تتطلع إمارة الشارقة إلى إدراج موقع الفاية ضمن القائمة النهائية لمواقع التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في خطوة تؤكد مساعي الإمارات لحماية الإرث الثقافي الإنساني وتعزيز مكانة مواقعها الأثرية ذات القيمة العالمية.
ويقع الفاية في المنطقة الوسطى من إمارة الشارقة، ويعد شهادة حية على قدرة الإنسان الأول على التكيف مع البيئات الصحراوية القاسية. إذ يحتضن الموقع أقدم سجل متصل للوجود البشري في شبه الجزيرة العربية، يعود تاريخه إلى أكثر من 210 آلاف عام، ما يمنحه أهمية استثنائية في مجالات علم الآثار والأنثروبولوجيا بحسب المعلومات الصادرة.
ورُشِّح الفاية رسمياً عام 2024 ضمن فئة «المشهد الثقافي»، ويخضع حالياً لتقييم «مركز التراث العالمي» التابع لـ«اليونسكو»، في إطار دورة الترشيح الجديدة التي تضم عدداً محدوداً من المواقع حول العالم.
وأكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي التي تقود جهود ترشيح الفاية، أهمية الترشيح في إثراء التراث العالمي، وقالت: «يقدم الفاية واحداً من أقدم السجلات المتكاملة للوجود البشري المبكر في شبه الجزيرة العربية قبل أكثر من 210 آلاف عام، فهو أرشيف حي، يعمق فهمنا لهويتنا وجذورنا والطريقة التي تعلمنا بها فنون البقاء».
وأضافت: «إن ترشيح الفاية لإدراجه ضمن قائمة مواقع التراث العالمي التابعة لـ(اليونسكو) يؤكد أهمية الحفاظ على هذه المواقع القديمة، ليس فقط لقيمتها التاريخية، بل أيضاً لما تحمله من قدرة على إعادة توجيه الأجيال الجديدة وتعزيز دورهم في بناء راهننا ومستقبلنا، وأرى أن هذا الترشيح يشكّل فرصة للارتقاء بمكانة الفاية كإرث إنساني مشترك لجميع الشعوب».
من جانبه، أوضح عيسى يوسف، المدير العام لهيئة الشارقة للآثار، أن الفاية يتمتع بحماية قانونية بموجب قانون الشارقة للتراث الثقافي رقم 4 لعام 2020، مشيراً إلى أن الأبحاث والتنقيبات، التي امتدت لأكثر من 30 عاماً بالتعاون مع خبراء دوليين، كشفت عن 18 طبقة جيولوجية متعاقبة توثق مراحل مختلفة من الوجود البشري بالموقع.
وأكد يوسف أن الفاية يمثل بيئة استيطان بشري متكرر بفضل توفر المياه والمأوى الطبيعي والموارد الضرورية، ما أكسبه قيمة استثنائية عالمية.
وأضاف أن خطة إدارة شاملة للموقع وضعت للفترة من 2024 حتى 2030، بهدف الحفاظ عليه، وإجراء البحوث العلمية، وتنظيم حركة الزوار، بما يتوافق مع معايير «اليونسكو».
وتسعى الشارقة إلى تعزيز مكانة الفاية كموقع تراثي عالمي يجسد الإرث الإنساني المشترك، ويعمّق الفهم لتاريخ البشرية في شبه الجزيرة العربية، ويعزز دور الإمارات في حماية التراث وصونه للأجيال المقبلة.