اللبنانية ميراي بستاني تستقي فنها من أشجار لبنان وعمارتها

الفنانة لـ«الشرق الأوسط»: دخول السوق الفنية في لندن صعبٌ وذوق البريطانيين مختلف

الفنانة اللبنانية ميراي بستاني في معرضها في لندن (الشرق الأوسط)
الفنانة اللبنانية ميراي بستاني في معرضها في لندن (الشرق الأوسط)
TT

اللبنانية ميراي بستاني تستقي فنها من أشجار لبنان وعمارتها

الفنانة اللبنانية ميراي بستاني في معرضها في لندن (الشرق الأوسط)
الفنانة اللبنانية ميراي بستاني في معرضها في لندن (الشرق الأوسط)

شهدت منطقة بارنز، في غرب لندن، معرضاً فنياً كبيراً استمر على مدى أربعة أيام احتضنه مركز «OSO»، الذي يعدُّ من أبرز المراكز الفنية في المدينة، الذي ينظم معارض فنية يشارك بها أهم الفنانين التشكيليين في بريطانيا.

عن طريق الصدفة، تحديداً عن طريق تزيين جدران أحد المطاعم اللبنانية الجديدة في منطقة بارنز الجميلة والوادعة على ضفاف نهر التيمز، لفتت لوحات الفنانة التشكيلية اللبنانية المقيمة في لندن، ميراي بستاني، أنظار المهتمين بالفن والرسم وأحد منظمي المعارض الفنية في المركز المذكور، فتم الاتصال بها لإعطائها الفرصة لعرض عدد من لوحاتها.

وعند زيارة المركز الفني كانت لوحات ميراي بستاني تتصدر المدخل الرئيسي، وكانت لافتة جداً نسبة لحجمها الكبير وألوانها الزاهية وجمالية تفاصيلها، فكان من الضروري التوقف عندها والسؤال عن معانيها وخباياها من الناحية الفنية، فالتقت «الشرق الأوسط» الفنانة بستاني التي كانت موجودة في المعرض للحديث عن انتقالها للعيش في لندن، وعن لوحاتها، ومعارضها المقبلة في الشرق الأوسط.

استهلت بستاني كلامها بالقول إنها ابنة منطقة الأشرفية في بيروت، وهذه المنطقة لطالما كانت ملهمتها من حيث المعمار الجميل والروح المميزة فيها، وتروي كيف كانت تنظر للأشجار المنتشرة على الأرصفة والأبنية وأبوابها، وكيف كانت تشبه المبنى بالعائلة، وكيف كانت ترى الترابط الأسري مجسداً في بناية شامخة بابها أشبه بالرجل أو رب المنزل، والنافذة شبهتها بالمرأة أو الأم التي تمثل كل شيء جميل في الحياة. وأضافت بستاني أن فنها لا يعتمد على نقل الصورة كما هي، إنما ترجمتها على طريقتها الخاصة، ففي حين قد يرى البعض المبنى على أنه مجرد إسمنت وحديد فهي تراه أسرة وعائلة ولها أسلوبها الخاص في النمط السريالي.

لوحتان على الحائط اختارت بستاني أن تتشاركهما مع الجمهور المهتم بالفن؛ اللوحة الأولى كانت عبارة عن بقرة ضخمة لا تخلو من لون، اختارت بستاني أن ترسمها على خلفية بيضاء من دون وضع أي لون آخر فيها، والسؤال البديهي هنا: لماذا البقرة ولما ترمز؟ وكان الجواب أعمق من صورة البقرة التي تراها العين، فكان الرد منبثقاً من الوجدان الذي يرى هذه البقرة رمزاً للحياة حسب ميراي بستاني. وتقول: «في بلداننا العربية ترمز البقرة إلى السمنة، وأصبحت على مر السنين مرادفاً للذين يعانون من الوزن الزائد (لا سيما النساء)، إنما أنا فأرى أن البقرة هي التي تعطي الحياة وهي التي تضحي من أجل الغير فتعطي حليبها فهي كائن حنون، وتؤكل... فهي بالفعل تعطي الكثير بمقابل بسيط جداً».

وعن القرنين على رأس البقرة، تقول ميراي إنهما يجسدان العنف والضغوطات التي يمارسها البشر ضد الطبيعة مما يجعل البقرة تتحول إلى ثور ثائر، وعن الشجرة التي في بطنها فهي الحياة بحد ذاتها، أما الخطوط السوداء التي حرصت بستاني على تركها دون أي تعديل فهي ترمز لحياتنا كبشر وأهمية الخط الأسود فيها، الذي يرمز لتوقيعنا على أهم الأوراق والوثائق طيلة حياتنا؛ أطلقت بستاني اسم «Une Autre Forme» أو «شكل آخر» على هذه اللوحة التي ستقف أمامها منبهراً بألوانها ومعانيها.

