اختراق طبي... علاج مبتكر ينقذ فتاة أميركية من سرطان القولون

إيما ديميري في صورة عام 2021 خلال جلسة علاج بالعلاج المناعي (فوكس نيوز)
إيما ديميري في صورة عام 2021 خلال جلسة علاج بالعلاج المناعي (فوكس نيوز)
TT

اختراق طبي... علاج مبتكر ينقذ فتاة أميركية من سرطان القولون

إيما ديميري في صورة عام 2021 خلال جلسة علاج بالعلاج المناعي (فوكس نيوز)
إيما ديميري في صورة عام 2021 خلال جلسة علاج بالعلاج المناعي (فوكس نيوز)

كشفت تجربة علاجية واعدة عن إنقاذ فتاة أميركية من سرطان القولون، بفضل علاج مبتكر.

وقبل عامين، أُبلغت إيما ديميري أن سرطان القولون الذي تعاني منه في مرحلته الرابعة غير قابل للشفاء. واليوم، تتمتع بصحة جيدة وخالية من السرطان، وتقول إن تجربة سريرية أنقذت حياتها.

وكانت ديميري التي تعيش في ولاية مينيسوتا الأميركية، تبلغ من العمر 23 عاماً فقط عندما شُخِّصت بسرطان القولون الذي شهد ارتفاعاً حاداً بين المراهقين والشباب في السنوات الأخيرة، وفق ما أفادت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية.

وبعد معاناتها من ألم في البطن ونتائج غير طبيعية في فحوصات الدم، خضعت ديميري لمنظار القولون، والذي كشف عن ورم بحجم كرة البيسبول، وآخر بحجم كرة الغولف.

وتشير دراسة إلى أن العلاج البديل للسرطان قد يغني عن العلاج الكيميائي والجراحة. وعلى الرغم من خضوع ديميري لعمليات جراحية متعددة، وعلاجات كيميائية وإشعاعية، وبعض العلاجات المركبة، انتشر سرطانها المقاوم للعلاج في جميع أنحاء جسدها على مر السنين، مما أدى إلى ما وصفته بـ«نقطة ضعف».

وقالت ديميري: «كنتُ أراوح مكاني، أخضع للعلاج المناعي كل أسبوعين تقريباً لمدة 4 سنوات تقريباً»، مضيفة أنها «استنفدت كل الخيارات». وتتابع: «كنتُ أنتظر تجربة سريرية. استنفدتُ جميع معايير العلاج الأخرى، وحتى بعض المعايير غير القياسية».

وكُشف النقاب عن قصة ديميري الأسبوع الماضي، في الاجتماع السنوي للجمعية الأميركية لبحوث السرطان في شيكاغو.

بصيص أمل

وعندما سمعت ديميري عن تجربة جديدة في جامعة مينيسوتا، قالت إنه «لم يكن قراراً صعباً». وقالت: «كنتُ على استعداد تقريباً منذ اليوم الأول». بينما وصف الدكتور إميل لو (الذي قاد تجربة علاج الفتاة) العلاج الوراثي التجريبي بأنه «الآفاق الجديدة للعلاج المناعي». وفي حين أن معظم العلاجات المناعية تستهدف الخلايا من الخارج، فإن هذا العلاج يستهدف داخلها.

وقال اختصاصي الأورام لو: «بعض الأهداف داخل الخلية تمنع الجهاز المناعي من مكافحة السرطان. إنه بمنزلة درع تحمي الخلية السرطانية من جهاز المناعة في الجسم».

ديميري خلال حديثها مع «فوكس نيوز» بعد تلقي تجربة العلاج

وفي التجربة، استُخرجت خلايا مناعية من المشاركين، ثم عُدِّلت في مختبر باستخدام تقنية تحرير الجينات «CRISPR-Cas9» التي وصفها لو بـ«المقص الجيني». وبرمجت هذه العملية الخلايا لتكون أكثر فعالية في مكافحة الأورام. ثم أُعيدت الخلايا المُعَدَّلة إلى أجسام المرضى عن طريق الحقن. وأشار ديميري إلى ذلك قائلاً: «لقد دربوا الخلايا لتكون قادرة على مكافحة السرطان تحديداً عند إعادة إدخالها إلى جسمي». وقالت ديميري: «تتجاوزين الأمر ببساطة، وتحاولين التركيز على الجانب الإيجابي. وكان لدي كثير من الأشخاص الإيجابيين من حولي. كان لدي فريق دعم رائع حقاً».

