بينما تحل ذكرى مرور نصف قرن على وفاة المطرب عبد الحليم حافظ بعد عامين (رحل في 30 مارس «آذار» 1977)، وبينما لا يزال فنه ملء السمع والبصر، تظل قضية زواجه من الفنانة الراحلة سعاد حسني (توفيت عام 2001) محل جدل وخلاف متجدد، لا سيما بين أسرة الطرفين، فبينما تؤكد أسرة سعاد حسني زواجهما، تنفي أسرة «العندليب الأسمر» زواجه بسعاد حسني في كل مناسبة، حتى وصل الأمر إلى ساحات القضاء.
وكشف محمد شبانة، نجل شقيق الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، عن وجود دليل قطعي ينفي زواج عمه من الفنانة سعاد حسني، وقال إن الأسرة ستعلن هذا الدليل مساء الجمعة، وذكر عبر صفحته على «فيسبوك» أنه «مستند أصلي» و«دليل قطعي» ينفي زواج حليم من «إحدى المشاهير»، دون ذكر اسم سعاد حسني، مستطرداً: «هذا الأمر الذي روجت له الشائعات بغرض التشهير والنيل من شخصية عظيمة مثل عبد الحليم حافظ»، نافياً حدوث أي ارتباط رسمي بينهما، وأن العلاقة انتهت من طرف حليم، وأن «هذه الرسالة (الدليل) مرسلة لحليم بعد انتهاء العلاقة»، ووصفها بأنها ستكون «مفاجأة من العيار الثقيل».
وقال شبانة لـ«الشرق الأوسط» إنه وأسرة حليم يواجهون سؤالاً واحداً من جمهور العندليب الذي ما إن يعرف صلتهم بالمطرب الراحل حتى يسألوهم: هل تزوج من سعاد حسني؟ مبدياً غضبه لأن الكثيرين اختصروا تاريخ عبد الحليم الفني والإنساني في هذا الأمر، وشدّد على أن «حليم لم يتزوج سعاد حسني ولو كان قد تزوجها لأعلن ذلك كونه إنساناً حساساً وصادقاً ويتمتع بشفافية نادرة».
وحول الدليل الذي سيكشف عنه، قال إن «الفضل يعود لنجل عمتي عبد الحليم الشناوي الذي وجده ضمن أوراق تخص شقيقة عبد الحليم، وأتوقع أن يدحض هذا الدليل الافتراءات التي طالت (العندليب الأسمر)».
ويرى الناقد الفني المصري طارق الشناوي أن «كل طرف من عائلتي حليم وسعاد يبالغون في الأمر، رغم أنهما لم يكونا شهوداً في أي وقت، لا شقيقة سعاد ولا نجل شقيق عبد الحليم الذي كان طفلاً حين توفي عمه».
ويضيف الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «رأيي أن عبد الحليم لم يتزوج سعاد حسني لكنه أحبها، وكان حبهما معلناً ومشروع زواج قائماً حتى اللحظة الأخيرة، حيث طلب حليم من صديقه الإعلامي وجدي الحكيم إنهاء إجراءات نقل أثاث عش الزوجية للقاهرة الذي اشتراه وسعاد خلال زيارتهما للمغرب، وحينما عادا وقع خلاف بينهما، وطلب حليم من الحكيم إيقاف كل الإجراءات، وكان هو صاحب القرار الحاسم في إنهاء هذه العلاقة»، ويضيف الشناوي: «بل إن فيلم (الخطايا) الذي تم إنتاجه عام 1962 كانت ستقوم ببطولته سعاد، وتدخّل عبد الحليم وطلب تغييرها لتحل نادية لطفي بدلاً منها».
ويشير الشناوي إلى أنه رغم اعتراف سعاد حسني بزواجهما في حوار مع الكاتب الراحل مفيد فوزي، لكن لم يقدم مفيد ولا سعاد وثيقة تثبت ذلك، وتابع: أن «الموسيقار كمال الطويل أخبرني أنه كانت هناك علاقة حب بين حليم وسعاد، لكن لم يحدث زواج».
وكانت أسرة حليم قد قامت برفع قضية ضد جيهان عبد المنعم الشهيرة بـ«جانجاه» شقيقة سعاد حسني إثر تصريحات لها عبر برنامج تليفزيوني ذكرت فيه أن شقيقتها كانت متزوجة من عبد الحليم، ما عَدّته أسرة العندليب «تشهيراً وقذفاً وخدشاً لسمعة العائلة وإذاعة أخبار كاذبة»، ورغم صدور حكم بتبرئة شقيقة سعاد حسني في 30 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، ظل الجدل قائماً.
ويُرجِع الناقد أشرف غريب حرص أسرة عبد الحليم حافظ على نفي زواجه بسعاد حسني إلى «أنهم لا يريدون تكذيب حليم حفاظاً على صورته»، حيث قال إنه لم يتزوجها، ويقول غريب لـ«الشرق الأوسط» إن «علية شبانة شقيقة عبد الحليم قالت إنها كانت تتمنى زواج شقيقها بسعاد حسني، مؤكدة أنه لم يتزوجها ولو حدث لأعلنا ذلك».
ويتوقف غريب عند لقاء جمعه وسعاد حسني قبل سفرها للندن للعلاج، وأنه سألها عن حقيقة زواجهما، فقالت له: «لقد تحدثت في هذا الموضوع مرة واحدة ولن أتكلم فيه مرة أخرى، وكان دافعي للحديث أن هذا السؤال كان يطاردني وينال من سمعتي وسمعة أسرتي، وقد أردت تبرئة نفسي وعائلتي ولا أريد شيئاً أكثر من ذلك». وهي التصريحات التي ضمنها كتابيه «سعاد حسني الحلم الضائع» و«العندليب والسندريلا... الحقيقة الغائبة»، كما استند لشهادات مقربين لعبد الحليم مثل مصطفى أمين ووجدي الحكيم اللذين أكدا أن «سعاد كانت توجد وتُعامل في منزل عبد الحليم كزوجة وصاحبة بيت»، وفق تعبيره.
لكن الشاعر فوزي إبراهيم، سكرتير جمعية المؤلفين والملحنين، يُبدي تحفظه على هذا الصراع، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «سواء تزوجا أم لم يتزوجا، فهذا لن ينقص شيئاً من قيمة ومكانة عبد الحليم حافظ الراسخة في وجدان الجمهور، وكذلك سعاد حسني قيمتها راسخة ولن يشكّل هذا الأمر قيمة لأي من النجمين الراحلين»، لافتاً إلى أنّ «من يترقب دليل أسرة العندليب يتطلع لرؤية خطاب بخط يد سعاد حسني ليعرف كيف كانت لغة الحوار بينهما، بعيداً عن زواجهما من عدمه».