزئياً على التهام جثث الكائنات البحرية النافقة التي تطفو على سطح الماء، بل وقد تتقاسم هذه «الولائم» بينها في سلوك جماعي لافت.

وفي دراسة حديثة نشرتها الدورية العلمية «Frontiers in Fish Science»، وثّق فريق بحثي من جامعة هاواي الأميركية حالة فريدة اشتركت فيها مجموعتان من القروش، تنتميان إلى فصيلتين مختلفتين، في التهام جثة متحللة لكائن بحري مجهول الهوية.

تقول مولي سكوت، الباحثة في مجال الأحياء البحرية ومن المشاركين في إعداد الدراسة:

«على حد علمنا، هذه هي المرة الأولى التي يُوثّق فيها سلوك تقاسم الغذاء بشكل متزامن وسلمي بين قرش النمر والقرش المحيطي ذي الطرف الأبيض». وتوضح في تصريح لموقع Popular Science: «هذان النوعان نادراً ما يلتقيان في الطبيعة بسبب الاختلاف الكبير في البيئة التي يفضلها كل منهما».

فالقروش المحيطية تُعدّ من الأنواع المهاجرة، وتُمضي معظم وقتها في المحيطات المفتوحة بمفردها، ويصل متوسط طولها إلى نحو 6.5 قدم. ويجعل نمط حياتها هذا من الصعب تتبعها أو دراستها ميدانياً، رغم أنها تقترب من جزر هاواي خلال فصلي الربيع والصيف بحثاً عن الغذاء.

أما قرش النمر، فيُعدّ أكبر حجماً (يصل طوله إلى 10-13 قدماً) ويعيش عادة بالقرب من السواحل، وتُعدّ من القروش «المقيمة» التي تبقى طوال العام قرب شواطئ الجزيرة الكبيرة في هاواي، ونادراً ما تغادر موطنها.

تعلق سكوت على ذلك قائلة: «من النادر جداً أن يتزامن وجود هذين النوعين في نفس المكان والزمان، وهو ما يجعل ما وثقناه حالة استثنائية».

وفي أبريل (نيسان) 2024، صادف مركب سياحي جثة متحللة تطفو على سطح الماء على بُعد نحو 6 أميال من الساحل الغربي للجزيرة الكبيرة في هاواي. وقد رصد ركاب المركب وجود 9 قروش محيطية بيضاء الطرف، إلى جانب 5 من قروش النمر، تشارك في التهام الجثة. واستمر هذا المشهد اللافت لأكثر من ثماني ساعات متواصلة.

تقول سكوت: «رغم صغر حجم الجثة نسبياً، لم نلحظ أي سلوك عدائي بين القروش أثناء تقاسمها للغذاء، وهو ما كان مفاجئاً، إذ عادة ما تشهد مثل هذه المواقف تنافساً شرساً». وتضيف: «يبدو أن القروش كانت تدرك ترتيبها الاجتماعي، وتتبادل الأدوار بطريقة منظمة نسبياً».

وبحسب الدراسة، بدت قروش النمر أكثر هيمنة على الجثة، ويرجَّح أن السبب في ذلك يعود إلى حجمها الأكبر. وقد لوحظ أن جميع أفراد هذه الفصيلة، باستثناء أنثى صغيرة الحجم، إلى جانب اثنين من القروش المحيطية، كانت تقترب بشكل مباشر ومتكرر من الجثة لتقتطع منها أجزاء. أما القروش الأصغر حجماً، فكانت تظل أسفل سطح الماء، وتقتات على الأشلاء التي تجرفها التيارات البحرية.

وترى سكوت أن «الخجل الواضح لدى بعض القروش الأصغر، مثل أنثى قرش النمر، قد يعود إلى ترتيبها في السلم الاجتماعي، مما جعلها تتردد في الاقتراب من (المائدة)».

وخلص الباحثون إلى أن هذه الحادثة تسلط الضوء على جوانب غير معروفة من سلوك القروش، خصوصاً فيما يتعلق بالتفاعلات الاجتماعية بين الفصائل المختلفة، حتى عندما لا تعيش في نفس البيئة البحرية.

