تمكَّن فريق بحثي دولي من الكشف عن طريقة تحنيط غير مألوفة، استخدمت مواد طبيعية لحفظ مومياء نمساوية عمرها قرون، كانت محفوظة بشكل استثنائي.
وأوضح الباحثون بقيادة جامعة «لودفيغ ماكسيميليان» في ميونيخ بألمانيا، أن هذه المومياء تعود للقرن الثامن عشر، وتحديداً إلى قس محلي، ونُشرت النتائج، الجمعة، بدورية «Frontiers in Medicine».
لطالما استخدم العديد من الثقافات حول العالم أساليب مختلفة لتحنيط الموتى، غالباً لأسباب دينية، ولكن لم تُدرس جميع هذه الأساليب بالتفصيل حتى اليوم. ففي أول دراسة توثق طريقة تحنيط غير مسجلة سابقاً، قام الفريق بتحليل مومياء عُثر عليها في سرداب كنيسة صغيرة بقرية سانت توماس آم بلازنشتاين في النمسا.
واستخدم الباحثون عدة تقنيات علمية دقيقة، منها الفحص المقطعي المحوسب لرؤية الأعضاء الداخلية دون الإضرار بالجثة، وتحليل النظائر لتحديد نوعية الغذاء الذي كان يتناوله القس. كما تم تأريخ العمر بالكربون المشع لتأكيد الفترة الزمنية التي عاش فيها، وفحص نسيجي وكيميائي للأنسجة والمواد الموجودة داخل الجسم.
وتمكَّن الباحثون من تحديد هوية الجثة التي تعود للقس المحلي فرانز كزافير سيدلر فون روزينيغ، الذي تُوفي عام 1746.
وبخلاف طرق التحنيط الشائعة التي تعتمد على فتح الجسم جراحياً وتنظيفه من الداخل، أظهرت الدراسة أن هذه المومياء خضعت لأسلوب تحنيط فريد، يتمثل في إدخال مواد التجفيف إلى تجويف البطن عبر المستقيم بدلاً من فتح الجسد بالطريقة المعتادة، وهذا الأسلوب سمح بامتصاص الرطوبة من داخل تجويف البطن دون الحاجة إلى شق الجسد.
مواد محلية
وشملت المواد المستخدمة في التحنيط رقائق من خشب التنوب والأرز، وأغصاناً صغيرة، وأقمشة من الكتان والقنب والكتان الخام، وهي مواد كانت متوفرة في المنطقة آنذاك. كما أظهرت التحاليل وجود آثار كلوريد الزنك، وهي مادة كيميائية معروفة بقدرتها على التجفيف، تُستخدم حديثاً أيضاً في بعض مستحضرات التحنيط، مما ساعد في امتصاص السوائل ومنع التحلل السريع للجثة.
وقال الباحث الرئيسي للدراسة بجامعة «لودفيغ ماكسيميليان أندرياس نيرليش»، إن هذا الخليط ساعد في حفظ الجثة بحالة ممتازة، وامتص كثيراً من السوائل داخل التجويف البطني.
وأضاف عبر موقع الجامعة أن «هذه الطريقة تختلف عن أساليب التحنيط المعروفة التي تُفتح فيها الجثة لتحضيرها. في هذه الحالة، تم إدخال المواد عبر المستقيم، وربما كانت هذه الطريقة أكثر شيوعاً مما نعتقد، لكنها لم تُلاحظ بسبب تحلل جدران الجسم بعد الوفاة، ما قد أخفى هذه التدخلات».
وكشفت التحاليل عن تفاصيل دقيقة حول نمط حياة القس؛ حيث توفي بين سن 35 و45 عاماً، وكان يتبع نظاماً غذائياً عالي الجودة من الحبوب واللحوم والأسماك، دون مؤشرات على مجهود بدني شاق. كما أظهرت النتائج إصابته بالسل الرئوي في أواخر حياته، إلى جانب آثار للتدخين المزمن.