وشارك في الدراسة 12 مريضاً، ولكن ديميري حققت أفضل النتائج بفارق كبير.

استجابة غير مسبوقة

وأكد لو لقناة «فوكس نيوز» أن الغالبية العظمى من سرطانات القولون والمستقيم المتقدمة لا تعدُّ قابلة للشفاء. وقال: «العلاجات الكيميائية أو أي علاجات أخرى متاحة لدينا -على الرغم من وجود عدد منها- هي علاجات تلطيفية، أي أنها لا تملك القدرة على إحداث الشفاء لدى مرضى سرطان القولون والمستقيم في المرحلة الرابعة». وأضاف: «كانت إيما ضمن هذه الفئة حتى انضمت إلى تجربتنا».

ووصف لو استجابة ديميري للعلاج المناعي التجريبي بأنها «مذهلة»، وأضاف: «فبعد حقنة واحدة فقط من الخلايا المُعدَّلة وراثياً، أُعلن شفاؤها من السرطان. وهي نتيجة (نادرة جداً) في سرطان القولون والمستقيم المتقدم». وقال لو: «نُطلق على هذا في علم الأورام اسم (الاستجابة السريرية الكاملة)، وهو ما نراه لدى 10 في المائة أو أقل من جميع المرضى. وتقل هذه النسبة عن 10 في المائة في سرطان القولون والمستقيم في المرحلة الرابعة».

وتابع: «ما رأيناه في ديميري كان مستوى استجابة رائعاً وغير مسبوق؛ حيث انتقلنا من مرحلة انتشار سرطان غير قابل للشفاء إلى مرحلة لا نرى فيها أي سرطان»، وبعد عامين من التجربة، قالت ديميري إنها «بصحة جيدة جداً». وقالت ديميري: «حتى الآن، كان أفضل ما أتمناه هو الشفاء التام من المرض إلى درجة عدم وجود أي دليل عليه... وكان عليَّ تقبُّل احتمالية ظهوره مجدداً في أي وقت، حتى لو لم يتمكنوا من اكتشافه في الفحص». وأضافت: «جميع نتائج فحوصاتي كانت تتحسن باستمرار».

أهمية الكشف المبكر

وأظهرت دراسات أنه في عام 2023، فإن واحدة من كل 10 حالات يتم تشخصيها بسرطان القولون والمستقيم كانت تعد الإصابة فيها مبكرة، أو لمرضى تقل سنهم عن 50 عاماً، وتتوقع الكلية الأميركية للجراحين أن تتضاعف حالات الإصابة المبكرة بحلول عام 2030.

وفي سياق متصل، أشار لو إلى أن «سرطان القولون والمستقيم لا يزال من أنواع السرطان القليلة التي لدينا أدوات فحص معتمدة لها»، وأضاف: «وتشمل هذه الأدوات فحوصات الدم والبراز وتنظير القولون. وفي عام 2018، غيَّرت الجمعية الأميركية للسرطان توصيتها بإجراء فحص القولون والمستقيم من سن الخمسين إلى سن الخامسة والأربعين. وتبعتها منظمات طبية أخرى في السنوات التالية.

مع ذلك، قال لو إنه يستقبل مرضى شُخِّصت حالاتهم قبل سن الخامسة والأربعين بكثير. وأضاف: «أرى خلال السنوات الخمس أو الست الماضية حالاتٍ لم أرَها في بداية مسيرتي المهنية، من مراهقين، وأشخاص في العشرينات والثلاثينات والأربعينات من عمرهم». وأضاف: «في الأسبوع الماضي فقط، رأيتُ شخصاً في أوائل الأربعينات من عمره مصاباً بسرطان القولون والمستقيم في مرحلته الرابعة، وهو سرطان منتشر على نطاق واسع». وقال لو: «الأمر اللافت والمثير للقلق هو أن نحو نصف حالات سرطان القولون والمستقيم تُشخَّص في مرحلتها الرابعة، وفي كثير من الأحيان، لا تظهر عليهم أي أعراض، أو تُفهم أعراضهم على أنها شيء آخر».


