«جاكس الدرعية»... من مستودعات صناعية إلى وجهة عالمية للإبداع

أضحى «جاكس» واحداً من أهم المواقع الثقافية المُلهمة في السعودية (حي جاكس)
أضحى «جاكس» واحداً من أهم المواقع الثقافية المُلهمة في السعودية (حي جاكس)
TT

«جاكس الدرعية»... من مستودعات صناعية إلى وجهة عالمية للإبداع

أضحى «جاكس» واحداً من أهم المواقع الثقافية المُلهمة في السعودية (حي جاكس)
أضحى «جاكس» واحداً من أهم المواقع الثقافية المُلهمة في السعودية (حي جاكس)

من حيّ يغصّ بالمستودعات الصناعية، إلى واحد من أهم المواقع الإبداعية المُلهمة، ومساحة حيوية لدعم الفن والفنانين، تحوّل أحد أكبر أحياء منطقة الدرعية غرب العاصمة السعودية إلى مجتمع فني متنوع.

حي جاكس، الذي تحول من باحة لأكثر من 100 مستودع وورشة صناعية، إلى منطقة نابضة بالفن، ووجهة عالمية للمبدعين، انضمت إليها مؤخراً استوديوهات جاكس للأفلام، التي ستعمل خلال شهور، بوصفها منشأة إنتاج متكاملة وحديثة ومحطة أساسية في استراتيجية السعودية لبناء منظومة سينمائية بمعايير عالمية.

وتعود تسمية الحيّ، الذي بدأ كموقع صناعي عام 1975، إلى شركة جاكس، أولى العلامات التجارية التي استقرت في الحي وانضم إليها عدد من شركات الاتصالات والورش الصناعية، وأضحى اسم جاكس متداولاً شعبياً ودارجاً لوصف تلك المنطقة، قبل أن تكتسي حلّة جديدة قبل أعوام قليلة، بعد أن تقرر تحويلها إلى وجهة سعودية للفن والفنانين.

في 2021 بدأ حي جاكس استقبال الفنانين والمبدعين (واس)

بدأت القصة في يوليو (تموز) 2021، عندما أعلن «حي جاكس» في الدرعية، استقبال طلبات الفنانين، والمبدعين، والمستثمرين الراغبين في استئجار مساحات خاصة في الحي لعرض منتجاتهم، وأعمالهم الإبداعية، وبذلك بدأ تحول المنطقة إلى مجتمع فني متنوع، يحتويه حي جاكس الإبداعي. وبعد فترة قصيرة، تحوّل موقع التراث الصناعي في الدرعية إلى مركز للفنانين والصناعات الإبداعية ووجهة للمواهب لعرض أعمالهم والاندماج في مجتمع فني داعم للمبدعين.

وأضحى جاكس واحداً من أهم المواقع الثقافية المُلهمة في السعودية، ومنصةً حرة لدعم الفن والفنانين السعوديين، بفضائه الإبداعي الفسيح، وبجدرانه وممراته التي تتحدث بلغة الفن، وتتبنى صوت الفنانين، وروح الثقافة السعودية، وتحوّل إلى منطقة مرجعية للثقافة والفنون في السعودية، وطوى سيرته القديمة عندما كان منطقة صناعية ومركزاً لوجستياً لمشاريع البنية التحتية في الرياض. والآن يتضمن حي جاكس مجموعة مساحات للعرض ولاستوديوهات الفنانين، إضافةً إلى المعارض الفنية والمرافق والمنصات، وغيرها من الأماكن الإبداعية التي تُفعّل على مدار العام.

يسعى جاكس إلى المساهمة في إنتاج أعمال مميزة يستضيفها الحيّ (واس)

مسيرة فنية للحي

استضاف حي جاكس، بعض أهم الأحداث الفنية في الرياض، وﻣﻦ ذلك أول متحف للفن السعودي المعاصر، ومعرض بينالي الدرعية للفن المعاصر، و«ميدل بيست» مؤتمر مستقبل الموسيقى (إكس بي)، واحتفال نور الرياض، وأكبر مؤتمر للأزياء وأسلوب الحياة، وغيرها من الفعاليات الفنية المهمة، التي عززت التبادل الثقافي ورسخت ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﺤﻲ وجهةً ﻋﺎﻟﻤﯿﺔً ﻟﻠﻔﻦ والإﺑﺪاع ومنصة مهمة لعرض الفنون والثقافة في السعودية. ويسعى حي جاكس لاستضافة مزيد من المؤسسات، والشركات، والبرامج والمعارض المحلية والدولية، التي تعزز التبادلات الثقافية المساهمة في إنتاج أعمال مميزة يستضيفها الحيّ.