أما اللوحة الثانية فهي بعنوان «Une Maniere Schematique» (طريقة تخطيطية)، وهي عبارة عن شجرة ضخمة في داخلها شجرة صغيرة، وبالأسلوب نفسه فهي مليئة بالألوان والعبر، وهي تشدد على أهمية الأشجار في حياة البشر والحيوانات والحشرات، فالشجرة معطاءة وترتبط بذكريات الطفولة.

وعن اختلاف الذوق الغربي عن الذوق العربي، تقول بستاني إن هناك فوارق كبيرة، وتضيف: «العربي لديه "حشرية" أكبر، والغربي يحب كل ما هو جديد، وهذا ما جعل لوحاتها تلقى استحسان زوار المعرض، لأن لوحاتها لا تشبه سواها وتحمل الكثير من المعاني الحياتية الجميلة».

وتكلمنا أيضاً عن المقارنة في عمل ميراي بستاني ما بين الماضي والحاضر، فقالت: «اليوم أستخدم الألوان أكثر، والسبب يعود إلى تقديري للحياة والحرية بعد جائحة (كورونا) التي فرضت علينا العزلة ولكنها عرفتنا أكثر على الطبيعة، وجعلتنا نتقرب منها أكثر، لهذا أحرص على أن تكون لوحاتي ملونة وفرحة».

المعروف عن بستاني، وهي أستاذة جامعية، أنها كانت من الفنانين الذين تجرأوا على مزج الحرب بالفن، فكانت لوحاتها في الماضي تحمل رائحة الحرب اللبنانية في حبرها، وبرأيها فهذه خطوة جريئة، لأن الفنان يسعى عادة إلى الابتعاد عن تلك المسائل والمواضيع المأساوية التي لا تروق للجميع، إنما هي فقد فضلت بأن تنقل صورة الحرب اللبنانية على طريقتها الخاصة مخاطبة الفن ومحبيه.

منذ أن انتقلت إلى لندن شاركت في العديد من المعارض منها من تنظيم غرفة التجارة البريطانية العربية وغيرها، وهي بصدد التحضير لمعارض جديدة في منطقة الخليج ولبنان.

وعن صعوبة خرق السوق اللندنية، تقول ميراي إن النقلة لم تكن سهلة، لأن المنافسة في العاصمة البريطانية شرسة جداً، إلا أنها تسعى للانتشار ولديها الكثير من المشاريع، وتقوم بتنفيذ الكثير من اللوحات حسب الطلب.

وعن المقارنة ما بين رسم اللوحات الكبيرة والصغيرة، فهي ترى أن اللوحة الصغيرة هي أشبه بالانطوائية التي تشعر بها في بعض الأحيان التي تفضل فيها البقاء وحيدة، إلا أنها تميل أكثر لرسم اللوحات الكبيرة، ولو أن اللوحة الصغيرة صعبة لأنها تحتاج لوضع فكرة كبيرة على مساحة صغيرة، ولكن اللوحة الكبيرة تعطي الفنان مساحة أكبر للتعبير.


مقالات ذات صلة

«نبض المحروسة»... معرض بانورامي عن سحر ليالي القاهرة

يوميات الشرق معرض «نبض المحروسة» يقدم رؤية فنية للقاهرة الآسرة في ساعات الليل (الشرق الأوسط)

«نبض المحروسة»... معرض بانورامي عن سحر ليالي القاهرة

من الطاقة المتدفقة في شرايين القاهرة، بفعل حركتها الدائبة ليلاً ونهاراً، يستمد الفنان المصري محمد عبد الجليل أفكار لوحاته.

محمد عجم (القاهرة)
يوميات الشرق رحيل الفنان عصمت داوستاشي (وزارة الثقافة المصرية)

الوسط التشكيلي المصري يودّع عصمت داوستاشي

ودَّعت الحركة التشكيلية بمصر الفنان عصمت داوستاشي، الثلاثاء، عن عمر ناهز 82 عاماً تاركاً إرثاً كبيراً من الأعمال الفنية والكتب الأدبية والمتخصصة في تاريخ الفن.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق اختير المنتخب من بين أكثر من 291 ألف طالب وطالبة تنافسوا محلياً (واس)