وختمت سكوت تصريحها قائلة: «كان هناك 3 غواصين يوثّقون المشهد، وقد رصدوا أكثر من 12 قرشاً تتغذى في الوقت نفسه دون تسجيل أي سلوك عدائي. نأمل أن تسهم هذه الدراسة في تصحيح الصورة النمطية عن القروش، وتُظهر أنها ليست مجرد كائنات ضارية، بل كائنات بحرية ذات سلوك اجتماعي مُعقّد».


مقالات ذات صلة

سرقة أجهزة تحوي موسيقى غير منشورة لبيونسيه

يوميات الشرق المغنية الأميركية بيونسيه (أ.ب)

سرقة أجهزة تحوي موسيقى غير منشورة لبيونسيه

سُرقت نواقل بيانات «يو إس بي» تحتوي على موسيقى غير منشورة للمغنية الأميركية بيونسيه وخطط متعلقة بحفلاتها، الأسبوع الماضي في أتلانتا جنوب الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق لم يعد من المألوف سماع عبارة «هل ترغب في شاي؟» (غيتي)

القهوة تتغلب على ثقافة الشاي في بريطانيا

اكتشفْ الجوهرة الخفية في ثقافة القهوة البريطانية، حيث تتفوق المقاهي المستقلة المفعمة بالحياة على السلاسل العالمية، مقدمة مزيجاً فريداً من النكهات والأجواء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق دار الأوبرا في ميلانو هي مؤسسة موسيقية من القرن السادس عشر (صور جيتي)

دار أوبرا «لا سكالا» في ميلانو تؤكد على أناقة اللباس للسياح

أصدرت إدارة دار أوبرا «تياترو ألا سكالا» الشهيرة في ميلانو تحذيراً صارماً للزوار والسائحين، بأنها لن تسمح بدخول أي شخص وهو يرتدي ملابس غير لائقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يُمكن أن يُؤثر تناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء على رائحة الجسم (رويترز)

من بينها اللحوم الحمراء... أطعمة تجعل رائحة جسمك كريهة

يمكن للعديد من الأطعمة أن تؤثر على رائحة جسم الشخص وتجعلها كريهة وغير محتملة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مشاهدة التلفزيون في وقت متأخر من الليل قد تضر صحة دماغك (رويترز)

السهر لمشاهدة التلفزيون ليلاً يضر صحة دماغك

حذّر طبيب أميركي من مشاهدة التلفزيون في وقت متأخر من الليل، قائلاً إن هذا الأمر قد يضر صحة الدماغ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تصريحات مدحت العدل عن «حفيدة» أم كلثوم تثير جدلاً

جانب من مؤتمر صحافي حول مسرحية أم كلثوم (حساب العدل على فيسبوك)
جانب من مؤتمر صحافي حول مسرحية أم كلثوم (حساب العدل على فيسبوك)
TT

تصريحات مدحت العدل عن «حفيدة» أم كلثوم تثير جدلاً

جانب من مؤتمر صحافي حول مسرحية أم كلثوم (حساب العدل على فيسبوك)
جانب من مؤتمر صحافي حول مسرحية أم كلثوم (حساب العدل على فيسبوك)

تسببت التصريحات التي أدلى بها المؤلف المصري مدحت العدل حول اعتزال حفيدة شقيقة سيدة الغناء العربي أم كلثوم في إثارة جدل كبير، وتعرّض لهجوم عبر مواقع «السوشيال ميديا».

وكان مدحت العدل قد ذكر في تصريحات صحافية (الاثنين) عقب افتتاح المقر الجديد لجمعية المؤلفين والملحنين والناشرين المصرية التي يترأسها، وتطرق فيها إلى مسرحية أم كلثوم التي كتبها وينتجها في ذكرى مرور نصف قرن على وفاة «كوكب الشرق» أنه «ليس من المعقول أم كلثوم تموت وهي أم كلثوم، وأسأل عن حفيدتها التي رأيتها قبل سنوات في برنامج (ذا فويس كيدز) لكي تمثل في المسرحية فقالوا لي إنها تحجبت واعتزلت».

