قطعة نادرة تُعرض في مزاد بعد اكتشافها في متجر بريطاني
النُّدرَة (د.ب.أ)
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
خاتم بـ15 جنيهاً يكشف سرّاً ملكياً عمره قرنان
النُّدرَة (د.ب.أ)
من المقرَّر أن يُعرَض خاتم حداد نادر في مزاد علني، بعدما بِيع مقابل 15 جنيهاً إسترلينياً فقط في متجر خيري بمدينة ليستر البريطانية. وهو صُمِّم بأمر من الملك جورج الرابع تخليداً لذكرى شقيقته الأميرة أميليا، ويعود تاريخه إلى أوائل القرن الـ19.
ووفق «الإندبندنت»، جاء عميل إلى الخبير المثمَّن تشارلز هانسون حاملاً الخاتم، من دون أن يدرك قيمته التاريخية. ووصف هانسون هذا الاكتشاف بأنه «الأهم» الذي صادفه في المتاجر الخيرية خلال العقد الماضي. ومن المتوقَّع أن يُباع في المزاد مقابل ما بين 3000 و5000 جنيه إسترليني.
قال هانسون: «أذهلني هذا الاكتشاف وأبهرني. إنه دليل على أنَّ الكنوز لا تزال مخبأة في المتاجر المنتشرة في شوارعنا. فمن صندوق بسيط، خرجت قطعة تحمل تاريخاً ملكياً شخصياً عميقاً، نُفِّذت بتكليف من العائلة المالكة نفسها لتكريم أحد أحبائها. الأمر لا يتعلَّق بالقيمة المادية فحسب، وإنما بالعاطفة والتاريخ والإنسانية الكامنة وراء هذا الخاتم. هذا ما يجعله مؤثراً».
توفيت الأميرة أميليا عام 1810 إثر إصابتها بمرض السلّ، وكلَّف الملك جورج الرابع صائغي الذهب الملكيين «روندل، بريدج وروندل» بصنع الخاتم في العام عينه. وتُروى قصة مؤثّرة عن الأميرة أميليا وهي على فراش الموت، حيث وضعت خاتماً يحتوي على خصلة من شعرها في يد والدها الملك جورج الثالث، وهمست له: «تذكَّرني». وقد نُقشت هذه الكلمات الأخيرة تحت صورة التاج في تصميم الخاتم.
أُصيب والدها بعد ذلك بانهيار عقلي؛ وهو الحدث الذي ألهم عدداً من الأعمال الأدبية والفنّية التي صوَّرت «الملك جورج المجنون». ويُعدّ هذا الخاتم واحداً من 52 خاتماً فقط صُنعت لتوزيعها على أفراد العائلة والأصدقاء المقرَّبين بعد جنازة الأميرة في وندسور.
وأضاف هانسون: «يشير طلاء المينا الأبيض على الخاتم إلى أنَّ الأميرة أميليا لم تكن متزوّجة عند وفاتها. فالمينا الأبيض كان يرمز إلى النقاء والبراءة في مجوهرات الحداد، خصوصاً لمَن رحلوا صغاراً أو من دون زواج، على عكس المينا الأسود الذي كان يُستخدم للدلالة على الحداد العام».
تُقام عملية بيع العقار بطريقة «مزاد الشموع» التقليدية التي يعتمدها الكتّاب العدل، وتقضي بتحديد مدة المزاد بإضاءة شمعتين، تدوم شعلة كل منهما نحو 15 ثانية.
«ميّاس» تُنير أَرز لبنان بـ«العودة»... تحيّة بصرية لجبران خليل جبرانhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/5166719-%D9%85%D9%8A%D9%91%D8%A7%D8%B3-%D8%AA%D9%8F%D9%86%D9%8A%D8%B1-%D8%A3%D9%8E%D8%B1%D8%B2-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D9%80%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D9%8A%D9%91%D8%A9-%D8%A8%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%AC%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AE%D9%84%D9%8A%D9%84-%D8%AC%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%86
«ميّاس» تُنير أَرز لبنان بـ«العودة»... تحيّة بصرية لجبران خليل جبران
لوحة رحيل جبران خليل جبران (الشرق الأوسط)
كان يا ما كان، في قديم الزمان، فيلسوف اسمه جبران خليل جبران، شكّل جسراً ثقافياً بين العالم ووطنه الأم لبنان، مجبولاً بالألم والمعاناة منذ طفولته، فصنع منهما طريقاً للحكمة والإنسانية. ألّف الكتب، ودوّن الشعر، ورسم لوحاته، ليصبح أسطورة الأجيال.