مقالات ذات صلة

هل يؤثر تناول اللحوم الحمراء على طول العمر؟

صحتك اللحم الأحمر هو الطبق الأساسي في فلورنسا (شاترستوك)

هل يؤثر تناول اللحوم الحمراء على طول العمر؟

يمكن أن تشكل اللحوم الحمراء مصدراً مهماً للبروتين، والسعرات الحرارية، وفيتامينات «ب». ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن استهلاك اللحم الأحمر يرتبط أيضاً بمخاطر صحية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك شريط زهري يرمز للتضامن مع المصابات بسرطان الثدي (بكسلز)

دراسة أميركية ترصد ارتفاعاً في إصابات سرطان الثدي قبل سن الـ50

أظهرت دراسة استخدمت بيانات من مركز تصوير الثدي المجتمعي على مدى 11 عاماً أن نحو امرأة من كل أربع مصابات بسرطان الثدي كانت دون سن الخمسين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك سرطان المعدة نادراً ما يُسبب في مراحله المبكرة أي أعراض (بيكسلز)

ما أبرز أعراض سرطان المعدة؟

يميل سرطان المعدة إلى التطور ببطء على مدار سنوات عديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التغذية السليمة قد تكون مفتاح الوقاية من الأمراض (رويترز)

تغييران غذائيان بسيطان يقللان من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة

يمكن أن تكون التغذية السليمة مفتاح الوقاية من الأمراض، حتى تلك المُدمرة، كالسرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك سرطان البنكرياس يعد أحد أكثر الأورام الخبيثة فتكاً (بيكساباي)

علاج جديد لسرطان البنكرياس من خلال الخلايا المناعية الجاهزة

طوّر علماء في جامعة كاليفورنيا علاجاً مناعياً خلوياً جاهزاً للاستخدام قادراً على تعقب خلايا سرطان البنكرياس والقضاء عليها حتى بعد انتشارها إلى أعضاء أخرى.

«الشرق الأوسط» ( لوس أنجليس)

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
TT

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)
«الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)

بعد معركة مع الدعاوى القضائية، أعلنت الشركة المنتجة لفيلم «الملحد» طرحه في دور العرض السينمائي بمصر يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بالتزامن مع ليلة «رأس السنة»، بعدما رفضت محكمة القضاء الإداري جميع الدعاوى التي طالبت بمنعه، واستند الحكم إلى حصول الفيلم على التراخيص المطلوبة من الرقابة على المصنفات الفنية، وفق منتجه.

الفيلم الذي كان مقرراً عرضه في شهر أغسطس (آب) 2024، تأجّل طرحه أكثر من مرة بسبب تجدد الدعاوى القضائية، من بينها دعوى المحامي مرتضى منصور، بالإضافة إلى الجدل الذي أُثير حوله عقب عرض «البرومو الترويجي»، واعتبار البعض أنه عمل مسيء من الناحية الدينية، إلى جانب تعرّضه لأزمات أخرى، من بينها التحفّظات الرقابية، وانسحاب الفنان الراحل مصطفى درويش من العمل احتجاجاً على آراء مؤلفه.

لقطة من البرومو الترويجي لفيلم «الملحد» (الشركة المنتجة)

وانتقد عدد من الفنانين والنقاد والجمهور، وبعض صنّاعه، منع الفيلم عبر منشورات «سوشيالية»، مؤكدين أن المنع ليس حلاً، وأن حرية الإبداع حق للجميع، ولا بدّ من المشاهدة قبل الاعتراض لوضع تصوّر كامل عن فكرة أي عمل فني.

من جانبه أكّد المنتج أحمد السبكي أن الفيلم حصل على جميع التراخيص والموافقات الرقابية اللازمة، لافتاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قرار تأجيل العرض كان بسبب المناوشات (السوشيالية) من بعض المحامين، التي حصلت بالتزامن مع طرح البرومو الترويجي، وليس لأسباب أخرى».