استضاف حي جاكس ﺑﻌض أهم اﻷﺣﺪاث الفنية في الرياض (واس)

على طرف الدرعية التاريخية

ينسجم التحول الذي جرى في الحي مع التطور والحيوية التي شهدها القطاع الثقافي السعودي، على ضوء «رؤية 2030»، وسعيها إلى بناء مجتمع من الفنانين والمبدعين، ينهضون برحلة التأثير والانفتاح السعودي على المجتمع العالمي في مجالات الفنون والإبداع والثقافة.

ومن موقع حي جاكس، في الجهة الشمالية الغربية من محافظة الدرعية، إذ يوجد معظمه فوق هضبة مجاورة لبعض الأودية مثل وادي حنيفة، يلتقي النشاط المفعم في الحي مع ما تشهده منطقة الدرعية التاريخية، مهد الدولة السعودية، من نهضة غير مسبوقة، ووعود بالتحول إلى نقطة مضيئة وعامرة في قلب الجزيرة العربية، بعد تضمينها في مشروع السعودية الكبير باتجاه المستقبل، وإطلاق استراتيجية خاصة بها لجعلها أكبر مدينة للثقافة والتراث في العالم، باستنطاق تاريخ جدرانها، وذاكرة قلاعها وحصونها، والاستثمار في مقدراتها الجغرافية والتراثية وعناصرها الثقافية.

ومن المقدّر للدرعية أن تصبح مركزاً حضارياً مشعاً على المنطقة ككل، وقد بدأت إعلانات وإطلاقات المشاريع المتعلقة بتطويرها، ونقلها إلى مستوى جديد، تكون معه الدرعية التاريخية واحدة من أهم الوجهات السياحية والثقافية وأماكن الجذب في المنطقة والعالم.

وأعلنت «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)» اختيار الدرعية عاصمة للثقافة العربية لعام 2030، نظير رمزيتها الخالدة على صعيد الثقافة محلياً وإقليمياً، وما تمتلكه من تاريخ مشهود ذي إرث حضاري لا يزال مؤثراً حتى اليوم. ومن المقدر لحي جاكس أن يكون من أهم مساحات الفن والإبداع في المشهد الثقافي السعودي، ويعمل عنصراً مكمّلاً في حضور الدرعية كجوهرة تاريخية ووجهة عصرية وثقافية عالمية.


مقالات ذات صلة

محمد بن سلمان وترمب يبحثان عمليات إسرائيل ضد إيران

الخليج الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب لدى ترؤسهما قمة سعودية - أميركية في الرياض مايو الماضي (واس)

محمد بن سلمان وترمب يبحثان عمليات إسرائيل ضد إيران

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التطورات التي تشهدها المنطقة بما في ذلك العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان (واس)

خادم الحرمين يُوجِّه بتسهيل جميع احتياجات الحجاج الإيرانيين

وجَّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتسهيل جميع احتياجات الحجاج الإيرانيين وتوفير كل الخدمات لهم، حتى تتهيأ الظروف لعودتهم إلى وطنهم وأهليهم.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج تفعيل مركز إدارة حالات الطوارئ جزئياً ضمن إجراءات الاستجابة الإقليمية (مجلس التعاون)

مجلس التعاون: لا مؤشرات إشعاعية غير طبيعية في الخليج

أكد مجلس التعاون عدم رصد أي مؤشرات إشعاعية غير طبيعية في دول الخليج حتى اللحظة، وأن المؤشرات البيئية والإشعاعية ما تزال ضمن المستويات الآمنة والمسموح بها فنياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج عمال الإنقاذ الإيرانيون يعملون في موقع مبنى متضرر من الغارات الإسرائيلية على طهران الجمعة (رويترز)

تنديد سعودي وخليجي بالاعتداءات الإسرائيلية على إيران

ندّدت دول الخليج، الجمعة، بالاعتداءات الإسرائيلية السافرة تجاه إيران التي تمسّ سيادتها وأمنها، وتُمثِّل انتهاكاً ومخالفة صريحة للقوانين والأعراف الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان لدى لقائه الوزير ديفيد لامي في لندن الجمعة (الخارجية السعودية)

وزيرا خارجية السعودية وبريطانيا يناقشان مستجدات المنطقة

ناقش وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع نظيره البريطاني ديفيد لامي آخر المستجدات في المنطقة والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (لندن)

فنانون مصريون يثيرون جدلاً حول «قافلة الصمود»

هند صبري (صفحتها على فيسبوك)
هند صبري (صفحتها على فيسبوك)
TT

فنانون مصريون يثيرون جدلاً حول «قافلة الصمود»

هند صبري (صفحتها على فيسبوك)
هند صبري (صفحتها على فيسبوك)

أثار عدد من الفنانين بمصر جدلاً واسعاً بعد التعبير عن آرائهم حول تداعيات أزمة «قافلة الصمود»، التي أثيرت على نطاق واسع خلال اليومين الماضيين، وتصدرت «التريند»، بمواقع التواصل منذ إعلان توجهها إلى مصر، بمشاركة أفراد من بعض دول المغرب العربي. وتفاعل فنانون عبر حساباتهم «السوشيالية»، مع التعليقات والمشاركات حول هذه القافلة، كان أبرزهم: هند صبري، وخالد يوسف، وصبري فواز، وطه دسوقي؛ حيث تضامن البعض منهم مع الحدث، وحرية التعبير، بينما أكد آخرون تأييدهم للموقف السياسي المصري الذي أكد على ضرورة اتباع الإجراءات القانونية لدخول البلاد.

