توصل باحثون من جامعة أريزونا للعلوم الصحية في الولايات المتحدة إلى آلية جديدة قد تُحدث نقلة نوعية في تخفيف آلام النساء بعد العمليات الجراحية دون الحاجة إلى مسكنات أفيونية.
وأوضح الباحثون، أن هذه الآلية تركز على تثبيط تأثير هرمون «البرولاكتين» الناتج من التوتر النفسي قبل الجراحة، ونُشرت النتائج، الأربعاء، في دورية «Proceedings of the National Academy of Sciences».
ويُعد الألم بعد العمليات الجراحية من التحديات الصحية الكبرى التي تواجه الكثير من المرضى، خصوصاً النساء. وتشير الأبحاث إلى أن التوتر النفسي قبل الجراحة يؤدي إلى زيادة إفراز هرمون «البرولاكتين»، وهو هرمون يساهم في تعزيز حساسية الأعصاب المسؤولة عن نقل إشارات الألم إلى الدماغ. وينتج من ذلك تفاقم الألم بعد الجراحة؛ ما يصعّب عملية التعافي ويزيد الحاجة إلى استخدام مسكنات قوية مثل الأفيونات، التي قد تُسبب آثاراً جانبية خطيرة كالإدمان واضطرابات الجهاز الهضمي.
ويُفرَز هرمون «البرولاكتين» من الغدة النخامية، ويوجد طبيعياً بمستويات أعلى لدى النساء، ويُعرف بدوره في تحفيز إنتاج لبن الأم، وتطوّر الغدد الثديية.
وكشفت الدراسة عن دور حاسم لهذا الهرمون في تعزيز الألم بعد الجراحة لدى النساء؛ إذ يُعدّ التوتر النفسي الناتج من العملية الجراحية عاملاً تمهيدياً يُفعّل آلية تعتمد على «البرولاكتين»، تسهم في زيادة نشاط الأعصاب الحسية المرتبطة بالشعور بالألم، وبالتالي تفاقم حدته واستمراره بعد العملية؛ وهو ما يفسر سبب معاناة النساء من مستويات أعلى من الألم مقارنة بالرجال في مثل هذه الحالات.
واستندت هذه الدراسة إلى أبحاث سابقة للفريق أظهرت وجود فروق بيولوجية بين الرجال والنساء في آليات الشعور بالألم؛ إذ يتأثر نشاط الخلايا العصبية المرتبطة بالألم لدى النساء بهرمون «البرولاكتين»، بينما يتأثر لدى الرجال بهرمون «أوركسين».
تقليل مستويات «البرولاكتين»
وتمكن الباحثون من تقليل مستويات «البرولاكتين» بثلاث طرق مختلفة قبل الجراحة؛ ما ساعد في خفض الألم بشكل ملحوظ، الأولى عبر العلاج الجيني لتثبيط إنتاج البرولاكتين، والثانية من خلال استخدام دواء «كابرغولين» (Cabergoline) الذي يعزز إفراز الدوبامين؛ ما يؤدي إلى تثبيط البرولاكتين، في حين تمثلت الثالثة في تطوير مركب دوائي جديد يُعرف باسم «PL 200.019»، وهو جسم مضاد يستهدف البرولاكتين مباشرة.
وأظهرت التجارب تحسناً ملحوظاً في السيطرة على الألم لدى الإناث بعد العمليات الجراحية، حيث أدى تثبيط «البرولاكتين» قبل الجراحة إلى تقليل شدة الألم ومدة استمراره؛ ما يقلل الحاجة إلى استخدام الأفيونات ويسرّع التعافي ويحسّن جودة الحياة.
ويأمل الباحثون أن يتم اختبار دواء «كابرغولين» في تجارب سريرية قريباً؛ تمهيداً لاستخدامه علاجاً وقائياً يُعطى للنساء قبل العمليات الجراحية؛ ما قد يسهم في تقليل خطر تحول الألم الحاد إلى ألم مزمن، ويقلل من الاعتماد على المسكنات الأفيونية.