وأوضح السبكي أن العرض سيتم دون أي تعديل أو حذف، بعدما أصدر القضاء الإداري حكماً يقضي برفض جميع الدعاوى المقامة لمنع عرضه. وقال: «لا توجد أي إشارة تمنع عرضه، وبحوزتي النصّ القانوني الذي يؤكد أن العمل لا يتضمّن أي إساءة كما اعتقد بعضهم، وقد صدر الحكم قبل المشاهدة».

وأشار السبكي إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على آراء الجمهور قبل مشاهدة العمل، قائلاً: «في عصر (السوشيال ميديا)، يتشكّل رأي الناس بسرعة من خلال البرومو، وهذا أمر طبيعي، لكننا نؤكد أن الحكم النهائي يعود للمشاهد بعد مشاهدة الفيلم كاملاً».

الملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

واتّفق نقاد على أن المنع يحدّ من حرية الإبداع؛ إذ أكدت الكاتبة والناقدة المصرية صفاء الليثي رفضها لفكرة المنع، خصوصاً بعد حصول الفيلم على الموافقات الرقابية وتصويره بالفعل. وأشارت إلى أن «المنع بعد إنجاز الفيلم مشكلة كبيرة وكارثة على الصناعة، كما أنه أسلوب غير واقعي؛ فالجمهور اليوم يستطيع الوصول إلى كل الأفكار بسهولة، ولم يعد الاطلاع على أي موضوع أمراً صعباً».

وقالت صفاء الليثي في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إن «سياسة المنع لا بدّ من التراجع عنها؛ فمن غير المعقول الحكم على عمل من اسمه أو من لقطاته الترويجية. فالأسماء أحياناً تكون وسيلة للجذب التجاري، وكذلك الأمر بالنسبة للبرومو، الذي لا يُفترض أن يكون ملخصاً للفيلم، بل قد يُستخدم فقط لجذب الجمهور. والحكم من خلاله غير صائب، فهو دافع للمشاهدة لا سبب للرفض والمنع».

ويتناول فيلم «الملحد» قضية فكرية واجتماعية بطريقة درامية، من خلال قصة رجل دين متشدّد وابنه الذي يتمرّد على أفكاره ويعلن إلحاده. والفيلم من بطولة أحمد حاتم، وحسين فهمي، ومحمود حميدة، وصابرين، وتارا عماد، ونخبة من الفنانين، وهو من إخراج محمد العدل، وتأليف إبراهيم عيسى، وإنتاج أحمد السبكي.

من جهتها أكدت الناقدة الفنية المصرية فايزة هنداوي أن «حرية الإبداع مكفولة للجميع، وأنها ضدّ المنع مطلقاً»، لافتةً في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عرض (الملحد) بعد رفض كبير يُعد مؤشراً جيداً إلى أن الحرية تبقى أول العناصر الضرورية للإبداع».


معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)

لا يشكّل معرض «ديفا» (رحلة في بريق المجوهرات الإيطالية) قصة عادية لفنانين مصمّمين، بل يروي حكاية شيّقة عن تاريخ هذا الفنّ اليدوي في إيطاليا. فتبرز خصوصيته في قطعٍ مشغولة بتأنٍ، تشبه بتركيبتها لوحاتٍ تشكيلية مطرّزة بزجاج المورانو وأحجار الـ«سواروفسكي» البلّورية، فتصنع لغةَ أناقةٍ راقية بابتكاراتها، تبدأ منذ خمسينات القرن الماضي وصولاً حتى يومنا هذا.

بعض المجوهرات الطريفة التي تلوّن معرض «ديفا» (الشرق الأوسط)

يحطّ هذا المعرض رحاله في بيروت بعد جولات ناجحة في عدد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يقدم رحلة ثقافية فريدة من نوعها، تجمع بين روعة التصميم الإيطالي وإبداعه في عالم المجوهرات عبر التاريخ الحديث. ويقام المعرض برعاية السفارة الإيطالية، بتنظيم من المعهد الثقافي الإيطالي ونادي اليخوت في بيروت.