ونشرت الفنانة هند صبري منشوراً عبر خاصية «ستوري»، بحسابها في موقع «إنستغرام»، أوضحت خلاله أن «الناس في مطار أمستردام يهتفون لفلسطين، وهم في طريقهم للانضمام إلى المسيرة العالمية إلى غزة عند معبر رفح في مصر».

وفي منشور آخر أشارت هند إلى أن غزة من دون «إنترنت» لليوم الرابع على التوالي، وخلال الـ24 ساعة الماضية قتلت إسرائيل ما يقارب 100 شخص، والكثير تعرض لإطلاق النار، ومن بينهم أطفال، بينما العالم ينشغل بإيران، في حين تكثف إسرائيل هجماتها على غزة، وفق ما نشرت.

المخرج خالد يوسف (صفحته على فيسبوك)

وكتب المخرج خالد يوسف عبر حسابه الشخصي بموقع «فيسبوك»، معبراً عن رأيه حول أزمة «قافلة الصمود»، وتأييده للموقف الرسمي المصري المناهض لتهجير أهل غزة، موضحاً أن «القافلة تواصلت مع بعض الشخصيات السياسية، للتنسيق بشأن مرورها ووصولها إلى رفح، لكن طلبهم قوبل بالرفض بعد دراسة الموقف الأمني والسياسي».

وأضاف المخرج المصري أنه «لا يستطيع الجزم بأن قرارهم بالاستمرار في المسيرة، رغم إبلاغهم برفض السلطات المصرية، هو إخلاص وحماس في السعي بوازع وطني وإنساني أم لإحراج مصر، أم لأهداف أخرى، وفي كل الأحوال لا بد أن نشيد بأي جهد في العالم لكشف وفضح الحصار الجائر وإدانة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة».

وعبر يوسف عن أمنيته بمرور القافلة في حال كان غرضها دعم ومناصرة القضية الفلسطينية.

ويرى نقاد أن الفنان لا بد أن يشارك برأيه في كل قضايا مجتمعه بشكل إيجابي، والتعبير عما بداخله، وقال الناقد الفني المصري، عماد يسري، إن «الفنان إنسان في المقام الأول، وتفاعله مع قضايا وطنه العربي الأكبر أمر طبيعي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المشاركات والآراء المهمة، تجاه القضايا، لا تنطبق على نجوم مصر فقط، بل إنها موجودة في العالم أجمع، ولهم دور مهم وملموس تجاه كل القضايا الإنسانية المختلفة».

ويوضح يسري أنه «في عصر (السوشيال ميديا)، أصبحت مواقف الفنانين أسرع وصولاً من قبل ولها شعبية ومتابعة واسعة، وهذا يدعم القضية المطروحة».

ولفت إلى أن «آراء الفنان ربما تؤثر بالسلب أو الإيجاب على مسيرته وجماهيريته، ولدينا نجوم كثر تأثروا بهذا الأمر»، وقال إن «قافلة الصمود جعلت الآراء منقسمة بشكل واضح بين الرفض والقبول والدعم والقلق، ولكن بالنهاية أمن مصر يجب أن يكون فوق كل شيء».

الفنان صبري فواز (صفحته على فيسبوك)

في السياق ذاته، أكد الفنان صبري فواز على حرية الرأي سواء كانت بالرفض أو الدعم، وكذلك للدول التي سمحت لمواطنيها بالمشاركة في القافلة، أو الرفض، مؤكداً أن الحرية أمر رائع.

وكتب طه دسوقي عبر حسابه الشخصي في «فيسبوك»، تعليقاً على أزمة «قافلة الصمود»، منشوراً تضمن فقدان الأمل في الإنسانية، وفق تعبيره. وكتب دسوقي أنه «متضامن مع الحركات الشعبية التي تهدف لكسر الحصار على غزة، وكذلك مع بلده الذي يقع على عاتقه مسؤولية كبيرة».

ويرى الناقد الفني المصري طارق الشناوي أن الفنان جزء من المجتمع، ومن حقه التعبير عن رأيه في كل القضايا وليست السياسية فقط، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أؤيد إبداء الرأي، ولكن لا بد من وعي الفنان وإلمامه بكل تفاصيل القضية التي يدافع عنها أو يرفضها، وما هي تحفظاته عليها، خصوصاً القضايا الشائكة والمتعددة الأوجه التي تحتمل أكثر من قراءة».