40 سعودياً ينافسون على جوائز «آيسف 2025» العالمية

أنهى المنتخب السعودي للعلوم والهندسة تحضيراته النهائية للمشاركة في «معرض ريجينيرون الدولي للعلوم والهندسة» (آيسف 2025)، الذي يُعدُّ أكبر محفل علمي تنافسي عالمي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق بألوان زاهية وأخرى دافئة ترسم ذكرياتها (الشرق الأوسط)

«أصداء الصيف»... لوحات تغمسك في بحر الذكريات اللبنانية

توثّق التشكيلية اللبنانية روزي دانيال لبنان بريشتها مستحضرة لحظات الفرح والحنين من قلب البحر والذكريات.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أعمال الفنان تحمل الكثير من الدراما (الشرق الأوسط)

«طقوس على حافة الوجود»... لوحات تستدعي الأساطير الشعبية

من قلب الحارات الشعبية، وتحديداً من منطقة القلعة بالقاهرة الفاطمية، تشكلت الرؤية البصرية الأولى للفنان المصري عادل ثروت؛ لتنعكس بعد ذلك في أعماله.

محمد الكفراوي (القاهرة )

«مهرجانات بيت الدين» تعود بـ«ديوانية الحب» و«مدن النرجس»

فرقة ليبام تختتم المهرجانات (لجنة مهرجانات بيت الدين)
فرقة ليبام تختتم المهرجانات (لجنة مهرجانات بيت الدين)
TT

«مهرجانات بيت الدين» تعود بـ«ديوانية الحب» و«مدن النرجس»

فرقة ليبام تختتم المهرجانات (لجنة مهرجانات بيت الدين)
فرقة ليبام تختتم المهرجانات (لجنة مهرجانات بيت الدين)

تحول المؤتمر الصحافي للإعلان عن عودة «مهرجانات بيت الدين»، بعد توقف قسري بسبب الحرب الإسرائيلية، الصيف الماضي، إلى عيد احتفالي، في وزارة السياحة في بيروت، ظهر اليوم (الأربعاء).

تحول المؤتمر الصحافي للإعلان عن عودة «مهرجانات بيت الدين»، بعد توقف قسري بسبب الحرب الإسرائيلية، الصيف الماضي، إلى عيد احتفالي، في وزارة السياحة ببيروت، ظهر اليوم (الأربعاء).

إضافة إلى الصحافيين والفنانين الذين جاءوا يتحدثون عن أعمالهم التي سيقدمونها، كان وزير الثقافة غسان سلامة، ووزير الإعلام بول مرقص، ووزيرة السياحة لورا لحود، وأعضاء لجنة المهرجانات حاضرين.

عبّرت لحود عن غبطتها برؤية هذه الصالة الزجاجية في وزارة السياحة تزدحم بمواعيد الآتين للإعلان عن برامجهم. هذا مؤشر على عودة الحياة إلى فرحها، موضحة: «إننا في (بيت الدين) نستعيد الذاكرة، والأهم تلك القدرة على الاحتفال بالتنوُّع».

أما وزير الثقافة، غسان سلامة، فقد جاء إلى المؤتمر بمفاجأة استحقت تصفيقاً حاراً، وهي أن لجنة متخصصة ستبدأ بالكشف على قصر بيت الدين التاريخي الذي هو أحد أهم المعالم الأثرية اللبنانية، وتقام به المهرجانات، لتفحص احتياجاته، والتحضير لإطلاق عملية ترميم بعد أن أُهمل طويلاً.

وشرح سلامة أنه قد تمكن من تأمين دعم خارجي لذلك. تلك لفتة أفرحت الجميع. وكان للوزير سلامة كلمة تذكَّر فيها كيف أن هذه المهرجانات انطلقت قبل 41 سنة، أي قبل 5 سنوات من توقف الحرب الأهلية، أي أن «المهرجان بدأ بينما كنا نتحارب، وهذا أمر في غاية الأهمية»، مثنياً على الأنامل الدمشقية أي رئيسة المهرجانات، وصاحبة المبادرة، نوار جنبلاط، التي عرفت كيف تفصل السياسة عن الثقافة.

ورأى سلامة ضرورة ألا تركض الثقافة وراء السياسة، وأن جنبلاط أعطت نموذجاً لذاك الفصل الضروري، والمساحة اللازمة للمباعدة بين أمرين، لكل منهما رؤيته الخاصة.

أما وزير الإعلام، بول مرقص، فشرح أن لبنان كله في مهرجان متواصل منذ تم انتخاب رئيس للجمهورية وتشكلت حكومة. فرغم كل الظروف الصعبة ها هو يُولَد كل يوم.