ومع عرض نحو 200 قطعة مصنوعة يدوياً، يستعرض الزائر سبعين عاماً من المهارة الحرفية الإيطالية. وتشرف على تنسيق المعرض ألبا كابيلييري، أستاذة تصميم المجوهرات في معهد البوليتكنيكو في ميلانو، ومديرة متحف «فيتشنزا» للمجوهرات في إيطاليا.

صُمّم المشروع على شكل معرض متنقّل يزور السفارات والمعاهد الثقافية الإيطالية حول العالم. ويسلّط الضوء على أبرز نماذج هذه الحرفة اليدوية. وتأتي القطع من توقيع أبرز مصممي دور الأزياء الكبرى، الذين يختبرون مواد وتقنيات جديدة، ما يجعل المعرض تجربة تجمع بين الإبداع والتقنية والابتكار.

ويرى رئيس المعهد الثقافي الإيطالي في بيروت، الدكتور أنجلو جووي، أن العاصمة اللبنانية تشكّل محطة بالغة الأهمية لهذا الحدث، إذ يلتقي بإرثها الحرفي المتأثر بتبادل الثقافات. وبذلك، يصبح حضور المعرض في بيروت خاتمة رمزية لمسيرته، ما يمنحه سياقاً غنياً للاحتفاء بالإبداع والمهارة والتصميم.

أطواق مصنوعة من البلاستيك والجلد في أحد أركان معرض «ديفا» (الشرق الأوسط)

ويشير جووي إلى أن المعرض يقدّم تصاميم المجوهرات بعيداً عن قيمة المعادن والأحجار الكريمة. مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» «أنه ينقل تطور صناعة المجوهرات منذ الخمسينات حتى اليوم. ويعرّفنا على أناقة مختلفة برموزها وأبعادها. فمعظم التصاميم تواكب المرأة العملية. وهناك قسم خاص في أحد أركان المعرض يحمل عنوان (الألفية الجديدة). وتتضمن المجوهرات البديلة المعاصرة. وهي منفذة بأدوات تفاجئ مشاهدها، فترتكز على مواد بلاستيكية ومعدنية وأخرى تدخلها مادة الجلد».

المعرض يقوم برحلته الأخيرة في لبنان قبل أن يعود إلى موطنه الأم إيطاليا. «هناك سيتم إعادة هذه المجوهرات لأصحابها من دور أزياء». ويتابع أنجلو جووي: «إن منسقة المعرض ألبا كابيلييري رغبت في أن تلفت نظر هواة المجوهرات إلى أسلوب فني متقدّم، لا يرتكز على الماس والذهب والأحجار الكريمة والمعادن المشهورة، ولكن على حرفية متوارثة تقوم على أسماء عائلات اشتهرت في هذا المجال، فتم ارتداؤها من قبل الناس على اختلافهم، وفي عروض أزياء كبيرة. ففي هذه الأخيرة عادة ما يبتعد منظموها عن استخدام المعادن الثمينة».

تكمل جولتك في المعرض لتطالعك قطع مجوهرات برّاقة، أساور، وأقراط، وعقود وغيرها. ومن بينها موقّع من قبل دور الأزياء الإيطالية المعروفة عالمياً. فتحضر دار «فيرساتشي» كما «غوتشي» و«فالنتينو» وغيرها.

بدأت جولات هذا المعرض في العالم منذ نحو 5 سنوات. وتكمن أهميته في إبرازه تطور هذه الحرفة من خلال مجوهرات معاصرة. وتعدّ ثمينة بفضل إرثها التاريخي الغني.

مائتا قطعةِ مجوهرات تتوزّع على المعرض في نادي اليخوت وسط بيروت. وتمثّل المرآة الجمالية للمجتمع، من «دولتشي فيتا» في خمسينات القرن الماضي إلى أزياء الـ«بريت-آ-بورتيه» في ثمانيناته، وصولاً إلى البساطة في تسعيناته ضمن تكنولوجيا الموضة في الألفية الجديدة. وتُظهر تحوّل الأنماط والعادات، وطموحات النساء وإنجازاتهن، وتطوّر الأشكال والمواد، وتقنيات الإنتاج الجديدة. ويحتضن المعرض الأطواق المؤلّفة من طبقات عدّة، والأساور المنحوتة، وقطعاً مرحةً تترك البسمة عند ناظرها.