وأبدى العدل دهشته قائلاً: «تخيلوا أم كلثوم كده وحفيدتها كده شوفوا إلى أين وصلنا نحن»، وأوضح العدل لاحقاً عقب ردود الأفعال التي هاجمته مؤكداً أنه لا يعترض على الحجاب، وإنما يعترض على اعتزال حفيدة أم كلثوم لأنها ترى أن الغناء حرام، بينما جدتها كانت قارئة قرآن ومستنيرة فكرياً»، على حد تعبيره.

وتسببت هذه التصريحات في إثارة الجدل وتعرض العدل لهجوم شديد على منصة «إكس».

لكن الكاتب طارق الشناوي يرى أن «المشكلة تكمن في أن عائلة الفتاة ربطت بين الحجاب وتحريم الغناء»، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «مدحت العدل كان يريد من حفيدة أم كلثوم أن تغني في المسرحية التي تتناول سيرة جدتها فكان رد والدها أنها تحجبت واعتزلت، والمشكلة جاءت في الربط بين الحجاب وبين التوقف عن الغناء لأنه يعني بذلك تحريم الغناء، وهذا هو الجزء العميق في الموضوع، لأن والد الفتاة أدخلها معهد الموسيقى العربية وكانت تغني في الأوبرا، وقد كان موافقاً على غنائها ثم انقلب 180 درجة»، وفق تعبيره.

«سيدة الغناء العربي» أم كلثوم (أرشيفية)

ولفت الشناوي إلى وجود حلول متعددة بالنسبة لأي مخرج إذا كان من الضروري أن ترتدي أي مطربة الحجاب، فهناك مطربات منذ زمن يغنين بالحجاب مثل نجاح سلام وهدى سلطان.

وُيبدي الشناوي دهشته من «تحريم الفن وتجريمه في بلد مثل مصر، متسائلاً كيف نصل لهذه المرحلة، إنه أمر مخيف جداً»، مشيراً إلى أنه «قبل ذلك طلب المطرب أحمد عامر منع أغانيه قبل أن يموت، وتبعه آخرون، وكأن الفن ذنب أو معصية».

سناء نبيل، التي أثيرت الضجة حولها حفيدة شقيقة أم كلثوم وعمرها الآن 22 عاماً، عرفت طريقها إلى الغناء منذ طفولتها، حيث انضمت لكورال أطفال الأوبرا مع المايسترو سليم سحاب منذ كان عمرها 9 سنوات، وشاركت في برنامج «ذا فويس كيدز»، وبرنامج المواهب Arabs Good Talant ولم تتحدث عن قرابتها لأم كلثوم خلال مشاركتها بالبرنامج إلا بعدما سألها الفنان أحمد حلمي عن وجود أقارب لها بالغناء، فقالت إنها حفيدة أم كلثوم، مؤكدة أن حياتها أصبحت غناء في غناء منذ طفولتها.

وذكرت جيهان والدة سناء في تصريحات صحافية أن «هناك من اتصل بوالد سناء من طرف مدحت العدل للمشاركة في مسرحية، وأخبره أنها تحجبت واعتزلت»، نافية أنه قال إن «الغناء حرام»، وقالت: «إننا لن نحرم ونحلل على هوانا». مشيرة إلى أن «اعتزال ابنتها تم قبل عامين، فيما قال والدها نبيل المرسي إن ابنته «تلقت عروضاً لأعمال فنية، لكنها قررت الاعتزال وارتدت الحجاب».

المؤلف مدحت العدل (حساب العدل على فيسبوك)

ورأى الناقد الموسيقي أمجد مصطفى أن هناك أزمة نعيشها منذ سنوات تتمثل في اجتزاء الكلام ليفسره كل شخص على هواه، فقد اعتاد الناس تناول جزء من كلام الفنان أو المسؤول ليذهبوا به لاتجاه آخر، ومع انتشار «السوشيال ميديا» بات الأمر في منتهى الخطورة.

ويضيف مصطفى لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الأمر تكرر مع العدل ليبدو كلامه ضد الدين أو الحجاب رغم أن عائلته تضم محجبات، وقد يكون لديه أثناء حديثه مائة فكرة فتطغى إحداها على الأخرى، لذلك من المهم ألا نجري وراء (التريند) وأن نعيد التواصل معه للتأكد منه، لأن الأمر يتعلق بالدين وما يمثله ذلك من خطورة وحساسية».