وتحدثت رئيسة المهرجانات، نورا جنبلاط، عن برنامج لبناني وعربي وعالمي يبدأ يوم 3 من يوليو (تموز)، ويستمر لمدة شهر، تتخلله سهرات موسيقية، وغنائية، وأوبرا، ورقص، إضافة إلى معرضين فنيين.

الحفل الأول، في الثالث من يوليو (تموز)، أمسية أوبرالية مميزة، مع جي ناي بريدجز، مغنية الميزو سوبرانو الأميركية الشهيرة، الملقبة بـ«بيونسيه الأوبرا» الحائزة على جائزتي «غرامي»، يُقام في الساحة الداخلية للقصر التاريخي.

يتضمن ريبرتوارها المتميز أدواراً بارزة في أعمال ملحنين مشهورين، مثل بيزيه، وماهلر، وموزارت، وبيتهوفن، ورافيل، وفيردي، وبرنشتاين.

وفي القسم الثاني من الأمسية، ستُقدم أعمال معاصرة لبرنشتاين وجيرشوين وآخرين.

أما ليلة الافتتاح الكبير في الباحة الرئيسية للقصر التاريخي، في العاشر من الشهر، فستكون بصحبة سيدات الطرب الثلاث: جاهدة وهبة، ولبانة القنطار، وريهام عبد الحكيم.

«ديوانية حب» اسم هذا العمل الجامع الذي وُضع خصيصاً لمهرجانات بيت الدين، برؤية فنّية من إعداد وتوقيع جاهدة وهبة؛ حيث سيتحوّل مسرح بيت الدين وميدانه التاريخي إلى قصيدة غنائية ومجلس طربي مبتكر نابض بالعراقة والرقيّ، مع ثلاثة من أهم نجمات الغناء العربي، من لبنان وسوريا ومصر. كل منهن ستغني من ريبرتوارها، وكذلك من الأرشيف العربي الأصيل، بالعودة إلى أغنيات العمالقة: أم كلثوم، أسمهان، وديع الصافي، فيروز، عبد الحليم حافظ، ليلى مراد، وصباح.

كل ذلك بمرافقة أوركسترا من 25 عازفاً، تضم ضيوفاً من أبرز الموسيقيين اللبنانيين والعرب، على رأسهم عازف التشيللو الشهير، أحمد طه، في عرضٍ مُرصّعٍ برؤية فنّية خلّابة ومعاصرة.

عشاق العود سيكونون على موعد مع المايسترو نصير شمة ومجموعة من أساتذة الموسيقى العالمية في الثامن عشر من يوليو، يعزفون منفردين ومجتمعين، في عمل متناغم يحمل اسم «مدن النرجس». 14 موسيقياً من جنسيات مختلفة مع شمة في هذا العمل يقدمون تحت إشرافه حواراً ثقافياً استثنائياً يعزز رسالة المحبة القوية، من خلال أنماط موسيقية متنوعة تعكس ثراء الثقافات العالمية.

وبعد أن قدمت 5 عروض في «كازينو لبنان» خلال الشهر الحالي، ستنتقل مسرحية «كلو مسموح» الغنائية الاستعراضية الفكاهية إلى «بيت الدين» خلال الصيف، ليكون لها عرض سادس وسابع هناك يومَي 23 و24 من يوليو. تلعب الدور الرئيسي فيها الفنانة كارول سماحة، إلى جانب روي الخوري، الذي يخرج العمل ويدرب الراقصين. وهو عمل مسرحي عالمي عُرِض في برودواي بثلاثينات القرن الماضي، وبقي يُعرض بين أميركا وبريطانيا، حتى وصل إلى لبنان بنسخة معربة، فكهة، بقالب عصري غنائي ممتع.

أما الحفل الأخير، في 24 يوليو، فتقدمه أوركسترا ليبام الوطنية للنفخ والإيقاع، ويضم 37 موسيقياً شاباً ببرنامج موسيقي راقص من جميع أنحاء العالم (من أميركا اللاتينية إلى أوروبا، ويختتم في لبنان). سترافق العديد من المقطوعات رقصات مصمَّمة خصيصاً من قِبل مدرستي الرقص، مازن كيوان وسحر.

وكما كل سنة، يتزامن مع المهرجان معرضان فنيان، أحدهما يقيمه صالح بركات صاحب الغاليري الذي يحمل اسمه في بيروت، تحية للزهور في لوحات الفنانين اللبنانيين الكبار. أما المعرض الثاني، فهو جوّال يحمل عنوان «مناظر متحركة».