عندما جرّت سهام القصير طائرة بوزن 6 أطنان و300 كيلوغرام، اعتقد البعض أنه يشاهد فيلماً خيالياً. وعلى أساس هذه الواقعة، حازت سهام القصير لقب «المرأة العربية الخارقة». كان ذلك عام 2016، ومن بعدها توالت إنجازاتها في عالم القوة البدنية، لتحصل على ألقاب أخرى، من بينها «أقوى امرأة في لبنان والعالم العربي» لعام 2024.
تتميز القصير بمهارات مختلفة في عالم القوة البدنية. فهي تدرّب أشخاصاً على الأمن والحماية الشخصية، في مؤسسات حكومية كقوى الأمن الداخلي وغيرها من مؤسسات خاصة. كما تعلّم الرماية، ولديها نادٍ رياضي يرتاده هواة رفع الأثقال وغيرهم.
تقول إنه منذ طفولتها لفتتها القوة البدنية والرياضة بشكل عام. فكانت تحمل قارورة الغاز وحدها، فيما والدتها تصرخ: «سيؤثر ذلك على طول قامتك».
لدى سهام شقيقتان، تطلقان عليها لقب «الولد الصبي» في العائلة: «ينادونني بأم الـ7 شباب لأني أجيد مواهب عدة، تحتاج إلى 7 رجال للقيام بها. أعزف على آلة الإيقاع (الدربكة)، ومجازة بالتربية البدنية والرياضة. أكملت دروسي لأحوز على 18 شهادة في مجال القوة البدنية، وذلك من خلال دورات تدريبية خضعت لها مع الأميركيين والبريطانيين، والمملكة العربية السعودية هي من فتحت أمامي هذه الآفاق».
تروي سهام أنها كانت في رحلة إلى المملكة بدعوة خاصة من أجل تدريب مجموعة شباب على الرماية، وتناهى إلى سمعها أن هناك دورات في تطوير القوى البدنية: «كنت الفتاة الوحيدة ضمن مجموعة تتألّف من 30 شاباً يخضعون للدورة نفسها. فزت بالمركز الأول بينهم جميعاً. واليوم أعمل في مجال تدريب الأمن والحماية، وحارساً شخصياً (بودي غارد) للنائبة في البرلمان اللبناني بولا يعقوبيان».
لا تنكر أن مهمتها في حماية شخصية سياسية محفوفة بالخطر. وتعلّق: «أدرك تماماً أني في كل مرة أغلق باب منزلي ورائي قد تكون الأخيرة. فربما لن أعود إلى بيتي في نهاية اليوم. ولذلك أقدّم سلامة حياة الشخصية التي أرافقها على تلك الخاصة بي بقناعة تامة».
وعما يجب أن تتمتع به الفتاة التي ترغب في ممارسة مهنة «بودي غارد»، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «إضافة إلى القوة البدنية، عليها أن تتمتع بقوة الإدراك ووعي كبيرين. تعرف تحديد الخطر، وأن تكون على أهبّة الاستعداد لأي حدث مفاجئ. ويسمّونها في لبنان صاحبة (قلب قوي). والأهم هو إتمام المهمة، مهما كانت صعبة. وممنوع عليها أن تنسحب من منتصف الطريق».
قبلت سهام القصير مبدأ التحدّي منذ طفولتها: «كنت أحب أن أتحدّى نفسي، أصغي لآراء الآخرين، ولكنني صاحبة القرار الأول والأخير في حياتي».
قبل مرافقتها كـ«بودي غارد» للنائبة بولا يعقوبيان، عملت سهام مع شخصية أميركية لتتولّى المهمة نفسها خارج لبنان: «باستطاعتي أن أحمل عدة مهمات في وقت واحد، وأعدّ نفسي بمثابة فريق كامل».
بالنسبة لها، فإن قوتها البدنية لم تسرق منها أنوثتها. وتعلّق: «عندما حزت لقب (أقوى امرأة في العالم العربي) كنت أرتدي فستاناً، وتمسكت بهذا المظهر مع شعري المنسدل على كتفي لأؤكد على هذا الموضوع. وكانت بمثابة رسالة مباشرة رغبت في إيصالها لكل فتاة تهوى رياضات القوة البدنية. وبذلك كسرت فكرة سائدة عند الرجال، تتمثّل بأن المرأة صاحبة القدرات البدنية بمثابة رجل في جسم امرأة».
هل يخاف منها الرجال؟ تردّ لـ«الشرق الأوسط»: «للوهلة الأولى لا يستطيعون تلمّس قدراتي البدنية، لأنني كأي فتاة أخرى مفعمة بالأنوثة وأتعامل مع الآخرين بنعومة. فلا شيء على محياي يمكنه أن ينبئهم بذلك. ولكن ما أن يدركوا طبيعة عملي حتى يشعروا بالخوف».
تتمرّن ابنة الـ30 ربيعاً يومياً لنحو 4 أو 5 ساعات. كما تتطلّب لياقتها البدنية نظاماً غذائياً سليماً خاصاً بالعضلات. في الماضي، كانت ترافق بولا يعقوبيان 24 ساعة. أما اليوم فصارت تستدعيها عند الحاجة. وتعلّق: «إنها تتبع تعليماتي بحذافيرها. وخلال مهمتي أكون شديدة الحذر، وهو الأمر الأهم الذي لا يجب أن يفارقني».
وتخبر «الشرق الأوسط» عن حادثة طريفة حصلت معها: «في أحد الأيام كنت أصور تقريراً لإحدى وسائل الإعلام. فسألني أحد الشبان من الحاضرين عما إذا بمقدوري أن أسحب 3 سيارات معاً. يومها كنت أرتدي الفستان، وكان طلبه تطبعه السخرية. فتحدّيته وقلت له: حاول أنت، وإذا استطعت ذلك فسأنسحب من التصوير. عندها رفض الأمر ووقف يشاهدني أقوم بالمهمة. فاقترب مني بعدها معتذراً وقبّل يدي».
أما رجل الأحلام فتتمناه رياضياً وصاحب قوة بدنية مقبولة: «لن يستطيع مرافقتي في حال كان يفتقد هذه المهارات».