يتناول «ديفا» تاريخ حرفة صناعة المجوهرات الايطالية الحديثة (الشرق الأوسط)

وتحمل بعضها اللمحة الشرقية من خلال تقنية الـ«فيلي غرانا»، القائمة تصاميمُها على تجديلاتٍ دقيقة أو على تطعيم القطعة بالزجاج المنفوخ. وهو ما يجسّده تاجٌ ذهبي من توقيع «دولتشي أند غابانا» نلحظه في المعرض. ويذكر رئيس المعهد الثقافي الإيطالي جووي أن نقاط التشابه هذه ولّدت مساحة التقاء بين المعرض ومنطقة الشرق الأوسط.

وعن سبب تسمية الحدث بـ«الديفا» يشرح لـ«الشرق الأوسط»: «إنها إشارة إلى إمكانية أن تتحوّل كلّ امرأة إلى نجمة من خلال أسلوبها في انتقاء المجوهرات والأزياء. فليس من الضروري أن تشعر بذلك من خلال ارتداء الجواهر الثمينة فقط. فيحضر عندها الإحساس بهذا البريق ما دامت منسجمةً مع ما ترتديه، سواء أكان ثميناً أم بسيطاً».


المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)
المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)
TT

المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)
المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)

أعلنت مجلة «فارايتي» الأميركية اختيار المخرجة المصرية سارة جوهر ضمن قائمة «أفضل 10 مخرجين واعدين»، وهي أبرز قائمة سنوية تُسلَّط فيها الأضواء على المواهب الإخراجية الجديدة. ويأتي هذا الاختيار في ظل النجاح الذي يحقّقه فيلمها الروائي الطويل الأول «عيد ميلاد سعيد»، الممثّل لمصر في منافسات الأوسكار.

وذكرت «فارايتي» أن المخرجين العشرة الواعدين سينضمون بذلك إلى أسماء لامعة سبق أن اختارتهم المجلة بوصفهم مواهب جديرة بالمتابعة، مثل كريستوفر نولان، وروبن أوستلوند، وويس أندرسون، وألفونسو كوارون، وستيف ماكوين، وبين زيتلين، وذلك قبل سنوات من حصولهم على ترشيحات لجائزة أفضل مخرج في جوائز «الأوسكار».

وضمّت القائمة كلاً من: أكينولا ديفز عن فيلم «ظلّ أبي»، وبث دي أراجو عن فيلم «جوزفين»، وجان-أولي جيرستر عن فيلم «آيسلندا»، وسارة جوهر عن فيلم «Happy Birthday»، وديف غرين عن فيلم «Coyote vs. Acme»، وشاندلر ليفاك عن فيلم «Mile End Kicks»، وهاري لايتون عن فيلم «Pillion»، وإن. بي. ماجر عن فيلم «Run Amok»، وكريستين ستيوارت عن فيلم «The Chronology of Water»، وولتر سيمبسون هيرنانديز عن فيلم «If I Go Will They Miss Me».

وأعربت سارة جوهر عن سعادتها الكبيرة بهذا الاختيار غير المتوقع، لتكون المخرجة العربية الوحيدة ضمن قائمة أفضل 10 مخرجين واعدين خلال العام الحالي. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «تفاجأت بهذا الاختيار المذهل، فقد كنت أدرك منذ دراستي للسينما في الولايات المتحدة أهمية هذه القائمة. بعض المخرجين الذين حصدوا جوائز (الأوسكار)، مثل روبن أوستلوند، كانوا ضمنها قبل سنوات. لذلك لا أزال غير مستوعبة تماماً هذا التكريم، وأنا ممتنّة وفخورة بما يحقّقه فيلمي الأول».

سارة جوهر هي رابع مخرجة عربية تُدرج في هذه القائمة، بعد 3 مخرجات سبقتها إليها، وهنّ السعودية هيفاء المنصور، واللبنانية نادين لبكي، والفلسطينية شيرين دعيبس.

وأضافت سارة، الموجودة حالياً في لوس أنجليس لمتابعة عروض «الأوسكار» الخاصة بفيلمها، أنها دعت أعضاء الأكاديمية لمشاهدته في سانتا باربارا ونيويورك وكاليفورنيا، معربةً عن سعادتها بردود فعلهم الإيجابية وتأثرهم أثناء مشاهدة الفيلم.