من هذا المنطلق، استلهمت فرقة «ميّاس» من هذه الشخصية الأدبية رموزاً لعرضها الفني «العودة»، في مشهد بصري سمعي باهر افتتح «مهرجانات الأرز الدولية»، فرسمت حياته وأقواله كما في الخيال، واستعارت من فخامة أرز لبنان الذي يحيط بمسرح المهرجان ألق الفن المتوهّج، وقدّمت عرضاً يخطف الأنفاس بأفكاره وطريقة تنفيذه.
واحدة من لوحات «ميّاس» على مسرح «مهرجانات الأرز الدولية» (الشرق الأوسط)
بمشاركة نحو 50 فتاة قدّمن بلوحات راقصة قصة حياة الأديب اللبناني، صمّم العرض مؤسس «ميّاس»، نديم شرفان، وشارك فيه مجموعة من الفنانين اللبنانيين، من بينهم بديع أبو شقرا، وسينتيا كرم، وعمار شلق، وملحم زين. حوّل هؤلاء «العودة» إلى صفحات تاريخية تعبق بالفن المسرحي المبتكر، وقدموا عرضاً لا يمكن استنساخه أو تشبيهه بأي عمل فني آخر. عبروا معه إلى سماء بلاد الأرز، ليوقّعوا من خلاله واحداً من أجمل المشاهد الفنية في العالم.
منذ اللحظات الأولى، عمل نديم شرفان على نقل الحضور إلى بساط الروحانيات. وبتحية قصيرة إلى قديس عنايا (مار شربل)، فاحت رائحة البخور في أجواء المهرجان، معلنة بداية المشوار، لتتوالى بعدها لوحات الرقص لفرقةٍ لم تأبه إلى حرارة طقس منخفضة في عزّ الصيف. وبدلاً من أن ترتعش برداً، حيكت رقصات أشعلت الأجواء دفئاً. واستُهلّ العرض برقصة ذكّرت الحضور بالأميرة سالومي، التي جسّدتها ريتا هيوارث في فيلم «سالومي» (1953).
وقد سبق المشهدية الفنية كلمة مختصرة لمنظّمة «مهرجانات الأرز الدولية» ورئيستها النائبة ستريدا جعجع، أكّدت فيها أنّ «العودة إلى الحياة ممكنة، ونحن أكثر من يُجيدها. انطلقنا ورجعنا أقوى ممَّا كنا».
التصميم الإلكتروني امتزج بصور الخيال واللوحات الراقصة (الشرق الأوسط)
وحضر الحفل كل من السيدة الأولى نعمت عون، ورئيس الحكومة نواف سلام وزوجته، والبطريرك الماروني بشارة الراعي. وبعد الكلمة الترحيبية مباشرةً، تلوّنت سماء المهرجان بلوحات من الألعاب النارية أضفت الفرح على الحضور، فاستعادوا معها زمن لبنان الذهبي على وقع أغنية جوزيف عطية «الحق ما بموت».
ويعود المهرجان بنسخته الجديدة لعام 2025 بعد غياب دام 5 سنوات، إثر الظروف المضطربة التي شهدها لبنان.
حضرت سيرة حياة جبران خليل جبران في عرض «العودة» لتحكي حكاية أديب لبناني لن يتكرَّر. ظهر في العرض طفلاً صغيراً متأثراً بأفراد عائلته، ومن ثَمَّ شاباً صاحب أحلام كبيرة، فالعبقري الذي صاغ من آلامه أدباً يُدرَّس.