تدور أحداث الفيلم حول الطفلة «توحة»، التي تعمل خادمة في منزل أسرة ثرية وترتبط بصداقة مع ابنة صاحبة المنزل، حيث تسعى إلى إعداد حفل عيد ميلاد استثنائي لصديقتها، وهي تُخفي في داخلها أمنية بأن تختبر هي أيضاً الاحتفال بعيد ميلادها.

الفيلم من بطولة نيللي كريم، وشريف سلامة، والطفلة ضحى رمضان. وقد عُرض للمرة الأولى في مهرجان «تريبيكا السينمائي» في الولايات المتحدة، وحصد 3 جوائز: أفضل فيلم دولي، وأفضل سيناريو، وجائزة «نورا إيفرون» لأفضل مخرجة.

كتبت سارة جوهر قصة الفيلم بالاشتراك مع زوجها المخرج محمد دياب، في حين شارك في إنتاجه الممثل والمنتج الأميركي جيمي فوكس.

فريق عمل الفيلم في مهرجان تريبيكا (الشرق الأوسط)

وتقول سارة: «حين كنت أعمل على الفيلم لم أفكّر إلى أين سيصل، بل ركّزت على إيجاد أفضل طريقة للتعبير عن مشاعر أبطاله. كان كلّ تركيزي على الأداء وعناصر الفيلم ليترك أثراً قوياً في كل من يشاهده. فالفيلم الجيد، في رأيي، يكمن في قدرته على التأثير وإحداث التغيير لدى المتلقي. وقد أسعدني أن من شاهدوا الفيلم في (صندانس) أو (الجونة) أو في أميركا خرجوا بانطباعات تؤكد هذا التأثير».

ولفتت سارة إلى أن الأيام العشرة المتبقية قبل إعلان نتائج التصفية الأولية لمسابقة «أفضل فيلم دولي غير ناطق بالإنجليزية»، في 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تُعدّ الأكثر أهمية، إذ تشهد حضور معظم أعضاء الأكاديمية لعروض الأفلام المرشّحة. ولذلك تُكثّف جهودها في دعوتهم لمشاهدة الفيلم، الذي تُقام له في الوقت نفسه عروض في مدن أوروبية عدّة، من بينها باريس وبرشلونة وبرلين، لوجود أعضاء للأوسكار فيها. بيد أنها تشير إلى أن الجزء الأكبر من الحملة يجري في الولايات المتحدة، حيث تعقب العروض جلسات نقاش يطرح خلالها أعضاء الأكاديمية أسئلتهم على المخرجة حول الفيلم.

وتشير سارة إلى أن فيلم «عيد ميلاد سعيد» تم اختياره في مهرجان «بالم سبرينغز» ضمن قسم الأوسكار، لافتةً إلى أن أكثر من 90 في المائة من الأفلام التي تُرشَّح للجائزة تكون ضمن برمجة هذا المهرجان، وهو ما تعدّه إنجازاً كبيراً، رغم أن رحلة الفيلم لم تبدأ من المهرجانات الكبرى مثل «كان» و«برلين» و«فينيسيا»، بحسب تعبيرها.

وتشهد مسابقة أفضل فيلم دولي في النسخة الـ98 من جوائز «الأوسكار» منافسة قوية مع مشاركة 86 فيلماً، إضافة إلى حضور عربي لافت تسيطر عليه المخرجات بشكل ملحوظ. إذ تشارك 8 دول عربية هي: السعودية بفيلم «هجرة» لشهد أمين، وتونس بفيلم «صوت هند رجب» لكوثر بن هنية، والمغرب بفيلم «شارع مالقة» لمريم توزاني، ولبنان بفيلم «نجوم الأمل والألم» لسيريل عريس، وفلسطين بفيلم «فلسطين 36» لآن ماري جاسر، والعراق بفيلم «مملكة القصب» لحسن هادي، والأردن بفيلم «اللي باقي منك» لشيرين دعيبس، إضافة إلى الفيلم المصري «عيد ميلاد سعيد» لسارة جوهر.