وتوالت اللوحات الراقصة لترسم أرزة لبنان حيناً، وصراع الخير والشر حيناً آخر. وبديكورات مسرح رُصّع بمجسّم لجذع شجرة أرز خالدة، دارت الحكاية. جسّد بديع أبو شقرا شخصية جبران الشاب، ونحتها عمار شلق بالشيب والخبرة، لأديب تفوّق على نفسه. وخرج صوت سينتيا كرم من وراء الكواليس أكثر من مرة، يتلو أقوال جبران. وعلى خشبة المسرح، رقصت مرتدية زيّاً أحمر، وقد انسدل شعرها الطويل الأسود على كتفَيها، مجسّدةً دور العرّافة «المطرة» من كتاب «النبي».
مشهدية بصرية باهرة سادت عرض «العودة» لـ«ميّاس» (الشرق الأوسط)
لم يختر نديم شرفان أقوال جبران الرائجة أو الشعبية، بل انتقى غير المألوف منها ليعرّف الحضور إلى أعماق أفكار جبران المنيرة، وحمّلها رسائل مباشرة تحاكي اللبناني وواقعه. بعضها حمل جرعات من القسوة، يغمز من خلالها إلى أداء الحُكّام غير السَّوي. وفي مشهدية حضرت فيها سفينة الوداع من كتاب «النبي»، تلت سينتيا كرم مقتطفات مؤثرة منه، منها:
«أليس لهاثكم هو الذي يقيم بنيان عظامكم ويشدّده؟ بل أليس الحلم الذي لم يحلم به أحد منكم قط، هو الذي بنى مدينتكم وعمل كلّ ما فيها؟ فلو كان لكم أن تنظروا مجاري ذلك اللهاث، لما كانت لكم حاجة إلى أن تنظروا شيئاً آخر غيرها. ولو استطعتم أن تسمعوا مناجاة ذلك الحلم، لما كنتم تزعمون سماع أيّ صوت آخر في العالم».
في تابلوهات فنية تمازج فيها الخيال مع السحر والغرابة، قدّم شرفان مجموعة لوحات تعبيرية، استحدث فيها العنصر البصري المدعَّم بالتصميم الإلكتروني والكادرات الضخمة. كما مرّ على الفولكلور اللبناني، من دبكة ودلعونا. وقد أثار شهية الحضور بمتابعة لا يرفُّ لها جفن، كما في لوحة «رقصة الديناصور» وغيرها.
واستخدم الإضاءة والظلال وطيف جبران ليمنح العرض بُعداً عبثياً. وفي أحيان أخرى، جاءت الحركة السريعة على أنغام موسيقى إيقاعية لتعزيز الإتقان. أما أزياء فريق «ميّاس»، فصُمّمت بألوان ترمز إلى الوطن، فكانت ذهبية كترابه أحياناً، وغلب عليها الأخضر والأبيض والأحمر في أحيان أخرى، وهي ألوان العلم اللبناني.
لوحة «الوداع» من كتاب «النبي» لجبران (الشرق الأوسط)
بلغ تفاعل الجمهور ذروته في لوحات عدّة، منها ما صوّر بديع أبو شقرا بشخصية الأديب الرسّام، وأخرى تناولت فلسفة جبران ونشأته مع الممثل عمار شلق. وعندما صدح صوت ملحم زين بأغنية «أعطني الناي وغنِّ»، لم يستطع الجمهور إخفاء تأثّره، فترك صدى صوته أثره على أوراق شجر الأرز، وصفّق طويلاً لنجاح شرفان في توليد أفكار إبداعية، أهدى من خلالها تحية فنية إلى العالم أجمع.
وفي ختام العرض، الذي رآه البعض قصيراً نسبياً (80 دقيقة) قياساً برحلة طويلة من بيروت إلى الأرز، صعد فريق العمل إلى خشبة المسرح لتحية الجمهور، وسط تصفيق حار ووقوف تقديري من الحاضرين. واختُتمت الأمسية بصعود نديم شرفان، الذي انحنى بإجلال أمام جمهور تفاعل بحرارة مع إبداعاته طوال العرض.
ورغم النجاح الكبير لعرض «العودة» وابتكاره المميز في الفكرة والتنفيذ، لم تكن رحلة العودة إلى بيروت بالمستوى نفسه؛ إذ أثَّر سوء تنظيم نقل روّاد المهرجان سلباً على التجربة، مما قلَّل من فرحة الجمهور وفخره بهذا العرض المميز.